تفسير الاحلام في الأديان السماوية والتاريخ
فلقد كثرت الأحلام في عصرنا هذا فكثير منا يبحث عن تفسير حلم ما ولا يعرف ما معني الحلم وايضاً لا يعرف الفرق بين الحلم والرؤية وأيضا لا يعرف لمن يلجأ لكي يفسر له حلمه وهل هو حلم سيتحقق أم اضغاث أحلام لا معنى لها .
ففي مجتعاتنا العربية والشرقية التي يلعب فيها الدين والجانب الروحاني دور كبير ومهم تجد فيها أمور مثل الإطلاع على حظك وقراءة الفنجان ، والتطلع على الأبراج الفلكية ، وأمور السحر والألعاب السحرية رواجاً كبيراً وأيضا تصديق أي حلم سواء كان رؤيه أو حلم ليس له معنى فما هو الحلم ؟ وما هو تفسير في القرأن وفي الأديان السماوية ؟ وما أثره في التاريخ ؟ .
تفسير الأحلام في الأديان السماوية :
يعتقد البعض أن الأحلام بعيدة كل البعد عن الدين وتعاليمه ولكن الكثير من الأحلام نجد تفسيرها في الكتب والأديان السماوية الثلاثة التي جاء بها موسى وعيسى ومحمد عليه السلام في التواراه والإنجيل والقرآن الكريم ففي هذه الكتب ستجد رؤيا يوحنا (النبي يحيي عليه السلام ابن خالة المسيح عليه السلام ) وهذه الرؤيا مروية بنصوص مقدسه في الكتاب المقدس ، وستجد في القرآن سورة يوسف نستطيع أن نقول: إنها سورة الرؤى، فقد ورد في القرآن ذكر سبع رؤى في ستة مواضع؛ ثلاثة مواضع اشتملت على أربعة رؤى جاءت في سورة يوسف، وهي قول الله _تعالى_: “إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إني رأيت”(يوسف: من الآية4)، وذكر رؤياه وفيه رؤيتي صاحبي السجن الذين ذكرا له ما رأيا، وكل واحد منهم رأى رؤيا غير التي رآها صاحبه ، ثم جاءت الرؤيا الرابعة ، وهي رؤيا الملك وتلك رؤية عظيمة جداً، فهذه ثلاثة مواضع اشتملت على أربعة رؤى كلها في سورة يوسف
وفي بقية القرآن نجد في سورة الأنفال ذكر الرؤيا في قول الله _تعالى_: “إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ”(لأنفال: من الآية43)
.
ثم في الصافات في قصة إبراهيم مع إسماعيل _عليهما السلام_ قال الله _عز وجل_: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ “(الصافات: من الآية102)
ورؤيا النبي _صلى الله عليه وسلم_ التي أخبر الله _جل وعز_ عنها في سورة الفتح، فقال _سبحانه_: ” لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”(الفتح: من الآية27).
هذه سبعة رؤى في القرآن، وقد يتساءل متسائل فيقول: أين رؤيا سورة الإسراء التي قال الله _جل وعلا فيها_: “وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ”(الاسراء: من الآية60)؟ والجواب: إن هذه الرؤيا رؤيا عين، وليست رؤية منامية على الصحيح، وكذلك فسرها ابن عباس _رضي الله تعالى عنه_ كما في البخاري.
أما ما ذكره بعض المفسرين من أنها رؤيا في بني أمية فضعيف لا يثبت، بل ربما كان من أكاذيب الرافضة وما أدخلوه في التفسير من أخبار ، أو ممن تأثر بهم وأخذ عنهم.
التأثر بالرؤيا والأحلام :
الناس في موضوع الرؤى بين إفراط وتفريط، فهناك من بالغ في الرؤى فبنى حياته عليها، وأخذ تشريعه منها، وهناك من قصر فيها فلم يلتفت إليها، وما عليه المسلمون المؤمنون من أهل السنة والجماعة هو المنهج الوسط، المنهج الحق، في موضوع الرؤى.
فالرؤى في المنام حق، ثابتة بالكتاب والسنة، يؤيدها النقل والعقل، وتؤمن بها النفوس السوية ، ولم ينكر أن الرؤيا الصالحة تكون من الله إلا الفلاسفة ومن هم في هذا العصر من بعض من يشتغلون بعلم النفس ، الذين يجعلون الرؤى أضغاث أحلام ، فهؤلاء يفسرون الرؤى بنوع من أنواعها ، وينكرون الحق فيها ، ومثل هولاء ومن أخذ بقولهم لا يلتفت إليهم ؛ لأن الرؤيا الصالحة وأثرها ثابتة بالكتاب والسنة ، وقد كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ كثيراً ما يسأل أصحابه من رأى منكم رؤيا؟ وقد توارثته الأجيال قديماً وحديثاً ، فهي ثابتة يؤيدها العقل والنقل في القرآن كما مر وفي السنة التي تكاد أن تصل إلى حد التواتر المعنوي لكثرتها وتنوعها ، ومن ذلك حديث أبي هريرة _رضي الله تعالى عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: “إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً ، ورؤيا المؤمن جزء من خمسة وأربعين جزءاً من النبوة ، وبعضهم ست وأربعين ، وبعضهم أقل، وبعضهم أكثر، فمن خلصت نيته في عبادة ربه ويقينه وصدق حديثه كانت رؤياه أقرب ، ومنهم من قال النبوة يتفاضل فيها الأنبياء وليست مستوى واحد كما قال الله _عز وجل_: “ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض”
والرؤيا ثلاث
: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحذر من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل، ولا يحدث بها أحداً” رواه مسلم في صحيحه، وهذا الحديث أصل عظيم في موضوع الرؤيا، إثباتها، وأنواعها، وأقسامها، وكيف نتعامل معها .
تفسير الأحلام في التاريخ :
فيحكي عن الرئيس الأمريكي ( ابراهام لينكولن ) أنه داهمه في احدى الليالي حلم غريب فقد ” رأي نفسه جالساً ليلاً داخل قاعة فسيحة ومضاءة وفجأه تناهت إليه أصوات رصاص وشعر بأنه يسقط على الأرض فاقداً الوعي وهرع باتجاهه أشخاص كان بعضهم يصيح والبعض الأخر يبكي ” وبعد ذلك بأيام أى في الخامس عشر من ابريل عام 1865م اغتيل لينكولن برصاصة في الرأس أطلقها عليه أحد الأشخاص بينما كان يحضر عرضاً في أحد مسارح ولاية إلينوي .
وذات ليلة حلم الأسكندر المقدوني ذو القرنين ” أنه يراقص إله الغابات عند اليونانيين القدماء (ساتاير) الذي يأخذ شكل فرس جامح ” وقد استدعى مفسراً ليشرح له معنى الحلم فقال ل : هذ بشارة لك بأنك ستفتح مدينة صور المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط من الشرق في الشام وقد بنى المفسر نبوءته على أساس أن المقطع الأخير من اسم إله الغابات وفي نفس السنة فتح الأسكندر صور بالفعل وضما إلي امبراطوريته الواسعه .
وفي قصة أخرى رويت عن (كارل يونغ) المفكر وعالم النفس السويسري المشهور ” حلم في أحدى الليالي أن طوفاناً عظيماً غمر كافة أرجاء أوربا ووصلت مياهة إلى قمم جبال سويسرا ثم تحولت المياه إلي دماء ” وبعد ذلك الحلم انطلقت شرارة الحرب العالمية الأولى .
وكثير من قصص أصحاب التاريخ التي فسرت وتحققت وتعتبر أقدم الأحلام المسجلة هي التي وجدت في وثائق يعود تاريخها إلى ما يقرب من 5000 عام أى قبل الميلاد بحوالى ثلاثة ألاف عام ، وفي بلاد ما بين النهرنين أو الهلال الخصيب في الشام وبالتحديد تعود لعصر الحضارة السومارية فكانت أول مجموعة ثقافية موروثة عن تلك المنطقة ، فسجلات الأحلام يعود تاريخها إلى عام 3100 قبل الميلاد .