قصيدة عن الحياة

رُويدَكِ شمسَ الحَياة

  • يقول نسيب عريضة:

رُويدَكِ شمسَ الحَياة

ولا تُسرعي في الغُروب

فما نالَ قلبي مُناه

وما ذاقَ غيرَ الخُطوب

حَنانَيكَ داعي الرَحيل

أنَمضي كذا مُرغَمِين

ولم نَروِ بعدُ الغلِيل

فَمَهلا ودَعنا لِحِين

أَتمضي الحياةُ سُدى

وما طالَ فيها المَقام

ولم نَجتَز المُبتَدا

فَسُرعانَ يأتي الخِتام

أنَمضِي ولمّا نَنَل

رَغائبَ نفسٍ طَموح

أنَقضِي ويقضِي الأمل

وتَندَكُ تلك الصُروح

ألا فُسحةٌ في الآجَل

ألا رَحمةٌ أو رَجاء

ألا مُهلةٌ أو بَدَل

ألا عَفوَ عندَ القَضاء

حَنانَيكَ أينَ الذَهاب

وأينَ مَصِيرُ النُفوس

أنجتازُ هذا التُراب

لنبلُغَ سُبلَ الشُموس

لماذا نَزَلنا بها

وصِرنا عليها عبيد

اذا كان فوقَ السُهى

مصيرُ النفوس العَتيد

اذا كان قصد الصَمَد

بذاك عِقابَ النُفوس

فما كان ذَنبُ الجَسَد

ليغدو شرِيكَ البُؤوس

بربِّكَ قُل يا دَليل

إلى أين تُفضي الطريق

فقد حارَ عقلي الكليل

أمام الظلامِ المُحِيق

سنترُكُ هذي الرُبوع

كَشَمسٍ دَهاها الغِياب

وللشمسِ صُبحاً رُجوع

أَليسَ لنا من إياب

أَنَمضي كذا جاهِلين

حيارى مَطايا الأسَف

ويَبقى المَلا ذاهِلين

فَطُوبى لعقلٍ عَرَف

كفاكِ عَناً يا فِكر

تَعِبتِ بلا طائلِ

فما نحنُ ألا أثر

على الرملِ في السَاحِلِ

سنبقَى قليلاً هُنا

إلى المَدِّ حتى يَعود

فيَمضي سِراعاً بنا

إلى البحر بحرِ الخُلود

أشمسَ الحياةِ اغربي

ولا تُمهليني لِغَد

فما حاصلٌ مَطلَبي

ولو طالَ عُمري الأبد

أشمسَ الحياةِ اسرعي

وغِيبي فأنتِ خَيال

أشمسَ الخُلودِ اسطَعي

اليكِ اليكِ المآل

إكسير الحياة

  • يقول حمد بن خليفة أبو شهاب:

أرى الشعر إلا فيك تزهو سطوره

وينساب من فرط السرور نميره

فأنت له يا قرة العين واحة

يحف بها روض تهادى غديره

فإن حلقت ألفاظه وتألقت

معانيه فالحب الجميل أميره

يوجهه للبيّنات فيرتوي

من المنهل العذب المصفى شعوره

فأنت له يا نفحة العمر ظله

ومغناه في دنيا الهوى وزهوره

وأنفاسه من طيب رياك تنتشي

ولولاك ما طابت ونثت عطوره

ولولاك ما غنى على البان ساجع

ولا رفرفت في الخافقين طيوره

ولولاك ما حلو الزمان ومره

بمجد ولا برد الفضا وهجيره

فحبك إكسير الحياة وروحها

ومأوى فؤاد لم يجد من يجيره

سواك وأما في سواك فليس لي

مراد وقلبي ما سواك يثيره

وما قلت من شعر ففيك نظيمه

وما قلت من نثر ففيك نثيره

أبى الشعر إلا فيك يا غاية المنى

تضيء بنور الرائعات سطوره

ألا هل إلى طول الحياة سبيل

ألا هل إلى طول الحياة سبيل

وأنى وهذا الموت ليس يحول

وإني وإن أصبحت بالموت موقنا

فلي أمل من دون ذاك طويل

وللدهر ألوان تروح وتغتدي

وإن نفوسا بينهن تسيل

ومنزل حق لا معرج دونه

لكل امرئ منها إليه سبيل

قطعت بأيام التعزز ذكره

وكل عزيز ما هناك ذليل

أرى علل الدنيا علي كثيرة

وصاحبها حتى الممات عليل

وإني لمشتاق إلى من احبه

فهل لي إلى من قد هويت سبيل

وإني وإن شطت بي الدار نازحا

وقد مات قبلي بالفراق جميل

فقد قال في الامثال في البين قائل

أضربه يوم الفراق رحيل

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وكل الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي فاطما بعد أحمد

دليل على أن لايدوم خليل

وكيف هناك العيش من بعد فقدهم

لعمرك شئ ما إليه سبيل

سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي

ويظهر بعدي للخليل عديل

وليس خليلي بالملول ولا الذي

إذا غبت يرضاه سواي بديل

ولكن خليلي من يدوم وصاله

ويحفظ سري قلبه ودخيل

إذا انقطعت يوما من العيش مدتي

فان بكاء الباكيات قليل

يريد الفتى أن لايموت حبيبه

وليس إلى ما يبتغيه سبيل

وليس جليلا رزء مال وفقده

ولكن رزء الاكرمين جليل

لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع

وفي القلب من حر الفراق غليل

مدرسة الحياة

  • يقول عبد الله البردوني:

ماذا يريد المرء ما يشفيه

يحسو روا الدنيا و لا يرويه

و يسير في نور الحياة و قلبه

ينساب بين ضلالة و التيه

والمرء لا تشقيه إلاّ نفسه

حاشى الحياة بأنّها تشقيه

ما أجهل الإنسان يضني بعضه

بعضا و يشكو كلّ ما يضنيه

ويظنّ أن عدوّه في غيره

وعدوّه يمسي و يضحي فيه

غرّ ويدمي قلبه من قلبه

ويقول : إن غرامه يدميه

غرّ وكم يسعى ليروي قلبه

بهنا الحياة و سعيه يظميه

يرمي به الحزن المرير إلى الهنا

حتّى يعود هناؤه يرزيه

ولكم يسيء المرء ما قد سرّه

قبلا و يضحكه الذي يبكيه

ما أبلغ الدنيا و أبلغ درسها

وأجلّها و أجلّ ما تلقيه

ومن الحياة مدارس و ملاعب

أيّ الفنون يريد أن تحويه

بعض النفوس من الأنام بهائم

لبست جلود الناس للتمويه

كم آدمي لا يعدّ من الورى

إلاّ بشكل الجسم و التشبيه

يصبو فيحتسب الحياة صبيّة

وشعوره الطفل الذي يصبيه

قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى

ما قيمة الإنسان ما يعليه

واسمع تحدّثك الحياة فإنّها

أستاذة التأديب و التّفقيه

وانصب فمدرسة الحياة بليغة

تملي الدروس و جلّ ما تمليه

سلها وإن صمتت فصمت جلالها

أجلى من التصريح و التنويه

سَئِمْتُ الحياة َوما في الحياة

سَئِمْتُ الحياة وما في الحياة ِ

وما أن تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ

سَئِمتُ اللَّيالي، وَأَوجَاعَها

وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ

فَحَطّمتُ كَأسي، وَأَلقَيتُها

بِوَادي الأَسى وَجَحِيمِ العَذَابْ

فأنَّت، وقد غمرتها الدموعُ

وَقَرّتْ، وَقَدْ فَاضَ مِنْهَا الحَبَابْ

وَأَلقى عَلَيها الأَسَى ثَوْبَهُ

وَأقبرَها الصَّمْتُ والإكْتِئَابْ

فَأَينَ الأَمَانِي وَأَلْحَانُها؟

وأَينَ الكؤوسُ؟ وَأَينَ الشَّرابْ

لَقَدْ سَحَقَتْها أكفُّ الظَّلاَمِ

وَقَدْ رَشَفَتْها شِفَاهُ السَّرابْ

فَمَا العَيْشُ فِي حَوْمة ٍ بَأْسُهَا

شديدٌ، وصدَّاحُها لا يُجابْ

كئيبٌ، وحيدٌ بآلامِه

وأَحْلامِهِ، شَدْوُهُ الانْتحَابْ

ذَوَتْ في الرَّبيعِ أَزَاهِيرُهَا

فنِمْنَ، وقَد مصَّهُنَّ التّرابْ

لَوينَ النَّحورَ على ذِلَّة ٍ

ومُتنَ، وأَحلامَهنَّ العِذابْ

فَحَالَ الجَمَالُ، وَغَاضَ العبيرُ

وأذوى الرَّدى سِحرَهُنَّ العُجابْ