من مؤلف كتاب لسان العرب
مُؤلّف مُعجم لسان العرب
هناك العديد من المعاجم اللُّغويّة التي تهتمّ باللغة العربيّة، ومصطلحاتها، ومعانيها، ومفاهيمها، ومن أهمّ هذه المعاجم معجم لسان العرب لابن منظور، ويُعدّ معجم لسان العرب أكبر المعاجم اللّغويّة وأضخمها؛ فقد جمع فيه ابن منظور ما استطاع جمعه من مُفردات اللّغة العربيّة، فضمّ ما يُقارب ثمانين ألف مادّةٍ، وعدداً لا يُحصى من المشتقّات.[١]
التّعريف بابن منظور
ابن منظور هو أبو الفضل محمّد بن مكرَّم بن عليّ جمال الدين ابن منظورٍ الأنصاريّ الرويفعيّ الإفريقيّ، يعود نسبه إلى رويفع بن ثابتٍ الأنصاريّ، وُلِد في مصر عام 1232م، وقيل في طرابلس، وتُوفّي في القاهرة عام 1311م، عمل في ديوان الإنشاء في القاهرة، ونُصِّب قاضياً في طرابلس، وفي شيخوخته أصابه العمى.[٢]
عِلم ابن منظور وعَمله
كان ابن منظور عالِماً في الفقه واللّغة، وقد تتلمذ على يد ابن المقير، ويوسف بن المخيلي، وعبد الرّحيم بن الطفيل، ومرتضى بن حاتم، وكان كاتباً حسن الخطّ وكثير النّسخ، لا يملّ الكتابة، وكان يختصر طِوال الكتب، قال عنه الصفديّ في كتابه أعيان العصر وأعوان النّصر: (لا أعرف في الأدب وغيره كتاباً مُطوَّلاً إلا وقد اختصره)، ومن الكتب التي اختصرها: اليتيمة للثعالبي، وتاريخ ابن عساكر، وذيل ابن النجار، وتاريخ الخطيب، وكتاب الأغاني.[٣]
مُؤلّفات ابن منظور
هناك العديد من المُؤلّفات لابن منظور، ومنها:[٢]
- لسان العرب، وهو من أشهرها.
- نثار الأزهار في اللّيل والنهار، وهو الجزءَ الأوّل من كتاب سرور النّفس بمدارك الحواس الخمس الذي يُعدّ من مؤلفات التيفاشي ويأتي في مجلّدين، وقد هذّب ابن منظور فيهما كتاب فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب.
- مختصر مفردات ابن البيطار.
- اختصار كتاب الحيوان للجاحظ.
- لطائف الذخيرة.
- مختصر أخبار المذاكرة ونشوار المحاضرة.
- أخبار أبي نواس .
- المنتخب والمختار في النوادر والأشعار.
شعر ابن منظور
لم يقتصر عمل ابن منظور على التّأليف والكتابة، بل كان ينظُم الشِّعر ويكتب القصائد، ومن أشعاره التي نظَمَها:[٣]
- ضعْ كِتابي إذا أتاكَ الى الأر
- ضِ وقلِّبْهُ في يدَيْكَ لِماما
- فعِلى ختمهِ وفي جانبَيْهِ
- قُبَلٌ قد وضعتُهُنَّ تُؤاما
- كانَ قصدي بِها مُباشَرةَ الأر
- ضِ وكفَّيْكَ بالتّثامي إذا ما
ومِن أشعاره أيضاً:
- توهَّم فينا النَّاس أمراً وصمَّمَتْ
- على ذاكَ منهُم أنفسٌ وقلوبُ
- وظنُّوا وبعضُ الظنِّ إثمٌ وكلُّهُم
- لأقوالهِ فينا عليهِ رقيبُ
- تعالَيْ نُحقِّق ظنَّهم لنُريحَهُم
- مِنَ الإثم فينا مرّةً ونتوبُ
مُعجم لسان العرب
التّعريف بمُعجم لسان العرب
إنّ من أشهر مؤلّفات ابن منظور معجم لسان العرب، ويُعدّ من أشهر المعاجم العربيّة، وهو مرجعٌ ضروريٌّ للباحثين في شتّى المجالات؛ فقد احتوى في طيّاته خمسة معاجمَ؛ اعتمد عليها ابن منظور في إعداد لسان العرب واتّخذها مرجعاً له، وهي: صحاح الجوهريّ، ومُحكم ابن سيده، وتهذيب الأزهريّ، وحاشية ابن بري، والنّهاية لابن أثير، وهذه المعاجم هي عبارةٌ عن الرسائل والدراسات والبحوث التي سبقت معجم لسان العرب؛ ولهذا يُشكّل معجم لسان العرب إرثاً وثروةً لغويّةً، فقد جمع ابن منظور فيه خمسة معاجم واهتمّ به، فكان ذا جودة عالية في جوانبه كلّها، حتّى إنّه رتّبه ترتيب الصِّحاح.[٤]
وكان للسان العرب أثرٌ واضحٌ؛ حيث أقبل الباحثون والمُؤلّفون وعامّة النّاس على اقتنائه؛ لما له من فؤاد جمّةٍ في حياتهم، فهو يُعدّ موسوعةً لُغويّةً شاملةً كما وصفه أحمد فارس الشدياق؛ لاحتوائه على أغلب مفردات اللّغة العربيّة، كما أولى له اللغويّون اهتماماً واضحاً، وذلك عن طريق إعادة ترتيب محتوياته وتنسيقه وطباعته من جديد، وهناك العديد من الدراسات التي أُلِّفت ووُضِعت حوله، منها تصحيح اللّسان لأحمد تيمور باشا، وتهذيب اللّسان لعبد الله إسماعل الصّاوي.[١]
ترتيب محتويات مُعجم لسان العرب
كان معجم لسان العرب مرتّباً من حيث الحروف والجذور، فقسّم ابن منظورٍ المُعجم إلى سبعةٍ وعشرين باباً مُعتمداً على الحرف الأخير، فجعل لكلٍّ منها باباً، وقسّم كلّ بابٍ إلى ثمانية وعشرين فصلاً طبقاً للحرف الأوّل، وكان اعتمادُه في هذا الترتيب على ترتيب الجوهريّ في معجم الصِّحاح، أمّا بالنّسبة للحروف فقد قسّم ابن منظورٍ الحروف في معجم لسان العرب من حيث كثرة شيوعها إلى حروفٍ قليلة التردُّد، وحروفٍ كثيرة التردّد، وحروفٍ متوسّطة التردّد، أمّا فيما يخصّ الجذور فقد أورد ابن منظور في معجمه الجذور الثّنائيّة وكانت قليلةً جداً؛ حيث يقلّ عددها عن عشرين جزءاً، وهي بذلك تمثّل جزءاً من خمسمئة جزء من جذور معجم لسان العرب، والجذور الثلاثيّة والرّباعيّة والخماسيّة، والجذور السداسيّة وكانت نادرةً جداً.[٥]
طُبِعت أوّل طبعةٍ من معجم لسان العرب قبل نحو تسعين سنةً في المطبعة الأميريّة في بولاق في القاهرة، عن نسخةٍ خطيّةٍ لابن منظور كانت وقفاً للسلطان برسباي.[٥]
وقد اعتمد ابن منظورٍ على منهجٍ واضحٍ في الكتابة، اتّسم بما يأتي:[١]
- اعتمد نظام القافية الذي أوجده الجوهريّ.
- جمع فيه أشعار العرب، واللُّغات، والقراءات، والنّوادر، والقواعد النحويّة والصرفيّة، ووثّق فيه أسماء الرّواة الذين اقتبس منهم.
- استشهد على المعاني المختلفة بنصوص القرآن الكريم، والحديث الشريف.
- دوّن كلّ المواد ومشتقّاتها، ولم يكتفِ بالصّحيح منها؛ حيث رأى أنّ من حقّ المفردات جميعها أن تُدوَّن فيه.
- شرح مخارج الحروف وأنواعها، فصدّر في بداية كلّ باب كلمةً عن الحرف المُعنوَن به الباب، وفصّل مخرجه وصفاته.
عيوب معجم لسان العرب
أهمّ العيوب والمآخذ التي ذُكِرت على لسان العرب:[١]
- قلة تنظيم موادّه وفوضويّتها، وامتلاؤه بحشو الكلام.
- اكتفاؤه بخمسة مراجع وترك المراجع الأخرى، ممّا فوّت عليه كثيراً من المفردات، والصِّيغ، والمعاني، والشّواهد.
المراجع
- ^ أ ب ت ث إميل يعقوب (1985)، المعاجم اللغويّة العربيّة بداءتها وتطورها (الطبعة الثانية)، بيروت: دار العلم للملايين، صفحة: 113-118. بتصرّف.
- ^ أ ب خير الدين الزركلي (2002)، الأعلام (الطبعة الخامسة عشرة)، لبنان: دار العلم للملايين، صفحة: 108-109، جزء: 7. بتصرّف.
- ^ أ ب صلاح الدين الصفدي (1998)، أعيان العصر وأعوان النصر (الطبعة الأولى)، بيروت: الفكر المعاصر، صفحة: 269-271، جزء: 5. بتصرّف.
- ↑ محمد ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: صادر، صفحة: 4، جزء: 1. بتصرّف.
- ^ أ ب علي حلمي موسى (1972)، إحصائيات جذور لسان العرب باستخدام الكمبيوتر، الكويت: جامعة الكويت، صفحة: 7-9. بتصرّف.