مدينة تنس
مدينة تنس
مدينة تنس هي إحدى المدن التاريخيّة الجزائريّة، وهي واحدة من المدن الساحليّة الواقعة إلى الشمال من الجزائر، وإلى الغرب من العاصمة الجزائريّة التي تبعد عنها حوالي مئتي كيلومتر. تحدّ المدينة من الشرق مدينة شرشال ومن الغرب مدينة مستغانم. كانت المدينة قديماً عاصمةً لإقليم تنس الذي كان يمتدّ من مدينة عشعاشة في الغرب إلى بومدفع الواقعة في الغرب أيضاً، وقد كانت تقوم على هذا الإقليم إمارة تنس في فترة العصور الوسطى، وتحديداً في العصرين الزياني والتركي.
نبذة تاريخيّة
يَعود تاريخ تأسيس مدينة تنس إلى أكثر من تسعة آلاف عامٍ قبل الميلاد، ولهذا فهي تعتبر من أقدم المدن المأهولة بالسكان. ازدهرت مدينة تنس في فترة العصور الوسطى، بعد اعتبارها عاصمةً لإقليم تنس؛ حيث كانت تتمتّع في تلك الفترة بالسيادة، وباقتصادٍ قائم على الزراعة والتجارة، وبجني الضرائب الجمركيّة على السلع الصادرة والواردة عبر الميناء.
في تلك الفترة كانت الإمارة تسكّ نقودها بنفسها؛ حيث يعتبر هذا الأمر أحد علامات السيادة، وكان يُطلق على النقود وقتها اسم (نقود أبي عثمان في تنس)، وما زالت بعض هذه النقود معروضةً في العديد من متاحف الجزائر؛ كمتحف الباردو، ومن أهمّ سلاطين الإمارة السلطان (حميدة العابد).
وقعت المدينة في القرن السادس عشر للميلاد تحت قبضة الاحتلال الإسباني بسبب خيانة وتحالف السلطان الزيّاني مع المغتصبين الإسبان، لكن الإقليم قد تحرّر على يد الأتراك عام ألفٍ وخمسمئةٍ وسبعة عشر. تزخر مدينة تنس العريقة بالعديد من المواقع الأثريّة التي تعود للعصور الرومانيّة والبيزنطيّة والإسلاميّة، لكن الزلزال العنيف الذي ضرب الإقليم عام ألفٍ وسبعمئةٍ وستٍ وسبعين نجم عنه تدمير المدينة الرومانيّة.
تمّ تشييد مدينة تنس الإسلاميّة في العصر الإسلامي، حيث تم تشييدها بالقرب من سفح جبل (سيدي مروان) المحاذي للميناء الحالي للمدينة، وكانت للأندلسيين مساهماتٌ كبيرة في عمليّة الإعمار تلك، حيث كان التجار الأندلسيين يترددون بشكلٍ مكثف على المدينة، وكانت المدينة ملاذاً آمناً للأندلسيين بعد سقوط الأندلس وخاصةً القادمين من مرسيه والبيرة، وقد جلب الأندلسيون معهم مختلف العلوم والحرف والصنائع ونشروها في المدينة ومنها إلى المدن والمناطق الأخرى المُحيطة في البلاد.
وقعت المدينة شأنها شأن باقي المدن في الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي عام ألفٍ وثمانمئةٍ وثلاثٍ وأربعين، وقد كان لها دورٌ كبير كباقي المدن في الثورة التي قامت لمقاومة هذا الاحتلال الرابض على أرضها من خلال ثورة تنس. أعلنت تنس بلديةً كلونياليّة عام ألفٍ وثمانمئةٍ وثلاثٍ وخمسين وفق مرسومٍ إمبراطوري صادرٍ عن نابليون بونابرت، قام بعدها الفرنسيّون بإعادة إعمار تنس على أنقاض المدينة الرومانيّة، مستخدمين الأعمدة والحجارة الرومانيّة دون المساس باسمها.
قام الزعيم السوفييتي جوزيف ستاين بزيارةٍ للمدينة في العقد الرابع من القرن المنصرم، إضافةً لزيارة الرئيس الراحل أحمد بن بلا، وكانت الأميرة البريطانيّة ديانا تفضّل الإقامة على السواحل الشرقيّة للمدينة خلال بعض العطل على متن يختها.