قصة غزوة خيبر
لما آمن النبي صلّ الله عليه و سلم قريشًا و مكرها بصلح الحديبية بقى رأس الأفعى يهود خيبر هم الذين قلبوا الأحزاب في الخندق على رسول الله صلّ الله عليه و سلم و هم الذين إتفقوا مع غطفان ضد رسول الله صلّ الله عليه و سلم و أرسلوا من يغتال رسول الله و إتصلوا مع المنافقين، يهود خيبر و حرضوا بني قريضة في أصعب ساعة على نقد عهدها مع رسول الله صلّ الله عليه و سلم فكانوا يدسون المؤمرات و المكائد ضد الإسلام و المسلمين فأمر النبي صلّ الله عليه و سلم الصحابة أنه سائر إلى خيبر لفتحها .
كانت خيبر ذات مزراع و غنائم كثيرة و قد وعدها الله للمؤمنين
{
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً
مُّسْتَقِيماً}
.
بداية الزحف لخيبر:-
كانت خيبر محصنة بحصون كثيرة ولكن و عدهم النبي صلّ الله عليه وسلم بفتحها و بالفعل تجهزت المدينة في السنة السابعة لهجرة لفتح خيبر و تجهز الجيش الإسلامي فتكاثر الأعراب حول المدينة كلهم يريد القتال مع رسول الله صلّ الله عليه و سلم و لكنهم لم يكونوا أهل قتال و لكن نهاهم النبي صلّ الله عليه وسلم و قال لن يخرج معي إلا من جرب في القتال فخرج معه كل الذين بياعوه تحت الشخرة في بيعة الرضوان على الموت في سبيل الله .
أرسل رأس المنافقين في المدينة ليهود خيبر يحذرهم أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قادم إليهم فأرسلوا إلى غطفان ليحاربوا معهم فوافقت غطفان بشرط أن لهم نصف ثمار خيبر وافق يهود خيبر و إستعدت غطفان لذهاب و القتال معهم إختلف المؤرخون على وقت القتال بعضهم أرجع القتال في محرم من السنة السابعة للهجرة و قال به ابن اسحاق و قال الإمام مالك و الزهري أنها كانت في محرم من السنة السادسة لهجرة و قال الواقدي أنها كانت في صفر أو ربيع الأول من السنة السابعة لهجرة و المؤكد أنها كانت بعد صلح الحديبية بعشرين يومًا ، و كان عدد المسلمين ألف و ثمان مائة مقاتل هم الذين بياعوه رسول الله على الموت دونه تحت الشجرة .
الخروج لخيبر:-
تحرك جيش المسلمين بإتجاه خيبر و معهم النبي صلّ الله عليه و سلم لقتال اليهود و خرجت غطفان لمناصرة اليهود و لكنهم سمعوا صوتًا و غارًا في أهليهم فظنوا أن النبي صلّ الله عليه و سلم هجم عليهم فتراجعوا و تركوا اليهود وحدهم ، تقدم النبي صلّ الله عليه وسلم و معه أدلاء سأل أحدهم قبل أن يفترق الطريق فقال له ما إسم هذا الطريق فقال حون فلم يسلكه النبي صلّ الله عليه و سلم ثم تقدم لطريق اسمه حاطب فلم يسلكه النبي فتقدم فسأله عن طريق فقال هذا اسمه مرحب فسلكه النبي صلّ الله عليه وسلم بإتجاه خيبر عند المسير كان احمد الصحابة يقول شعرًا بصوت جميل :-
اللهـمَّ لولا أنـتَ ما اهتـدَينــا ولا تصــدقنــا ولا صـلَّيْنـــــا فاغفِــرْ فِــداءً لكَ ما أبقينــا وأَلقِيَـــن سكينـــةً عـليْنــــــا وثبـــتِ الأَقْــــدامَ إنْ لاَقَيْنـا إنَّــــا إذا صِيـــحَ بنـا أَبَيْنــا وبالصِّياحِ عَوَّلوُا علَينا.
لعندما إنتهى قال النبي صل ّ الله عليه وسلم من هذا فقالوا عامر بن الأكوع فقال يرحمه الله و كان النبي إذا قال يرحمه الله في معركة لرجل قتل و تقدم الخيش إلى أن وصل إلى أشراف و حصون خيبر فلما رأي خيبر رفه يديه لسماء و قال :- اللهم رب السموات السبع و ما أظلنن و رب الأراضين السبع و ما أقللن و رب الشياطين و ما أضللن و رب الرياح و ما زرين أسالك خير هذه القرية و خير أهلها و خير ما فيها و أعوذ بك من شر هذه القرية و شر أهلها و شر ما فيها و يتقدم الجيش بإتجاه خيبر حتى أمسى المساء فعسكر النبي صلّ الله عليه و سلم بالقرب من خيبر في الليل قال لصحابة لأعطين الراية غدًا رجلًا يحبه الله و رسوله و يحب الله و رسوله و ليفتحن الله على يده ، فلما صبح الصباح سأل النبي الصحابة المقاتلين فقال لهم أين عليّ بن أبي طالب فقالوا له يا رسول الله يشتكي عيناه فقال إتوني بيه و فلما نفخ في عينيه فبرءتا و أعطاه الراية فقال له ماذا أصنع يا رسول الله ، قال إذهب و أول ما تدعوهم إليه هو الإسلام فإن إجابوك فولله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم .
لما رأي اليهود جيش محمد صلّ الله عليه وسلم صرخوا فركنوا إلى حصونيهم و أغلقوا الأبواب يحذرون القوم و عسكر النبي صلّ الله عليه وسلم بالقرب من حصن نطاة قال له الخباب بن المنذر فقال له يار رسول الله هذا المكان ليس بالمكان فإنهم يدرون عنا و لا ندري عنهم يصلون إلينا و لا نصل إليهم فربنا باغتونا فلنغير موقعنا يا رسول الله فإشار عليه لغير مكانه بإنتظار معركة تاريخية فاصلة بينه و بين اليهود .
بداية الغزوة و فتح حصون خيبر:-
تحصن اليهود بحصونهم كعادتهم أول حصن كان أقواها هو حصن ناعم حاول المسلمون إختراقه في بادئ الأمر فلم يستطيعوا فظلوا إيامًا يحاصرنه و النبال تتطاير من الفريقين خرج من الحصن رجل اليهود و كان رجلًا شجاعًا بارزًا قويًا اسمه مرحب يتخدى المسلمين على المبارزة قام لمبارزتة الصحابي عامر بن الأكوع و لكنه استشهد ثم قام إليه عليّ بن أبي طالب و الإثنين يتبرزان ما هي إلا ضربة من الإمام عليّ تصرع الرجل فيكبر المسلمون و يقتحموا أول حصن و يفر اليهود إلى الحصن الذي وراءه .
كانت الحصون بعضها خلف بعض و احتمى اليهود بالحصن الأخر و كان اسمه حصن الصعب و طال الحصار أيامًا حتى جاع المسلمون حتى كادوا أن يأكلوا الحمر فنهاهم النبي صلّ الله عليه وسلم و دعا الله أن يفتح هذا الحصن و قذف الله تعالى في قلوب اليهود الرعب و يدك الحصن الأخر حصن الصعب و تقدم المسلمون لحصن الثالث حصن الزبير .
هرب اليهود لقلعة الزبير فظل النبي صلّ الله عليه وسلم يحاصرهم أيامًا و كان بينهم رمي بالنبال فجاء يهودي لرسول الله صلّ الله عليه وسلم و قال له يا محمد لو أنك حاصرتهم شهرًا لم يخرجوا لانهم عندهم طعامهم و شرابهم لو أنك قطعت عليهم الماء فلن يستطيعوا الصمود و بالفعل قطع النبي صلّ الله عليه و سلم عنهم الماء و أسرع اليهود لحصن الذي وراءه قبل أن يهلكوا من العطش .
القلعة التي تلت الزبير أسمها أبي قاتلوا فيها قتالًا شرسًا من قلعة و حصن إلى أخر يقاتلون المسلمين مواجهً و صار بين المسلمين و اليهود في هذا اليوم مبارزات و لكن المسلمين قتلوهم جميعًا أخر مبارز كان أبو دجانة لما قتل أخر مبارز يهوي أسرع إلى الحصن و أسرع المسلمون فهرب اليهود لحصن الأخر و يسمى حصن النزار و جمع اليهود فيه نساءهم لأنه أقوى حصن في الشطر الأول من خيبر و قاتل اليهود قتالًا شرسًا مريرًا و لكنهم فروا في نهاية الأمر لما نصب النبي صلّ الله عليه وسلم مندنيقًا و بدأ يكسر حصونهم فترك اليهود النساء و الزرية و هربوا لشطر الأخر من خيبر.
دخول المسلمون أخر حصون خيبر:-
تم فتح الشطر الأول من خيبر و بقي الشطر الثاني حصارهم النبي صلّ الله عليه و سلم أربعة عشرة يومًا حصارًا شديدًا ثم نصب النبي المندنيق ليهدم هذه الحصون و ليخترقها فلما علمت اليهود بهذا بدأت المفاوضات فنزل أحدهم لرسول الله يفاوضه فإتفق النبي صلّ الله عليه و سلم على يهود خيبر على إقامة الصلح أن يعفو النبي صلّ الله عليه و سلم عن مقاتلتهم و أن يأخذوا سبياهم و أطفالهم لن أموالهم و حليهم حتى الأراضي و الزروع لا يأخذوا منها شيئًا يخرجوا من خيبر ليس معهم إلا ثيابهم فوافقت اليهود على هذا و رضي النبي صلّ الله عليه و سلم بهذا و اشترط عليهم شرطًا قال إن كتمتموني شيئًا فقد برئت منكم ذمة الله و ذمة رسوله فقبل اليهود بهذا و لكنهم لم يصدقوا رسول الله صلّ الله عليه و سلم خرج منهم من خرج و جاء النبي صلّ الله عليه وسلم و دخل الحصون فجاءت النبي صلّ الله عليه وسلم أن ابن أبي الحقيق قد خزنوا أمولًافلما سألهم أنكروا فلما فتش النبي صلّ الله عليه و سلم بيتهم وجود أنهم قد خزنوا أمولًا و أقام النبي صلّ الله عليه وسلم عليهم الحد و القصاص فقتلهما ثم جاء لنبي عدد من اليهود يقول لهم لو أخذتهم الأراضي لن تستطيعوا إصلاحها ما رأيكم أن نقوم عليها و لكم الشطر فوافق النبي صلّ الله عليه وسلم و النبي صلّ الله عليه وسلم يقسم الغنائم أقبلت سفينة من الحبشة ففرح النبي صلّ الله عليه وسلم و قال لا أدري بمن أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر .
كان من ضمن السبايا أم المؤمنين صفية رضي الله عنها ، جاءوا بها إلى النبي صلّ الله عليه وسلم فلما عرض عليها الإسلام أسلمت فأعتقها ثم عرض عليها الزواج فقبلت رضي الله عنها .
بعد أن أتم الله النعمة على الإسلام و المسلمين و فتحت خيبر و قسمت الغنائم و كان فتح عظيمًا مبينًا ..