مقال عن توسعة الحرمين الشريفين
الحرمان الشريفان
للحرمين الشريفين أثر عظيم في نفوس المسلمين، فهما أطهر مكانين مقدسين على وجه الأرض، وجاءت المنزلة التي يشغلها الحرمان الشريفان في نفوس المسلمين من تاريخهما الحافل بالأحداث والأمجاد الإسلامية التي تركت بصمة عريقة وواضحة في جبين التاريخ الإسلامي.
المسجد الحرام
يعتبر المسجد الحرام المسجد الأعظم في التاريخ الإسلامي، حيث يتوسط مكة المكرمة الكائنة في الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية، ويحتضن المسجد الحرام في قلبه أول بيت بني على سطح الأرض وهو الكعبة المشرفة.
يتخذ المسجد الحرام صفة البقعة الأقدس والأعظم لدى المسلمين، ومن أكثر ما يمنحه أهمية بالغة بأنه القبلة التي يتوجّه إليها المسلمون في صلاتهم، ومقصدهم في موسم الحج، وجاءت تسمية المسجد الحرام من تحريم القتال داخله منذ لحظة رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصراً إليه.
المسجد النبوي
يتخذ المسجد النبوي عدة مسميات، ومنها الحرم النبوي، ومسجد النبي، ويدرج ضمن المساجد الكبرى على مستوى العالم، ويأتي بالمرتبة الثانية من حيث القدسية في الإسلام.
شُيّد هذا المسجد في المدينة المنورة، وكان ذلك في السنة الأولى للهجرة بعد مسجد قباء، حيث أجريت توسعات على هذا المسجد على مّر التاريخ، بدءاً من الخلفاء الراشدين، ثم الأمويين، فالعباسيين، ثم العثمانيين، أما في عهد الدولة السعودية فقد خضع المسجد لأكبر توسعة بالتاريخ وكان ذلك خلال عام 1994م.
توسعة الحرمين الشريفين
توسعة المسجد الحرام
كانت التوسعة الأولى التي أُجريت على مساحة المسجد الحرام في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، حيث أمر بتوسعة المسجد بنحو خمسمائة وستين م2، وكان ذلك في السابع عشر للهجرة، وتعرض خلال فترة خلافة الفاروق للهدم إثر تدفق سيل جارف إليه.
في العام السادس والعشرين أصدر أمير المؤمنين عثمان بن عفان أمراً بتوسعة المسجد حتى أصبحت مساحته تمتد إلى4390 م2، وشملت التوسعة هدم بعض البيوت القريبة من المسجد والمحيطة به، ويعود الفضل لابن عفان رضي الله عنه في إقامة الأروقة المسقوفة والأعمدة الرخامية.
أما خلال فترة الدولة الأموية، فقد اندلع حريق ضخم في المكان، وقام ابن الزبير بتوسعة المكان في العام الستين للهجرة، وتبعته توسعة أخرى خلال عهد الوليد بن عبد الملك أيضاً في عام 91 هجري إثر تعرض المكان لسيول جارفة.
توالت التوسعات على المسجد الحرام، ففي الدولة العباسية أجرى أبو جعفر المنصور توسعة على المكان خلال الفترة ما بين 137-140 هجرية، فأقام المنارة في الجزئين الشمالي والغربي، وأصدر أمراً بكسوة حجر إسماعيل بالرخام، وفي عام 281-284 هجري أجرى المعتضد بالله بعض التعديلات والتوسعات فهدم دار الندوة، وأقام ستة أبواب للمسد وكسى السقف بخشب الساج، وفي عام 306 هجري جاء المقتدر بالله وزاد على مساحة المسجد الحرام بإضافة مساحة دارين، وأقام باب إبراهيم.
شهدت فترة الدولة السعودية توسعات كبيرة طرأت على المسجد الحرام بدءاً من عهد خادم الخرمين الشريفين عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود حيث أجرى صيانة كاملة للمسجد وأصلحه، من ترميم وطلاء وإصلاح قبة زمزم، وتقديم خدمة للمصلين بوقايتهم من أشعة الشمس الحارقة بتركيب المظلات، والتبليط بالحجر في المساحة ما بين الصفا والمروة، وآخرها كان في عام 1373 هجري.
تمثلت بإدخال الإنارة الكهربائية إلى المسجد الحرام وتركيب المراوح الكهربائية لتخفيف حرارة الجو على المصلين به، أما في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود فكانت بداية مشروع التوسعة في عام 1375 هجري، إذ أصبحت بفضل هذا التوسع تتسع لخمسين ألف مصلٍّ، واستمرت فترة التوسعة مدة بلغت العشر سنوات.
في الثالث والعشرين من شهر شعبان عام 1375 للهجرة تم وضع حجر الأساس لهذه التوسعة، وشملت عدداً من المشاريع من بينها افتتاح الشارع المواري للصفا، وتشييد ثلاثة طوابق وأقبية، وإضافة الشمعدانات وصحن المطاف والمقامات الأربعة، ثم شهدت توسعات في عهد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، ثم في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود شملت ثلاثة محاور من بينها توسيع الحرم المكي حتى أصبح يتسع لمليوني مصلي، والمحور الثاني يشمل الساحات الخارجية والتي تضم دورات المياه والممرات والأنفاق.
توسعة المسجد النبوي
بني في العام الأول للهجرة خلال عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مساحته آنذاك تصل إلى 1.050 م2، وفي السنة السابعة للهجرة خضع للتوسعة الأولى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً وكانت مساحته تصل إلى 2.475 م2 وجاء ذلك بعد غزوة خيبر.
في السنة السابعة عشر للهجرة قام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بإجراء التوسعة الثانية على المسجد حتى أصبحت مساحته تبلغ 3.575 م2، واستمرت التوسعات حتى في عهد الخليفة عثمان بن عفان، ثم في فترة حكم الدولة الأموية أضيفت إلى المسجد الحجرات النبوية، وكان ذلك بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك فترة حكم عمر بن عبد العزيز، وتم استحداث كل من المحراب المجوف والمآذن حيث كانت المرة الأولى لذلك.
توالت التوسعات خلال الدولة العباسية والمملوكية والعثمانية والدولة السعودية، وخلال هذه الفترة تعرض المسجد للحريق مرتين، كانت الأولى في عام 654 للهجرة في نهايات حكم الدولة العباسية عصر الخليفة المستعصم بالله وامتدت فترة التوسع حتى بداية حكم الدولة المملوكية عهد الظاهر بيبرس.
كان الحريق الثاني في عهد الدولة العثمانية في عصر قايتباي عام 888 للهجرة، أما فيما يتعلق بالتوسعات التي طرأت عليه في عهد الدولة السعودية فكان ذلك على فترتين خلال فترة حكم الملك عبد العزيز آل سعود في الفترة ما بين 1372-1375 للهجرة وبتكلفة مالية قدّرت بخمسين مليون ريال، والثاني في عام 1406 وحتى 1414 للهجرة فترة حكم الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود وكانت التوسعة الأكبر بالتاريخ، حيث بلغت مساحة المسجد النبوي نحو 98.327 م2.