أشعار مؤلمة
قصيدة يا عين بكي لمسعود بن شداد
يقول جبلة بن الحارث:
يا عيْنُ بُكِّي لمسعودِ بن شدّادِ
- بكاءَ ذي عبَراتٍ شَجْوهُ بادي
منْ لا يذابُ له شحمُ السَّديفِ ولا
- يجفو الضيوفَ إذا ما ضُنَّ بالزادِ
ولا يحلُّ إذا ما حلَ منتبذاً
- خوفَ الرَّزيَّة بين الحضْرِ والبادي
قَوّالُ مُحْكَمةٍ نقَّاضُ مُبْرَمَةٍ
- فتَّاحُ مُبْهمَةٍ حبَّاسُ أورادِ
حلاَّلُ مُمْرعةٍ فَرَّاجُ مطْعَنَة
- حمَّالُ مُضْلِعةٍ طلاَّع أَنْجادِ
قتَّالُ طاغيةٍ رَبَّاءُ مَرْقَبةٍ
- منَّاع مَغْلبَةٍ فكَّاكُ أقْيادِ
حمّالُ ألويةٍ شدادُ أنْجيةٍ
- سدّاد أَوْهيَةٍ فتّاحُ أسدادِ
جمّاع كل خصالِ الخيرِ قد عَلِمُوا
- زَيْنُ القرِين ونِكْلُ الظالمِ العادي
أبا زُرارةَ لا تبعُدْ فَكُلُّ فتىً
- يوماً رهينُ صَفيحاتٍ وأعوادِ
هلاّ سقَيتمْ بني جَرْم أسيركمُ
- نفسي فداؤُكَ من ذي كُرْبةٍ صادي
نعمَ الفتى ويمينُ اللهِ قد علموا
- يخلو به الحيُّ أو يغدو به الغادي
هو الفتى يحمدُ الجيرانُ مشهدَه
- عند الشتاءِ وقد همّوا بإخمادِ
الطاعنُ الطعنةَ النجْلاء يتبعُها
- مُثْعَنْجرٌ بعدما تغلي بإِزْبادِ
ويتركُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أناملُه
- كأنَّ أثوابَه مُجَّتْ بفُرصادِ
والسابئُ الزّقِّ للأصحابِ إذ نزلوا
- إلى ذُراهُ وغيثُ المُحْوجِ الجادي
لاهِ ابنُ عمِّك لا أنساكَ من
- حتى يجئ من القبرِ ابنُ ميّادِ
إني وإياهُم حتى نصيبَ بهِ
- منهمْ أخا ثقةٍ في ثوبِ حدّادِ
يا منْ رأى بارقاً قد بت أرمُقهُ
- يسري على الحَرَّةِ السوداء فالوادي
برقاً تلألأَ غوْريَاً جلستُ
- ذاتَ العشاءِ وأصحابي بأفْنادِ
بتنا وباتتْ رياحُ الغوْر تُزْجله
- حتى اسْتتبَّ تواليه بأنْجادِ
ألقى مَراسِيَ غيْثٍ مُسْبل غَدِقٍ
- دان يَسِحُّ سُيوبا ذاتَ إِرْعادِ
أسقي به قبرَ منْ أعني وَحُبَّ بهِ
- قبراً إِليّ ولمّا يفْدِه فادي
قصيدة ليت الكفان الذي إن مت لي صنعا
يقول اللواح:
ليت الكفان الذي إن مت لي صنعا
- يكون مثل كفاني اليوم متسعا
تهب بي نسمات العفو منه إذا
- ما صرت تحت طباق اللبن منضجعا
وبابه لجنان الخلد مقتبلاً
- أدعى له حيث ناقور الحساب دعا
يا رب عفوك إني قد وقفت على
- باب الرجا ويدي ممدودةً بوعا
وطامع منك والآمال صادقةٌ
- مولاي منك فهبني ذلك الطمعا
صفحاً وعفواً وتوفيقاً ونيل مني
- ومنك أمناً فلا خوفاً ولا جزعا
مولاي مسعاي فيك الآن أفصحني
- إذا قلت يلقى امرؤ مسعاه حيث سعى
لكن مسعاي فيك الآن
- إذ قلت يلقى امرؤ مسعاه حيث سعى
لكن إذا ضاق بي ذرع بمعصيةٍ
- رجوت عفوك يا من عفوه وسعا
يا واحد ما له ند ولا مثل
- ولا يبعض تكييفاً ولا بضعا
أنت البصير بلا عين مصورة
- أنت السميع ولا أذن بها سمعا
أنت القدير بلا عون ولا وزر
- أنت الغفور الرحيم الفرد مبتدعا
أنت الذي لا خلا منك المكان ولا ال
- مكان يحويك تكييفاً لو اتسعا
ترى ولست ترى عطي وتمنع من
- تشا وما عنك شيء عز ممتنعا
يا رازق الحمل ما بين الثلاث نوى
- يا مطعم الفرخ في أعشاشه وضعا
يا ناظر النمل مسوداً بليل دجى
- يا عالم السر زوجاً كان أو شفعا
أدعوك دعوة مضطرٍ وأنت لقد
- قلت المجيب لمن يضطر ثم دعا
وفقني اللَه توباتٍ إليك بها
- أدنو ولا تجعلني من بها شسعا
وحبب اللَه في قلبي رضاك وما
- أو عيته حكماً فيما رضيت وعى
وبغض اللَه لي أعداك قاطبةً
- والمدج فيهم وسوء الظن والبدعا
والعنهم عن مديحي فيهم فهم
- باللعن أجدر إني تبت مرجعا
وقل لي اللَه يا عبدي سلمت
- ذنب كسبت وعنه لي أنبت لعا
واجعل شفيعي لديك المصطفى فعسى
- أفوز مذ صار لي في الحشر مشتفعا
ما لي سواك إله أستجير به
- ولا سوى أحمد المختار لي شفعا
يا رب صل عليه كلما جزعت
- نوق لليلى روابي الجزع والجزعا
الخاتم الرسل في التفضيل أولها
- وبالفضائل في شأو المدى سرعا
الواضع الشرك في سجينه لغباً
- والرافع الدين فوق الأفق مرتفعا
أنى مديحي له والمدح صار له
- مفرقاً في كتاب اللَه مجتمعا
لكن وجدت سبيل المدح فيه على
- حب الإله وحبي فيه متسعا
عشت المرصع في أخلاقه درراً
- من الثناء يفوق الدر مرتصعا
خير المدائح فيه بعد خالقه
- وفي سواهم مديح ضاع واتضعا
له الأدلة حيث الناس في عمأ
- قامت ومنها ضياء الحق قد سطعا
إيوان كسرى وخمد النار والقمر ال
- منشق في كمه من بعد ما طلعا
والظبي حياه والعود المسن وتل
- ك الشاة قد حذرته السم منتقعا
وفي حليمة آياتٍ مبينة
- في ثديها وخلوف الشاة مذ رضعا
وفي الغمامة حيث الشمس سافرةً
- تظله ولعاب الشمس إذ سفعا
وكم له من أدلات إذا ذكرت
- في أرعن هد أو قلب قنا خضعا
يا أحمداً يا ابن عبد اللَه يا أملي
- أرجو لي ولنظمي فيك مستمعا
كن لي شفيعاً وهب لي منك عائدةً
- بها لعمري تنزيل العسر والضرعا
عليك صلى الإله ما جرى فلك
- وعام فلك وما بحرٌ به نزعا
وصاحبيه أبي بكرٍ وصاحبه ال
- فاروق والتابعيهم والذي تبعا
قصيدة أخي رأيت الشيب موتاً وإن بكى
يقول اللواح أيضاً في قصيدة أخرى:
أخي رأيت الشيب موتاً وإن بكى
- له منبت حي ففي إثره يقفو
إذا شاب شعر صح مذ شاب موته
- وإن قصارى ما بقي بعده يقفو
ألا إن موت الشعر نصفٌ وما بقي
- وما ولي من القوة الضعف
إذا مات نصف المرء والنصف بعده
- لعمر أبي لم يبق من نصفه النصف
وهل عاش نصف بعد علم علمته
- وإن عاش هل عيش على عقبه يصفو
حقيق على نفسي أنعى لأنه
- تجمع عندي كل ما كان بي يحفو
وقد أسأرت عندي الليالي بقيةً
- مواعظ لي منها ومني لها صنف
إذا مات نسلي والذي هو ناسلي
- وتربي فإني حرف عطفٍ بهم عطف
وهل نافع اسمٍ إذا من أخيره
- وأوله من كل فعلٍ مضى حرف
إذا الحرف كان والد المرء وابنه
- وأترابه فالعيش في من بقى حتف
ألا إن دنيانا يداول كفها
- علينا كؤوساً كلها بيننا وكف
وما هي إلا روضةٌ حلها الحيا
- ومنيتها إلا الشقائق والسهف
فيا لهف نفسي ما أقاسي من الأذى
- لديها مدى ما عشت لو نفعت لهف
قصيدة ما حال حي ثوى ما بين أموات
ويقول اللواح:
ما حال حي ثوى ما بين أموات
- ومستلذ الكرى ما بين حيات
والأرض واسعة الأرجاء
- من فوقها بنيت سبع السموات
والعيس ما خلقت إلا لتقطع أجـ
- ـواز الزيازي وتنقال المهمات
الجار قبل حلول الدار قيل ولا
- تهني المعايش إلا بالمداراة
الموت أروح أن تبقى على مضد
- والنار أبرد من حر العداوات
لا خير للحر في عيشٍ يعيش به
- في ذلةٍ من أعاديه وأشمات
شر الهدنات ما كانت على دخنٍ
- فالحرب أهون من دخن الهدنات
والمال لا مال إلا ما كسبت به
- فوز المجلين أو قضاك
بالنفس غالٍ ولا ترخص
- نفس الكريم تغالي في المسامات
والحمد أنفس حلات الرجال فلا
- تلبس سواها من الحلات حلات
لا تتكل في اكتساب المكرمات على
- عتيق صيصي آباء وأمات
لا يدرك المجد من جدٍ زكٍ وأب
- بغير جدٍ وإقبال السعادات
وإن جهلت بني الأيام معرفة
- فإن منطقهم شرح الجهالات
مراض الناس عنهم فهي مخبرة
- إن المراضع رواد السجيات