الجينوم البشري ومكافحة الأمراض في العالم العربي

في منتصف القرن العشرين ظهر السباق على التسلح بين القوى العالمية من أجل تأمين أراضيها ، ثم ظهر سباق الفضاء سعياً في التوسع والبحث عن حياة في كواكب أخرى ، ثم عاد التنافس إلى الأرض من أجل الرقي بصحة الإنسان وعلاجه من الأمراض . لكن ، ماذا عن عالم بلا أمراض ، هل يمكن أن يصل العلم الحديث إلى منع حدوث الأمراض قبل ولادة الجنين ، وهل نستطيع معرفة من هم أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بمرض معين ومنع حدوث هذا المرض بدلاً من إنفاق الملايين على علاجه ؟ في عام 1990 أطلقت الولايات المتحدة مشروع حكومي لتتبع الجينات الوراثية في البشر ، وتلتها العديد من الدول سعياً للحصول على ما يشبه خريطة العالم الوراثية والتي يمكن من خلالها معرفة الطفرات الوراثية المسببة للأمراض ومعرفة أفضل أنواع العلاج المناسبة لها ، فضلاً عن إمكانية منع حدوث المرض .


الجينوم البشري


الجينوم ، هو مصطلح يشير إلى المادة الوراثية الموجودة لدى الكائنات الحية ، والتي تتكون بالأساس من الحمض النووي الريبوزي منزوع الأكسجين المعرفة بالدنا DNA . وعند حديثنا عن البشر ، يحتوي الجينوم البشري على 100.000 جين ، موجودة في نواة الخلية ومرتبة في 23 زوج من الصبغيات . تحدد هذه الصبغيات جنس الإنسان ، شكله ، وزنه ، طوله ، وقابليته للإصابة بالأمراض . عام 1990 أعلن مشروع الجينوم البشري ، وهو مشروع بحثي مشترك بين وزارة الطاقة الأمريكية والمعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة . وفي 2003 أعلنت النتائج النهائية للمشروع ، وتحقيقه لأهدافه المتمثلة بشكل أساسي في التعرف على الجينات البشرية ، تحليل هذه المعلومات وتخزينها على قواعد بيانات ، تمكين الباحثين من استخدام هذه النتائج لدراسة التركيب الجيني للبشر وارتباطها بالأمراض والأدوية المناسبة لعلاجها .


أين نحن من العالم


بعد نجاح مشروع الجينوم البشري الأمريكي ، بدأت دول العالم في إطلاق مشروعات وطنية مستقلة ، ومن بينها المملكة العربية السعودية . في 2013 ، أطلق مشروع الجينوم البشري السعودي والذي يهدف إلى رسم خرائط جينية للمواطنين السعوديين بهدف معرفة الأمراض المختلفة التي تصيبهم وتطوير وسائل علاجها ، وعلاج ما يمكن منعه منها قبل حدوثه بناءاً على قاعدة بيانات قومية في عموم المملكة . ومن أكثر الأمراض شيوعاً بالسعودية

مرض السكري

، أمراض القلب ، الأوعية الدموية والسرطان . تعتبر السعودية من أولى دول العالم في انتشار الأمراض الوراثية ، ويرجع هذا إلى انتشار زواج الأقارب بين العائلات والذي يشكل 63% من عدد الزيجات بالمملكة . المشروع شراكة بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة لايف تكنولجيز الأمريكية ، بدأ المشروع بعمل تحاليل لعينات أخذت من 50 متطوع ، زاد عددهم في السنة التالية إلى 1000 متطوع ، ويذكر أنه كلما زادت عدد العينات ساعد هذا على رسم الخريطة الكاملة لجينات الشعب السعودي . قبل سنوات نجحت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في تتبع الجينوم في شجرة النخيل وكذلك فك الشفرة الوراثية لجينوم الجمل العربي .


الأمراض المستهدفة


بعد رسم الخريطة الجينية الوراثية في منطقة ما يظهر ما يسمى بالمتجه المرضي ، والذي يمكن عن طريقه معرفة الأمراض المستهدفة وأنسب طرق العلاج وأكثرها فاعلية ، وبحث إمكانية تجنب حدوثها قبل ولادة الأجنة ، ومن أهمها:

• الأمراض الشائعة: مثل السكري و

ارتفاع ضغط الدم

والسمنة .

• الأمراض الوراثية: والتي يمكن أن تتسبب بحدوث تشوهات أو تزيد من فرصة إصابة الشخص بمرض معين نتيجة انتشاره بين أفراد العائلة .

• الأمراض السرطانية: سواء الخبيثة أو الحميدة .

• الأمراض العقلية والعصيبة .