بحث حول صومعة حسان
صومعة حسان
يقع المبنى التاريخي “صومعة حسان” في مدينة الرّباط عاصمة المملكة المغربية وأكبر مدنها، وجاء تشييدُهُ بأمرٍ من السلطان يعقوب المنصور الموحدي، وذلك في عصر دولةِ الموحدين، في سنةِ خمسمائة وثلاثٍ وتسعين للهجرة، ويعتبر هذا المسجد من أكبرِ المساجد في تلك الفترة، وتعرّض للدمار والاندثار في عام ألفٍ وسبعمائةٍ وخمسةٍ وخمسين للميلاد بعد أن ضرب زلزالاً مدينة الرباط.
تدلّ الآثار المتبقية من هذا الصرح التاريخي على ما كان يَتمتع به البناء من ضخامةٍ وروعة؛ إذ يرتفع عن سطح الأرض بنحو مئةٍ وثمانين متراً، ويصل عرضُهُ إلى مئةٍ وأربعين متراً، ويُقام على مساحة تَمتدّ إلى ألفين وخمسمائة وخمسين متراً مربعاً، ويعتبر من أكثر المساجد رقياً وفخامة في الشرق الأوسط، كما يُعطي مؤشّرات حول الأهمية التي تحظى بها الرّباط في عهد الدولة الموحدية.
نظراً لما يتمتع به البناء من أهميةٍ تاريخيةٍ عريقة فقد قامت مُنظمة اليونسكو للتراث العالمي بِضمّه إلى القائمة الأولية في الفئة الثقافية، وذلك في الأول من شهر يوليو من عام ألفٍ وتسعمائةٍ وخمسةٍ وتسعين ميلادي.
موارد البناء
يعكس البناء الفن العمراني الأندلسي والمغربيح إذ استخدمتْ في بنائه موادٌ كان يستخدمها المغاربة قديماً ومنها الحجر المنحوت، والجص، والحجر الرملي، والمواد الخشبية والرّخامية، وتقام إلى جانبي سور القبلة مجموعةٌ من الأبراج، والتي اتخذت كأسلوبٍ للزينة ولكنْ في الواقع مهمتها هي الحفاظ على تَوازن هذا البناء.
كان الجامع يستمدّ الماء عبر ما يسمى بـ” الدشيرة “؛ إذ كانت في تلك الآونة مصدراً رئيسياً لِتزويد المدينة بالماء، وذلك من خلال إقامة عدد من القنوات فوق قنطرة كبيرة.
صومعة المسجد
أمر السلطان يعقوب المنصور الموحدي باختيار موقعٍ مُلائمٍ للصومعة على أنْ يكون المكان الأكثر قدرةً على حمل الثِقل وأمتَنُها، وتتصف الصومعة ذات الشكل المربع بسهولة الوصول اليها عبر عدةِ درجاتٍ عريضة، وصُممتْ لتكون عريضةً من أجل تسهيل مرور الدّواب عليها أثناء نقل مواد البناء.
ترتفع الصومعة إلى علوٍ يبلغ نحو أربعة وأربعين متراً، وبداخلها درج ذو التواءٍ ينتهي بالطابق العلوي من الصومعة، وفي كل طابقٍ من طوابق الصومعة الست توجد غرف، وتظهر روعة النمط الأندلسي المغربي من خلال الزّخارف والنقوش التي تزدان بها واجهاتُ الغرف جميعها.
يعمل الجدار المسمّى بالمنار على حِفظ توازن الصومعة، ويصل عرضه إلى مترين ونصف، كما أقيم حول الصومعة سور يَرتفع نحو تسعةِ أمتارٍ تقريباً، وبعرضٍ يصل إلى مترٍ ونصف، ويقع قبالة المحراب بشكل موازٍ، ويَروي المسجد وصومعته بديع الفنّ الهندسي الأندلسي في العمران، ويصل عرض جوانب المنار إلى ستة عشر متراً، ويرتفع إلى خمسة وستين متراً.
مكونات المسجد
يمتاز المسجد بضخامةِ حجمه ومساحته؛ إذ تصل مساحته إلى 139م × 139م، وتمتدّ قاعة الصلاة في المسجد إلى مساحةٍ تصل إلى ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين متراً، وتعتبر هذه المساحة مساحةً لم يسبق لأي مسجدٍ آخر أنْ امتدّ على مثلها، وتعتلي قاعة الصلاة مجموعة من الصحون أحدها كبير ويقع بالقرب من المنار، وصحنان آخران يقعان إلى جانب ووسط الصحن الكبير.
تختلف ارتفاعات الأعمدة في المسجد؛ حيث تتراوح ما بين ثلاثة أمتار وربع المتر إلى ستة أمتار ونصف، ويتكون المسجد بشكلٍ عام من:
- بيت الصلاة، وهو على شكل الحرف اللاتيني T، ويضمّ هذا البيت ثمانية عشر من الأساكيب، وتتوزّع على جوانب البيت ثلاثة، وعلى شماله سبعة، وأما الباقي فتتوسط البيت، وتجاور الصحنين الصغيرين.
- أعمدة المسجد: يصل عدد الأعمدة التي يحتوي عليها المسجد إلى أربعمائة عمود، وله من المداخل ستة عشر مدخلاً تتوزّع على الجوانب الغربية، والشرقية، والشمالية.
- محراب المسجد: يصل ارتفاع المحراب نحو ثلاثةِ أمتار، وبعرض مساوٍ له أيضاً، كان قد اتخذ هذا المسجد كمكان للعمل لأسرى الإفرنج.
- أبواب المسجد: تشرف سبعة أبوابٍ بشكلٍ مباشر على الصحن، وتمتاز هذه الأعمدة بضخامةِ حجمها، ويصل ارتفاعها إلى أكثر من عشرة أمتار بعرضٍ يتجاوز أيضاً عشرة أمتار.
- صحنُ المسجد: تُساوي مساحته مساحة بيت الصلاة؛ إذ تبلغ 139×139م، ويحتوي هذا الصحن على مجموعةٍ من الآبار، ويصل طولها إلى نحو تسعةٍ وستين متراً، بعرضِ ثمانيةٍ وعشرين متراً.