أجمل الأبيات الفصحى
الشعر الفصيح
ما يميز القصائد ويضيف اليها القوة والصلابة هي فصاحة مفرداتها وقوة معانيها، ومن أجمل تلك القصائد هي القصائد التي تحمل في أبياتها الحكمة والنصيحة وهي القصائد التي تبقى معانيها خالدة وصالحة لكل الأزمان مها كانت الظروف، وما يميز الشعر الفصيح هو وجود قافية واحدة، وفي هذه المقالة سنقدم لكم أجمل القصائد التي قالها الشعراء.
شعر الشافعي
الإمام الشافعي واسمه محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي أبو عبد الله، وهو أحد الأئمة الأربعة واليه نُسبت الشافعية، ولد الإمام الشافعي في غزة بفلسطين، وقصد مصر عام 199م، وتوفي فيها ودفن بالقاهرة، وقد عرف بمهارته بالرمي، والبراعة في اللغة، والأدب، والفقه وقد بدأ بالفتوة وعمره عشرين من عمره، وفيما يأتي أجمل أبيات من قصائده.
خبت نار نفسي باشتعال مفارقي
يقول الإمام الشافعي:[١]
خبت نار نفسي باشتعال مفارقي
- وأظلم ليلي إذ أضاء شِهابُها
أيا بومةً قد عششتْ فوق هامتي
- على الرغم مني حين طار غُرابُها
رأيتِ خراب العُمرِ مني فَزُرْتني
- ومأواك من كل الديار خرابها
أأنعمُ عيشاً بعدما حل عارضي
- طلائعُ شيبٍ ليس يغني خِضابُها؟
وعِزةُ عمرِ المرء قبل مشيبهِ
- وقد فنيت نفسٌ تولى شبابها
إذا اصفرَّ لونُ المرءِ وابيضَّ شعرُهُ
- تنغص من أيامه مستَطَبابُها
فدعْ عنك سواءات الأمور فإنها
- حرامٌ على نفس التقي ارتكابُها
وأدِ زكاة الجاه واعلم بأنها
- كمثل زكاة المال تم نِصابُها
وأحسن إلى الأحرار تملك رقابهم
- فخير تجارات الكرام اكتسابها
ولا تمشين في مَنكِب الأرض فاخراً
- فعما قليل يحتويك تُرابها
ومن يذق الدنيا فإني طَعمْتُها
- وسيق إلينا عَذْبُها وعذابها
فلم أرها إلا غُروراً وباطلاً
- كما لاح في ظهر الفلاة سَرابُها
وما هي إلا جِيفةٌ مستحيلةٌ
- عليها كلابٌ هَمُّهن اجتِذابها
فإن تجتنبها كنت سِلما لأهلها
- وإن تجتذبها نازعتك كلابها
فطوبى لنفسٍ أُودعت قعر دارها
- مُغَلَّقَةَ الأبوابِ مُرخىً حجابها
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
من الأبيات الشعرية التي تحمل الحكمة للإمام الشافعي قصيدة دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ، ويقول فيها:[٢]
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ
- وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي
- فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً
- وشيمتكَ السماحة ُوالوفاءُ
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا
- وسَركَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب
- يغطيه كما قيلَ السَّخاءُ
ولا تر للأعادي قط ذلا
- فإن شماتة الأعدا بلاء
ولا ترجُ السماحة من بخيلٍ
- فَما فِي النَّارِ لِلظْمآنِ مَاءُ
وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي
- وليسَ يزيدُ في الرزقِ العناءُ
وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرورٌ
- ولا بؤسٌ عليكَ ولا رخاءُ
وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا
- فلا أرضٌ تقيهِ ولا سماءُ
وأرضُ الله واسعة ً ولكن
- إذا نزلَ القضا ضاقَ الفضاءُ
دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ
- فما يغني عن الموت الدواءُ
أحبك حتى ترتفع السماء
قصيدة أحبك حتى ترتفع السماء هي للشاعر نزار قباني، وهو شاعر ودبلوماسي سوري معاصر ولد في عام 1923م، درس الحقوق في الجامعة السورية وتخرج منها عام 1945م، وأصدر أول ديوان له بعنوان قالت لي السمراء ومن ثم ألحقها بعدة دواوين ومنها: الرسم بالكلمات وطفولة نهد، وتوفي نزار قباني في أبريل عام 1998م ودفن في دمشق، وأما قصيدته فكانت:[٣]
كي أستعيدَ عافيتي
وعافيةَ كلماتي.
وأخْرُجَ من حزام التلوُّثِ
الذي يلفُّ قلبي.
فالأرضُ بدونكِ
كِذْبَةٌ كبيرَهْ..
وتُفَّاحَةٌ فاسِدَةْ….
2
حتى أَدْخُلَ في دِينِ الياسمينْ
وأدافعَ عن حضارة الشِّعر…
وزُرقَةِ البَحرْ…
واخْضِرارِ الغاباتْ…
3
أريدُ أن أحِبَّكِ
حتى أطمئنَّ..
لا تزالُ بخيرْ..
لا تزالُ بخيرُ..
وأسماك الشِعْرِ التي تسْبَحُ في دَمي
لا تزالُ بخيرْ…
4
أريدُ أن أُحِبَّكِ..
حتى أتخلَّصَ من يَبَاسي..
ومُلُوحتي..
وتَكَلُّسِ أصابعي..
وفَرَاشاتي الملوَّنَةْ
وقُدرتي على البُكَاءْ…
5
أريدُ أن أُحبَّكِ
حتى أَسْتَرجِعَ تفاصيلَ بيتنا الدِمَشْقيّْ
غُرْفةً… غُرْفةْ…
بلاطةً… بلاطةْ..
حَمامةً.. حَمامَةْ..
وأتكلَّمَ مع خمسينَ صَفِيحَةِ فُلّْ
كما يستعرضُ الصائغُ
6
أريدُ أن أُحِبَّكِ، يا سيِّدتي
في زَمَنٍ..
أصبحَ فيه الحبُّ مُعاقاً..
واللّغَةُ معاقَةْ..
وكُتُبُ الشِعرِ، مُعاقَةْ..
فلا الأشجارُ قادرةٌ على الوقوف على قَدَميْهَا
ولا العصافيرُ قادرةٌ على استعمال أجْنِحَتِهَا.
ولا النجومُ قادرةٌ على التنقُّلْ….
أريدُ أن أُحبَّكِ..
من غُزْلان الحريَّةْ..
وآخِرُ رسالةٍ
من رسائل المُحِبّينْ
وتُشْنَقَ آخرُ قصيدةٍ
مكتوبةٍ باللغة العربيَّةْ…
8
أُريدُ أن أُحِبَّكِ..
قبل أن يصدرَ مرسومٌ فَاشِسْتيّْ
وأريدُ أن أتناوَلَ فنجاناً من القهوةِ معكِ..
وأريدُ أن أجلسَ معكِ.. لدَقيقَتينْ
قبل أن تسحبَ الشرطةُ السريّةُ من تحتنا الكراسي..
وأريدُ أن أعانقَكِ..
قبلَ أن يُلْقُوا القَبْضَ على فَمي.. وذراعيّْ
وأريدُ أن أبكيَ بين يَدَيْكِ
قَبْلَ أن يفرضُوا ضريبةً جمركيةً
على دُمُوعي…
أريدُ أن أُحِبَّكِ، يا سيِّدتي
وأُغَيِّرَ التقاويمْ
وأعيدَ تسميةَ الشهور والأيَّامْ
وأضبطَ ساعاتِ العالم..
على إيقاع خطواتِكْ
ورائحةِ عطرِك..
التي تدخُلُ إلى المقهى..
قبلَ دُخُولِكْ..
إني أُحبِّكِ، يا سيدتي
دفاعاً عن حقِّ الفَرَسِ..
في أن تصهلَ كما تشاءْ..
وحقِّ المرأةِ.. في أن تختار فارسَها
كما تشاءْ..
وحق الشَجَرةِ في أن تغيّرَ أوراقها
وحقِّ الشعوب في أن تغيِّر حُكامَها
متى تشاءْ….
11
أريدُ أن أحبَّكِ..
حتى أُعيدَ إلى بيروتَ، رأسَها المقطوعْ
وإلى بَحْرِها، معطَفَهُ الأزرقْ
وإلى شعرائِها.. دفاترَهُمْ المُحْتَرقَةْ
أريدُ أن أُعيدَ
لتشايكوفسكي.. بَجَعتَهُ البيضاءْ
ولبول ايلوار.. مفاتيحَ باريسْ
ولفان كوخ.. زهرةَ (دوَّار الشمسْ)
ولأراغون.. (عيونَ إلْزَا)
ولقيسِ بنِ المُلوَّحْ..
أمشاطَ ليلى العامريَّهْ….
12
أريدُكِ، أن تكوني حبيبتي
حتى تنتصرَ القصيدةْ…
على المسدَّسِ الكاتِمِ للصوتْ..
وينتصرَ التلاميذْ
وتنتصرَ الوردةْ..
وتنتصر المكتباتْ..
على مصانع الأسلحةْ…
13
أريدُ أن أحبَّكِ..
حتى أستعيد الأشياءَ التي تُشْبِهُنِي
والأشجارَ التي كانَتْ تتبعُني..
والقِططَ الشاميّةَ التي كانت تُخَرْمِشُني
والكتاباتِ .. التي كانَتْ تكتُبُني..
أريدُ.. أن أفتحَ كُلَّ الجواريرْ
التي كانتْ أمّي تُخبِّئُ فيها
خاتمَ زواجها..
ومسْبَحَتها الحجازيَّةْ..
بقيت تحتفظُ بها..
منذُ يوم ولادتي..
14
كلُّ شيءٍ يا سيِّدتي
دَخَلَ في (الكُومَا)
فالأقمارُ الصناعيّةْ
إنتصرتْ على قَمَر الشُعَرَاءْ
والحاسباتُ الالكترونيَّةْ
تفوَّقتْ على نشيد الإنشادْ..
وبابلو نيرودا…
أريدُ أن أُحبَّكِ، يا سيدتي..
قبل أن يُصْبحَ قلبي..
قِطْعَةَ غيارٍ تُباعُ في الصيدلياتْ
فأطِبَّاءُ القُلُوبِ في (كليفلاندْ)
يصنعونَ القلوبَ بالجُمْلَه
كما تُصنعُ الأحذيَةْ..
المراجع
- ↑ محمد سليم، ديوان الإمام الشافعي، مصر : مكتبة ابن سينا، صفحة 15-16-17.
- ↑ الإمام الشافعي، “دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ”، www.adab.com.
- ↑ نزار قباني، ” أحبك حتى ترتفع السماء”، www.aldiwan.net.