مدينة ثاج
مدينة ثاج
تحكي مدينة ثاج الأثريّة الواقعة في المملكة العربيّة السّعودية قصّة حضارة عريقة تعود لألف عام قبل الميلاد، وهي مدفونة تحت التّراب واكتُشفت بمحض الصّدفة، إلا أنّ أعمال الحفر والتّنقيب فيها أدّت إلى اكتشاف كنوز ولُقى مذهلة لا تقدّر بثمن، فهي تُعتبر أكبر المواقع المُكتشفة التي تعود إلى الحضارة الإغريقيّة والهلنستيّة في المنطقة إلى يومنا هذا، إذ تُسلط الضوء على ثراء وغنى هذه المدينة وتاريخها، حيث كانت من أهمّ الحواضر البشريّة ومُلتقى القوافل التّجاريّة العابرة في الصحراء.
موقع مدينة ثاج
تقع مدينة ثاج في الجهة الشّرقية من السّعودية بالقرب من مدينة الجبيل، حيث تبعد مسافة مئة وخمسين كيلومتراً عن مدينة الظهران، وثلاثمئة كيلومتر عن مدينة الدّمام، وتقع في منطقة وادي المياه المنحدر باتجاه الشمال، وسكنتها قديماً قبائل الجرهاء العربيّة، فتحدها من الشّمال منطقة الحناءة، ومن الجنوب سبخة الخويصرة، ومن الشّرق تلال البتيل، في حين تشكّل الكثبان الرمليّة حدودها الغربيّة.
أهمية مدينة ثاج
كانت مدينة ثاج مزدهرة حضارياً وثقافياً، فألهمت الشّعراء القُدامى، وذكروها في قصائدهم الشعريّة، ونذكر منهم الفرزدق، وذو الرّمة، وراشد اليشكري الذي يقول في أحد الأبيات:
بنيت بثاج مجدلاً من حجارة
- لأجعله عزّاً على رغم من رغم
ورد ذكر هذه المدينة في المعاجم والكتب التاريخيّة التي تؤرشف للأماكن التراثيّة، كمعجم البلدان لياقوت الحموي، وصفة جزيرة العرب للهمداني، وبلاد العرب للأصفهاني وغيرها الكثير.
المكتشفات الأثريّة في مدينة ثاج
عُثر في الموقع على مدافن عائلية عديدة، إلّا أنّ كنز الملكة المجهولة الذي يُعتقد أنّها ملكة ثاج ومقتنياتها وحليّها المصنوعة من الذّهب الخالص أهم ما تمّ اكتشافه، بالإضافة إلى قناع يقدّر وزنه بكيلوغرامين، وبطول سبعة عشر سنتيمتراً ونصف المتر، ومجسّم لذراع وأقراط وأزرار وأساور وعقود مرصّعة بالأحجار الكريمة، وشرائط ذهبيّة كانت موضوعة حول الرأس، كما تمّ العثور على هيكلها العظمي موضوعاً على سرير من الخشب، ومثبّت على عدّة تماثيل من البرونز التي تشكّل دعائم السّرير، بالإضافة إلى الكثير من قطع العملات الذّهبية تعود إلى حقب تاريخيّة مختلفة، والعديد من الأواني الفخاريّة حيث عُثر على أقدم فرن لصناعتها في المنطقة، ولا ننسى السّور الأثري المشيّد من الحجارة المشذّبة على مجموعة من التّلال تُحيط بمساكن المدينة الأثريّة، والذي يحصر مساحة تُقدّر بمئة ألف متر مربع، ما عدا النّقوش المحفورة على الصّخر بالخّط المسند.
تم العثور أيضاً في هذا الموقع على دُمى على شكل الحيوانات والبشر، وتم إغلاق الموقع من قِبَل وزارة المتاحف والآثار، كي لا يكون عرضةً للسّرقة والنهب بغية استكمال أعمال التّنقيب فيه.