أشعار ذات معنى

ولّى الصّيامُ وجاءَ الفطرُ بالفرحِ

  • أبو النواس:

ولّى الصّيامُ وجاءَ الفطرُ بالفرحِ

وأبْدَتِ الكأسُ ألواناً من الْمُلَحِ

وزارَكَ اللّهْوُ في إبّانِ دَوْلَتِهِ

مُجَدَّدَ اللهو بين العودِ والقدحِ

فليسَ يُسْمَعُ إلا صوتُ غانية ٍ

مجْهودة ٍ جدّدَتْ صوتـاً لمقترحٍ

و الخمرُ قد بَرَزَتْ في ثوبِ زينتِها

فالناسُ ما بين مخمورٍ ومصْطبحِ

يا أيها ذا الوطن المفدى

  • يقول جبران خليل جبران:

يا أيها ذا الوطن المفدى

تلق بشراً وتمل السعدا

لم يرجع العيد مريباً إنما

أراب قوم منك ضلوا القصدا

يا عيد ذكر من تناسى أننا

لم نك من آبقة العبدى

كنا على الأصفاد أحرارا سوى

أن الرزايا ألزمتنا حدا

كنا نجيش من وراء عجزنا

كمتوالي الماء لاقى سدا

حتى تدفقنا إلى غايتنا

تدفق الأتي أو أشدا

وكل شعب كاسر قيوده

بالحق ما اعتدى ولا تعدى

فلم نكن إلا كراما ظلموا

فاستنصفوا ولم نطش فنردى

إني أحس في الصدور حرجا

يقيمها وفي الزفير صهدا

إياكم الفتنة فهي لو فشت

في أجمات الأسد تفني الأسدا

أما رأيتم صدأ السيف وقد

غال الفرند ثم نال الغمدا

فلا تفرقوا ولا تنازعوا

أعداؤنا شوس وليسوا رمدا

أخاف أن نمكنم منا بما

يقضي لهم ثأرا ويشفي حقدا

أو أن نقيم حججا دوامغا

لهم علينا فنجيء إدا

قد زعموا الشورى لنا مفسدة

على صلاحها أقالوا جدا

وهل أزلنا مستبدا واحدا

عنا كدعواهم لنستبدا

دعاة الاستثثار إن لم تنتهوا

وترعووا ساء المصير جدا

بصحة الشورى نصح كلنا

فإن أربنا قتلتنا عمدا

في كل شعب كثرت أجناسه

لا شيء كالقسط يصون العقد

تشاركوا في الحكم واختاروا له

خيار كل ملة يستدا

إن السراج للذي جاوره

أجلى من النجم سنى وأهدى

تعاونوا ترقوا فإن تنافروا

على الحطام لم تصيبوا مجدا

أغلى تراث في يديكم فاحرصوا

من قدر الذخر تفادى الفقد

دولتنا دولتنا نذكرها

بأنفس تدمى عليها وجدا

ألحرة المنجبة الأم التي

بالمال تشرى والقلوب تفدى

إخشوا علينا اليتم منها فلقد

أرى أمر اليتم أحلى وردا

وأنتم يا أمتي أريدكم

عند رجائي حكمة ورشدا

يا أمتي بالعلم ترقون العلى

وتكسبون رفعة وحمدا

وبالوفاق تملكون أمركم

وتغنمون العيش طلقا رغدا

فمن يخالف صابروه إنه

لذاهب فراجع لا بدا

أليس تائبا إلى حياته

من لمح الخطب بها قد جدا

فإن غوى أخو نهى فمهلة

حتى يرده نهاه ردا

متى أرى الشرقي شيئا واحدا

كما أرى الغربي شيئا فردا

متى أرانا أمة توافقت

لا مللا ممتسكات شدا

كم سبقتنا أمة فاتحدت

وأدركت شأنا به معتدا

قام بنوها كالعماد حولها

فبسطوا رواقها ممتدا

سعت إلى غايتها قصدا على

تثبت فبلغتها قصدا

تلك لعمري سنة نجا بها

من قبل أقوام . . . أنتحدى

ليأت حرصنا على البقاء أن

جدت بنا حال ولا نجدا

كالطلل الباقي على إقوائه

لا عامرا يلفى ولا منهدا

نصيحتي نظمتها ودا لكم

ولو نثرت لم أزدها ودا

ألفاظها ندية بأدمعي

على التلظي والمعاني أندى

أرسلتها مع الضمير مثلما

جاءت وما أفرغت فيها جهدا

إني أبالي وطني أصدقه

وما أبالي للوشاة نقدا

كم صديق عرفته بصديق

  • يقول البحتري:

كَمْ صَدِيقٍ عرَّفْتُهُ بِصَديقٍ

صَارَ أَحْظَى مِنَ الصَّدِيق ِالعتِيقِ

وَرَفِيقٍ رَافَقْتُهُ في طَرِيقٍ

صَارَ بَعْدَ الطَّريقِ خَيْرَ رَفِيقِ

لأن الشوق معصيتي

  • يقول فاروق جويدة:

لا تذكري الأمس إني عشتُ أخفيه..

إن يَغفر القلبَ.. جرحي من يداويه.

قلبي وعيناكِ والأيام بينهما..

دربٌ طويلٌ تعبنا من مآسيه..

إن يخفقِ القلب كيف العمر نرجعه..

كل الذي مات فينا.. كيف نحييه..

الشوق درب طويل عشت أسلكه..

ثم انتهى الدرب وارتاحت أغانيه..

جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا..

واليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه..

مازلتُ أعرف أن الشوق معصيتي..

والعشق والله ذنب لستُ أخفيه..

قلبي الذي لم يزل طفلاً يعاتبني..

كيف انقضى العيد.. وانقضت لياليه..

يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني..

كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه..

حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا..

عدنا إلى الحزن يدمينا.. ونُدميه..

مازال ثوب المنى بالضوء يخدعني..

قد يُصبح الكهل طفلاً في أمانيه..

أشتاق في الليل عطراً منكِ يبعثني..

ولتسألي العطر كيف البعد يشقيه..

ولتسألي الليل هل نامت جوانحه..

ما عاد يغفو ودمعي في مآقيه..

يا فارس العشق هل في الحب مغفرة..

حطمتَ صرح الهوى والآن تبكيه..

الحب كالعمر يسري في جوانحنا..

حتى إذا ما مضى.. لا شيء يبقيه..

عاتبت قلبي كثيراً كيف تذكرها..

وعُمرُكَ الغضّ بين اليأس تُلقيه..

في كل يوم تُعيد الأمس في ملل..

قد يبرأ الجرح.. والتذكار يحييه..

إن تُرجعي العمر هذا القلب أعرفه..

مازلتِ والله نبضاً حائراً فيه..

أشتاق ذنبي ففي عينيكِ مغفرتي..

يا ذنب عمري.. ويا أنقى لياليه..

ماذا يفيد الأسى أدمنتُ معصيتي..

لا الصفح يجدي.. ولا الغفران أبغيه..

إني أرى العمر في عينيكِ مغفرة..

قد ضل قلبي فقولي.. كيف أهديه

ذهب الوفاء فما أحس وفاء

  • يقول إبراهيم عبد القادر المازني:

ذهب الوفاء فما أحس وفاء

وأرى الحفاظ تكلفاً ورياء

الذئب لي أني وثقت وأنني

أصفى الوداد وأتب عالفلواء

أحبابي الأدنين مهلاً واعلموا

أن الوشاة تفرق القرباء

إلّا يكن عطفٌ فردوا ودنا

ردّاً يكون على المصاب عزاء

إلّا يكن عطفٌ فرب مقالة

تسلى المشوق وتكشف الغماء

إلّا يكن عطف فلا تحقر جوىً

بين الضلوع يمزق الأحشاء

هب لي وحسبي منك أنت تك فرقةٌ

لفظاص يخفف في النوى البرحاء

فإذا ذكرت ليالياً سلفت لنا

حن الفؤاد ونفس الصعداء

دعني أقول إذا النوى عصفت بنا

وأجد لي ذكر الهوى أهواء

ما كان أسلس عهده وأرقه

ولى وألهج بالثنا الشعراء

لا تبخلوا بالبشر وهو سجيةٌ

فيكم كما حبس السحاب الماء

لا يحسن التعبيس أبلج واضحٌ

ضحك الجمال بوجهه وأضاء

قد كنت آمل منك أن سيكون لي

قلبٌ يشاطرني الوفاء سواء

فإذا بكم كالشمس يأبى نورها

أبد الزمان تلبثا وبقاء