أشعار بشار بن برد

من قصيدة جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ

جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ

وأزرى به أن لا يزال يعاتبه

خَلِيليَّ لاَ تسْتنْكِرا لَوْعَة َ الْهوى

ولا سلوة المحزون شطت حبائبهُ

شفى النفس ما يلقى بعبدة عينهُ

وما كان يلقى قلبهُ وطبائبه

فأقْصرَ عِرْزَامُ الْفُؤاد وإِنَّما

يميل به مسُّ الهوى فيطالبهُ

إِذَا كان ذَوَّاقاً أخُوكَ منَ الْهَوَى

مُوَجَّهَة ً في كلِّ أوْب رَكَائبُهْ

فَخَلّ لَهُ وَجْهَ الْفِرَاق وَلاَ تَكُنْ

مَطِيَّة َ رَحَّالٍ كَثيرٍ مَذاهبُهْ

أخوك الذي إن ربتهُ قال إنما

أربت وإن عاتبته لان جانبه

إذا كنت في كل الأمور معاتباً

صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ

فعش واحدا أو صل أخاك فإنه

مقارف ذَنْبٍ مَرَّة ً وَمُجَانِبُهْ

إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِراراً علَى الْقذى

ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

وليْلٍ دَجُوجِيٍّ تنامُ بناتُهُ

وأبْناؤُه منْ هوْله وربائبُهْ

حميتُ به عيني وعين مطيتي

لذيذ الكرى حتى تجلت عصائبه

ومَاءٍ تَرَى ريشَ الْغَطَاط بجَوِّه

خَفِيِّ الْحَيَا ما إِنْ تَلينُ نَضَائُبهْ

قَريبٍ منْ التَّغْرير نَاءٍ عَن الْقُرَى

سَقَاني به مُسْتَعِملُ اللَّيْل دَائبُهْ

حليف السرى لا يلتوي بمفازة

نَسَاهُ وَ لاَ تَعْتَلُّ منْهَا حَوَالبُهْ

أمَقُّ غُرَيْريٌّ كأنَّ قُتُودَهُ

على مثلث يدمى من الحقب حاجبه

غيور على أصحابه لا يرومهُ

خَليطٌ وَلا يَرْجُو سوَاهُ صَوَاحبُهْ

إِذَا مَا رَعَى سَنَّيْن حَاوَلَ مسْحَلاً

يجد به تعذامه ويلاعبه

أقب نفى أبناءه عن بناته

بذي الرَّضْم حَتَّى مَا تُحَسُّ ثَوَالبُهْ

رَعَى وَرَعيْنَ الرَّطْبَ تسْعينَ لَيْلَة ً

على أبقٍ والروض تجري مذانبه

فلما تولى الحر واعتصر الثرى

لَظَى الصَّيْف مِنْ نَجْمٍ تَوَقَّدَ لاَهِبُهْ

وَطَارَتْ عَصَافيرُ الشَّقائق وَاكْتَسَى

منَ الآل أمْثَالَ الْمُلاَءِ مَسَاربُهْ

وصد عن الشول القريع وأقفرت

ذُرَى الصَّمْد ممَّا اسْتَوْدَعَتْهُ مَوَاهبُهْ

وَلاَذَ الْمَهَا بالظِلِّ وَاسْتَوْفَضَ السَّفَا

منَ الصَّيْف نَئَاجٌ تَخُبُّ مَوَاكبُهْ

غَدَتْ عَانَة ٌ تَشْكُو بأبْصَارهَا الصَّدَى

إلى الجأب إلا أنها لا تخاطبه

وظلَّ علَى علياءَ يَقْسِمُ أمْرهُ

أيَمْضِي لِوِرْد بَاكِراً أمْ يُواتـبُهُ

فلمَّا بدا وجْهُ الزِّمَاعِ وَرَاعَهُ

من الليل وجه يمم الماء قاربه

فَبَاتَ وقدْ أخْفى الظَّلاَمُ شُخُوصَها

يُنَاهبُها أُمَّ الْهُدى وتُناهبُهْ

إذا رقصت في مهمه الليل ضمها

إِلَى نَهجٍ مِثْلَ الْمَجَرَّة لاَحِبُهْ

إلى أن أصابت في الغطاط شريعة ً

من الماء بالأهوال حفت جوانبه

بها صَخَبُ الْمُسْتوْفِضات علَى الْولَى

كما صخبت في يوم قيظ جنادبه

فأقبلها عرض السري وعينهُ

ترود وفي الناموس من هو راقبه

أخُو صيغة ٍ زُرْقٍ وصفْراءَ سمْحة ٍ

يَجاذبُها مُسْتحْصِدٌ وتُجاذبُهْ

إذا رزمت أنَّت وأنَّ لها الصدى

أَنين الْمريض للْمريض يُجاوبُهْ

قصيدة يا ليلتي تزداد نكرا

يا ليلتي تزداد نكرا

مِن حُبِّ من أَحْبَبْتُ بِكْرَا

حَوْرَاءٌ إِنْ نَظَرَتْ إِلَيْـ

ـكَ سَقَتْكَ بالعينين خَمرا

وكأن رجع حديثها

قِطَعُ الرِّيَاضِ كُسِينَ زَهْرَا

وكأن رحت لسانها

هاروت ينفث فيه سحر

وَتَخَال ما جَمَعَتْ عَلَيْـ

ـه ثيابَها ذَهَباً وعِطْرَا

وكأَنَّهَا بَرْدُ الشرا

ب صفا ووافق منك فطرا

جِنيَّة ٌ إِنْسِيَّة ٌ أو

بين ذاك أجلٌ أمرا

وكفاك أني لم أحط

بشكَاة ِ من أحْبَبْتُ خُبْرَا

إذا مقالة زائر نثرت

لي الأحزان نثرا

متخشعاً تحت الهوى

عشرا وتحت الموت عشرا

تنسي الغويّ معاده

وتكون للحكماء ذكرا

قصيدة قَدْ لاَمنِي فِي خَلِيلَتِي عُمَرُ

قَدْ لاَمنِي فِي خَلِيلَتِي عُمَرُ

وَاللَّوْمُ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ قَدَرُ

قال أفق قلتُ لا فقال بلى

قد شاع في الناس عنكم الخبر

فَقلْتُ إِنْ شَاعَ مَا اعْتِذَارِيَ مِـ

ـمَّا لَيْسَ لِي فِيهِ عِنْدَهُمْ عُذُرُ

لا أكتم الناس حب قاتلتي

لاَ لاَ وَلاَ أكْرَهُ الَّذِي ذَكَرُوا

لُومَا فَلاَ لَوْمَ بَعْدَهَا أبَداً

صاحبكم والجليل محتضرُ

قم قم إليهم فقل لهم قد أبى

وقال لا لا أفيقُ فانتحروا

مَاذَا عَسَى أنْ يَقُولَ قَائِلُهُم

وذا هوى ً ساق حينهُ القدرُ

يا قَوْمِ مَا لِي وَمَا لَهُم أبَداً

يَنْظُرُ في عَيْبِ غَيْرِه الْبَطِرُ

يَا عَجَباً لِلْخِلاَفِ يَا عَجَباً

بفي الذي لام في الهوى الحجر

ما لام في ذي مودة ٍ أحدٌ

يُؤْمِنُ باللّهِ قمْ فَقَدْ كَفَرُوا

حسبي وحسبُ التي كلفت بها

مني ومنها الحديث والنظرُ

أوْ قُبْلَة ٌ فِي خِلاَلِ ذَاكَ وَلاَ

بَأسَ إِذَا لَمْ تُحللِ الأُزُرُ

أوْ لَمْسُ ما تَحْتَ مرْطِهَا بِيَدِي

والباب قد حال دونه الستر

والساق براقة ٌ خلاخلها

والصوت عالٍ فقد علا البهر

واسترخت الكف للغزال وقالـ

ت اله عني والدمع منحدرُ

اذْهَبْ فَمَا أنْتَ كالَّذِي ذَكرُوا

أنْتَ وَرَبِّي مُعَارِكٌ أشِرُ

وغابت اليوم عنك حاضنتي

فاللَّهُ لِي الْيَوْمَ مِنْكَ مُنْتَصِرُ

يا رب خذ لي فقد ترى ضعفي

من فاسق الكف ما له شكر

أهوى إلى معضدي فرضضهُ

ذو قوة ٍ ما يطاق مقتدر

يلصقُ بي لحنة ً له خشنت

ذَاتَ سوَادٍ كَأنَّهَا الإِبَرُ

حَتَّى اقْتَهَرْنِي وَإِخْوَتِي غَيَبٌ

وَيْلِي عَلَيْهِمْ لَوْ أنَّهُمْ حَضَرُوا

أقسمُ بالله ما نجوت بها

إذهب فأنت المسور الظفرُ

كيف بأمي إذا رأت شفتي

وكيف إن شاع منك ذا الخبرُ

أم كيف لا كيف لي بحاضنتي

يا حِبُّ لَوْ كَانَ ينْفَعُ الْحَذَرُ

قلتُ لها عند ذاك يا سكني

لا بأس إني مجربٌ حذرُ

قولي لهم بقة ٌ لها ظفرُ

إن كان في البق ما له ظفرُ

قصيدة عجبت فطمة من نعتي لها

عجبت فطمة ُ من نعتي لها

هل يُجيدُ النعْتَ مكفُوفُ البَصَرْ

بنْتُ عشْرٍ وثلاثٍ قُسِّمَتْ

بين غصنٍ وكثيبٍ وقمر

دُرَّة ٌ بحْرِيَّة ٌ مكْنُونة ٌ

مازها التاجرُ من بين الدرر

أَذرَت الدَّمع وقالتْ وَيْلتِي

من ولُوع الكفِّ رَكَّابِ الخَطر

أُمَّتَا بدد هذا لُعبي

ووشاحي حله حتى انتشر

فدعيني معهُ يا أمتا

عَلَّنا فِي خلْوَة ٍ نقضي الوطرْ

أَقْبلَتْ مُغْضَبَة ً تَضْرِبُها

واعتراها كجنونٍ مستعر

بأبي والله ما أحسنه

دمع عينٍ يغسلٌ الكحل قطر

أيها النوامُ هبوا ويحكم

واسْألُونِي اليوْمَ ما طَعمُ السَّهرْ