مدائن صالح
مدائن صالح إسمها القديم مدينة الحجر ، و الحجر هو إسم ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة المنورة و تبوك ، و تعد من أهم المواقع الأثرية في المملكة و الجزيرة العربية و الشرق الأوسط و قارة آسيا ، و تقع في محافظة العلا التابعة للمدينة المنورة على بعد 22 كم شمال شرق مدينة العلا ، و هي تضم مجموعة هائلة من النقوش ، و ترجع تسمية مدائن صالح نسبة إلى نبي الله صالح ، و عرفت في القرآن الكريم بـ”الحجر” حيث جاء وصفها أنها منطقة منحوتة من الجبال و الصخور .
وقد إستمد الحجر شهرته التاريخية من أقدم العصور بسبب موقعه الإستراتيجي على طريق التجارة القديم الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية و الشام و بلاد الرافدين و مصر ، و كان سكانها من المعينيين في الألفية الثالثة ثم اللحيانيون في القرن التاسع ق.م ثم الأنباط في القرن الثاني ق.م .
و الأنباط هم من قاموا بتعمير الحجر ، و أصلهم من الجزيرة العربية ، و الذين بدأوا كرعاة ثم أسسوا مملكة ضخمة إمتدت من البطراء شمالا حتى الحجر جنوبا ، حيث تعود هذه المدن إلى ما قبل عصر الإسلام ، إلى عهد المملكة النبطية و تحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد مدينة البتراء في الأردن ، عاصمة مدينة الأنباط و تفصلها عنها مسافة 500 كم . و قد ساد حكم الأنباط من القرن الأول ق.م إلى منتصف القرن الثاني الميلادي ، و كان لديهم أفضل مهندسي العالم القديم ، و تظهر المدائن الأعمال الهندسية الرائعة التي إشتهروا بها .
و تقع مدائن صالح وسط سلسلة من الجبال المتشابكة و المنحدرات الصخرية ، و قد ورد ذكر الحجر في القرآن الكريم بوصفها موطنا لقوم ثمود ، و تعد مدائن صالح من أهم حواضر الأنباط بعد البتراء ، و يعود أبرز أدوارها الحضارية إلى القرنين الأول قبل الميلاد و الأول الميلادي ، و ذلك إبان إزدهار الدولة النبطية و قبل سقوطها على يد الإمبراطورية الرومانية عام 106 م ، و الحجر إستمرت بعد هذا التاريخ مصدرا للإشعاع الحضاري و التفاعل الفكري حتى القرن الرابع الميلادي .
و مدائن صالح هي منطقة سهلية تقع على سفح هضبة البازلت التي تشكل الجزء الجنوبي الشرقي من جبال الحجاز أما الأجزاء الغربية و الشمالية الغربية للموقع فتحتوي على مياه جوفية يمكن الوصول اليها على عمق 20 متر فقط ، و يغلب على المنطقة الطابع الصحراوي المليء بالتموجات الرملية المختلفة في الحجم و الإرتفاع .
و أطلق على هذا الموقع إسم مدائن صالح رحال أندلسي في عام 1336 ، أما الإسم الأخر و الذي إستخدمه القرآن الكريم هو الحجر يصف تضاريس المنطقة المنحوتة من الجبال و الصخور .
و الدراسات التاريخية بينت أن “بني لحيان” و هي قبيلة عريبة من نسل إسماعيل عليه السلام هي أول من إستقر في المنطقة و أسست مملكة لها و عاصمتها “ديدان” و هي نفس موقع “واحة الأولى” الآن ، و إشتهرت مملكتهم بمخططوطات تعود إلى القرن السادس إلى الرابع قبل الميلاد . و لا يوجد معلومات تاريخية كثيرة عن الليحانيين و لكن يذكر أنهم تحالفوا مع الأنباط فيما بعد .
و يذكر أن القبور الأثرية المنحوتة في الصخر الباقية عددها 131 و تقع ضمن أربع مقابر تتوزع على مساحة 13.4 كم و معظمها يحتوي على نحوت و نقوش نبطية .
و تنقسم مدائن صالح إلى عدة أجزاء منها : قصر الصانع ، و هو أول القبور في المنطقة و يتكون من شكلان من خمس درجات و نقوش على الباب .
جبل أثلب : و يقع في الشمال الشرقي ، و به صالة كبيرة مفتوحة تسمى الديوان ، محاطة بعمودين و بعض المصطبات الحجرية .
قصر البنت ، ومرسوم عليه في الخارج رسومات على شكل مثلث تمثل حارس القبر ، مشابهة لرسومات الفن اليوناني .
القصر الفريد : و هو من أشهر المقابر النبطية في الحجر بواجهة شمالية ، و ينفرد بكتلة صخرية مستقلة و واجهة مختلفة عن المقابر الأخرى ، و هو غير مكتمل النحت في أسفل الثلث الأخير .
المنطقة السكنية : و هي منطقة قديمة في خريبة الحجر بين قبر قصر البنت و محطة سكة الحجاز .
المعابد و النصب الحجرية : و تضم معابد بأحجام مختلفة على جبل أثلب .
و في عام 2008 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للعلوم و التربية و الثقافة أن مدائن صالح موقع تراث عالمي ، وبذلك يصبح أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي ثم تلى ذلك إنضمام حي الطريف في مدينة الدرعية التاريخية .