أشعار متنوعة
قصيدة تفاؤل
- يقول الشاعر أحمد مطر:
دق بابي كائن يحمل أغلال العبيد بشع
في فمه عدوى وفي كفه نعيٌ
وبعينيه وعيد.
رأسه ما بين رجليه ورجلاه دماء
وذراعاه صديد.
قال: عندي لك بشرى.
قلت: خيرا؟
قال: سجل..
حزنك الماضي سيغدو محض ذكرى.
سوف يستبدل بالقهر الشديد
إن تكن تسكن بالأجر
فلن تدفع بعد اليوم أجرا.
سوف يعطونك بيتا فيه قضبان حديد
لم يعد محتملا قتلك غدرا.
إنه أمر أكيد
قوة الإيمان فيكم ستزيد.
سوف تنجون من النار
فلا يدخل في النار شهيد
قصيدة وَرَدَ الرَّبيعُ، فمرحَباً بوُرُودِهِ
- يقول الشاعر صفي الدين الحلي:
وَرَدَ الرَّبيعُ، فمرحَباً بوُرُودِهِ،
- وبنُورِ بَهجَتِهِ، ونَوْرِ وُرُودِهِ
وبحُسنِ مَنظَرِهِ وطيبِ نَسيمِهِ،
- وأنيقِ ملبسهِ ووشي برودهِ
فصلٌ، إذا افتخرَ الزمانُ، فإنهُ
- إنسانُ مُقلَتِهِ، وبَيتُ قَصيدِهِ
يُغني المِزاجَ عن العِلاجِ نَسيمُهُ،
- باللطفِ عندَ هبوبهِ وركودهِ
يا حبذا أزهارهُ وثمارهُ،
- ونباتُ ناجمهِ، وحبُّ حصيدهِ
وتَجاوُبُ الأطيارِ في أشجارِهِ،
- كَبَناتِ مَعبَدَ في مَواجِبِ عُودِهِ
والغصنُ قد كُسِيَ الغَلائلَ، بعدَما
- أخَذَتْ يَدا كانونَ في تَجرِيدِهِ
نالَ الصِّبَا بعدَ المَشيبِ، وقد جَرَى
- ماءُ الشبيبة ِ في منابتِ عودهِ
والوردُ في أعلى الغصونِ، كأنهُ
- ملكٌ تحفّ بهِ سراة ُ جنودهِ
وكأنما القداحُ سمطُ لآلئٍ،
- هو للقضيبِ قلادة ٌ في جيدهِ
والياسَمينُ كعاشِقٍ قد شَفّهُ
- جورُ الحبيبِ بهجرهِ وصدودهِ
وانظرْ لنرجسهِ الشهيّ كأنهُ
- طرفٌ تنبيهَ بعدَ طولِ هجودهِ
واعجبْ لأذريونهِ وبهارهِ،
- كالتبر يزهو باختلافِ نقودهِ
وانظُرْ إلى المَنظُومِ من مَنثُورِهِ،
- متنوعاً بفصولهِ وعقودهِ
أو ما ترى الغيمَ الرقيقَ، وما بدا
- للعَينِ من أشكالِهِ وطُرُودِهِ
والسّحبُ تَعقُدُ في السّماءِ مآتماً،
- والأرضُ في عُرسِ الزّمانِ وعيدِهِ
ندبتْ فشقّ لها الشقيقُ جيوبهُ،
- وازرَقّ سَوسَنُها للَطمِ خُدودِهِ
والماءُ في تيارِ دجلة َ مطلقٌ،
- والجِسرُ في أصفادِهِ وقُيُودِهِ
والغيمُ يحكي الماءَ في جريانهِ،
- والماءُ يحكي الغيمَ في تجعيدهِ
فابكُرْ إلى رَوضٍ أنيقٍ ظِلُّهُ،
- فالعيشُ بينَ بسيطهِ ومديدهِ
وإذا رأيتَ جَديدَ روضٍ ناضرٍ،
- فارشفْ عتيقَ الراحِ فوقَ جديدهِ
من كفّ ذي هيفٍ يضاعفُ خلقُه
- سُكرَ المُدامِ بشَدوِهِ ونَشيدِهِ
صافي الأديمِ تَرَى ، إذا شاهَدتَهُ،
- تِمثالَ شَخصِكَ في صَفاءِ خُدودِهِ
وإذا بَلَغتَ من المُدامَة ِ غايَة ً،
- فأقلِلْ لتُذكي الفَهمَ بعدَ خُمودِهِ
إنّ المُدامَ، إذا تَزايَدَ حَدُّها
- في الشّربِ، كان النّقصُ في محدودِهِ
قصيدة نداء إلى السعادة
- تقول الشاعرة نازك الملائكة:
في غبار الحياة، في مزلق الأيّ
- ام في كل معبر مسكون
رنّ هذا النشيد مختلج التر
- ديد نشوان بالأسى والحنين
وشدته القرون منذ رأى الفج
- ر بعيني حواء أول حزن
منذ رنّت فؤوس آدم في الصخ
- ر ولم تبق فسحة للتمني
منذ مرّت قوافل البشر الأو
- لى وعمر الوجود بضع سنين
عبروا يبحثون عنها عن الجنّ
- ية الزئبقية التكوين
باسمها يحرثون من أجل عيني
- ها أحبّوا حتى أكتآب الرحيل
ثم ماتوا وأورثوها هواها
- وخفايا كيانها المستحيل
حدّثونا عنها فقالوا فتاة
- غمست في الحرير شوق صباها
ليس تقوى على الحياة إذا جا
- عت إلى رقّة القصور رؤاها
فهي للأغنياء تبسط من اه
- دابها الناعمات ألف خميل
وعلى شعرها العبيري يقضو
- ن لياليهمو كحلم جميل
ثم قالوا جنية تتبع الره
- بان والزاهدين حيث أفاءوا
مثلهم تعشق السكون ويرضي
- ها مكان النعيم خبز وماء
من تراتيلهم تشيّد مأوى
- ظللته سكينة ديريه
من بخور الكهّان جدرانه البي
- ض ومن خشعة الشموع النقيّة
وسواهم يظنّها ربّة الري
- ف وبنت الذرى وأخت الوهاد
ليس يروي إحساسها غير جوّ
- أثقلت عطره أغاني الحصاد
من كؤوس الأزهار حمرة خدّي
- ها وتأوي إلى بيوت الفراش
وتغني لها النواعير والشم
- س إذا قبّلت ذرى الأحراش
وسواهم يروي الحكايات عنها
- كيف تحيى في عالم النغمات
من بكاء الأوتار تنسج أرجو
- حتها الكوكبّية الرعشات
ويقولون إنّ مسكنها الأع
- لى خيالات شاعر مسحور
ظلّلت روحه جدائلها الشق
- ر واسرار طرفها البلوّري
وقلوب تظنّها ربّة الحب
- تصب الرحيق للعشاق
ويقولون إنهّم شهدوها
- تسكب الظلّ في هجير الفراق
ورأوها تهشّ في مقلتي (قي
- س ) مع الدمع والضباب الثقيل
وأحسّوا كيانها المرح الرا
- قص في حزن (توبة) و (جميل)
ومئات تحسّها في شفاه ال
- كأس في غمرة من الهذيان
في ضباب الجنون , في دولة الأج
- ساد في عالم من الأدران
ومئات ترجو العثور عليها
- في زوايا النفوس خلف دجاها
في دروب دكناء يجهد ضوء ال
- قمر الطفل أن يمسّ ثراها
في خفايا مغمورة عنكبوت ال
- شر ألفى فيها سريرا مريحا
وركاب (السيرين) آوت إليها
- والثعابين أثقلتها فحيحا
قصيدة لبيت فيك الشوق حين دعاني
- يقول الشاعر البحتري:
لَبّيتُ فيكِ الشّوْقَ، حينَ دَعَاني،
- وَعَصَيتُ نَهْيَ الشَّيبِ، حينَ نَهَاني
وَزَعَمْتِ أنّي لَستُ أصْدُقُ في الذي
- عِندي مِنَ البُرَحَاءِ، والأشجَانِ
أوَمَا كَفَاكِ بدَمعِ عَينَيَ شاهِداً
- بصَبَابَتِي، وَمُخَبّراً عَنْ شَاني
تَمْضِي اللّيَالي والشّهُورُ، وَحُبُّنَا
- بَاقٍ عَلى قِدَمِ الزّمَانِ الفَاني
قَمَرٌ مِنَ الأقْمَارِ، وَسْطَ دُجُنّةٍ،
- يَمْشِي بِهِ غُصْنٍ مِنَ الأغْصَانِ
رُمتُ التّسَلّي عَنْ هَوَاه فَلَم يَكُنْ
- لي بالتّسَلّي، عَن هَوَاهُ، يَدانِ
وأرَدْتُ هِجْرَانَ الحَبيبِ، فَلم أجد
- كَبِداً تُشَيّعُني عَلى الهِجْرَانِ
أرَبِيعَةَ الفَرسِ اشكُرِي يَدَ مُنعِمٍ
- وَهَبَ الإسَاءَةَ للمُسِىءِ الجَانِي
رَوّعْتُمُ جَارَاتِهِ، فَبَعَثْتُمُ
- مِنْهُ حَمِيّةَ آنِفٍ غَيْرَانِ
لَمْ تَكْرَ عَنْ قَاصِي الرّعِيّةِ عَيْنُهُ،
- فَيََنَامَ عَنْ وِتْرِ القَرِيبِ الدّاني
ضَاقَتْ بِأسْعَدِ أرْضِهَا لَمّا رَمَى
- سَاحَاتِهَا بالرَّجْلِ والفُرْسَانِ
بِفَوَارِسٍ مثْلِ الصُّقُورِ، وَضُمّرٍ
- مَجْدُولَةٍ كَكَوَاسِرِ العُقْبَانِ
لَمّا رَأوْا رَهَجَ الكَتَائِبِ سَاطِعاً،
- قالُوا: الأمَانُ، وَلاَتَ حينَ أمَانِ
يَئِلُونَ من حَرِّ الحَديدِ، وَخَلفَهمْ
- شُعَلُ الظَّبَا، وَشَوَاجِرُ الخِرْصانِ
يَوْمٌ مِنَ الأيّامِ طَالَ عَلَيْهِمُ،
- فَكأنّهُ زَمَنٌ مِنَ الأزْمَانِ
أُيّدْتَ بالنّصْرِ الوَشيكِ، وَأُتْبِعُوا
- في سَاعَةِ الهَيْجَاءِ بالخِذْلاَنِ
رَامُوا النّجَاةَ، وَكيفَ تَنجو عُصْبَةٌ
- مَطْلُوبَةٌ بِالله والسّلطَانِ
جاءَتكَ أسرَى، في الحَديدِ، أذِلّةً،
- مَشْدُودَةَ الأيْدي إلى الأذْقَانِ
فافْكُكْ جَوَامِعَهُمْ بِمَنّكَ، إنّهَا
- سُمِرَتْ على أيْدي نَدًى وَطِعَانِ
لكَ في بَني غَنْمِ بنِ تَغلِبَ نِعمَةٌ،
- فَهَلُمّ أُخْرَى في بَنِي شَيْبَانِ
أعمَامَ نَتْلَةَ، أُمِّكُمُ وَهْيَ الَّتي
- شَرُفَتْ، وإخْوَةَ عَامِرِ الضَّحْيَانِ
نَمِرِيّةٌ، وَلدَتْ لكُم أُسْدَ الشَّرَى،
- والنّمْرُ، بَعدُ، وَوَائِلٌ أخَوَانِ
مَنْ شَاكِرٌ عَنّي الخَليفَةَ في الذي
- أوْلاهُ مِنْ طَوْلٍ، وَمِنْ إحسَانِ
حَتّى لَقَدْ أفضَلْتُ مِنْ إفْضَالِهِ،
- وَرَأيتُ نَهجَ الجُودِ حَيثُ أرَاني
مَلأتْ يَداهُ يَدي، وَشَرّدَ جُودُهُ
- بُخْلي، فأفقَرَني كَمَا أغْنَاني
وَوَثِقْتُ بالخَلَفِ الجَميلِ مُعَجَّلاً
- مِنْهُ، فأعْطَيتُ الذي أعطَاني