أسباب مرض البهاق
البهاق
يُعدّ البُهاق (بالإنجليزية: Viltigo) أحد الاضطرابات الجلدية التي تؤثر في لون الجلد، بحيث يزول اللون الطبيعي للجلد فتظهر المناطق المتأثرة بشكل واضح بلونٍ أفتح من لون جلد المُصاب أو بلونٍ أبيض؛ إذ عادةً ما يبدأ هذا الاضطراب بظهور بقع بيضاء صغيرة ما تلبث أن تزداد وتنتشر تدريجيًّا في أرجاء جلد المصاب خلال عدة شهور،[١] ويمكن تقسيم البهاق إلى نوعين رئيسيين، حيث يُعرَف النوع الأول بالبهاق غير القطعي (بالإنجليزية: Non-segmental vitiligo) أو البهاق المُعمَّم (بالإنجليزية: Generalised vitiligo) أو البهاق ثنائي الجانب (بالإنجليزية: Bilateral vitiligo) وهو أكثر أنواع البهاق شيوعًا؛ وفيه تظهر الأعراض غالبًا على جانبي الجسم كبقع بيضاء مُتناظرة، في حين أنّ النوع الثاني يُعرَف بالبهاق القطعي (بالإنجليزية: Segmental vitiligo) أو البهاق الموضعي (بالإنجليزية: Localised vitiligo) أو البهاق أحادي الجانب (بالإنجليزية: Unilateral vitiligo)؛ والذي عادةً ما يصيب الأطفال، ويعتبر أقل شيوعًا من النوع الأول، وفيه تؤثر البقع البيضاء على منطقة واحدة من الجسم فقط، وتجدر الإشارة إلى وجود حالات أخرى نادرة ينتشر فيها البهاق في كامل الجسم بحالة تُعرف بالبهاق المنتشر أو الشامل (بالإنجليزية: Universal or Complete vitiligo).[٢]
ولمعرفة المزيد عن البهاق يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو البهاق).
أسباب مرض البهاق
في سياق الحديث عن البُهاق يجدر التطرّق بإيجاز إلى نظرة عن الجلد وتكوينه؛ إذ يتكوّن الجلد بشكلٍ طبيعي من طبقتين رئيسيتين؛ هما: طبقة البشرة (بالإنجليزية: Epidermis) وطبقة الأدَمة (بالإنجليزية: Dermis)، ومرورًا إلى الأسفل من طبقة الأدمة هناك طبقة من الدهون تليها طبقة أخرى أكثر عُمقًا تحتوي على العديد من التراكيب كالعضلات والأوتار، وفي الواقع يتشكّل لون الجلد نتيجة وجود الخلايا الميلانينية (بالإنجليزية:Melanocyte) التي توجد في قاعدة طبقة البشرة، والتي تُنتِج صبغة الميلانين (بالإنجليزية: Melanin) وهي المادة المسؤولة عن إكساب الجلد لونه؛ من خلال انتقال هذه الصبغة من مكان تشكّلها إلى الخلايا المجاورة، كما أنّ لها دورُ هامّ في توفير الحماية للجلد من أشعة الشمس، وحقيقةً يمكن تفسير اختلاف وتنوّع ألوان البشرة بين البشر بسبب اختلاف عدد الخلايا الميلانينية الموجودة لديهم؛ ومن ذلك أنّ أصحاب البشرة الغامقة يملكون خلايا ميلانينية تُعد أكثر عددًا عند مقارنتهم بأصحاب البشرة الفاتحة، ويتم تحفيز نشاط هذه الخلايا ويزداد معدل إفرازها للميلانين عند التعرّض لأشعة الشمس، أمّا بالنسبة إلى مرضى البهاق فإنّ البقع البيضاء التي تكون ظاهرة على الجلد فإنّها تكون ناجمة عن غياب صبغة الميلانين، نتيجةً لقلّة عدد الخلايا الميلانينية أو غيابها كُليًّا، إذ قد يكون ذلك ناجمًا عن إصابة هذه الخلايا بالضرر والتلف.[٣]
ويجدر بالذكر أنّ البهاق لا يُعدّ من الأمراض المُعدية أو الناجمة عن الإصابة بعدوى ميكروبية،[٤] بل يمكن أن يُعدّ البهاق من أحد الأمراض الوراثية، إلّا أنّ فرصة إصابة أفراد الأسرة الآخرين بالبهاق لا يُعد أمرًا يسهل التنبّؤ به، وذلك لوجود العديد من العوامل التي قد تؤثّر في ظهور هذا الاضطراب، ومنها: تفاعُل عدّة جينات مع بعضها البعض، وكذلك وجود بعض المحفّزات والعوامل البيئية غير المحدّدة،[٥] وفي الحقيقة هناك العديد من النظريات التي وُضعت لتفسير أسباب حصول تلف في الخلايا الميلانينية ومنها: آليات المناعة الذاتيّة، وآليات سُمّية الخلايا (بالإنجليزية: Cytotoxic mechanisms)، وعمليات الأكسدة ومضاداتها (بالإنجليزية: Oxidant-antioxidant mechanisms)، والآليات العصبية، وعيوب الخلايا الميلانينية الداخلية (بالإنجليزية: Intrinsic melanocyte defects)، وسيتم الوقوف على كلّ منها لاحقًا في المقال،[٦] وفي الوقت الراهن هناك العديد من الإثباتات التي تدعم وجود أثرٍ لكل النظريات والأسباب السابقة مجتمعة بحصول مرض البهاق، إذ لم توضّح أيّ من الفرضيات السابقة كلاً منها على حِدة تأثيرها بشكلٍ كافٍ وراء حدوث اضطراب البهاق.[٧]
نظرية سُمّيّة الخلايا وآليات المناعة الذاتية
تقترح هذه النظرية أنّ البُهاق يُعدّ أحد اضطرابات المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune disorder)؛ إذ يبدو أنّ جهاز المناعة يُهاجم الخلايا الميلانينية في الجلد ممّا يؤدي إلى تلفها، وفي سياق البحث عن المحفّزات والعوامل المسبّبة لتنشيط هذا الرد المناعي، فحقيقةً لم يتم التوصّل إلى الأسباب الدقيقة التي تحثّ جهاز المناعة على مهاجمة الخلايا الميلانينية في الجلد، إلّا أنّه وُجد أنّ الجهاز المناعي لدى المصابين بالبهاق قد يستجيب بصورة غير طبيعية بمجرد تعرضه لبعض المؤثّرات؛ كالمواد الكيميائية أو الإشعاعات فوق البنفسجية، إضافة إلى أنّ الخلايا الميلانينية لدى هؤلاء المصابين قد تكون أكثر تأثّرًا بالإجهاد مقارنةً ببقية الأفراد.[٨]
عيوب الخلايا الميلانينية الداخلية
تقترح هذه النظرية وجود عيب داخلي في الخلايا الميلانينية لدى المصابين بالبهاق حتى حين الفصل بينها وبين الجهاز المناعي وتأثيره، وعليه فإنّها تُبيّن أنّ أجساد هؤلاء المصابين تحتوي على خلايا ميلانينية غير طبيعية من الأصل.[٩]
نظرية السُّمية العصبية
تُفسّر هذه النظرية حدوث البُهاق القطعي؛ إذ تظهر البقع البيضاء في هذا النوع في مناطق معينة ومحصورة كما تمّ الإشارة سابقًا، واستنادًا إلى هذه الفرضية ينجم البُهاق بسبب تعرّض الخلايا الميلانينية في الجلد لمواد كيميائية تُفرَز من قبل النهايات العصبية في الجلد؛ إذ يُعتَقد أنّ هذه المواد المُفرَزة ذات سِمات مُسمّمة للخلايا الميلانينية.[١٠]
الإجهاد التأكسدي
تفترض هذه النظرية أنّ المواد الناتجة من عمليات الاستقلاب جراء تصنيع صبغة الميلانين تؤدّي إلى تحطيم الخلايا الميلانينية وإتلافها.[٦]
عوامل خطر الإصابة بالبهاق
يمكن إجمال عوامل خطر الإصابة بالبهاق كما يأتي:
- العامل الوراثي: إنّ كلاًّ من إصابة أحد أفراد العائلة بالبهاق أو ظهور شعر رمادي لدى أحد أفراد العائلة في عمر مبكّر قد يزيد من احتمالية إصابة أفرادٍ آخرين من العائلة نفسها بهذا الاضطراب،[١١] ووفقًا للمعاهد الصحية الوطنية الأمريكية (بالإنجليزية: National Institutes of Health) فإنّ ما نسبته 25-50% من المصابين بالبهاق لديهم أقارب مصابون أيضًا بهذا الاضطراب، كما أنّ 6% من المصابين لديهم أشقاء مصابون به كذلك.[٥]
- التاريخ العائلي للإصابة بنوعٍ آخر من الأمراض المناعية الذاتية: ومن الأمثلة على ذلك إصابة أحد الوالدين بفقر الدم الخبيث (بالإنجليزية: Pernicious anaemia)، أو الإصابة بالميلانوما، الذي يُعرف أيضًا بسرطان الخلايا الصبغية (بالإنجليزية: Melanoma) أو الإصابة بالورم اللِمفي الجلديّ للكريات الليمفاوية التائية (بالإنجليزي: Cutaneous T-cell lymphoma) الذي يصيب الجهاز الليمفاوي في الجسم.[١٢]
- العامل البيئي: الذي يتمثّل بالعمل في المناطق الصناعية التي ترتفع فيها فرصة التعرّض للمواد الكيميائية وبالأخص الفينولات (بالإنجليزية: phenolic chemicals).[١٣]
هل للطعام دور في الإصابة بالبهاق؟
هناك خرافة شائعة بين الناس تفيد بأنّ الإصابة بالبهاق تتبط بتناول بعض أنواع الطعام، وتحديداً مشتقات الحليب أو الأطعمة الحمضية، أو تناول الحليب مع السمك، وفي الحقيقة يقول العلماء أنّ هذه الخرافات لا تستند لأي دليل علمي، ولا يوجد أي دليل يربط بين تناول أي نوع محدد من الطعام والإصابة بالبهاق، كما أنّ البهاق يصيب ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم، والذين يتبعون أنظمة غذائية متنوعة ومختلفة عن بعضهم البعض، مما يدعم قول الخبراء بأنّ لا رابط بين الطعام الذي يتناوله الفرد واحتمالية إصابته بالبهاق.[١٤]
نصائح للوقاية من البهاق
في الواقع لا يمكن تحديد طرق الوقاية التي تمنع وتقي من الإصابة بالبهاق وذلك بسبب عدم التوصّل إلى الأسباب الحتمية وراء الإصابة به، إلا أنّه من الجيد اتّباع وسائل العناية بالجلد والتعرّض للشمس بشكل آمن،[١] ويُنصح المصابون بالبهاق باستخدام بعض المنتجات والعلاجات التي تُساعد في الحد من انتشار البقع والمناطق البيضاء في الجلد،[١٥] كما يوصى بتجنّب التدخين،[١٦] إضافة إلى اتّباع نظام غذائي صحّي؛[١٧] يتضمّن تناول مضادات الأكسدة والفيتامينات.[١٨]
المراجع
- ^ أ ب “Vitiligo”, my.clevelandclinic.org, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “Vitiligo”, www.nhs.uk, Retrieved 25/2/2020. Edited.
- ↑ “Vitiligo”, patient.info, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “What Is Vitiligo and Who’s at Risk?”, www.everydayhealth.com, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ^ أ ب “viltigo”, rarediseases.info.nih.gov, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ^ أ ب “viltigo”, /www.medscape.com, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “vilitigo”، www.sciencedirect.com, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “Vitiligo”, ghr.nlm.nih.gov, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “Melanocyte Stress”, www.umassmed.edu, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “viltigo”, www.nhs.uk, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “Vitiligo and Loss of Skin Color”, www.webmd.com, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “vilitigo”, www.nhsdirect.wales.nhs.uk, Retrieved 19/2/2020. Edited.
- ↑ “Vitiligo”, www.emedicinehealth.com, Retrieved 19-2-2020. Edited.
- ↑ “Common Myths and Facts About Vitiligo”, www.practo.com, Retrieved 9-5-2020. Edited.
- ↑ “vilitigo”, www.medicalnewstoday.com, Retrieved 20/2/2020. Edited.
- ↑ “Erythrocyte Malondialdehyde and Glutathione Levels in Vitiligo Patients”, www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 19-3-2020. Edited.
- ↑ “Vitiligo Diet: Best Foods to Eat When You Have Vitiligo”, tevidobiodevices.com, Retrieved 19-3-2020. Edited.
- ↑ “Antioxidants”, vitiligoclinic.bg, Retrieved 19-3-2020. Edited.