صفات عنترة بن شداد

عنترة بن شدَّاد

عنترة بن شدَّاد هو عنترة بن عَمرو بن شدَّاد بن معاوية بن قراد العبسي، وهو من أشهر فرسان العرب وأذيَعهم صيتاً، ومن أشهر شعرائهم في الجاهليَّة قبل الإسلام، وله معلَّقة شهيرة تتكوَّن من خمسة وسبعين بيتاً.

ولد عنترة في أوَّل القرن السَّادس الميلاديّ، وأمُّه أَمَة حبشيَّة اسمها زبيبة كانت مُلكاً لعَمرو بن شدَّاد العبسي سباها في إحدى غزواته، وقد ورث عنترة سواده منها، وله أخَّان من أمِّه هما جرير وشيبوب، وقد عاش عنترة عمراً طويلاً، وتوِّفي بعد ما بلغ قرابة التِّسعين من عمره قتلاً في معركة مع قبيلة طئ على يد الأسد الرَّهيص أو جبَّار بن عَمرو الطَّائي.

نسب عنترة بن شدَّاد

كان عَمرو بن شدَّاد والد عنترة من علية القوم وأعلاهم نسباً، فلمَّا ولد عنترة بلونه الأسود لم يرضَ أبوه أن يحمل هذا الطِّفل الذي يُشبه العبيد اسمه ونسبه، وقد كان العرب في الجاهليَّة يستعبدون أبناء الإماء ويرفضون نسبهم إليهم إلَّا إذا أظهر الولد نجابته، وقد عانى عنترة من شَظَف العيش وقساوة الحياة في صغره؛ لأنَّ أباه لم يُلحقه بنسبه إلَّا متأخراً، وعاش مملوكاً لعائلته وكان أبوه هو سيِّده، وكان يعاقبه دائماً أشدَّ العقاب على ما يرتكبه.

انتسب عنترة إلى والده بعد قصَّة رواها التَّاريخ وهي أنَّ قبيلة طئ أغارت على قبيلة عَبس في ثأر لها، حينئذ صاح أبو عنترة به قائلاً: كر يا عنترة؛ وذلك لشجاعته، وخوفاً على قبيلة عبس من الدَّمار وعلى النِّساء من السَّبي، فأجاب عنترة: لا يحسن العبد الكر، إلَّا الحلاب والصر. فصاح به أبوه كر يا عنترة وأنت حر، فهاجم عنترة مع قبيلته، حتى كان لهم النَّصر، ونسبه أبوه إليه بعد ذلك، فيكون عنترة بذلك قد نال
حرِّيته بشجاعته.

صفات عنترة العبسيّ

كان شدَّاد أبو عنترة عربيّاً ساميّاً، وكان عنترة أسود اللَّون، وعبوس الوجه، وملفلف الشَّعر أجعده، وكان يلقَّب بعنترة الفلحاء لشقٍّ في شفته السُّفلى، وكان يتميَّز بضخامة خِلقته، وكبر شَدقيه، وصلابة عظامه، وشدَّة منكبيه.

تميَّز عنترة بأجمل الصِّفات وأفضلها، فقد كان عنترة شجاعاً جريئاً ومن فرسان العرب المعدودين؛ لذا كان يلقَّب بأبي الفوارس، وكان يلقَّب أيضاً بأبي مغلس بسبب سيره إلى الغارات في الغلس وهو ظلمة اللَّيل، وقد دوَّخ عنترة أعداء عبس في حرب داحس والغبراء. وكان عنترة جواداً بما ملكت يده، وكان من أشدِّ أهل زمانه، وذا خُلُق سمح، وقلب رقيق.

عنتر وعبلة

أحبَّ عنترة بن شدَّاد ابنة عمّه عبلة بنت مالك بن قراد العبسي حبَّاً شديداً، وقلَّ أن تخلو قصيدة لعنترة من ذكر عبلة ابنة عمِّه، وكانت عبلة من أجمل نساء قومها وأكملهم عقلاً، إلَّا أنَّ عمَّه لم يزوُّجه إيَّاها بسبب سواد لونه، وقد كرَّرعنترة طلب الزَّواج منها أكثر من مرَّة من عمِّه إلَّا أنَّ عمَّه كان يكرَّر الرَّفض لطلبه في كلِّ مرَّة، وقام بعرض عبلة على فرسان القبائل من العرب لتزويجها.

شعر عنترة بن شدَّاد

يدور معظم شعر عنترة حول الفروسيَّة والفخر، و ذكر تعلُّقه وحبِّه العفيف لعبلة ابنة عمِّه، ويحوي شعر عنترة على مسحة من الحزن لما مرَّ فيه من بؤس وشقاء في صباه بسبب سواد لونه وعبوديَّته، ولما في قلبه من مرارة ولوعة لعبلة ابنة عمّه الَّتي حُرم منها، ويتميَّز شعره بالفصاحة والبلاغة والعذوبة والجمال. ومن أشعاره:

حسناتي عند الزَّمان ذنوب

وفعالي مذمَّة وعيوب

ونصيبي من الحبيب بعاد

ولغيري الدُّنو منه نصيب

ينادونني في السِّلم يا بن زبيبة

وعند صدام الخيل يا ابن الأطايب

ولولا الهوى ما ذل مثلي لمثلهم

ولا خضعت أسد الفلا للثّعالب