اسم مدينة إربد قديماً

مدينة إربد

تُوجد مدينة إربد الملقّبة بعروس الشمال في الجزء الشمالي من المملكة الأُردنية الهاشمية، وتعتبر مدينة آرامية قديمة قامت على أرضها العديد من الحضارات التي خلّفت وراءها الكثير من الأماكن الأثرية والتاريخية، وهي الآن ثاني أكبر مدينة على مستوى المملكة.[١][٢] تحتوي إربد على العديد من المصادر المائيَة فيها التي تُستخدم لري المزروعات، ومن أهم تلك المصادر: نهر اليرموك، والينابيع المائية، لذلك فإنها تتميز بطبيعتها السهليَة الخصبة، وتُعد المركز الزراعي في المملكة، بالإضافة إلى أنها واحدة من المناطق الصناعية المهمة في المنطقة، ومن الجدير بالذكر أن مدينة إربد تضم مجموعة من الجامعات التي ساهمت في تطور المدينة مثل: جامعة اليرموك، وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وقد وصل عدد سكانها إلى ما يقارب 307,480 نسمة في عام 2019م.[٣][٤]

اسم مدينة إربد قديماً

أُطلق على مدينة إربد قديماً العديد من التسميات؛ منها: مدينة الأُقحوانة، وذلك لانتشار زهر الأقحوان فيها، كما عُرفت أيضاً باسم أرابيلا الذي أطلقه عليها الإغريق، ولكن مع ظهور الإسلام ودخول الفتوحات الإسلامية للمنطقة، تم تغيير اسمها إلى مدينة إربد، وهو مشتق من الرُّبدة بسبب لون تربة الأرض الزراعية الحمراء المصحوب بسواد الصخور البركانية المنتشرة في مُحيط المدينة، حيث يَقال “اربدَّ وجهه”؛ أي احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب، كما يُقال بأن الاسم الحالي هو تعديل على اسم البلدة الرومانية القديمة بيت إربل (Beth Arbel)، وقد ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أنها كانت تُنطق بالكسر (إربد)، وبالفتح (أربد)، وذكرها العرب قديماً بفتح الألف وتسكين الراء حيث كانت تُلفَظ أرْبِد.[١][٢][٥]

موقع مدينة إربد

تقع مدينة إربد جغرافياً شمال المملكة الأردنية الهاشمية؛ تحديداً على التلال الشمالية من جبال جلعاد، وتبعُد مسافة 85 كم تقريباً عن شمال العاصمة عمَان، أما فيما يخص موقعها الفلكي فهي توجد على خط طول 35.85، وخط عرض 32.56، وترتفع المدينة حوالي 570 م عن مستوى سطح البحر.[٦][٧]

تاريخ مدينة إربد

مرّ على مدينة إربد العديد من الحقب والعصور التاريخية، وفيما يأتي نبذة عن بعض تلك العصور:

العصر البرونزي

تشير الدراسات الأثرية المُقامة في معهد الآثار الموجود في جامعة اليرموك إلى وجود مجموعة من الآثار المكتشفة في المنطقة والتي تعود إلى العصر البرونزي -سنة 3000 قبل الميلاد وحتى سنة 1200 قبل الميلاد-، كما تشير بعض الدلائل إلى وجود مستوطنات بشرية قديمة، بالإضافة إلى وجود مدينة كبيرة تعود للعصر البرونزي المتأخر، إلا أن بعض الظواهر الطبيعية التي حدثت في المنطقة مثل الزلازل والحرائق حال دون تطور المنطقة في تلك الفترة تزامناً مع شح مصادر المياه فيها.[٥]

العصر الهلنستي القديم

تميز العصر الهلنستي بدمج الثقافة اليونانية الغربية مع الثقافة الشرقية في المدينة، حيث أشارت الدراسات التاريخية القديمة والحفريات الأثرية إلى قيام إسكندر الأكبر بترميم مجموعة من المدن في هذه الفترة على النمط الإغريقي، التي تتمثل بالمسارح، والمدرجات، والشوارع المحاطة بالأعمدة، ومن أهم هذه المدن: مدينة طبقة فحل، بالإضافة إلى منطقة تل الفخار الواقع في وادي الشلالة، وتل المزار، وبعد وفاة الإسكندر واستيلاء بطليموس الأول على الحكم، قام بترميم مجموعة مدن أخرى منها: مدينة جدارا التي يُطلق عليها حالياً اسم أم قيس، وطبقة فحل التي تضم قطعاً فخارية قديمة وغيرها، ومع قيام الدولة السلوقية في إربد ساد النمط اليوناني فيها خاصة في مدينة البصلية، ومدينة قويلبة التي استمدت اسمها من اسم عملة الإمبراطورية السلوقية، بالإضافة الى تل الشونة، وتل المزار وغيرها.[٨][٥]

العصر الروماني

تمكنت الدولة الرومانية من فرض سيطرتها على مدينة إربد تزامناً مع ضعف الدولة السلوقية، حيث تُعد فترة حكم الرومان على المنطقة من الفترات المهمة التي مرت على مدينة إربد؛ وذلك لما خلّفتهُ من معالم وآثار تاريخية، بالإضافة إلى المعاهدات والتبادلات التجارية التي دخلت بها المنطقة مع الدول المحيطة، والأهم من ذلك أن الرومان استطاعوا حل مشكلة المياه التي عانت منها المنطقة في العصور القديمة وذلك من خلال حفر قنوات تحت الأرض، كما قام الحاكم الروماني بومبي بترميم العديد من المدن على الطراز المعماري الروماني السائد في المدينة الأُم روما، ومنها: أربيلا التي يُطلق عليها الآن إربد، وأبيلا، وطبقة فحل، وأم قيس وغيرها، بالإضافة الى إقامة المعابد، والمدرجات، والأعمدة الرومانية، ومما لا بد ذكره أن من أهم إنجازات الحاكم الروماني بومبي هو تأسيس حلف الديكابولس (المدن العشر)؛ وهو عبارة عن اتحاد اقتصادي وعسكري تأسس في القرن الأول قبل الميلاد، وضمّ سبعاً من المدن الواقعة في مدينة إربد.[٨][٥]

العصر البيزنطي

تميز العصر البيزنطي بانتشار الديانة المسيحية فيه، وذلك من خلال إقامة العديد من الكنائس التي تميّزت بأرضيّاتها الفسيفسائية، إلا أنه لم يطُل وجود البيزنطيين في المنطقة نتيجة لدخول الفتح الإسلامي على البلاد.[٨]

العصر الإسلامي

تُعد معركة اليرموك بقيادة خالد بن الوليد الحد الفاصل لإنهاء الإمبراطورية البيزنطية في المنطقة ودخول الإسلام إلى البلاد، حيث تمّ ضم إربد إلى ظل الحكم الإسلامي سلميّاً، وأدّت المدينة دوراً مهماً في هذا العصر لموقعها المميز، فقد استُخدمت كنقطة لتحديد اتجاهات الجيوش الإسلامية إلى الشام، والعراق، وفلسطين، ويوجد في إربد الآن العديد من مقامات الصحابة، والمساجد، والصروح الدينية الموجودة منذ العصر الإسلامي.[٥]

العصر الأموي

ازدهرت مدينة اربد في العصر الأموي تبعاً لموقعها الاستراتيجي الواقع على طريق قوافل الحج المتجهة إلى الحجاز، ففي عهد الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك بن مروان شيَد قصراً كبيراً رائعاً، وانتعشت المدينة اقتصادياً، إلا أن الأمر لم يستمر بعد وفاة الملك الأموي، كما تكالبت بعض الأحداث الأخرى مثل تعرّض المدينة لزلزال شديد أدى إلى تدمير العديد من المعالم الأموية في المنطقة، بالإضافة إلى انتشار مرض الطاعون الذي اشتهر باسم طاعون عمواس وأدى إلى وفاة المئات من أهلها.[٥]

العصر العباسي

خضعت مدينة إربد لحكم العباسيين بعد ضعف الدولة الأموية وسقوطها، إلا أن أهمية المدينة تراجعت تزامناً مع انتقال الخلافة الإسلامية إلى دمشق ثم بغداد، إلى جانب انفصال بعض الدول عن حكم الدولة العباسية وفرض حكمها على المدينة، منها: الدولة الطولونية، والدولة الإخشيدية، والدولة الفاطمية، بالإضافة إلى الدولة السلجوقية، ودولة الفاطميين، ودولة الأيوبيين، ودولة المماليك.[٥]

العصر الأيوبي

ازدهرت مدينة إربد في العهد الأيوبي، فقد كانت بمثابة بوابة لعبور الجيوش الإسلامية المتجهة إلى حطين وبيت المقدس، منها جيوش صلاح الدين الأيوبي، كما لعبت دوراً مهماً لنقل رسائل الحرب وتحركات الجيوش، بالإضافة إلى أهميتها في طرق المواصلات بين عكا ودمشق.[٥]

العصر المملوكي

تنطلق أهمية إربد في هذا العصر لازدهار المدينة تجارياً، حيث لعبت دوراً مهماً لقوافل التجارة المتجهة إلى مصر، كما أنها كانت تُعد محطة للحمام الزاجل، والمنارات، والأبراج، ومركزاً مهمّاً للبريد، بالإضافة إلى دورها المركزي في الاتصالات والمواصلات بين الشام ومصر.[٥]

العصر العثماني

تميزت المدينة في العصر العثماني بإقامة مجموعة من المباني العمرانية، فقد أُقيم فيها العديد من المباني الحكومية، منها دار الحكومة التي تُعرَف بالسرايا، بالإضافة إلى إنشاء مدرستين، وإقامة المساجد التي من أهمها المسجد الغربي الذي شُيّد من الحجارة البازلتية ذات اللون الأسود، ودار للبلدية، وبنك عثماني، ومع نهاية القرن التاسع عشر كانت مدينة إربد عبارة عن قرية صغيرة الحجم، تميزت منازلها بكونها مبنية من الطين والحجر، واشتهر أهلها بالزراعة، وتربية المواشي، ومع انسحاب العثمانيين من المنطقة تمّ تأسيس الحكومات المحلية بعد ذلك.[٥]

العصر الحديث

تشكلت إمارة شرق الأردن، وتولى الأمير عبدالله بن الحسين الحكم، وذلك في عام 1921م، وازدهرت مدينة إربد وشهدت عدة إصلاحات وتحولت المدينة إلى مدينة عصرية حديثة.[٥]

المواقع التاريخية والأثرية في إربد

تضم إربد عدداً من المواقع التاريخية والأثرية التي تدلّ على تعاقب الحضارات في المدينة، منها ما يأتي:

  • أم قيس: تقع أم قيس -التي كانت تُعرف باسم جدارا- أعلى قمة تلٍّ بالقرب من مدينة إربد، حيث تبعد عنها حوالي 30 كم تقريباً، وتتميز المنطقة بإطلالتها الرائعة، حيث تُطل على بعض الأماكن الرائعة مثل: وادي الأردن، وبحر الجليل، بالإضافة إلى الجولان السورية، وبحيرة طبريا، وبعض السهول الفلسطينية، كما تعتبر المدينة مركزاً للثقافة؛ فهي موطناً للعديد من الشعراء والفلاسفة الكلاسيكيين، بالإضافة إلى وجود العديد من الآثار، منها: المتحف الأثري والمسارح.[٩]
  • طبقة فحل: تقع طبقة فحل أو بيلا (بالإنجليزية: Pella) في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة إربد، حيث تبعد مسافة 40 كم عنها، وتنطلق أهمية المنطقة من كونها موقعاً لمعركة وقعت بين المسلمين والبيزنطيين، إذ تتميز المدينة بوجود العديد من الأماكن الأثرية والتاريخية، منها: الكنيسة الغربية التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس، وكنيسة المجمع المدني، والمسرح الذي يعود تاريخه إلى القرن الأول، وتجدر الإشارة الى أن طبقة فحل هي إحدى مدن حلف الديكابوليس العشر*.[٩]
  • كهف عيسى: يوجد كهف عيسى في الجهة الغربية من أم قيس، حيث يبعد عنها حوالي 4 كم تقريباً، وتنطلق أهمية الكهف من اعتقاد البعض أن النبي عيسى مكث فيه من أجل تحرير شعبه من عبادة الوثنية.[٩]
  • المزار الشمالي: يوجد المزار الشمالي في الجهة الجنوبية الغربية من مدينة إربد، حيث يبعد عنها مسافة 20 كم تقريباً، ويُعد الموقع من الأماكن الدينية المميزة في المنطقة؛ لكونه مزاراً للنبي داوود.[٩]
  • مقام الصحابي أبي الدرداء: يقع مقام الصحابي أبو الدرداء في الجهة الشمالية الغربية من إربد، حيث يبعد عنها مسافة 10 كم تقريباً في منطقة تسمى سوم الشناق.[٩]

متاحف مدينة إربد

تضم مدينة إربد مجموعة من المتاحف المهمة التي يقصِدُها الزوّار للتعرّف على تاريخ المدينة، من أهمها ما يأتي:

  • دار السرايا: يقع متحف دار السرايا داخل فيلا مصنوعة من صخور البازلت، يحيط به ساحة مُحاطة بمجموعة من الغرف، ويضم العديد من القطع الأثرية القديمة التي تكشف عن تاريخ المدينة، فقد تمّ تأسيس ذلك المتحف على يد العثمانيين عام 1886م.[١٠]
  • بيت عرار: هو بيت قديم مُصمَم على الطراز المعماري السائد في دمشق، حيث يضم ساحة رُصفت بالحجارة البركانية ذات اللون الأسود المميز محاطة بعدد من الغرف، كما يتميز البيت بوجود مجموعة من المخطوطات الشعرية الرائعة، والصور المعروضة التي تعود للشاعر عرار واستضافته للأحداث الثقافية.[١١]
  • متحف التاريخ الطبيعي الأردني: يضم المتحف مجموعة متنوعة من الحيوانات والطيور والحشرات المحنطة التي تشتهر بها الأردن، بالإضافة إلى وجود مجموعة من الصخور المختلفة من نفس المنطقة.[١٢]
  • متحف التراث الأردني: يكشف المتحف عن مراحل التطور التاريخي والحضاري التي مرت بها البلاد؛ وذلك من خلال المعروضات والقطع الأثرية القديمة الموجود في المتحف، فبعضها يعود إلى العصور الحجرية والبرونزية والحديدية حتى العصر المملوكي والعثماني، بالإضافة إلى وجود معروضات حديثة تفسر طبيعة حياة الريف والبدو في البلاد.[١٣]
  • متحف آثار إربد: تم افتتاح المتحف في بداية الستينات، حيث كان يوجد في قاعة تقع على تل إربد الأثري، ثم تم نقله في عام 1984م إلى الحي الجنوبي في المدينة ليتسع لأكبر قدر ممكن من المقتنيات الأثرية التي تم العثور عليها في المدينة التي يعود بعضها للعصور البيزنطية والإسلامية.[١٤]
  • متحف أم قيس: يقع المتحف داخل مدينة أم قيس، أعلى مرتفعات المدينة، داخل منزل أثري يعود تاريخه إلى أواخر القرن التاسع عشر يسمى بيت الروسان، وقد تم ترميمه ليكون متحفاً.[١٤]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش

*حلف الديكابولس: هو حلف لمجموعة مدن في بلاد الشام، تمّ في العصر اليوناني بغرض الحماية المتبادلة.[١٥]

المراجع

  1. ^ أ ب “تاريخ اربد”، irbid.gov.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-20. بتصرّف.
  2. ^ أ ب “Irbid City Map”, www.mapsofworld.com,2016-9-28، Retrieved 2019-10-20. Edited.
  3. “Population of Cities in Jordan (2019)”, worldpopulationreview.com, Retrieved 27-10-2019. Edited.
  4. “Irbid”, www.britannica.com, Retrieved 2019-10-20. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز “اربد مدينة الثقافة الأردنية لعام 2007”، www.culture.gov.jo، 5-6-2013، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2019. بتصرّف.
  6. “irbid city map”, www.mapsofworld.com,2016-9-28، Retrieved 2019-10-9. Edited.
  7. “Where Is Irbid, Jordan?”, www.worldatlas.com,2015-10-2، Retrieved 2019-10-9. Edited.
  8. ^ أ ب ت “العصر الهلنستي والروماني والبيزنطي”، www.ich.gov.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2019-10-9. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت ث ج “Surroundings Umm Qays – Irbid”, umayyad.eu, Retrieved 2019-10-10. Edited.
  10. “Dar As Saraya Museum”, www.lonelyplanet.com, Retrieved 2019-10-10. Edited.
  11. “Beit Arar”, www.lonelyplanet.com, Retrieved 2019-10-10. Edited.
  12. an/irbid/attractions/jordan-natural-history-museum/a/poi-sig/1073967/361071 “Jordan Natural History Museum”, www.lonelyplanet.com, Retrieved 2019-10-10. Edited.
  13. “Museum of Archaeology & Anthropology”, www.lonelyplanet.com, Retrieved 2019-10-10. Edited.
  14. ^ أ ب “المواقع الاثرية”، moi.gov.jo، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-10. بتصرّف.
  15. “Decapolis”, www.britannica.com. Edited.