وداعاً للاكتئاب الموسمي

عند تغير الفصول ، يعاني الكثير من الأشخاص من أعراض الاكتئاب ، وخاصة في نهاية الخريف وبداية الشتاء ، ويعاني البعض الآخر من حالة فتور وعدم القدرة على الإنتاج في نهاية فصل الربيع وقدوم الصيف ، فيما يعرف بمرض

بالاضطراب العاطفي الموسمي Seasonal affective disorder

، والذي تختلف أعراضه من شخص لآخر ما بين القلق والحزن ، التشاؤم والإحباط ، الشعور بالذنب ، الانفعال المفرط ، وصولاً إلى عدم القدرة على التركيز واتخاذ القرار ، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بضوء الشمس وحرارة الطقس .


الشمس والحالة المزاجية


التعرض لأشعة الشمس الطبيعية يتحكم في ساعتنا البيولوجية ، تلك التي تنظم ساعات نومنا ، التركيز ، الحالة المزاجية ، الانفعالات والعواطف ، وحتى الشهية للطعام . يتميز شهري يناير وفبراير بضعف ضوء الشمس وكثرة الغيوم وسقوط الأمطار في معظم البلدان ، وكذلك طول ساعات الليل وقصر ساعات النهار وبرودة الطقس . ونجد أن معظم الناس في الشتاء يتغير برنامج حياتهم ويتركز نشاطهم في ساعات النهار القليلة ، مع عمق وطول ساعات النوم . كذلك الأمر في معظم الحيوانات والتي تصبح أقل نشاطاً وينخفض تمثيلها للغذاء فيما يعرف بالسبات الشتوي ، فما هو تأثير ضوء الشمس علينا؟ ينتج الجسم هرمون الميلاتونين ذلك الهرمون الذي يتحكم في النوم والمشاعر بشكل مباشر ، والذي يزيد إفرازه في الظلمة ، أي فترة الليل ، مما يفسر إحساسنا بالخمول عند برودة الطقس وحدوث الغيوم . وفي المقابل عند تعرض الإنسان لضوء الشمس يبدأ الهرمون في التراجع مما يكسب الإنسان النشاط والحيوية والقدرة على العمل .


أعراض الاضطراب الموسمي


على الرغم من اختلاف الأعراض من شخص لآخر ، واختلاف قوتها وفترة حدوثها ، إلا أنها عادة ما تتضمن واحداً أو أكثر من الأعراض التالية:

• الإحساس بالحزن والاضطراب الغير مبرر .

• التشاؤم واليأس والخوف من المجهول .

• الشعور بالذنب والدونية .

• ضعف القدرة على العمل واتخاذ القرار .

• المشاعر العدائية وسرعة الانفعال .

• فقدان أو زيادة مفرطة في الشهية ، مما يظهر على شكل خسارة في الوزن أو سمنة في نهاية الفصل .

• اضطرابات في النوم ، سواء نوم زائد أو أرق .


مواليد الصيف أكثر حظاً


لا يعتبر مرض الاضطرابات العاطفية الموسمية مرضاً خطيراً يؤثر على حياة الإنسان ، ورغم اختفاؤه تماماً بعد انتهاء الشتاء أو الصيف . في حالة الاضطراب العاطفي الشتوي ، تقوم معظم العلاجات على التعرض للضوء الاصطناعي الشديد ، في جلسات تتراوح بين نصف ساعة إلى ساعة بشكل يومي ، ويرافق ذلك أدوية مضادة للاكتئاب . ويفيد أيضاً زيارة الطبيب النفسي لعمل جلسات تحليل وجلسات علاج جماعي ، وإعطاء مكملات غذائية تحتوي على الميلانين .

وفي دراسة تعتبر الأحدث من نوعها ، وجد أن مواليد فصل الصيف هم أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب الموسمي عن أولئك الذين يولدون في فصل الشتاء ، وبالتالي يمكن تقليل فرص الإصابة للمواليد بتنظيم موعد الحمل لتتوافق الولادة بين شهور أبريل ، مايو ، يونيو ويوليو وأغسطس . وعلى الرغم من أن التجارب لا زالت في مهدها وأنها لم تطبق على البشر ، إلا أنها أكدت أن الفترات الضوئية الموسمية في مرحلة مبكرة من حياة الإنسان يمكن أن يكون لها تأثير دائم على خلاياها العصبية المنتجة للميلانين والسيروتونين ، يظل معه بقية حياته .