متى ظهرت رياضة تسلق الجبال
رياضة تسلُق الجبال
تُعرَّف رياضة تسلُق الجبال (بالإنجليزية: Mountaineering) على أنها إحدى الأنشطة الرياضية التي يتم مُمارستها للوصول إلى قمم الجبال من خلال تسلق الصخور أو الجليد المُكوّن لها،[١] ويكون ذلك بهدف تحقيق مُتعة التسلُق، وتتطلب رياضة التسلُق امتلاك صاحبها للخبرة التي تُمكِّنه من البقاء آمناً؛ حيث يتوجب عليه تحدي ظروف التسلُق المُتمثلة في التضاريس والظروف الجوية الصعبة، وعلى الرغم من أن مُصطلح تسلُق الجبال يلائم بشكلٍ أكبر صعود الشخص وتسلقه للأماكن المُرتفعة؛ إلا أنه يُمكن أن ينطوي على تسلُق الجبال المُنخفضة أيضاً والتي لا يتطلب صعودها تحدياتٍ ومخاطر كبيرة ومشابهة لتسلق الجبال المرتفعة، ويُعتبر تسلق الجبال من الأنشطة الرياضية التي تتم مُمارستها بشكلٍ جماعي عادةً؛ حيث يتكاتف أعضاء الفريق الواحد مع بعضهم البعض لتحقيق إنجاز يُسجَّل لكامل أعضاء المجموعة.[٢]
يمكن اعتبار ممارسة رياضة تسلُّق الجبال في بعض الاحيان كرياضةٍ تنافسية على الرُغم من كونها غالباً ما تكون هوايةً ونشاطاً ترفيهياً، ويُعدُّ التمييز بين كِلا النوعين من المُمارسة أمراً صعباً؛ وذلك لعدم وجود هيئةٍ إدارية تُنظِّم مُنافسات هذه الرياضة؛ وبالتالي عدم وجود لباسٍ موحدٍ يلتزم المُتسلِّقون بارتدائه، وعدم وجود حُكّامٍ يُنظِّمون قواعد تلك المُنافسات، وعادةً ما يكون التنافُس في تسلق الجبال من خلال تحدي مجموعةٍ من المُتسلقين لبعضهم البعض حول من يستطيع الوصول إلى قمةٍ مُعينة أولاً، أو حول من يتمكن من استخدام تقنيةٍ مُعينة لتسلق إحدى القمم.[١]
تجدُر الإشارة إلى أن مُمارسة تسلُق الجبال تتم عبر استخدام المُتسلق ليديه وقدميه بشكلٍ رئيسي، بالإضافة إلى استخدام بعض الأدوات المُتخصِّصة والتي ظهرت مؤخراً لصعود الجبال،[١]، ولا تقتصر رياضة التسلُق على صعود القمم المُرتفعة فقط؛ فهي تتضمن أنماطاً أخرى تتمثل في المشي على المُنحدرات الصخرية الحادة والخطِرة بالإضافة إلى السير على طول التلال المُرتفعة التي تحتوي على العديد من النتوءات الصخرية.[٣]
تاريخ رياضة تسلُق الجبال
يعود التاريخ المُبكر لظهور رياضة تسلُق الجبال للعديد من الأسباب، منها أنه كان يتم مُمارستها عن طريق صعود القمم الجبلية لغايات الحصول على مُلاحظاتٍ علمية خاصة بالطقس أو الجيولوجيا، أو للحصول على لمحةٍ عامة عن بعض المناطق المُرتفعة، أو حتى تأدية بعض الطقوس الدينة، وشهد القرن الثامن عشر للميلاد إجراء العديد من العلماء لرحلاتٍ ميدانية إلى جبال الألب الأوروبية لجمع الملاحظات العلمية، وبعد أن شهدت سلسلة جبال مون بلان التابعة لجبال الألب لانهيارٍ جليديٍ كبير تحوَّل اهتمام هؤلاء العلماء إلى المناطق المُرتفعة في منطقة شاموني الفرنسية.[٢]
يعود التاريخ الحديث لظهور رياضة تسلُق الجبال إلى مُنتصف القرن الثامن عشر وتحديداً في عام 1760م؛ وذلك عندما زار العالِم السويسري الشاب هوراس دي سوسير (بالفرنسية: Horace de Saussure) مدينة شاموني الفرنسية وافتُتن بقمة جبل مون بلان؛ التي تُعتبر أعلى قمةٍ جبلية في قارة أوروبا بارتفاعٍ يصل إلى 4,807 متراً عن مستوى سطح البحر،[٤] وقرَّر هوراس تقديم جائزةٍ مالية لأول شخصٍ يتمكَّن من تسلُّق تلك القمة الجبلية، وبقي ذلك التحدي الذي قدمه هوراس قائماً لأكثر من خمسةٍ وعشرين عاماً؛ حتى تمكَّن في عام 1786م [٢] كلٌّ من الطبيب الفرنسي ميشيل غابرييل باكارد (بالإنجليزية: Michel-Gabriel Paccard) ومُعاونُه جاك بالمات (بالإنجليزية: Jacques Balmat) من الفوز بالجائزة بعد أن استطاعا الوصول إلى القمة الجبلية والتي تسلقها هوراس بنفسه في العام التالي.[٤]
كانت الفرنسية ماري باراديس (بالإنجليزية: Marie Paradis) أول إمرأةٍ تتمكَّن من تسلُق تلك القمة وذلك في عام 1808م،[٤] وتَعزَّز تطوُر تلك الرياضة في عام 1865م؛ حين نجحت مجموعةٌ من المُتسلقين البريطانيين صعود قمة ماترهورن السويسرية؛ التي يبلغ ارتفاعها 4,478 متراً، وعقب ذلك بدأت مُمارسة رياضة تسلُق الجبال بالتحوُل إلى العديد من القمم الجبلية المُرتفعة عبر مناطق مُختلفةً من العالم،[٢] وفي بدايات القرن العشرين ركَّز العديد من المُتسلقين من جنسياتٍ مُختلفة اهتمامهم على تسلُق قمم جبال الهملايا التي تُعدُّ أكبر كتلةٍ جبليةٍ في العالم وأعلاها، وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى ركَّز البريطانيون على تسلُق قمة إفرست؛[٢] لينجحوا في ذلك في عام 1953م؛ حيث تمكّن كل من إدموند هيلاري (بالإنجليزية: Edmund Hillary) ومُرشده التبتي تينسينغ نورغاي (بالإنجليزية: Tenzing Norgay) من تسلُّق أعلى قمةٍ جبلية على سطح الأرض.[٥]
بدأت رياضة تسلُّق الجبال مع بداية عقد الستينيات من القرن العشرين بالخضوع للعديد من التغيُرات؛ حيث انتقل شكل المُمارسة من النوع التقليدي لتسلُق القمم إلى أنواعٍ أُخرى تُشكِّل تحدياً أكبر للمُتسلقين، وذلك من خلال البدء بالبحث عن طُرق مُتزايدة الصعوبة للوصول إلى القمم الجبلية، كما تم إدخال استخدام المُساعدات الاصطناعية المُتمثلة بالأدوات الحديثة لتسلُق الجبال.[٢]
مخاطر رياضة تسلُق الجبال
تُعتبر رياضة تسلُق الجبال نشاطاً رياضياً محفوفاً بالمخاطر ولا يجب الاستهانة بها بأي حالٍ من الأحوال، وبغض النظر عن مدى سهولة الطريق التي يحذوها المُتسلقون للوصول إلى القمم؛ حيث قد يتعرض المُتسلقون لخطر الأحوال الجوية السيئة كالعواصف الرعدية، وضربات البرق، فضلاً عن الانهيارات الجليدية التي قد تحدث على الجبال أثناء تسلقها،[٣] وهناك مخاطرٌ أخرى قد يتعرض لها مُمارسو هذه الرياضة وخاصةً أولئك الذين يحاولون تسلُق القمم العالية جداً كقمة إفرست؛ حيث قد يتعرض هؤلاء لخطر السقوط عن المُنحدرات العالية.[٦]
يمكن أن يعاني المتسلقون من بعض الآثار والمخاطر الصحية أيضاً؛ فالتسلُق لارتفاعات عالية يُقلِّل من كمية الأكسجين التي تصل إلى دماغ المُتسلِق، ويُمكن أن يتسبب ذلك بما يُعرف بدوار الجبل؛ الذي تزيد أعراضه كلما زاد ارتفاع المُتسلِق، وفي مراحل مُتقدمة يُمكن أن يعاني المُتسلقون من صعوبةٍ في المشي، والصداع، والتعب، والتوهُم، وغيرها من الأعراض الخطيرة الأُخرى؛ التي قد يتعرض لها الأشخاص الذين يتسلقون لارتفاعات عالية جداً.[٦]
تقنيات رياضة تسلُق الجبال
يستخدم المُتسلقون في طريقهم إلى القمم الجبلية مجموعةً من التقنيات الحركية المُصممة لمُساعدتهم أثناء التسلُق؛ حيث يتوجب عليهم تعزيز مهارتهم وأسلوبهم الحركي وتحسينه من خلال تعلُم مبادئ الحركة والتوازن، وترتكز التقنيات الأساسية للتسلُق على طريقة استخدام المُتسلق لقدميه بشكلٍ صحيح، والبحث عن المواضع المُناسبة لقدمه بالإضافة إلى الحرص على إبقاء القدم ثابتة والحفاظ على الكعب مُنخفضاً، كما يتوجب على المُتسلق استخدام جسده بطريقةٍ تُبقيه مُتوازناً بأكبر قدرٍ مُمكن.[٧]
المراجع
- ^ أ ب ت “MOUNTAIN CLIMBING”, www.encyclopedia.com,15-5-2020، Retrieved 2-6-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح George Alan Smith, Carol D. Kiesinger (18-2-2020)، “Mountaineering”، www.britannica.com, Retrieved 2-6-2020. Edited.
- ^ أ ب Stewart Green (8-2-2019), “What Is Mountain Climbing?”، www.liveabout.com, Retrieved 2-6-2020. Edited.
- ^ أ ب ت “The History of Mountaineering”, historycooperative.org,10-2-2019، Retrieved 2-6-2020. Edited.
- ↑ “Mount Everest”, www.nationalgeographic.org, Retrieved 2-6-2020. Edited.
- ^ أ ب Jennifer Rosenberg (20-12-2019), “Learn About the First Men to Climb Mount Everest”، www.thoughtco.com, Retrieved 2-6-2020. Edited.
- ↑ Jay Parks, “Climbing Techniques and Moves”، www.rei.com, Retrieved 2-6-2020. Edited.