أشعار الوفاء
ذهب الوفاء فما أحس وفاء
يقول إبراهيم عبد القادر المازني:
ذهب الوفاء فما أحس وفاء
- وأرى الحفاظ تكلفاً ورياء
الذئب لي أني وثقت وأنني
- أصفى الوداد وأتب ع الفلواء
أحبابي الأدنين مهلاً واعلموا
- أن الوشاة تفرق القرباء
إلّا يكن عطفٌ فردوا ودنا
- ردّاً يكون على المصاب عزاء
إلّا يكن عطفٌ فرب مقالة
- تسلى المشوق وتكشف الغماء
إلّا يكن عطف فلا تحقر جوىً
- بين الضلوع يمزق الأحشاء
هب لي وحسبي منك أنت تك فرقةٌ
- لفظاص يخفف في النوى البرحاء
فإذا ذكرت ليالياً سلفت لنا
- حن الفؤاد ونفس الصعداء
دعني أقول إذا النوى عصفت بنا
- وأجد لي ذكر الهوى أهواء
ما كان أسلس عهده وأرقه
- ولى وألهج بالثنا الشعراء
لا تبخلوا بالبشر وهو سجيةٌ
- فيكم كما حبس السحاب الماء
لا يحسن التعبيس أبلج واضحٌ
- ضحك الجمال بوجهه وأضاء
قد كنت آمل منك أن سيكون لي
- قلبٌ يشاطرني الوفاء سواء
فإذا بكم كالشمس يأبى نورها
- أبد الزمان تلبثا وبقاء
ها هنا حفل وذكرى ووفاء
يقول ابراهيم ناجي:
ها هنا حفلٌ وذكرى ووفاء
- لبّنا أنت ملبِّي الأصدقاء
يا لها من غربة مضنية
- ليس تنجاب وأيام بطاء
ذهب الموت بأغلى صاحب
- وثوى في الترب أوفى الأوفياء
لست أنساك وقد أقبلت لي
- تشتكي غدر صديق قد أساء
آه من جرح ومن قلب على
- ألم الجرح انطوى مر الاباء
كلما آلمك الجرح فأح
- سست به لطّفته بالكبرياء
أيها الشاكي من الدهر استرح
- كلنا يا أيها الشاكي سواء
الجراحات التي عانيتها
- لم تدع أرواحنا إلا ذماء
برم العيش بها لم يشفها
- وتولى الدهر سأمان وجاء
أذن الموت لها فالتأمت
- وشفاها بعدما استعصى الشفاء
لست أرثيكَ أيرثى خالد
- في رحاب الخلد موفور الجزاء
كيف أرثيك أيرثى فاضل
- عاش بالخيرات موصول الدعاء
إنما الدنيا هي الخير على
- قلة الخير وقحط العظماء
إنما الدنيا فتى عاش لكم
- باذلاً من قوته حتى الفناء
فإذا مات فقد عاش بكم
- فهو بالذكرى جدير بالبقاء
ذلك الشاعر قد واساكمُ
- وبكى آلامكم كل البكاء
ذلك الشاعرُ قد غناكمُ
- صادحاً في أيككم بشرى الهناء
وأولو الشعر المصابيح التي
- حطمتهن رياح الصحراء
خلدت أنوارهم رغم البلى
- وبها المدلج في الليل استضاء
سوف يفنى القول إلا قولهم
- ويموت الناس إلا الشعراء
عد إلينا نسمة حائرة
- ذات نجوى وحنين وولاء
ثم حلق بجناحين إلى
- عالم نحن له جد ظماء
طِر مطارَ النسم واترك قدَما
- ثقلت بالشوك في أرض الشقاء
دعا الوفاء وهذا وقت تبيان
يقول خليل مطران:
دَعَا الوَفَاءُ وَهَذَا وَقْتُ تَبْيَانِ
- فَاجْهَرْ بِمَا شِئْتَ مِنْ فَضْل وَإحْسَانِ
وَاذْكُرْ صُروحاً لِسَمْعَانَ مُشَيَّدَةً
- لَمْ يَبْنِهَا من عُصُورٍ قَبْلَهُ بانِي
نَهَى تَوَاضُعُهُ عن أن تَشِيدَ بِهِ
- فَاليَوْمُ لاَ تَكُ لِلنَّاهِي بِمِذْعَانِ
وَحَدِّثِ الشَّرْقَ وَالأَقْوَامُ مُصْغِيَةً
- عَمَّا أحَدَّ لَهُ فِيهَا من الشَّانِ
ألَمْ يَكُ الشَّرْقُ مَهْدَ الفَجْرِ أجْمَعِهِ
- فِي كُلِّ فَنِّ أَخْذَنَاهُ وَعِرْفَانِ
تَجَاهَلَتْ قَدْرُهُ الدُّنْيَا وَمَا جَهَلَتْ
- لَكِنَّ قَدِيمٍ رَهْنُ نَسْيَانِ
تِلْكَ القِوَى لَمْ تَزَلْ فِي القَوْمِ كَامِنَةً
- وإن طَوَتْهَا اللَّيَالِي مُنْذُ أزْمَانِ
هِيَ الكُنُوزُ الَّتِي لَوْ قُوِّمَتْ لأَبَتْ
- نَفَاسَةً كُلِّ تَقْويمٍ بِأَثْمَانِ
ظَلَّ الجُمُودُ عَلَى أَبْوَابِهِ رَصْداً
- حَتَّى تَجَلِّتْ فَفَاقَتْ كُلَّ حَسْبَانِ
أمْجِدْ بِسَمْعَانَ إذْ أَبْدَى رَوَائِعِهَا
- وَرُدَّ حُجَّةَ من مَارَى بِبُرْهَانِ
فَقَدْ أمَاطَ حِجَابَ الرَّيبِ عن هِمَمٍ
- إن أُطْلِقَتْ سَبَقَتْ فِي كُلِّ مَيْدَانِ
وَسَارَ فِي طَلَبِ العَلْيَاءِ سِيرَتَهُ
- لاَ يَرْتَضِي بِمَقَامٍ دُونَ كِيوَانِ
فَعَزَّ فِي شَمْلِهِ وَالشَّمْلُ عَزَّ بِهِ
- وَرُبَّ فَرْدٍ بِهِ بَعْثٌ لأِوْطَانِ
فَتْحٌ جَدِيدٌ لِهَذَا العَصْرِ يُقْرَأُ فِي
- عُنوَانِهِِ اسْمُ سَلِيبٍ وَاسْمُ سَمْعَانِ
سَليمٌ العَلَمُ الفَرْدُ الَّذِي بَعُدَتْ
- بِهِ النَّوى وَهْوَ فِي آثَارِهِ دَانِي
الحَازِمُ العَازِمُ المَرْهُوبُ جَانِبُهُ
- وَالمَانِحُ الصَّافِحُ المَحْبُوثُ فِي آنِ
فِي دَوْحَةِ الصَّيْدْنَاوِيِّ الَّتِي بَسَقَتْ
- إلى العَنَانِ هُمَا فِي النُّبْلِ صِنْوَانِ
صِنْوَانِ إنْ يَكُ حَالَ البَيْنُ بِيْنَهُمَا
- فَقَدْ زَكَا بِمَكَانِ الأوَّلِ الثَّاني
وَفِي فُرُعِهَمَا مَن تُسْتَدَامُ بِهِ
- خَيْرُ الحَيَالتَيْنِ لِلْبَاقِي وَلِلْفَاني
مِنْ كُلِّ رَيَّانِ ذِي ظِلٍّ وَذِي ثَمَرٍ
فقدت البحور وأهل الوفاء
يقول أبو العلاء المعري:
فَقَدتُ البُحورَ وَأَهلَ الوَفاءِ
- وَأَصبَحتُ في غَدرٍ كَالغُدُر
وَما زالَ يَردُؤُ ذاكَ الجَوادُ
- حَتّى أَبَرَّ عَلَيهِ الكُدُر
تَعودُ الجُسومُ إِلى عُنصُرٍ
- بِهِ مَدَرَت في الحِياضِ المُدُر
يَشُقُّ الحَريصُ عَلى نَفسِهِ
- وَيَطلُبُ مِن عَيشِهِ أَن يَدُر
وَيَأتي الفَتى رِزقُهُ وادِعاً
- وَلَو كانَ في النيقِ عِندَ الفُدُر
فَلا تَغبِطَنَّ ذَوي نِعمَةٍ
- فَإِنَّ المَنايا غِضابٌ هُدُر
وَلَو عَوَّضوا عَنبَراً عَن بُراً
- وَبُدَّلَ يَوماً حَصاهُم بِدُرّ
جَرى خُلُفٌ وَاِدَّعى المُدَّعونَ
- إِنّا عَلى ما أَرَدنا قُدُر
وَقالَت مَعاشِرُ لا نَستَطيعُ
- بَلَ نَحنُ مِثلُ الرُبى وَالجُدُر
وَكُلُّ يُؤَمَّلُ صَفوَ الحَياةِ
- وَذَلِكَ في فَلَكٍ لَم يَدُر
عاهدونا على الوفاء فخانوا
يقول ابن زاكور:
عَاهَدُونَا عَلَى الْوَفَاءِ فَخَانُوا
- فَكَأنَّا عَلَى الْخِلاَفِ اصْطَحَبْنَا
لَوْ عَلِمْنَا اطِّرَادَ نَقْضِ الأَمَانِي
- لاَعْتَمَدْنَا عَكْسَ الْمُرَادِ فَفُزْنَا
أبا حكم أين عهد الوفاء
يقول ابن جبير الشاطبي:
أبَا حَكَمٍ أينَ عَهدُ الوَفَاءِ
- فَقِدماً عَهدتُكَ تُعزَى إليهِ
وَما العُذرُ في أن أتَاكَ الرسول
- فأصدَرتَهُ ضارِباً لِصَدرَيهِ
قسما ما حلت عن عهد الوفاء
يقول ابن نباته المصري:
قسماً ما حلت عن عهدِ الوفاء
- بعد مصرَ لا ولا نيلَ بكائي
حبها تحتي وفوقي ويميني
- وشمالي وأمامي وورائي
فهي ستي من جهاتي ولديها
- سيّدي من حيث ودِّي وولائي
ناصر الدين الذي ابيضَّ ثنا
- تُضرَبُ الأمثال فيه بالثناء
شائد البيتِ الذي ما زال يمشي
- حالُ مثلي من ذويه بضياء
سادة السادات من دين ودنيا
- بلغاءٍ وزراءٍ أولياء
لا عدمنا قصصاً للمدح فيهم
- داعياً كالنمل وفد الشعراء
كيف حالت بعد الوفاء عهوده
يقول أبو الحسين الجزار:
كيف حالَت بعد الوفاءِ عهودُه
- وتَمَارى هِجرانه وصُدُودُه
وأمالتهُ للوشاة ظنونٌ
- يُبدئ العذرُ وهمَها ويُعيدهُ