كم من حنين إليك مجلوب – الشاعر البحتري

كَمْ مِن حَنينٍ إليكَ مَجلوبِ،

وَدَمْعِ عَينٍ عَلَيكَ مَسكُوبِ

وَأنْتَ في شَحطِ نِيّةٍ قُذُفٍ،

يَهُونُ فيها عَلَيْكَ تَعْذيبي

شَتّانَ جَفْلُ الدّمُوعِ بَيْنَهُمَا

شَوْقُ مُحبٍّ، وَنأيُ مَحبُوبِ

وَما يَزَالُ الفِرَاقُ يَبحَثُ عَنْ

ثأرٍ، لَدَى العاشِقينَ، مَطلُوبِ

أُقْسِمُ بالقُرْبِ، بَعدَما بُعُدٍ،

وَكَفِّ لاحٍ مِنْ بَعدِ تَثرِيبِ

أنّ أبَا جَعْفَرٍ أطَالَ يَدِي

بِنَائِلٍ، مِنْ نَداهُ، مَوْهُوبِ

أبيَضُ، لا قَوْلُهُ بِمُقْتَعَدٍ

فينَا، وَلا فِعْلُهُ بمَجْنُوبِ

سَرَتْ يَداهُ بِكُلّ سَارِيَةٍ

مِنَ النّدَى، ثَرّةِ الشّآبيبِ

لا سَببَي وَاهِنٌ لَدَيْهِ، وَلا

وَجْهيَ، عَن وَجهِهِ، بمَحجوبِ

يا بنَ نَهيكٍ، وأُحْدوثَةٌ عَجَبٌ،

وَالدّهْرُ مُثرٍ مِنَ الأعاجيبِ

أقل إخوانك الحميد غنى

وأكثر الماء غير مشروب

ما أمَلي فيكَ بالضّعيفِ، وَلا

ظَنّيَ، في نُجْحِهِ، بمكذوبِ

وَلا قَبُولي ما كُنتَ جُدْتَ بهِ

عَليّ بالأمْسِ خِلْسَةَ الذّيبِ

لي أمَلٌ دائِمُ الوُقُوفِ عَلى

مُنتَظَرٍ مِنْ جَداكَ، مَرْقُوبِ

وَهِمّةٌ مَا تَزَالُ حَائِمَةً

حوْلَ رُوَاقٍ، عليكَ مَضرُوبِ

فَكَيْفَ ألجَأتَني إلى الأمَدِ الـ

ـأبْعَدِ مِنْ يُوسُفَ بنِ يَعْقُوبِ

ألمَانِعي اليَأسَ مِنْ بَخَالَتِهِ،

وَالمُوسِعي مِنْ عِداتِ عُرْقُوبِ

لَستُ عَلى غِرّةٍ بمُشْتَمِلٍ؛

وَلا إلى مَطْمَعٍ بِمَنْسُوبِ

وَلا لمِثْلي في القَوْلِ مِنكَ رِضاً،

وَالقَوْلُ في المَجدِ غيرُ محْسُوبِ

إمّا نَوَالٌ يُدْنيكَ مِنْ مِدَحي،

أوِ اعْتِذارٌ يَكْفيكَ تَأنيبي