دراسة حديثة عن الاعاقة السمعية
يستقبل الإنسان كل المثيرات والخبرات الخارجية عن طريق حاسة السمع التي من خلالها يستطيع التعايش مع الآخرين والتواصل معهم أي أن حاسة السمع تعتبر من أهم الحواس التي يستند إليها الإنسان في تفاعلاته ، ولذلك فإن الإعاقة السمعية تعتبر من أصعب الإعاقات التي قد يتعرض إليها الإنسان سواء منذ الطفولة أو عندما يكبر لأنه من الصعب أن يكتسب مهارات اللغة والكلام حتى أنه يفقد القدرة على الكلام ، حتى أشيرت الإحصائيات الحديثة لمنظمة الصحة العالمية أن عدد ذوي الإعاقة السمعة قد وصل إلى 150 مليون شخص حول العالم . وللأسف الشديد هناك من أصيبوا أيضا بالإعاقات السمعية ولن يتم الكشف عنهم ، ولكن في المطلق فإن الدراسات الحديثة عن الإعاقة السمعية قد أوضحت أسباب لعدم تعايش الصم مع إعاقتهم وذلك يرجع إلى :
1
– وجود خلل في القدرات التعبيرية :
فالطفل الأصم لن يستطيع أن يعبر عما بداخله بسبب التأخر في المستوى اللغوي حتى أنهم لن يتلقوا التشجيع الكافي من أسرهم حتى يشاركوا في الحوارات المختلفة ولن يستطيعوا نقل أي أفكار من غيرهم ولن يستطيعوا استخلاص أي عبرة ممن حولهم .
2- وجود خلل في قدراتهم الإستقبالية
: لأنهم ليست لديهم قدرة على الفهم ، كما أن الأصحاء لن يتمكنوا من توصيل الكلمات بوضوح إلى الصم أو أنهم يغيروا من مواضيعهم فجأة مما يدخل الأصم في حالة تشوش لأنه لن يفهم ذلك .
3- عدم توفر معلومات عامة لدي الطفل الأصم
: لأن بالطبع يكون الطفل السليم معلوماته العامة من الأهل والأسرة والأصدقاء ووسائل الإعلام والبرامج ولكن الطفل الأصم لن يتعرف الكثير عن هذه المعلومات .
ولذلك فإن الطفل المعاق سمعيا يحتاج إلى رعاية واهتمام بالغ منذ الصغر حتى يمكن أن يتأهل للتعايش مع إعاقته ويستطيع أن ينمي شخصيته من كل الجوانب وأليكم هذه الجوانب:
1- الإعاقة السمعية وتأثيرها على النمو الجسدي :
عادة لا يتأثر النمو الجسدي للطفل المعاق سمعيا لأن النمو الجسدي يحتاج إلى الصحة والغذاء المناسب في مراحل النمو المختلفة ، فالمعاق سمعيا لن يختلف عن الشخص السليم بالنسبة لنمو الجسد ولكنه من الممكن أن يتأخر في بعض تغيرات النمو الحركي أو قلة اللياقة البدنية مثلا لذلك فهم يحتاجون إلى طرق تعلم مختلفة عن غيرهم من الأطفال الأصحاء ، وعادة تتأثر بعض الأعضاء كالرئتين والصدر والأحبال الصوتية والفم والحلق نتيجة لعدم تحريكهم عن طريق الصوت أو الكلام فهو بذلك يفقد الاستجابة الطبيعية لأي مثير صوتي فيكون لديه قدرة أقل .
2- تأثير الإعاقة السمعية على النمو اللغوي :
تعتبر اللغة هي وسيلة التفاعل مع الآخرين وما هي إلا ترجمة لبعض الأفكار داخل العقل تخرج عن طريق الكلام ، ولذلك فإن المعاق سمعيا لن يستطيع أن يترجم ما في أفكاره إلى لغة مفهومة وإنما يترجمها إلى حركات أصابع حيث يقوم بترجمة كل ما بداخله عن طريق اشارات اليد التي استطاع أن يفهمها عن طريق العين وليس الأذن كغيره من الأصحاء ، لذلك فإن فقدان السمع يؤثر أيضا على التعبير الشفوي للغة لأن الأصم يستطيع أن يتحدث داخله ولكنه حينما يفقد القدرة على النمو اللغوي يفقد حتى اللغة الداخلية التي يتحدث بها مع نفسه فهو بذلك يفقد القدرة على فهم الكلام المسموع وفي نفس الوقت يفقد القدرة على التعبير عن أفكاره ، كما أن الإعاقة السمعية تؤثر أيضا على اللغة المكتوبة لأنه لن يستطيع أن يكون جمل طويلة مثل التي يطلقها الأصحاء حتى أن الجمل تكون غير مفهومة أو غير مرتبة ومفككة ويقع أيضا الأصم في الأخطاء اللغوية لأنه لن يستطع أن يكون منظومة لغوية بعقله .
3- تأثير الإعاقة السمعية على النمو العقلي :
بالطبع ومن خلال الدراسات الحديثة لمستويات الذكاء لدى المعاقين سمعيا وجدوا أنهم أقل ذكاء عن غيرهم بثلاث إلى أربع سنوات تقريبا ، ولكن هناك من المعاقين سمعيا من يستطيع التكيف مع إعاقته وهذا نوع من الذكاء وهناك من لن يستطيع أن يتكيف أبدا لأنه يشعر دائما باليأس ، ولكن في المطلق فإن الإعاقة السمعية لن تؤثر على الجانب العقلي للطفل بل هناك من ذوي الإعاقة السمعية من استطاعوا أن يحصلوا على أعلى التقديرات في التحصيل الدراسي وذلك يرجع إلى درجة الإعاقة ومستوى الذكاء والمدارس الخاصة بالصم والبكم وأيضا يعود درجة التعلم وسن حدوث الإعاقة .
4- تأثير الإعاقة السمعية على النمو الانفعالي :
للإعاقة السمعية تأثير كبير جدا على الطفل بسبب أنه يعيش في عزلة لأنه لن يستطيع التواصل مع الآخرين ويعيش مع عالم بمفرده واللغة الوحيدة التي تربطه بالآخرين هي الإشارة فيفقد الأصوات التي ترمز للحنان أو العطف والحب لذلك فهو يميل إلى الهروب والعزلة والاضطرابات النفسية والانفعالية مما يؤهله للإنطواء حيث يشعر الطفل الأصم بالتجاهل من الآخرين مما يجعله يعاني من التفاعل معهم ويجعله يندفع في الحكم على الآخرين ، لم يستطع الطفل الأصم التحكم بمشاعره مما يجعله أكثر عرضة للإكتئاب والقلق وتقلب المزاج .
5- تأثير الإعاقة السمعية على النمو الاجتماعي :
يعتبر الطفل الأصم غير ناضج اجتماعيا حيث يميل دائما إلى الإنسحاب من المجتمع والعزلة لأنه يشعر أنه مختلف عن الآخرين مما يجعله يعاني من القصور في المهارات الاجتماعية ويكون أقل توافقا من غيره ولم يتعرف على قواعد السلوك المتعارف عليها وأيضا غير معترفين بالعادات والتقاليد ولن يتفهموا لغة الدعابة أو العبث وصبحون أكثر فاعلية وسرعة في الحكم على الآخرين بطريقة خطأ وغير صحيحة مما يجعلم غير ناضجين اجتماعيا وسلوكهم سلوك عدواني غير سوي .
لذلك فإن الطفل المصاب بالإعاقة السمعية يحتاج إلى بيئة تواصل معينة على الأسرة أن توفرها لهم ، وأيضا مدارس خاصة لتنمي القدرة على الكتابة والقراءة وتكون الجمل بشكل سليم ، فكلها خطوات بسيطة يمكن القيام بها لتنمية الطفل الأصم لغويا واجتماعيا وانفعاليا .