مدينة فاس التاريخية
مدينة فاس
هي مدينة عربية إسلامية تاريخية توجد في المملكة المغربية، وهي مدينة قديمة يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 789م، وكان ذلك على يد إدريس الثاني الذي جعل من فاس عاصمة للدولة الإدريسية في المغرب العربي، وبقيت طوال تاريخها العريق مدينة قوية ومزدهرة ومتطوّرة بمختلف المجالات، سواءً الاقتصادية أو العلمية أو الاجتماعية، وقد تم تصنيفها مؤخراً كأكبر منطقة حضرية خالية من السيارات والمركبات في العالم.[١]
الموقع الجغرافي لمدينة فاس
تقع مدينة فاس في المغرب، وتحديداً في الجزء الأقصى من شمال شرقها، وهي تحتل منطقة على شكل وادٍ خصب يُحيط به التلال من مختلف الجهات، وتشتمل هذه التلال على عدد كبير من أشجار الأرز والبلوط، ومساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى سهل سايس الذي يضم العديد من الينابيع المائية،[١] ومن الناحية الفلكية فإن مدينة فاس تقع بين خطي عرض 28 درجة و36 درجة نحو الشمال، وخطي طول 12 درجة و11 درجة نحو الغرب،[٢] أما المساحة الجغرافية للمدينة فهي تُقدّر بنحو 5400كم².[١]
عدد سكان مدينة فاس
تطوّر عدد سُكّان مدينة فاس تطوّراً ملحوظاً منذ بداية نشأتها إلى وقتنا الحالي، حيث أشارت إحصائيات عام 1920م أن عدد سكانها قد بلغ نحو 81172 نسمة، وارتفع العدد ليصل في عام 2004م ما يُقارب مليون نسمة، بمعدّل نمو سكاني بلغ 3% سنوياً، حيث مثّلت فاس مقصداً لعدد كبير من سكان المناطق المحيطة؛ فقد أشارت الإحصائيات أن المدينة استقبلت خلال الفترة ما بين 1975-1982م ما يُقارب 55988 مهاجراً، بمعدل 7998 مهاجراً خلال السنة، وبمتوسط 22 مهاجراً خلال اليوم الواحد، ويعود الفضل في الإقبال الكبير على الهجرة إلى الانتعاش الملحوظ الذي شهدت المدينة على مختلف الأنشطة، سواءً الاقتصادية أو الثقافية أو الصناعية، كما شهدت تطوّراً كبيراً في مجال التجارة والخدمات والإدارة.[٣] وفي عام 2018م تم إجراء دراسة إحصائية على عدد سكان المدينة، وتبيّن أنه ارتفع ليصل إلى نحو 964,891 نسمة،[٤] حيث يعمل معظمهم في مجال البناء والأشغال، والخدمات، والتجارة، والصناعة، بالإضافة إلى الإدارة العمومية.[١]
أقسام مدينة فاس
تنقسم مدينة فاس إلى ثلاثة أقسام رئيسية، وهي:[٢]
- البليدة: وهو الجزء الأقدم في المدينة، ويحتل حالياً الجزء الواقع شرقي نهر فاس، ويقطن هذا الجزء ما يُقارب 4,000 نسمة، وتضم البليدة العديد من المباني العتيقة والجميلة التي يتوسطها عدة ساحات.
- فاس البالي (عين علو): هي الجزء الغربي من نهر فاس، وتحتل منطقة على شكل تلال تُحيط بها الأسوار المحصنة بمجموعة من أبراج المراقبة وسبعة أبواب رئيسية، وتنقسم فاس بالي إلى 12 حياً يحكم كل منها فرد من الأعيان، ويقطنها ما يُقارب 80 ألف نسمة من إجمالي مجموع البلاد.
- فاس الجديد أو المدينة البيضاء: تقع في سهل على ضفة نهر فاس، وتعتبر منطقة منعزلة مقارنة بباقي أقسام المدينة، حيث يُحيط بها سور مزدوج يحميها من الاعتداءات الخارجية، وهي تنقسم إلى ثلاثة أحياء يسكنها ما يُقارب 8 ألاف نسمة.
نبذة تاريخية عن مدينة فاس
تأسست مدينة فاس خلال القرن الثاني الهجري على يد إدريس بن عبد الله، وكانت في البداية تحتل الجزء الواقع يمين ضفة نهر فاس، وبدأت الجماعات الإنسانية باللجوء إليها هرباً من الحروب والنزاعات، ومنها: العائلات العربية القادمة من مدينة القيروان، وأقاموا لهم مجموعة أحياء عُرفت بعدوة القرويين، كما لجأ إليها العديد من العائلات الأندلسية الذين أقاموا في عدوة الأندلسيين، وضم حي الملاح أعداداً كبيرة من اليهود القادمين من مختلف البلدان، وبعد مرور عقدين على وفاة إدريس بن عبد الله، قام إدريس الثاني الذي تولى مقاليد الحكم خلفاً لوالده بتأسيس مدينة ثانية على الجهة الأخرى من النهر، وبحلول عهد المراطبين تحقق الاتحاد بين المدينتين وأصبحتا مدينة واحدة، وفي عهد يوسف بن تاشفين ازدهرت المدينة بشكل كبير وأصبحت قاعدة حربية رئيسية لمنطقة شمال المغرب، ومركزاً حضارياً وعلمياً لمختلف مناطق شمال أفريقيا، وفي عام 1276م قام أبو يوسف يعقوب المنصور بتأسيس منطقة فاس الجديدة بأحيائها وقصورها وحدائقها، وفي عام 1649م أصبحت المدينة بأقسامها الثلاثة مركزاً للدولة العلوية في المغرب، إلى أن وقعت تحت الاستعمار الفرنسي في عام 1912م، ونالت استقلالها أخيراً في عام 1956م، لكنها فقدت صفة عاصمة البلاد بعد أن أصبحت مدينة الرباط هي عاصمة المغرب.
[١]
المعالم البارزة في مدينة فاس
تضم مدينة فاس العديد من المعالم الأثرية والتاريخية التي تشهد على التاريخ العريق للمدينة، وتعتبر هذه المعالم مركزاً مهماً لجذب الزوار والسياح من داخل المدينة وخارجها، وأهم هذه المعالم ما يأتي:[٥]
- مسجد القروين: هو واحد من أهم معالم المدينة، ويُمثّل القلب النابض لها، حيث تأسس في عام 860م بِأمر من فاطمة الفَهرية، وهو أحد مرافق حي القرويين الذي سكنه اللاجئون القادِمون من القيروان.
- مسجد الأندلسيين: تم بناؤه في عام 859م، وقد أبدع المصممون في بنائه، حيث يظهر بنمط عمراني مدهش، وما يدل على ذلك وجود الأبواب الضخمة المُزيّنة بالزليج، والتي يعلوها سقف من الخَشب المَنحوت.
- مدرسة الصفارين: هي أقدم المدارس التاريخية في المدينة، ويعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الثامن عشر، وهي ذات تصميم معماري بسيط ورائع، وتحظى بعدد كبير من زوار المدينة.
- قصر البطحاء: هو قصر أثري يُستخدم اليوم كمتحف للقطع الفنية التقليدية المقتبسة من الطابع المحلي لمدينة فاس، مثل الأواني النحاسية والزرابي والمطرزات والمجوهرات.
- خزانة القرويين: هو متحف أثري تأسس خلال القرن السابع عشر، ويضم اليوم ما يُقارب 32,000 مخطوطة أثرية، من بينها وثائق نادرة وفريدة من نوعها يُذكر بأنها كُتبت بواسطة علماء كبار، أمثال ابن خلدون وابن رشد.
- سوق العطارين: هو السوق الأكثر ازدحاماً ونشاطاً في مَدينة فاس، وكان مخصصاً سابقاً لبيع منتجات الطّب التَقليدي، ويضم حالياً العديد من المحلات التجارية، ويتميّز بوجود بابين كبيرين يُغلقان بحلول المساء.
- القصر الملكي: هو قصر تاريخي كبير تأسس خلال القرن الثامن عَشر الميلادي، ويضم ساحة واسعة بناها العلويون، وفيها أبواب خشبية ضخمة مزينة بنقوش رائعة.
- قصر الكلاوي: هو واحد من أبرز وأجمل القصور الأثرية في المدينة، سكنه باشا مراكش، ويشتمل على نحو 1000 غرفة، و30 نافورة، وحَديقَتين، ومَدرسة قُرآنية، بالإضافة إلى حمام مغربي للرجال وحمام آخر للنساء، ومطحنة مخصصة لإنتاج الزيت وأخرى لإنتاج القمح.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج “فاس”، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب بوحجر جهاد، حوايج فاطمة، مدينة فاس وعلاقتها بإفريقيا جنوب الصحراء، صفحة 14،16،17. بتصرّف.
- ↑ د.بوشتي الخزان، ماجدة صواب، مدينة فاس (المغرب) بين التخطيط الحضري ومتطلبات التنمية، صفحة 4،5. بتصرّف.
- ↑ “Morocco Population 2018”, worldpopulationreview.com, Retrieved 7-12-2018. Edited.
- ↑ -، فاس في المغرب، صفحة 8-16. بتصرّف.