أشعار عن الظلم والفساد
قصيدة أيها الظالم مهلاً
يقول أسامة بن منقذ:
أيها الظالم مهلاً
- أنتَ بالحاكمِ غرُّ
كل ما استعذبت من جو
- جَوْرك تعذيبٌ وجَمْرُ
ليس يلقى دعوة المظـ
- ـلومِ دونَ الله سِتْرُ
فخف الله فما يخـ
- ـفى عَلَيْه منهُ سرُّ
يجمع الظالم والمظـ
- ـلومَ بعد الموتِ حَشْرُ
حيث لا يمنع سلـ
- نٌ، ولا يُسْمَعُ عُذْرُ
أَوَ مَا ينهاكَ عن ظُلـ
- ـمك موت ثم قبر
بعض ما فيه من الـ
- هوالِ فيه لكَ زَجْرُ.
قصيدة أمن الفساد طغيت نهر السين
يقول جبران خليل جبران:
أمن الفساد طغيت نهر السين
- أم لست في دنيا ولا في دين
لعب تلاعبه الهيولى جائحا
- بالنار أو بالماء أو بالطين
تلك المياه تجمعت وتدفعت
- عن دجن أخلاف ودكن عيون
طمت فمت بالبوار ولم تذر
- حقل الفقير ولا حمى المسكين
خرساء أو هدارة في سيرها
- جرافة بالعنف أو باللبن
حتى إذا ضاق العقيق وضمها
- سدان من صخر أصم متين
جست أساهما تعالج نقضه
- فعصى فمتر باصطحاب جنون
وتراكبت لتنال من أعلاهما
- تفدكه خلوا من التمكين.
قصيدة بَلَوْتُ بَني الدُّنيا فَلَمْ أَرَ فِيهمُ
يقول الإمام الشافعي:
بَلَوْتُ بَني الدُّنيا فَلَمْ أَرَ فِيهمُ
- سوى من غدا والبخلُ ملءُ إهابه
فَجَرَّدْتُ مِنْ غِمْدِ القَنَاعَة ِ صَارِماً
- قطعتُ رجائي منهم بذبابه
فلا ذا يراني واقفاً في طريقهِ
- وَلاَ ذَا يَرَانِي قَاعِداً عِنْدَ بَابِهِ
غنيِّ بلا مالٍ عن النَّاس كلهم
- وليس الغنى إلا عن الشيء لابه
إِذَا مَا ظَالِمٌ اسْتَحْسَنَ الظُّلْمَ مَذْهباً
- وَلَجَّ عُتُوّاً فِي قبيحِ اكْتِسابِهِ
فَكِلْهُ إلى صَرْفِ اللّيَالِي فَإنَّها
- ستبدي له مالم يكن في حسابهِ
فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا ظَالِماً مُتَمَرِّداً
- يَرَى النَّجْمَ تِيهاً تحْتَ ظِلِّ رِكابِهِ
فَعَمَّا قليلٍ وَهْوَ في غَفَلاتِهِ
- أَنَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِهِ
فَأَصْبَحَ لا مَالٌ وَلاَ جاهٌ يُرْتَجَى
- وَلا حَسَناتٌ تَلْتَقي فِي كتَابِهِ
وجوزي بالأمرِ الذي كان فاعلاً
- وصبَّ عليهِ الله سوطَ عذابه.
قصيدة أرى فساداً وشراً ضاع بينهما
يقول أحمد محرم:
أرى فساداً وشراً ضاع بينهما
- أمر العباد فلا دينٌ ولا خلق
سيل تدافع بالآثام زاخره
- ما قلت أمسك إلا انساب يندفق
نال النفوس فمبتلٌ يقال له
- ناجٍ وآخر في لجاته غرق
الدهر مغتسلٌ من ذنبه بدمٍ
- والأرض بالنار ذات الهول تحترق
قومٌ إذا ما دعا داعي الهدى نكصوا
- فإن أهاب بهم داعي العمى استبقوا
لم يبق من محكم التنزيل بينهمو
- إلا المداد تراه العين والورق
ضاقت بهم طرق المعروف واتسعت
- ما بين أظهرهم للمنكر الطرق
ضج الصباح لما لاقت طلائعه
- من سوء أعمالهم واستعبر الغسق
لم يفسق القوم غالتهم خبائثهم
- في الذاهبين من الأقوام ما فسقوا
ماتوا من الجبن واشتدت إغارتهم
- على الإله فلا جبن ولا فرق
هم حاربوه وما خافوا عقوبته
- حتى رماهم فأمسى القوم قد صعقوا
أذاقهم مضض البلوى وجرعهم
- من الهوان ذنوباً ماؤه دفق
يأتي الحصاد فيمضي الغاصبون بما
- عاف الجراد وأبقى الدود والعلق
راحوا بطاناً وباتت مصر طاوية ً
- غرثى تشد على أحشائها النطق
لم يبق منها وإن ظنوا الظنون بها
- إلا الذماء يعاني الموت والرمق
عجبت للقوت يعيي القوم تحملهم
- أرضٌ تدفق فيها النيل والعرق
ما يهدأون وما ينفك كادحهم
- مشرداً في طلاب العيش ينطلق
فرعون أكرم عهداً في سياسته
- من مستبدين لولا الظلم ما خلقوا
قالوا غويتم فجئناكم لنرشدكم
- ثم الجلاء فما بروا ولا صدقوا
صوت الأباطيل في أفياء دولتهم
- عالٍ يصيح وصوت الحق مختنق
رث الجديدان واسترخى لهم طولٌ
- من المظالم لا رث ولا خلق
ما ينقضي نسق من سوء رعيتهم
- إلا تجدد فينا بعده نسق
طال المقام فإن بتنا على قلقٍ
- فالدهر مضطربٌ من ظلمهم قلق
ظنوا القلوب تواليهم وغرهمو
- رضى الذليل وقول الزور والملق
ما كنت أخشى لأهل الظلم غائلة ً
- لو اتفقنا ولكن كيف نتفق
متى أرى الأمر بعد الصدع ملتئماً
- والقوم لا شيعٌ شتى ولا فرق
ويح الكنانة أمست من تفرقهم
- حيرى الرجاء فما تدري بمن تثق
كل له مذهب يرجو الفلاح به
- والحق يعرفه ذو الفطنة اللبق
سيعلم القوم عقبى الخائنين وما
- جنى الغرور وجر الجهل والخرق.
قصيدة أفق إن ظلم الدهر غير مفيق
يقول البحتري:
أَفِقْ، إِنَّ ظُلْمَ الدَّهْرِ غَيْر مُفِيقِ
- وَإِِنَّ رَفِيقَ الْبَثِّ شَرُّ رَفِيقِ
تَشَعَّبُ بِي مُسْتَأْنَفَاتُ فُنُونِهِ
- طَرِيقاً الى الأَشْجَانِ غَيْرَ طَرِيقي
فَنَفْسي فَرِيقا قِسْمَةٍ ،أَغفلَ الهوى
- فَرِيقاً ،وأَوْدَى شُغْلُهُ بِفرِيقِ
وفي كَبِدِي نارُ اشْتِياقٍ كَأَنَّها
- إِذا أُضْرِمَتْ لِلْبُعْدِ نَارُ حَرِيقِ
لِذكرى زَمَانٍ بانَ مِنَّا بِنَصْرةٍ
- وَعَيْشٍ مَضَى بالرَّقَّتَيْن رَقيقِ
كَتَمْتُكَ لَمْ أُخْبِرْكَ عن ذُلِّ عاشقٍ
- تَمادَى بهِ وَجْدٌ ، ودَلِّ عَشِيقِ
وَإِنِّي بَرِيٌّ مِنْ وِدَادِ أَصادِقٍ
- وِدَادُهُمُ بالغَيْبِ غَيْرُ صَدُوقِ
شَبِيهانِ :إِحْسَاني بِهِمْ وإِسَاءَتي،
- ومِثْلاَنِ : بِريِّ عِنْدَهُمْ وعُقُوقي
أَقولُ، وَخَلَّى صاحِبايَ إِرادتي
- وَقَدْ سَلَكا بالأَمْسِ غيرَ طَريقي:
خُذاني عَلَى مِيمَاسِ حِمْصٍ فإِنَّني
- إِلى خِلِّيَ الحِمصِيِّ جِدُّ مشُوقٍ
أَشاقُ عَلَى العهْدِ القَديمِ،وأَبتْغِي
- زِيادةَ قُرْبٍ مِنْهُ وَهْوَ لَصِيقي
يَطُولُ بِكفٍّ في السَّماحةِ طَلْقةٍ
- وَوْجَةٍ إِلى المُسْترْفِدِينَ طَليقِ
له حَسَبٌ في الأَقدَمِين مُقَدَّمٌ،
- ونابِهُ فَخْرٍ في الفخَارِ عَتِيقِ
مَتَى اخْتُبِرَ الفِتيانُ عن حَمْلِ مُغْرمٍ
- فَمِنْ عاجِز عن آدِهِ ومُطِيقِ
وَجَدتُ شَقِيقَ الجُودِ دُونَهُمُ أَبَا
- عَلِيِّ على عَلاَّتهِ ابْنَ شَقيقِ
فَتىً لِدنِيِّ الأَمرِ جِدُّ مُباعِدِ
- وبالخُلقِ المَرضىِّ جِدُّ خَلِيقِ
أَعُدُّ بِهِ ذُخْرِي ليُسْرِي وعُسْرَتي،
- ومُعْتَصَرِي في فَرْجَتي ومَضيفي
وأدْنى بَني عَمِّي إِلَّي،وإِنَّما
- دُنُوُّ ابْنِ عَمِّي أَنْ يَكُونَ صَديقي.