محافظة صبيا في السعودية
محافظة صبيا
توجد مدينة صبيا في المملكة العربية السعودية وتتبع إدارياً إلى منطقة جازان،[١] ويقطنها ما يُقارب 54,108 نسمة، وهي بذلك تُعتبر ثاني أكبر مدينة في جازان من حيث عدد السكان،[٢] كما تُعتبر العاصمة التاريخية لمنطقة المخلاف السليماني؛ فهي تحظى بتاريخ قديم تشهد عليه الأطلال الأثرية التي ما زالت ظاهرةً حتّى هذا اليوم، وما ذكره الرحّالة والمؤرّخون عن هذه المدينة التاريخية، مثل الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب، حيث قال: “إنّ صبيا قرية من قرى مخلاف حكم”، كما ورد ذكرها في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي، حيث قال: “صبيا قرية من قرى مخلاف عثر”.[١]
جغرافية محافظة صبيا
موقع محافظة صبيا
تقع مدينة صبيا في منطقة المخلاف السليماني (نسبةً إلى سليمان بن طرف الحكمي) إلى الشمال من ميناء جازان على بُعد نحو 65 كم، وعلى الحدود مع جبل عكوة من الجانب الشمالي الشرقي، وهي تمتد على طول الشريط الساحلي المُطل على البحر الأحمر بطول حدود تصل إلى 200 كم، وذلك بدءاً من وادي عتود الواقع في الشمال حتّى وادي حرض في الجنوب، ويصل عرض هذا الشريط الساحلي إلى نحو 50-70 كم، وذلك بين حدود البحر وحتّى مرتفعات هروب، والفيفة، وحشر، ووصلا، وهي مرتفعات واقعة ضمن جبال السراة الشاهقة،[٣] أمّا من الناحية الفلكية فتقع محافظة صبيا على دائرة عرض 17.15، وخط طول 42.63.[٢]
تتربّع صبيا على أرض يصل متوسط ارتفاعها إلى 36 م فوق مستوى سطح البحر،[٢] ويتميّز ساحلها بالأرض السهلية الرملية المُحاطة بصخور على بُعد 300-2000 م من الساحل، وهو ما يُفسّر ندرة وجود الموانئ هناك، ومع الاتجاه نحو المنطقة الجنوبية يبدأ السهل الساحلي بالاتساع تدريجياً ليصل إلى نحو 40 كم، وتُشكّل الأودية مظهراً تضاريسيّاً آخر من تضاريس صبيا، حيث تتواجد نحو عشرة أودية جافة، مثل: بيش، وصبيا، وجازان، وتعشر، تشهد بعض السيول الجارفة بفعل هطول الأمطار على الجبال جالبةً معها الطمي، وبالتالي تُصبح هذه الأودية سبيلاً لتشكّل أراضٍ زراعية خصبة، وهو ما يحدث كذلك في وادي بيش في الشمال ووادي أبو عريش في الجنوب، وبالاتجاه نحو شرق السهل الساحلي تظهر سلسلة من التلال ذات الارتفاع المتزايد من الغرب إلى الشرق تتخلّلها الأحواض الرسوبية ذات المساحة الصغيرة، أمّا خلف هذه التلال فيوجد بعض الجبال والمرتفعات التي يصل ارتفاعها إلى 2000 م عن مستوى سطح البحر، مثل مرتفعات الفيفا ومرتفعات هروب.[٣]
أودية محافظة صبيا
تضم مدينة صبيا أربعة أودية رئيسية، وهي كالآتي:[١]
- وادي دامس: ينحدر هذا الوادي من جبال منجد والجبال القريبة من مركز هروب.
- وادي صبيا: ينحدر هذا الوادي من جبال هروب الجنوبية وجبال آل أمصهيف، ويلتقي مع وادي دامس في منطقة تُعرف باسم المنقعرة الواقعة على بُعد كيلومتر واحد إلى الغرب من قرية العرافي.
- وادي قصي: ينحدر هذا الوادي من جبال بني الغازي الشمالية، ويلتقي مع وادي دامس ووادي صبيا في منطقة تُعرف باسم المجمع الواقعة إلى الجانب الشرقي من قرية جر جبريل.
- وادي نخلان: ينحدر من جبلي عكوة الشمالية والجنوبية ويفصل بينهما، وتأتي مياهه من الهضاب القريبة من قرية أمزهب التابعة لمركز هروب.
الثروات الطبيعية في محافظة صبيا
تزخر محافظة صبيا بالثروات الطبيعية التي تنهض باقتصادها وتُحقّق التنمية لها، ومن أهم هذه الثروات ما يأتي:[٤]
- الثروة السمكية: تطل محافظة صبيا على الشواطئ الشرقية للبحر الأحمر الذي يتميّز بالثروة السمكية الوفيرة؛ بفضل مياهه المالحة، وكثرة نباتاته البحرية، وقد دفع ذلك الصيادين إلى ممارسة أنشطتهم في صيد مختلف أنواع الأسماك والكائنات البحرية، وجلب ما يتمّ صيده إلى سوق صبيا لبيعه، كما شجّعت جودة سمك الربيان في البحر الأحمر قيام شركات كبرى ببناء مصائد بأساليب علمية متطورة لاستزراع هذا الكائن وصيده، ونقله إلى الأسواق المحلية أو تصديره إلى الأسواق العالمية خارج المملكة العربية السعودية.
- الثروة الزراعية: تحظى صبيا بوجود الأراضي الطينية الزراعية الخصبة المرويّة من خلال الأودية والروافد التي تتخلّل جبال السروات، ويتمّ زراعة العديد من المنتجات الزراعية في هذه الأراضي، مثل: الموز، والتين، والقشطة ، والباباي، والحبحب، والبطيخ، والبرتقال، والليمون، والمانجو، والذرة، والدخن، والسمسم، بالإضافة إلى ذلك، تضم صبيا الأراضي الرملية أو ما يُعرف بالخبوت، والتي يتمّ ريّها من خلال الآبار الارتوازية ومياه الأمطار، وتشتمل هذه الأراضي على أنواع مختلفة من الفواكه والخضروات، بالإضافة إلى أشجار النخيل.
- الثروة الحيوانية: تضم مدينة صبيا العديد من مزارع مُربّي الماشية؛ كالبقر، والإبل، والأغنام، ويتمّ تربية هذه المواشي لبيعها فيما بعد في الأسواق المحلية أو الخارجية.
مناخ محافظة صبيا
يلعب الموقع الجغرافي لمحافظة صبيا بقربها من البحر الأحمر دوراً مهمّاً في مناخها وأجوائها السائدة، حيث تسود الأجواء الرطبة الحارة والماطرة خلال فصل الصيف، في حين تسود الأجواء المعتدلة الماطرة خلال فصل الشتاء مع بقاء درجات الحرارة أعلى من 18 درجةً، وتشهد المحافظة في أشهر الصيف وتحديداً بين شهريّ تموز وأيلول هبوب رياح الغبرة؛ وهي رياح موسمية شديدة قادمة من الجانب الشمالي الغربي تُثير الرمال والأتربة مُشكّلةً أجواء شديدة الاغبرار، لكنّ التغيرات المناخية وسقوط الأمطار خلال تلك الفترة يحد من تأثير هذه الرياح بفعل تلبّد التربة بفعل الأمطار، كما تتشكّل السيول في الروافد والأودية، وتتجه نحو الأراضي الزراعية لريّها، وبالتالي يبدأ الموسم الزراعي في المحافظة.[١]
أحياء وقرى محافظة صبيا
تضم مدينة صبيا ستة أحياء لكلّ منها شيخ مسؤول عنها، ويتمّ انتخابه من قِبل أهالي الحيّ، وهذه الأحياء كالآتي:[٤]
- الحيّ الغربي؛ ويُسمّى المركز الأسفل.
- الحيّ الشمالي؛ ويُسمّى المركز الشامي.
- الحيّ الجنوبي؛ ويُسمّى المركز اليماني.
- الحيّ الشرقي؛ ويُسمّى المركز الأعلى.
- حيّ ومركز الخواجية.
- حارة منامة.
يتبع مدينة صبيا أكثر من مئة قرية، بالإضافة إلى عشرات الحلل الصغيرة، وقد تحوّلت بعض القرى في الآونة الأخيرة إلى مدن صغيرة بالتزامن مع الزيادة الملحوظة في عدد السكان والتوسّع العمراني، ومن هذه القرى قرية العالية، والظبية، والحسيني.[١]
اقتصاد محافظة صبيا
الزراعة في صبيا
يُمثّل قطاع الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي في مدينة صبيا، وتنقسم الأراضي الزراعية في المدينة إلى أراضٍ خاصة تعود ملكيتها إلى أفراد من خلال حجج شرعية ووثائق قانونية، وأراضٍ عامّة (مشاع) ممثلة بالغابات والأودية والأحراش والجبال ويحق لكلّ من المواطنين والحكومة زراعتها، والأراضي الموقوفة على أعمال الخير ويحق لمالك الأرض المجاورة أو أحد أفراد القرية زراعتها والانتفاع من نتاجها، وأراضي البور التي لا يملكها أحد حتّى يقوم أحد بزراعتها لتُصبح ملكاً له، وقد ساهمت العديد من الظروف في انتعاش قطاع الزراعة في صبيا، لعلّ أهمّها وفرة الهطول المطري، وتوزّعه على أشهر السنة، وتشكّل السيول في الأودية.[٣]
تمثّلت الأدوات المستخدمة في الزراعة قديماً بالفأس، والمحراث الخشبي، والمغروب، كما استخدم المزارعون الحيوانات، مثل: الجمال، والحمير، والبقر في ريّ الأرض وحراثتها، كما تمثّلت أبرز المنتجات الزراعية في صبيا قديماً بالحبوب، مثل: اللوبيا، والدجر، والدخن، والذرة، والسمسم، بالإضافة إلى الخضروات، مثل: الفجل، والبامية، كما توجد نبتة الريحان، والفلفل، والبابونج، والبطيخ الأخضر، وأشجار الطرف، والبلسم، والأراك، وعلى الرغم من تعرّض المدينة للغزو والحرق والخلافات بين القرى عبر التاريخ إلّا أنّ قطاع الزراعة حظي باهتمام قادة المدينة أمثال الشريف ناصر بن محمد والشريف منصور بن ناصر الذي بنى قرية الحسينية، والمخلاف السليماني الذي استصلح مساحات زراعية شاسعة وزوّدها بالمياه.[٣]
التجارة في صبيا
ساهم موقع صبيا الاستراتيجي كمحطة في طريق قوافل الحج اليمني نحو أراضي الحجاز في تحفيز حركة التجارة فيها، كما كانت هذه المدينة مركزاً لمنطقة بيش التي اعتمدت في تجارتها على سوق صبيا، وقد تمثّلت الأسواق في منطقة المخلاف السليماني بالأسواق الدائمة التي تضم المحال الصغيرة، والحوانيت الكبيرة، والأسواق غيرة الدائمة (الأسواق الأسبوعية)؛ وهي الأسواق التي يتمّ إقامتها عند التجمّعات السكّانية لفترة محدودة ضمن أيام الأسبوع، وتشهد إقبال الباعة والمشترين لمختلف البضائع والمنتجات.[٣]
الصناعة في صبيا
تشتمل مدينة صبيا على مجموعة من الصناعات المهمّة التي تنتشر في منطقة المخلاف السليماني، ومن هذه الصناعات ما انتقل إليها من اليمن، مثل: معاصر الزيت التي تُدار باستخدام التنور، ومطاحن الذرة، ومعاصر السمسم الذي يُستخدم زيته في حفظ الأشياء من التلف، بالإضافة إلى ذلك تشتمل صبيا على العديد من الصناعات الجلدية، مثل: دباغة الجلود التي يتمّ استخراجها من الحيوانات الموجودة في المنطقة، وصناعة القفاف من شجر الدوم، وبناء العشش باستخدام نباتات معيّنة، وصناعة الفضة والذهب التي كانت تُمارسها بعض الجاليات الهندية في منطقة المخلاف السليماني.[٣]
سوق صبيا
تضم مدينة صبيا العديد من الأسواق إلّا أنّ سوق صبيا ذا المساحة الكبيرة هو الأشهر من بين جميع أسواق المنطقة، حيث يفتح هذا السوق أبوابه أمام الزوّار يوم الثلاثاء من كلّ أسبوع، ويتوافد إليه الباعة بحوزتهم السلع التجارية التي يرغبون في بيعها، والمشترون ممّن يبحثون عن البضائع والمنتجات التي يحتاجونها، وفي الآونة الأخيرة تمّ فتح السوق أمام العامة في كافة أيام الأسبوع.[٤]
السياحة في محافظة صبيا
تُتيح محافظة صبيا لزوّارها مختلف أشكال السياحة، مثل: السياحة الثقافية، والطبيعية، والترفيهية، والرياضية، والعلاجية، والسياحة الساحلية والرحلات البحرية، والريفية، وسياحة المغامرات، والسياحة البيئية، وسياحة التأمّل، وسياحة الهوايات المختلفة؛ فهي تضم العديد من الأماكن والمعالم السياحية التي تجذب الزوّار والسيّاح إليها من مختلف البلدان والمدن، ومن أهم هذه المعالم ما يأتي:[٥]
- المرتفعات الجبلية: تضم صبيا العديد من الجبال التي تُناسب فئةً من السيّاح، ومنها جبال فيفا ذات المناخ المعتدل والأشجار المُعمّرة والمدرّجات الزراعية الدائرية، وجبال الريث (جبال القهر) ذات الخضرة الدائمة والأشجار الكثيفة والنباتات العطريّة.
- الأودية الجارية: ومنها وادي لجب ذو المجرى العميق والضفاف المرتفعة.
- الجبل الأسود: وهو جبل ذو طبيعة خلّابة، وأشجار زيتون برّي، وورود عطريّة.
- الشواطئ الساحلية: ومنها شاطئ رأس الطرف الواقع على مقربة من قرية القوز غرب مدينة صبيا، والذي يُتيح للزوّار ممارسة أنشطة الغوص، والإبحار، وصيد السمك، ومشاهدة الشعاب المرجانية، كما يُمكن رؤية أجزاء من موقع أثري تاريخي يعود لمدينة عثر التاريخية.
- المواقع الأثرية والتاريخية: ومنها قصور الأدارسة الواقعة في الركن الشمالي الشرقي من مدينة صبيا، وهي عبارة عن أجزاء من مبانٍ تمّ إنشاؤها قديماً من الحجر المطليّ بالجص تعود إلى فن العمارة الإسلامية.
- متحف التراث والآثار: بُني هذا المتحف في عام 1987م، ويُعتبر اليوم من المراكز التعليمية الثقافية المهمّة في المنطقة، ويشتمل على معروضات لنماذج عن آثار حصون وقلاع في مرتفعات المدينة.
- ميناء عثر البحري: وهو الميناء الرئيسي للدولة السليمانية التي يرجع تاريخها الى سليمان بن طرف الحكمي.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج محمد بن عائل الذيبي (30-1-2014)، “محافظة صبيا بين الماضي والحاضر”، fac.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2-2-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ” Where is Sabya, Saudi Arabia?”, www.worldatlas.com,2-10-2015، Retrieved 2-2-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح منال بنت محمد الرشيد العنزي، مدينة صبيا في عهد أسرة آل خيرات، السعودية: وزارة التعليم العالي، صفحة 13-15 ، 119-122، 128. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد بن عائل الذيبي (30-1-2014)، “محافظة صبيا بين الماضي والحاضر”، fac.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2-2-2020. بتصرّف.
- ↑ محمد بن عائل الذيبي (30-1-2014)، “صبيا والسياحة – المقومات والآفاق الاستثمارية – “، fac.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2-2-2020. بتصرّف.