أهمية الدورة الدموية
الدم
ارتبط الدم بحياة الإنسان منذ الأزل، واعتُقد أنّه لا حياة من دونه، لذلك كانت دِراسته ومعرفة وظائفه ومكوّناته الشغل الشاغل لعلماء الأحياء. الدم هو سائل يتكوّن من عِدة خلايا مهمة جداً في الجسم مثل كريات الدم الحمراء، وكريات الدم البيضاء، والصفائح الدموية، والتي تتحرّك جميعها في بلازما الدم.
تحتوي كريات الدم الحمراء على الهيموغلوبين الذي تتغيّر درجة احمراره حسب درجة تشبّعه بالأكسجين؛ إذ إنّ وظيفته الرئيسيّة نقل الأكسجين من الرّئتين لجَميع خلايا الجسم للقيام بعمليّة التنفّس الخلوي اللازمة لإنتاج الطاقة. الدم يكون لزجاً أكثر من الماء 5 مرات، وتبلغ كثافته (1.55-1.65) غم/سم³، ووظائفه كثيرة، وهو بغاية الأهميّة؛ إذ إنّه المادّة الناقلة في الجسم فهو ينقل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والهرمونات وغيرها، كما يعمل كمنظومةِ حمايةٍ ضدّ الأجسام الغريبة، وينظّم درجة حرارة الجسم. يبلغ حجم الدم في جسم الإنسان الطبيعي 5 لتر عند الجسم الذي كتلته 70 كغم.[١]
الدورة الدموية
بدأ علماء التشريح والأحياء منذ القِدم مُحاولاتهم لمعرفة طريقة عمل الدم وكيفيّة قيامه بوظائفه؛ فالدورة الدموية هو اسم يُطلق على عملية انتقال الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الرئتين وخلايا الجسم عبر الشرايين والأوردة، وبمساعدة القلب الذي يضخّ الدم ويسحبه. كان أوّل من سجّل اكتشافه للدورة الدموية هو العالم والطبيب العربي ابن النفيس المولود في دمشق، وكان مُتخصّصاً بعلم التشريح وعلاج الأمراض، وسُمّي اكتشافه بالدورة الدموية الصغرى.[٢] وأكمل طريق المعرفة الشاملة بالدورة الدموية العالم الإنجليزي ويليام هارفي في بداية القرن السابع عشر، وسُمّي اكتشافه بالدورة الدموية الكبرى.[٣]
أهمية الدورة الدموية الصغرى
الدورة الدموية الصغرى أو الدورة الرئويّة هي حَلقة وصل بين الرئتين والقلب، وتبدأ من البُطين الأيمن للقلب الممتلئ بالدم الخالي من الأكسجين (غير المؤكسد) والمُشبع بثاني أكسيد الكربون، وينتقل عبر الشريان الرئوي إلى الرئتين لإطلاق ثاني أكسيد الكربون والتزوّد بالأكسجين، وعند دُخول الشريان الرئوي إلى الرئتين يتفرّع لقسمين، ومن ثم يتفرّع القسمان لشعيرات دموية تصل للحويصلات الهوائية لتأخذ منها الأكسجين، ثمّ يعود الدم مرّةً أخرى للقلب عن طريق الوريد الرئوي المتدفّق للأذين الأيسر للقلب، ويُصبح الدم في هذه الحالة جاهزاً للقيام بالدورة الدموية الكبرى.[٤]
أهمية الدورة الدموية الكبرى
تكمُن أهميّة الدورة الدموية الكبرى في أنّها دورة مكملة للدورة الدموية الصغرى، وتنقل الأكسجين إلى جَميع أجزاء الجسم. يبدأ ضخّ الدم المؤكسد من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر، وذلك عبر الصمام التاجي، فيمتلِئ البطين الأيسر بالدم المليء بالأكسجين، ويتمّ إغلاق الصمّام التاجي لضمان عدم عودة الدم للأذين الأيسر. ينفتح الصمام الأبهري ليخرج الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأورطي الذي يتفرّع إلى عدة شرايين رئيسيّة لكل أجزاء الجسم، وتتفرّع الشرايين لشعيرات دموية تُغذّي جميع خلايا الجسم بالأكسجين والجلوكوز، وبعد ذلك يعود الدم؛ حيث تحمل الشعيرات الدموية بعد نقلها الأكسجين للخلايا ثاني أكسيد الكربون والفضلات من الخلايا إلى الأوردة الرئيسية التي تنقل الدم غير المؤكسد إلى الأذين الأيمن عبر وريدين رَئيسيين هما الوريدان الأجوفان العلوي والسفلي، ثم ينقل الدم غير المؤكسد من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن عبر الصمّام ثُلاثي الشرفات المفتوح، ليغلق بعدها هذا الصمّام نتيجة امتلاء البطين الأيمن بالدم غير المؤكسد ولضمان عدم عودة الدم مرّةً أخرى للأذين، وبهذه الخطوة يعود الدم إلى الدورة الدموية الصغرى من جديد.[٥]
القلب
يُعدّ القلب أهم أعضاء الدورة الدموية ومحورها الرّئيسي، ومن دونه لن يدور الدم في الجسم؛ حيث يبلغ حجم عضلة القلب حجم قبضة اليد، وهو يضخّ يوميّاً 2000 غالون دم، وذلك من خلال 100 ألف انقباض وانبساط كل يوم، ويحمي هذه العضلة المُهمّة والحساسة القفص الصدري. يوجد القلب بين الرئتين إلى اليسار قليلاً، ويُقسم لأربع حجرات البطينان الأيمن والأيسر، والأذينان الأيمن والأيسر، يفصل بين الشقّ الأيمن والأيسر جدار حاجز، والأقسام العلوية تُسمّى الأذين والسفلية تُسمّى البطين، وترتبط فيه شرايين وأوردة مختلفة مثل: الشريان التاجي، والشريان الأورطي، والأوردة والشرايين الرئوية، والوريد الأجوف العلوي، والوريد الأجوف السفلي، وتُنظّم دخول الدم وخروجه فيها الصمامات مثل الصمام الأبهري، والصمام الرئوي.[٥]
نبض القلب
تتكوّن جدران القلب من عضلات لا إراديّة الحركة تقوم بالانقباض والانبساط بشكل مستمر؛ حيث ينبض القلب 50 مرّة بالدقيقة في حال عدم القيام بنشاطات مختلفة، وتصل إلى 100 نبضة بالدقيقة في حالة الركض والخوف والمرض.[٥]
مسارات الدورة الدموية
يمرّ الدم بمسارات مختلفة أثناء مروره بالدورة الدموية الكبرى، وذلك إمّا للتخلّص من الفضلات السائلة داخل الكليتين لتخرج الفضلات السائلة على شكل بول أو التخلص من كريات الدم الحمراء التالفة في الطحال والكبد، كما تمرّ الأوعية الدموية بمنطقة الأمعاء لتزويد الدم بالعناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم للقيام بعمليات الأيض اللازمة لمختلف الوظائف الجسمية.[٤]
قصور الدورة الدموية
تتعرض الدورة الدموية للضعف أحياناً، وتُعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأوّل للوفاة في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لجمعية القلب الأمريكية، كما أنّ جهاز الدوران يُعدّ أكثر جهاز مُعرّض للمرض بجسم الإنسان، وذلك بسبب انتشاره بكافة أجزاء الجسم، وكذلك وَظيفته الحرجة جداً. أكثَر الأمراض انتشاراً بين أمراض الدورة الدموية هو تصلب الشرايين، والناتج عن ترسّب الدهون داخل هذه الشرايين ممّا يؤدّي لانسدادها وحدوث الذبحة الصدرية أو الجلطة أو السكتة الدماغية، أما السكتة الدماغية فهي تحدث داخل شرايين الدماغ، وتكون الدهون داخلها، ويكون سبب ذلك زيادة نسبة الكولسترول في الدم أو السكّري أو التدخين.[٣]
من الأمراض الأخرى واسعة الانتشار في الدورة الدموية هو ارتفاع ضغط الدم، والذي يُسبّب مجهود عملٍ أكبر للقلب وتوسّعاً للشرايين، والذي تنتج عنه ظواهر صحيّة أخرى؛ كالفشل الكلوي، والجلطة، ونوبات القلب، والسكتة الدماغية، والنزيف الداخلي.[٣]
المراجع
- ↑ “دم”، الطبي، 12-5-2010، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2016.
- ↑ “مكتشف الدورة الدموية الصغرى.. ابن النفيس “، الجزيرة نت، اطّلع عليه بتاريخ 19-11-2016.
- ^ أ ب ت Kim Ann Zimmermann (11-3-2016), “Circulatory System: Facts, Function & Diseases”، livescience, Retrieved 19-11-2016. Edited.
- ^ أ ب “الدورة الدموية Blood Circulation”، طبيب دوت كوم، 11-9-2009، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2017.
- ^ أ ب ت رهام دعباس (14-12-2016)، “ماذا تعرف عن الدورة الدموية؟”، طب ويب، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2017.