ما هو ابو صفار

أبو صفار

أبو صفار، أو اليرقان، أو الاصفرار، أو اصفرار الجلد، أو الصُفرة، أو الصفار، أو اصفرار الجسم (بالإنجليزية: Jaundice)، هو حالة عَرَضية تصيب الجلد وبياض العينين وسوائل الجسم، بحيث يُصبح لونها أصفر، ولا يُعد أبو صفار مرضًا بحدّ ذاته، بل هو عَرَض يدل على مشكلة مرضية في الكبد، أو في المرارة أو البنكرياس، وفي بعض الأحيان قد يرتبط أبو صفار بوجود مشكلة في الدم، وفي جميع الأحوال ينبغي على من يعاني من الصفار مراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة.[١] ولفهم الصفار لا بُدّ من بيان أنّه يحدث نتيجة ارتفاع مستوى البيليروبين في الدم مسببًا ما يُعرف بفرط بيليروبين الدم (بالإنجليزية: Hyperbilirubinemia)، والبيليروبين هو مركب لونه أصفر مائل إلى البنيّ، ينتج عند تكسّر خلايا الدم الحمراء، ويتم التخلص من البيليروبين في الوضع الطبيعي بواسطة الكبد، ويُطرح في البول والبراز، ولكن يختلف الأمر عند وجود مشكلة في الكبد، أو عندما يصبح تكسّر خلايا الدم الحمراء أسرع من المعتاد، فعندئذ يرتفع مستوى البيليروبين في الدم بصورة غير طبيعية.[٢]

وعلى الرغم من أنّ أبو صفار قد يصيب أي فئة عمرية، لكن تعد الإصابة أكثر شيوعًا عند الأطفال حديثي الولادة وكبار السنّ، فقد تبيّن ارتفاع احتمالية إصابة الأطفال حديثي الولادة في أول أسبوع من ولادتهم؛ ويُرجح السبب عادةً إلى عدم نضج عمليات الكبد لديهم، أما في المراحل العمرية الأخرى فإنّ أسباب الإصابة تبدو مختلفة.[٣]

أنواع أبو صفار وأسبابه

لفهم أسباب الإصابة بأبو صفار ينبغي التعرّف على أنواعه؛ إذ يُصنّف أبو صفار إلى أنواع تبعًا لموضع الخلل الذي يُعيق عملية التخلص من البيليروبين في الجسم، وفيما يأتي توضيح لأنواع أبو صفار الرئيسية وعددها ثلاثة:[٤]

  • الصفار قبل الكبد: (بالإنجليزية:Pre-hepatic jaundice) يحدث هذا النوع من الصفار عندما يحدث الخلل قبل وصول البيليروبين إلى الكبد عبر الدم.
  • داخل الكبد: (بالإنجليزية: Intra-hepatic jaundice) عندما يحدث الخلل في الكبد.
  • ما بعد الكبدي: (بالإنجليزية: Post-hepatic jaundice) أو الانسدادي، ويحدث هذا النوع من الصفار عند وجود انسداد يعيق تصريف العصارة الصفراوية والبيليروبين من المرارة إلى الجهاز الهضميّ.

على الرغم من أنّ أبو صفار حالة نادرة الحدوث عند البالغين، لكنها قد تحدث لأسباب عديدة، نذكر أهمها فيما يأتي:[٥]

  • التهاب الكبد: (بالإنجليزية: Hepatitis) الذي يحدث عادةً بسبب عدوى فيروسية، وقد يكون التهاب الكبد حادًّا ويستمر لفترة زمنية قصيرة، أمّا إذا استمر لفترة ستة أشهر أو أكثر فيُسمى مزمنًا، ومع مرور الوقت فإنّ التهاب الكبد يُتلف الكبد وقد يتسبب بالإصابة باليرقان، ويجدر بالذكر أنّ التهاب الكبد قد يحدث لأسباب أخرى غير العدوى الفيروسية؛ مثل الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، أو بسبب أخذ بعض أنواع الأدوية.
  • أمراض الكبد المرتبطة بشرب الكحول: مثل التهاب الكبد الكحوليّ (بالإنجليزية: Alcoholic hepatitis)، أو تشمّع الكبد الكحوليّ (بالإنجليزية: Alcoholic cirrhosis)، وتظهر هذه الأمراض في العادة بين مدمني الكحول لفترة طويلة؛ تقريبًا ثماني أو عشر سنوات.
  • انسداد القنوات الصفراوية: وتعرف القنوات الصفراوية بأنها قنوات دقيقة تنقل العصارة الصفراوية من الكبد والمرارة إلى الأمعاء الدقيقة، لكن قد يحدث انسداد فيها بسبب تجمّع حصى المرارة، أو الإصابة بحالات مرضية أخرى، وقد يسبب انسداد القنوات الصفراوية الصفار.
  • سرطان البنكرياس: الذي يسبب انسداد القنوات الصفراوية مسببًا الصفار، ويحتلّ سرطان البنكرياس المركز العاشر من حيث انتشاره بين الرجال والمركز التاسع بين النساء.
  • تناول بعض الأدوية: ارتبطت بعض الأدوية بالإصابة بأمراض الكبد؛ مثل الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol)، والبينيسلين (بالإنجليزية: Penicillin)، وحبوب منع الحمل الفموية، والستيرويدات، لا سيّما إذا تم أخذها بجرعات تفوق الحدّ الموصوف أو لفترات طويلة، ولذلك فإنّنا نُوصي بمراجعة الطبيب سؤاله عن طبيعة الأدوية التي يأخذها الشخص بين الفينة والأخرى.

أعراض الإصابة بأبو صفار

يعد الاصفرار أكثر الأعراض الشائعة لأبو صفار، إذ تظهر البشرة باللون الأصفر أو المائل إلى البني أو البرتقالي، بالإضافة إلى اصفرار بياض العينين وسوائل الجسم مثل البول والبراز، وقد تظهر علامات وأعراض أخرى مرافقة للعوامل المُسبّبة لليرقان، وتشمل الآتي:[٦]

  • الغثيان والتقيؤ.
  • الحمّى والقشعريرة.
  • الإسهال.
  • فقدان الشهية.
  • آلام وانزعاج في البطن.
  • الضعف والتعب العام.
  • الصداع.
  • الارتباك أو التشوش الذهني (بالإنجليزية: Confusion).
  • فقدان الوزن.
  • حكة الجلد.
  • انتفاخ وتورم الساقين والبطن.

تشخيص أبو صفار

يبدأ الطبيب تشخيص أبو صفار بأخذ التاريخ المرضي للفرد، والفحص البدني لمنطقة البطن تحديدًا، بحثًا عن أي شيء غريب وكذلك للتحقق من ملمس الكبد؛ فقد يشير الملمس الصلب إلى الإصابة بتشمع أو تندّب الكبد، أما الملمس الصخري القاسي فقد يدل على وجود سرطان، وعمومًا يطلب الطبيب عدّة فحوصات لوظائف الكبد، وفحوصات عديدة للتعرف على السبب الرئيسي لأبو صفار، وللتأكد من مستويات البيليروبين في الدم، ومن أهم الفحوصات التي تساعد في تشخيص أبو صفار ما يأتي:[٧]

  • تحاليل الدم المخبرية: ومن هذه الفحوصات نذكر الآتي:
    • فحوصات البيليروبين: يشير ارتفاع مستوى البيليروبين الحر أو غير المقترن مقارنة بمستوى البيليروبين المقترن إلى الإصابة بأحد أشكال اليرقان.
    • العدّ الدموي الشامل: الذي يقيس مستوى كريات الدم الحمراء، وكريات الدم البيضاء، والصفائح الدموية.
    • فحوصات التهاب الكبد بانواعه: إذ تُشير فحوصات التهاب الكبد أ، والتهاب الكبد ب، والتهاب الكبد ج إلى مدى كفاءة الكبد وعمله.
  • تصوير الأشعة: إذا اشتبه الطبيب بوجود انسداد ما، فقد يوصي بإجراء تصوير للكبد، بواسطة التصوير بالموجات الصوتية، أو التصوير المقطعي المحوسب، أو التصوير بالرنين المغناطيسيّ.
  • تصوير البنكرياس والأقنية الصفراوية بالتنظير الباطني بالطريق الراجع: ( بالإنجليزية: Endoscopic retrograde (cholangiopancreatography الذي يجمع بين التنظير والتصوير بالأشعة السينية.
  • فحص خزعة الكبد: إذ توضع إبرة دقيقة جدًا في الكبد لأخذ عينة من نسيج الكبد، ووضعها تحت المجهر، للكشف عن أي التهاب أو تشمع أو سرطان أو تراكم دهون في الكبد.

علاج أبو صفار

بعد أن يُشخص المصاب بأبو صفار، فإن العلاج يعتمد على السبب الرئيسي للإصابة، ويعتمد أيضًا على المضاعفات المحتملة، وقد تستدعي بعض الحالات دخول المستشفى لتلقي العلاج، بينما لا تتطلب حالات أخرى سوى الراحة في المنزل، مع المتابعة الدورية مع الطبيب المختص، ومناقشة المضاعفات المحتملة، ومراقبة مدى تطور أعراض المرض أو استمرارها، وفيما يأتي الخيارات العلاجية المتاحة لأبو صفار:[٨]

  • المراقبة الطبية أو الانتظار اليقظ: ويُقصد بذلك الحصول على الراحة في المنزل، مع المراقبة الطبية.[٨]
  • العلاج الطبي: إما بتقديم السوائل الوريدية، وإما بأخذ بعض الأدوية كالمضادات الحيوية، أو نقل الدم في بعض الحالات.[٨]
  • علاج أبو صفار الناجم عن فقر الدم: يُعالج هذا النوع من أبو صفار عن طريق تعزيز كمية الحديد في الدم، إما بواسطة تناول مكملات الحديد، وإمّا بتناول المزيد من الأطعمة الغنية بالحديد.[٧]
  • علاج أبو صفار الناجم عن التهاب الكبد: يُعالج عادةً بمضادات الفيروسات أو بالأدوية الستيرويدية.[٧]
  • علاج أبو صفار الناجم عن انسداد القنوات الصفراوية: قد يلجأ الطبيب لإجراء عملية جراحية لإزالة الانسداد.[٧]
  • علاج أبو صفار الناجم عن تناول بعض الأدوية: يوصي الطبيب باستبدال الأدوية التي يتناولها المصاب في هذه الحالة.[٧]

الوقاية من أبو صفار

في الحقيقة لا توجد إجراءات محددة تقي من الإصابة بأبو صفار؛ خاصةً أن الأسباب المؤدية لحدوثه عديدة، لكن يمكن اتباع بعض الإجراءات التي تقلل من خطر الإصابة به بشكل عامّ، وهي كما يأتي:[٩]

  • الحدّ من شرب الكحول: إذ يُنصح بالامتناع عن شرب الكحول.
  • الحفاظ على نماط حياة صحي: وذلك بالحفاظ على وزن صحي يتناسب مع الطول وبنية الجسم، والحرص على تجنب الأطعمة الغنية بالدهون؛ فقد تزيد من مستوى كوليسترول الدم، الأمر الذي يزيد من مخاطر تكون حصى المرارة، والحرص على تقسيم وجبات الطعام الرئيسية إلى وجبات صغيرة الحجم، والحرص على أن تكون الوجبات الخفيفة صحية في حال الرغبة في تناولها، وكذلك يُنصح بممارسة التمارين الرياضية الهوائية المعتدلة -مثل رياضة المشي السريع وركوب الدراجة- لمدة 150 دقيقة على الأقل أسبوعيًا، فذلك يساهم في فقدان الوزن الزائد تدريجيًا، بما يعادل نصف كيلو غرام أسبوعيًا.
  • أخذ لقاحات التهاب الكبد: ينصح بأخذ لقاحات التهاب الكبد أ، والتهاب الكبد ب في حال السفر إلى أماكن تنتشر بها الإصابة بالتهاب الكبد.
  • تقليل خطر الإصابة بالتهاب الكبد ج: إذ لا يوجد لقاح يقي من الإصابة بالتهاب الكبد ج، لذا ينبغي الحرص على تجنب التعرض له، وذلك بتجنب استخدام الأدوية غير المشروعة، مثل الهيروين، وتجنب مشاركة أدوات الحقن مع الآخرين.

أبو الصفار عند الأطفال

تعدّ الإصابة بأبو صفار أقل شيوعًا لدى الرضع من عمر ستة أشهر إلى سنة ولدى الأطفال الأكبر عمرًا، وفي الحقيقة فإنّ أسباب الإصابة تبدو مختلفة عن أسباب الإصابة لدى البالغين، لكنها قد تشير إلى علامات تحذيرية حول وظائف الكبد، لذا من المهم مراجعة الطبيب في حال ظهر على الطفل أي من أعراض أو علامات الإصابة بأبو صفار، لإجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة السبب الرئيسي للإصابة،[١٠] ومن الأمثلة على الأعراض المبكرة لأبو صفار اصفرار الجلد، وأول ما يظهر الاصفرار على الوجه ثم ينتشر إلى باقي الجسم، مع ظهور الإفرازات المخاطية وتجويف الفم باللون الأصفر، وقد يصفر لاحقًا بياض العينين والأظافر، بالإضافة للعلامات والأعراض الآتية:[١١]

  • الشعور بحكة في الجلد.
  • المعاناة من أعراض مشابهة لأعراض الانفلونزا؛ مثل الحمّى، وألم المفاصل، وغيرهما.
  • آلام في المعدة والشعور بالانزعاج في البطن.
  • ظهور البراز بلون أصفر، والبول بلون أصفر غامق.
  • فقدان الشهية بشكل مفاجىء، مع الغثيان والتقيؤ.
  • فقدان الوزن والتعب والإرهاق.
  • الشعور بمذاق مرّ في الفم.

أبو الصفار عند المواليد

تشيع الإصابة بالصفار عند حديثي الولادة بسبب زيادة مستوى البيليروبين في الدم لديهم، وهي الصبغة الصفراء لكريات الدم الحمراء التي سبق بيانها، وأيضًا بسبب عدم نضوج الكبد لديهم، فلا يتمكن من التخلص من البيليروبين كما يجب، ويعدّ بعض المواليد أكثر عرضةً للإصابة بأبو صفار؛ كالمواليد الذين وُلدوا قبل مرور 38 أسبوعًا من الحمل، وهم الأطفال الخدّج، وبعض المواليد الذين يرضعون رضاعة طبيعية، ولكن عمومًا معظم المواليد الذين ولدوا بين الأسبوع 35 وآخر أسبوع في الحمل لا يحتاجون لعلاج الصفار لديهم، إلا في بعض الحالات التي تشكل خطرًا على دماغ الرضيع أو عند وجود سبب مرضيّ للإصابة بالصفار.[١٢]

عادةً ما يظهر اصفرار الجلد وبياض العينين عند الأطفال حديثي الولادة بين اليوم الثاني والرابع من ولادتهم، ويمكن الضغط برفق على جبين أو أنف المولود للتأكد من إصابة المولود باليرقان، فإذا ظهر الجلد بلون أصفر مكان الضغط فإن المولود لديه يرقان بسيط، أما إذا ظهر الجلد بلونٍ أفتح من اللون الطبيعي لبشرته مكان الضغط عليه، فإن المولود لا يكون مصابًا باليرقان، مع أهمية إجراء هذا الفحص في مكان جيد الإضاءة، ويُفضل في ضوء النهار الطبيعي.[١٣]

لحسن الحظ فإنّ أبو صفار لدى المواليد قد يزول وحده دون الحاجة إلى علاج، فعادةً ما تزول الأعراض خلال عشرة إلى 14 يومًا، ولكن في حال ظهر ارتفاع شديد في مستوى البيليروبين في الدم فإنّ الطبيب يوصي بعلاجين رئيسيين في المستشفى؛ لتقليل مستوى البيليروبين بصورة سريعة، وهما:[١٤]

  • العلاج الضوئي: وهو علاج يتم باستخدام نوع معين من الضوء يخترق الجلد، إذ يتحول البيليروبين بواسطة العلاج الضوئي إلى شكل يسهُل تكسيره من قبل الكبد.
  • تبديل الدم: إذ يُستبدل دم المولود بهذا الإجراء بواسطة أنبوب دقيق يوضع داخل الأوعية الدموية، باستخدام دم آخر من شخص متبرع تُلائم زمرة دمه دم الرضيع، ويستجيب معظم المواليد لهذا الإجراء، ويغادرون المستشفى خلال بضعة أيام.

فيديو عن علاج صفار المواليد

يتحدّث الفيديو عن علاج صفار المواليد.

المراجع

  1. “Jaundice in adults”, www.healthdirect.gov.au,1-3-2020، Retrieved 10-8-2020. Edited.
  2. Charles Daniel (18-4-2020), “Overview of Hyperbilirubinemia”، www.verywellhealth.com, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  3. Abel Joseph, Hrishikesh Samant. (25-6-2020), “Jaundice”، www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  4. “Jaundice”, www.hse.ie, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  5. Jennifer Robinson (4-2-2018), “Jaundice: Why It Happens in Adults”، www.webmd.com, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  6. “Jaundice In Adults: Causes, Symptoms And Treatment”, www.netmeds.com,30-3-2020، Retrieved 10-8-2020. Edited.
  7. ^ أ ب ت ث ج “Everything you need to know about jaundice”, www.medicalnewstoday.com,31-10-2017، Retrieved 10-8-2020. Edited.
  8. ^ أ ب ت Steven Doerr (10-10-2019), “What Are the Symptoms and Signs of Jaundice in Adults and Newborns?”، www.emedicinehealth.com, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  9. “Jaundice”, www.your.md, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  10. “Jaundice in children”, www.babycenter.in,1-9-2018، Retrieved 10-8-2020. Edited.
  11. Sagari Gongala (30-4-2020), “Jaundice In Children: Causes, Symptoms And Home Remedies”، www.momjunction.com, Retrieved 10-8-2020. Edited.
  12. “Infant jaundice”, www.mayoclinic.org,17-3-2020، Retrieved 12-8-2020. Edited.
  13. “Infant jaundice”, www.nchmd.org,4-3-2014، Retrieved 10-8-2020. Edited.
  14. “Newborn jaundice”, www.nhs.uk, Retrieved 10-8-2020. Edited.