قصائد شعراء الجاهلية
قصيدة قف بالديار وصح إلى بيداه
يقول الشاعر عنترة بن شداد في قصيدته قف بالديار وصح إلى بيداه:
قفْ بالديار وصحْ إلى بيداها
- فعسى الديار تجيبُ منْ ناداها
دارٌ يفوحُ المِسْك من عَرَصاتِها
- والعودُ والندُّ الذكيُّ جناها
دارٌ لعبلة َ شَطَّ عنْكَ مَزارُها
- ونأْتْ لعمْري ما أراكَ تراها
ما بالُ عيْنِكَ لا تملُّ من البُكا
- رمدٌ بعينكَ أمْ جفاكَ كراها
يا صاحبي قفْ بالمطايا ساعة ً
- في دَار عبْلة سائلاً مغْناها
أم كيفَ تسأل دمنة ً عادية َ
- سفت الجنوبُ دمائها وثراها
يا عبلَ قد هامَ الفُؤَادُ بذِكْركم
- وأرى ديوني ما يحلُّ قضاها
يا عَبلَ إنْ تبكي عليَّ بحُرْقَة ٍ
- فلطالما بكتِ الرجالُ نساها
يا عَبْلَ إني في الكريهة ِ ضَيْغَمٌ
- شَرسٌ إذا ما الطَّعْنُ شقَّ جباها
وَدَنَتْ كِباشٌ من كِباشٍ تصْطلي
- نارَ الكريهة ِ أوْ تخُوضُ لَظاها
ودنا الشُّجاعُ من الشُّجاع وأُشْرعَتْ
- سمر الرماح على اختلافِ قناها
فهناك أطعنُ في الوغى فرْسانها
- طَعْناً يَشقُّ قُلوبَها وكُلاها
وسلي الفوارس يخبروكِ بهمتي
- ومواقفي في الحربِ حين أطاها
وأزيدها من نار حربي شعلة ً
- وأثيرها حتى تدورَ رحاها
وأكرُّ فيهم في لهيب شعاعها
- وأكون أوَّل وافدٍ يصلاها
وأكون أول ضاربٍ بمهندٍ
- يفري الجماجمَ لا يريدُ سواها
وأكون أولَّ فارسٍ يغشى الوغى
- فأقود أوَّل فارسِ يغْشاها
والخيلُ تعْلم والفوارسُ أنني
- شيخ الحروب وكهلها وفتاها
يا عبلَ كم منْ فارس خلَّيْتُهُ
- في وسْطِ رابية ٍ يَعُدُّ حصاها
يا عبلُ كم من حرَّة ٍ خلَّيتُها
- تبكي وتنعي بعلها وأخاها
يا عبلُ كم من مُهرة ٍ غادرتُها
- من بعد صاحبها تجرُّ خطاها
يا عبلُ لو أني لقيتُ كتيبة ً
- سبعين ألفاً ما رهبت لقاها
وأنا المنَّية وابن كلِّ منية ٍ
- وسواد جلدي ثوبها ورداها
قصيدة جزعت ولم أجزع من البين مجزع
يقول الشاعر امرؤ القيس في قصيدته جزعت ولم أجزع من البين مجزع:
جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعاً
- وَعزَّيْتُ قلْباً باكَوَاعِبِ مُولَعا
وَأصْبَحْتُ وَدَّعْتُ الصِّبا غَيْرَ أنّني
- أراقب خلات من العيش أربعا
فَمِنْهُنَّ: قَوْلي للنَّدَامى تَرَفَّقُوا،
- يداجون نشاجاً من الخمر مترعاً
وَمنهُنَّ: رَكْضُ الخَيْلِ تَرْجُمُ بِالقَنا
- يُبادُرْنَ سِرْباً آمِناً أنْ يُفَزَّعا
وَمنْهُنَّ: نَصُّ العِيسِ واللّيلُ شامِلٌ
- تَيَممَّ مجْهُولاً مِنَ الأرْضِ بَلْقَعا
خَوَارِجُ مِنْ بَرِّيّة ٍ نَحْوَ قَرْيَة ٍ،
- يجددن وصلاً أو يقربنَ مطمعا
وَمِنْهُنَّ: سوْقي الخَوْدَ قَد بَلّها
- النَّدى تُرَاقِبُ مَنْظُومَ التَّمائِمِ، مُرْضَعا
تعز عليها ريبتي ويسوؤها
- بكاهُ فتثني الجيدَ أن يتضوعا
بَعَثْتُ إلَيْها، وَالنُّجُومُ طَوَالعٌ،
- حذاراً عليها أن تقوم فتسمعا
فجاءت قطوف المشي هيابة
- السّرى يدافع رُكناها كواعَب أربعا
يُزَجِّينَها مَشْيَ النَّزِيفِ وَقدْ
- جَرَى صبابُ الكرى في مخها فتقطعا
تَقُولُ وَقَدْ جَرَّدْتُها مِنْ ثِيابِها
- كَما رُعتَ مَكحولَ المَدامِعِ أتْلعا:
وجدكَ لو شيءٌ أتانا رسوله
- سواكَ ولكن لم نجد لك مدفعا
فَبِتْنا تَصُدّ الوَحْشُ عَنّا كَأنّنا
- قتيلان لم يعلم لنا الناسُ مصرعا
تجافى عن المأثور بيني وبينها
- وتدني علي السابريَّ المضلعا
إذا أخذتها هزة ُ الروع أمسكت
- بِمَنْكِبِ مِقْدَامٍ على الهَوْلِ أرْوَعا
قصيدة ألا أرقت عيني فبت أديره
يقول الشاعر حاتم الطائي في قصيدته ألا أرقت عيني فبت أديره:
ألا أرِقَتْ عَيني، فبِتُّ أُديرُها
- حذار غد، أحجى بأن لا يضيرها
إذا النّجم أضْحى، مغربَ الشمس، مائلاً
- ولم يك، بالآفاق، بون ينيرها
إذا ما السماء، لم تكن غير حلبة ،
- كجِدّة ِ بَيتِ العَنكبوتِ، يُنيرُها
فقد عَلِمَتْ غَوْثٌ بأنّا سَراتُها
- إذا أعلمت، بعد السرار،امورها
إذا الرّيحُ جاءَتْ من أمامِ أخائِفٍ
- وألوت، بأطناب البيوت، صدورها
وإنا نهين المال، في غير ظنة ،
- وما يشتكينا، في السنين، ضريرها
إذا ما بخيل الناس هرت كلابه،
- وشق، على الضيف الضعيف، عقورها
فإنّي جَبانُ الكلبِ، بَيْتي مُوَطّأٌ
- أجود، إذا مالالنفس شح ضميرها
وإن كلابي قد أهرت وعودت،
- قليلٌ، على مَنْ يَعتريني، هَريرُها
وما تستكى قدري، إذا الناس امحلت
- أوثقها طوراً، وطوراً اميرها
وأبرزُ قدري بالفضاء، قليلها
- يرى غير مضمون به، وكثيرها
وإبلي رهن أن يكون كريمها
- عَقِيراً، أمامَ البيتِ، حينَ أُثِيرُها
أُشاوِرُ نَفسَ الجُودِ، حتى تُطيعَني
- وأترُكُ نفسَ البُخلِ، لا أستشيرُها
وليس على ناري حجاب يكنها
- لمستوبص ليلاً، ولكن أنيرها
فلا، وأبيك، ما يظلَّ ابن جارتي
- يَطوفُ حَوالَيْ قِدْرِنا، ما يَطورُها
وما تستكيني جارتي، غير أنها،
- إذا غاب عنها بعلها، لا أزورها
سيبلغها خيري، ويرجع بعلها
- إليها، ولم يقصر، عليَّ ستورها
وخَيْلٍ تَعادَى للطّعانِ شَهِدْتُها
- ولَوْ لم أكُنْ فيها لَساءَ عَذيرُها
وغمرة ٍ وموت ليس فيها هوادة ،
- يكون صدور المشرفي جسورها
صَبرْنا لها في نَهْكِها ومُصابِها
- بأسيافنا، حتى يبوخ سعيرها
وعَرْجَلَة ٍ شُعْثِ الرّؤوسِ، كأنّهم
- بنوا الجن، لم تطبخ، بقدر، جزورها
شَهِدْتُ وعَوّاناً، أُمَيْمَة ُ، انّنا
- بنو الحرب نصلاها، إذا اشتد نورها
على مُهرَة ٍ كَبداءَ، جرْداءَ، ضامِرٍ
- أمين شظاها، مطمئن نسورها
وأقسمت، لاأعطي مليكاً ظلامة ،
- وحَوْلي عَدِيٌّ، كَهْلُها وغَرِيرُها
أبَتْ ليَ ذاكُمْ أُسرَة ٌ ثُعْلِيّة
- كريم غناها، مستعفف فقيرها
وخُوصٍ دِقاقٍ، قد حَدَوْتُ لفتية
- عليهِنّ، إحداهنّ قد حَلّ كُورُها
قصيدة يا عين جودي بالدموع
قالت الشاعرة الخنساء في قصيدتها يا عين جودي بالدموع:
يا عين جودي بدمع منك مهراق
- إذا هدى الناس أو هموا بإطراق
إني تذكرني صخرا إذا سجعت
- على الغصون هتوف ذات أطواق
وكل عبرى تبيت الليل ساهرة
- تبكي بكاء حزين القلب مشتاق
لا تكذبين فإن الموت مخترم
- كل البرية غير الواحد الباقي
أنت الفتى الماجد الحامي حقيقته
- تعطي الجزيل بوجه منك مشراق
والعود تعطي معا والناب مكتنفا
- وكل طرق إلى الغايات سياق
إني سأبكي أبا حسان نادية
- ما زالت في كل إمساء وإشراق