جزيرة مصيرة العمانية

جزيرة مصيرة العمانية

تُعتبر جزيرة مصيرة من الجزر الهامّة التي عرفها الإنسان منذ القِدَم، وجعل منها مستقراً له، فأنشأ فيها قرىً عدّة، ومارس فيها جميع نشاطاته، من حرفٍ وأعمالٍ زراعيّة وصناعيّة، وتحتل الجزيرة موقعاً سياحيّاً هاماً في البلاد، إذ تتميّز بروعة شواطئها المثيرة للدهشة.

الموقع

تقع جزيرة مصيرة في مياه الخليج العربي، وهي إحدى الجزر التّابعة لسلطنة عُمان، وتُعتبر إحدى ولايات السلطنة في المنطقة الشرقيّة، وتقع تحديداً في الجهة الجنوبيّة الشرقيّة من البلاد، ويقع حولها بعض الجزر، وتُعد جزيرة مرصيص من أهمّها، ثمّ جزيرة شعنزي، وأيضاً جزيرة كلبان.

مصيرة قديماً

لقد عُرفت جزيرة مصيرة قديماً، حيث يُذكر بأنّ القائد إسكندر المقدوني كان دائم التردّد عليها، متّخذاً إيّاها كقاعدة له، حيث انطلقت منها حملاته متّجهة بأساطيله إلى بلاد فارس، وأطلق عليها تسمية سيرابيس، وجاء ذكرها أيضاً في معجم البلدان لصاحبه ياقوت الحموي، حيث أكّد على ضرورة لفظها بالفتح ثمّ الكسرة أي مَصِيرة، وذكر أنّها من الجزر العظيمة التي تقع في بحر عُمان، وتحوي قرىً عديدة، وقد عُرفت مكانة هذه الجزيرة قديماً، إذ إنّها كانت مكان استراحة السفن والقوارب المسافرة، حيث تتوقّف السفن فيها لتتزوّد بمياه الشرب العذب.

التسمية

عُرفت جزيرة مصيرة عبر الزمن بعدّة مسميّات، ومنها: دمواجرا، وأورجان، وداماسيرة، وسيرابيس، وماكاجرة، ومار ساريا، وسيرا، وماشير، وسيرانيون، وماسير، إلاَّ أنّ تسمية “سيرابيس” التي أطلقه عليها إسكندر المقدوني هي الأشهر، ويعتقد البعض بأن تسمية هذه الجزيرة بمصيرة، تعود لاشتقاق هذه الكلمة من كلمة مصير، أي مصير الإنسان.

تروي الكتب القديمة أنّ هذه الجزيرة كان سابقاً أرض الجان والسحرة، ولن يستطيع مَن يدخلها الخروج منها مجدّداً، وتذكر بعض المصادر إلى أنّ مصيرة أتت من كلمة صيرة، والتي تعني بحسب اللهجة العاميّة صخرة مرتفعة في البحر، وربّما من هذه التسمية أتت تسمية الصّاري، إذ إنّه أوّل ما يُشاهد في السفينة وهي في البحر.

السكان والحرف

تحوي جزيرة مصيرة على عددٍ من القرى، ويُقدّر عددها باثنتيْ عشرة قريةً، يقطنها حوالي تسعة آلاف نسمة، ولا يزيد عدد السكّان العمانيين فيها عن ستّة آلاف نسمة ونصف.

عملَ سكّان جزيرة مصيرة قديماً بصناعة السفن، إلاَ أنّ هذه الحرفة قد انحدر العمل بها عندهم، لكنّ أهلها ما زالوا يشتهرون بصناعتهم لشباك الصيد، ويعمل معظم سكان مصيرة بالنسيج لكونها من أقدم وأهمّ الحرف التقليديّة في هذه الولاية، إلاَّ أنّ قسماً من سكّان هذه الجزيرة يعملون بالقطاع الزراعي، حيث تُعتبر أهمّ المحاصيل لديهم هي المانجو، إضافة إلى الرمّان، والنخيل.

السياحة والمواقع الأثريّة

تُعدّ السياحة في جزيرة مصيرة فرصة لا تعوّض، حيث تتمتع الجزيرة بعيون ماء عذبة مدهشة، كعين القطارة وعين وادي بلاد الواقعة في الجهة الجنوبيّة من الجزيرة على مقربة من جبل الحلم، إضافة لما تضفيه مشاهدة سلاحف البحر التي تكثر في الجزيرة، حيث تُعدّ بيئة طبيعيّة مناسبة لتناسلها وتكاثرها، كما تُعدّ مقصداً لهواة ممارسة التزحلق الشراعي، إضافة لممارسة الغوص والاطلاع على كنوز بحر عُمان.

تحوي جزيرة مصيرة على عددٍ من الآثار التي تعود إلى فترات تاريخيّة قديمة، ومن أهمهّا مسجد الإمام الشيخ منصور بن ناصر المجعلي والموجود في منطقة مرصيص، إضافة إلى مقبرة قديمة أثريّة، موجودة في منطقة صفايج، وبعض الآثار التي يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة، إضافة إلى حصن مرصيص وحصن دفيات.