جزيرة صاي

جزيرة صاي

تُعدّ جزيرة العلم والثقافة صاي من أكبر الجزر الواقعة في السودان، ويُطلق عليها أيضاً اسم جزيرة المعلّمين، وتعود هذه التسمية إلى نسبة محو الأمية فيها التي تكاد تبلغ الصفر بالمئة هذا من جهة، ولأنَّ معظم سكان هذه الجزيرة يمتهنون التعليم في كافة مستوياته، بدءاً من المرحلة الابتدائية إلى الإعداديّة والثانوية فالجامعية من جهة أخرى.

الموقع والأبعاد

تقع هذه الجزيرة جنوب وادي حلفا، حيث تبعد عنه مسافة تقدّر بمئة وستين كيلومتراً مُربّعاً، وتبعد مسافة تقدّر بتسعة كيلومترات عن مدينة عبري، وهي مقسمة إلى أربع قُرى، وهي: صاي صاب، وموركة، وأرودين، وعدو. يبلغ طول هذه الجزيرة حوالي اثني عشر كيلومتراً، بينما عرضها فيبلغ حوالي سبعة كيلومترات.

الآثار والحياة القديمة فيها

بفضل البعثة الفرنسيّة التي تهتم بالتنقيب عن الآثار تمّ العثور فيها على مجموعة ضخمة من الأوابد، وأيضاً اللُّقى، إضافةً إلى المعابد القديمة، وأيضاً المقابر التي يعود تاريخها إلى عهد حضارة دولة كرمة ودولة نوباتيا القَديمتين، بالإضافة للعثور على قلعة ضخمة حصينة، تعود إلى الدولة المصريّة الحديثة، التي كانت قائمةً بين عامي ألف وخمسمئة وخمسين إلى عام ألف وثمانين ما قبل الميلاد.

تُشير الدراسات إلى أنّ أراضيها قد سكنها البشر، ومارسوا فيها حرفة الزراعة منذ أيام العصر الحجري، أي في الحقبة الممتدّة بين عامي ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، كما كانت في تلك الفترة العاصمة الثانية لمملكة كرمة؛ حيث كانت مزدهرةً باعتبارها ممرّاً ومركزاً لمراقبة وعبور القوافل التجارية القادمة من مصر الفرعونية.

تحوي هذه الجزيرة على أهرامات صغيرة الحجم نسبياً تعود لحضارة مروي، بالإضافة لبقايا كاتدرائية في منطقة كيسيه والتي معناها حسب ترجمتها في اللغة النوبية المحلية “الكنيسة”، إضافةً لوجود القلعة العثمانية والتي يُشكّل مسجد علي بقبابه وطرازه المعماري على نهر النيل قسماً كبيراً منها.

مشكلة جزيرة صاي

على الرّغم من الدور المحوري الذي يعود لهذه الجزيرة في تصديرها للعديد من الشخصيّات المهمّة والعقول العلميّة إلى كافة أنحاء العالم، كالشاعر خليل فرح، والفنان محمد وردي، والبروفيسور الفيزيائي جلال عبد الله والطبيب الجراح ذو الشهرة العالميّة سعيد كيلاني وغيرهم من الجهابذة، إلاَّ أنها في الآونة الأخيرة تُعاني من خلوّها من السكان، ويعود السبب في ذلك إلى فيضان نهر القاش الذي دمّر أكثر أبنيتها، وإلى شحّ الخدمات وندرة توفّر المُستلزمات الضرورية لحياة السكان، لتتحوّل إلى محميّة خاصّة بعمليات الحفر والتنقيب عن الآثار.

يرى المهتمّون أن هذا السبب عينه يمكن أن يُستفاد منه في دفع عجلة السياحة الأثريّة في الجزيرة بإعادة إحيائها من جديد، وذلك من خلال الاهتمام بالخدمات والمرافق، لعودة من هجرها من أهلها، وإنشاء متحفٍ متخصّص باللُّقى والآثار النوبية؛ حيث تُعتبر هذه الجزيرة منجماً من الآثار التي هي شاهد عصر على حقبة تاريخية لا يمكن أن تُطوى عبر الزمن.