مدينة سامراء في العصر العباسي

مدينة سامراء

تقع مدينة سامراء على الضفة الشرقية لنهر دجلة، وعلى بعد 125 كيلومتراً شمال مدينة بغداد العاصمة الحالية لدولة العراق، وهي من المدن العربية القديمة، وعاصمة العباسيين منذ أيام الخليفة المعتصم بالله بن هارون الرشيد ثامن الخلفاء العباسيين، الذي أمر ببنائها عام 221هـ، ونَقل عاصمة الخلافة العباسية من بغداد إليها، وبقيت سامراء عاصمة العباسيين لعدة عقود بعد ذلك، واسمها الحالي مختصر من اسمها القديم (سُرَّ من رأى).

بناء مدينة سامراء

لما كثُر عدد جند المعتصم بالله من الأتراك، وكثرت الصدامات بينهم وبين السكان في بغداد، قرر المعتصم بالله بناء مدينة يقيم بها هو وعسكره؛ فاختار موقع مدينة سامراء وأقام فيه مدّة ثلاثة أيام، وكان هذا الموقع عبارة عن دير لنصارى من العراق؛ فاستطاب هواءه واستحسنه، فاشتراه منهم وخطط المدينة وأمر ببنائها حتّى تمت، ثمّ انتقل إليها وأقام بها هو وجنده الأتراك، وأقام لهم كرخاً في الجزء الشمالي من سامراء، وعزلهم عن باقي السكان.

سامراء في العصر العباسي

بدأت المدينة بعد بنائها بالنمو والازدهار والتطور بشكلٍ سريع، وكثُر سكانها وقامت فيها المباني والجوامع والأسواق، وأصبحت من أعظم مدن العالم، ومركز الخلافة لأعظم دولةٍ في ذلك الوقت، وبقيت سامراء عاصمة العباسيين مدّة 58 سنة، وتعاقب على حكم المدينة سبعة من خلفاء العباسيين هم: المعتصم بالله، والمتوكل بالله، والمنتصر بالله، والمستعين بالله، والمعتز بالله، والمهتدي بالله، والمعتمد بالله، إلى أن اضطر الخليفة المعتمد في عام 279ه إلى إعادة مركز الخلافة إلى بغداد والعودة إليها وهَجر مدينة سامراء، ثمّ تعرضت أغلب المباني في المدينة بعد ذلك للتدمير والهدم أيام الغزو المغولي للعراق.

جامع المتوكل والمئذنة الملوية

أسَّس الخليفة المتوكل الجامع الشهير بالمئذنة المعروفة بالملوية غرب مدينة سامراء، وذلك في عام 237هـ، وهو جامعٌ كبيرٌ يتسع لما يقارب الألف مصلٍ، وكان يعد أكبر مساجد العالم الإسلامي في ذلك الوقت، ويعد الجامع والمئذنة الملوية حالياً من أشهر المعالم المعمارية القديمة في العراق، وتمثل المئذنة أسلوباً معمارياً فريداً للفن المعماري الإسلامي في ذلك الوقت.

تتخذ المئذنة الملوية الشكل الحلزوني، وتتكون من خمس طبقات حلزونية تتناقص في سعتها مع الارتفاع، ويمكن الصعود إليها عبر درج حلزوني يحيط بها، ويصل عرضه إلى نحو المترين باتجاه معاكس لاتجاه عقارب الساعة، ويبلغ عدد درجاته قرابة 399 درجة، ويبلغ ارتفاع المئذنة قرابة الخمسين متراً عن سطح الأرض، ويقع في أعلاها بناءٌ دائري الشكل له سبعة نوافذ يُطلق عليه اسم الجاون، وكان المؤذن يعتليه في السابق لرفع الأذان منه.