أشعار عن الطبيعة

من قصيدة في أحضان الطبيعة للشاعرة نازك الملائكة

اقنعوا من حياتكم بهوى الفنّ

وسحر الطبيعة المعبود

واحلموا بالطيور في ظلل الأغ

صان بين التحليق والتغريد

اعشقوا الثلج في سفوح جبال ال

أرض والورد في سفوح التلال

وأصيخوا لصوت قمرّية الحق

ل تغني في داجيات الليالي

اجلسوا في ظلال صفصافة الوا

دي وأصغوا إلى خرير الماء

واستمدّوا من نغمة المطر السا

قط أحلى الإلهام والإيحاء

وتغّنوا مع الرعاة إذا مرّ

وا على الكوخ بالقطيع الجميل

وأحبوا النخيل والقمح والزه

ر وهيموا في فاتنات الحقول

شجرات الصفصاف أجمل ظلاّ

من ظلال القصور والشرفات

وغناء الرعاة أطهر لحنا

من ضجيج الأبواق والعجلات

وعبير النارنج أحلى وأندى

من غبار المدينة المتراكم

وصفاء الحقول أوقع في النف

س من القتل والأذى والمآثم

وغرام الفراش بالزهر أسمى

من صبابات عاشق بشريّ

ونسيم القرى المغازل أوفى

لعهود الهوى من الآدميّ

وحياة الراعي الخياليّ أهنأ

من حياة الغنيّ بين القصور

في سفوح التلال حيث القطيع ال

حلو يرعى على ضفاف الغدير

حيث تثغو الأغنام في عطفة المر

ج وتلهو في شاسعات المجالي

وينام الراعي المغرّد تحت السّ

رو مستسلما لأيدي الخيال

في يديه الناي الطروب يناجي

ه ويشدو على خطى الأغنام

مستمدّا من همس ساقية السف

ح لحون الشباب والأحلام

آه لو عشت في الجبال البعيدا

ت أسوق الأغنام كل صباح

وأغنّي الصفصاف والسرو أنغا

مي وأصغي إلى صفير الرياح

أعشق الكرم والعرائش والنب

ع وأحيا عمري حياة إله

كلّ يوم أمضي إلى ضّفة الوا

دي وأرنو إلى صفاء المياه

اصدقائي الثلوج والزهر والأغ

نام، والعود مؤنسي ونجّيي

ومعي في الجبال ديوان شعر

عبقريّ لشاعر عبقريّ

أتغّنى حينا فتصغي إلى لح

ني مياه الوادي ومرتفعاته

وأناجي الكتاب حينا وقربي

هدهد شاعر صفت نغماته

وخرير من جدول معشب الضفّ

ة يجري إلى حفاف الوادي

وثغاء عذب من الغنم النش

وى وهمس من النسيم الشادي

آه لو كان لي هنالك كوخ

شاعريّ بين المروج الحزينه

في سكون القرى ووحشتها أق

ضي حياتي لا في ضجيج المدينه

ليتني من بنات تلك الجبال ال

غنّ حيث الجمال في كل ركن

ليتني ليتني وهل تبعث الأح

لام إلا الدموع في كلّ عين

قدّرت لي السنين أني هنا أق

ضي حياتي قلبا رقيقا شجيّا

في ضباب الخيال أمشي وحولي

عالم للغنى يموت ويحيا

قد أحبوا أيامهم وتمّرد

ت عليها فعشت في أحلامي

إن أكن قد ولدت في هذه الضجّ

ة فلألتجيء إلى أوهامي

ولأعش في الخيال حيث تهيم ال

روح بين المروج والقطعان

هكذا تهدأ الأماني إلى حي

ن وتخبو مرارة الأحزان

هكذا أدفن الطموح كما يد

فنه كلّ طامح بشريّ

وعيون الأقدار يضحكن مني

هازئات بضعفي الادميّ

ياعيون الأقدار لا ترمقي دم

عي ولا تهزأي بقلبي الحزين

إن يكن في دمي طوح نبيّ

فأسى اليائسين ملء عيوني

كان هذا الطموح لعنة أيّا

مي فيا ليتني عصيت هواه

كلما حّقق الزمان لقلبي

حلما صورت حياتي سواه

لست أدري ماذا سيجنيه قلبي

من شرودي في كل أفق ونجم

أبدا أرتقي النجوم وأرنو

لمجاهيل عالم مدلهّم

لست أدري شيئا أنا اليأس يا أر

ض وأنت ابتسامتي ودموعي

أنت وحيي ومنك تنبع أحلا

مي، وإن كنت في حماك الوضيع

إرفعيني إلى السماء إذا شئ

ت بوحي من سحرك الشاعريّ

وأعيدي مني إذا شئت للطي

ن فتاة تبكي على كل حيّ

قصيدة تلك الطبيعة قف بنا يا ساري للشاعر أحمد شوقي

تلك الطبيعة ُ، قِف بنا يا ساري

حتى أُريكَ بديعَ صُنْعِ الباري

الأَرضُ حولك والسماءُ اهتزَّت

لروائع الآياتِ والآثار

من كلّ ناطقة ِ الجلال، كأَنه

أُمُّ الكتاب على لسان القاري

من قصيدة زار الحيا بمزاره البستانا للشاعر ابن الأبار البلنسي

زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا

وأَثَارَ منْ أزْهَارِهِ ألْوَانا

فَغَدَا بهِ وبِصِنْوِهِ يَخْتَالُ في

حُلَلِ النَّضَارَةِ مُونِقاً رَيَّانا

وَيَمِيسُ أفْنَاناً فَتُبْصِرُ خُرَّداً

تَثْنِي القُدودَ لَطَافَةً وَلِبَانا

وكَأَنَّمَا الأدْوَاحُ فِيهِ مَفَارِقٌ

بِلِبَاسِهَا قَطْرُ النَّدَى تِيجَانا

وَكَأَنَّمَا رَام الثَّنَاءُ فَلَمْ يُطِقْ

فَشَدَتْ بِهِ أطْيَارُهُ أَلْحَانا

مِنْ كُلِّ مُفْتَنِّ الصَّفِيرِ قَدِ ارْتَقَى

فَنَناً فأَفْحَمَ خَاطِباً سُحْبَانا

هِيَ عَادَةٌ لِلْمُزنِ يَحْفَظُ رَسْمَهَا

حِفْظَ الأَميرِ العَدْل والإِحْسَانا

أَسْرَى إِلى النِّسْرينِ يُرْضِعُهُ النَّدى

وَيُهِبُّ طَرْفَ النَّرْجسِ الوَسْنانا

وَحَبَا العَرَارَ بِصُفْرَةٍ ذَهَبِيَّةٍ

رَاعَتْ فَتَاه بكمِّهَا فَتَّانا

وَدْقٌ تَوَلَّدَ عَنهُ وَقْدٌ في الرُّبَى

أَزَاهِرٍ طَلَعَتْ بِهَا شُهْبَانا

تِلْكَ الأَهَاضِيبُ اسْتَهَلَّتْ دِيمَةً

فَكَسَى الهِضَابَ النَّوْرُ وَالغِيطَانا

شَرِقَتْ بِعارِضِها المُلِثِّ وأشْرَقَتْ

للَّهِ أَمْوَاهٌ غَدَتْ نِيرَانا

يَا حَبَّذا خَضِل البَهَار مُنَافِحاً

بِأرِيجِهِ الخَيْرِيِّ وَالرّيْحَانا

وَالآسُ يَلْتَثِمُ البَنَفْسَجَ عارِضاً

واليَاسَمِينُ يُغازِلُ السَّوسَانا

والرِّيحُ تُرْكِضُ سُبَّقاً منْ خَيْلِها

في رَوْضَةٍ رَحُبَتْ لَها مَيْدانَا

هَوْجَاءُ تَسْتَشْرِي فَيُلْقِحُ مَدُّها

هَيْجَاءَ تُنْتِجُ حَبْرَةً وأَمانا

حَرْباً عَهِدْتُ أزَاهِراً وَمَزَاهِراً

أوْزَارَها لا صَارِماً وَسِنانا

من قصيدة الحسن حولك في الوهاد وفي الذرى للشاعر إيليا أبو ماضي

الحُسنُ حَولَك في الوِهاد وَفي الذُرى
فَاِنظُر أَلَستَ تَرى الجَمالَ كَما أَرى

أَيلولُ يَمشي في الحُقول وَفي الرُبى
وَالأَرضُ في أَيلولَ أَحسَنُ مَنظَرا

شَهرٌ يُوَزِّعُ في الطَبيعَةِ فَنُّهُ

شَجَراً يُصَفِّقُ أَو سَناً مُتَفَجِّرا

فَالنورُ سِحرٌ دافِق وَالماءُ شِعرٌ

رائِق وَالعِطرُ أَنفاسُ الثَرى

لا تَحسَبِ الأَنهارَ ماءً راقِصاً

هَذي أَغانيهِ اِستَحالَت أَنهُرا

وَاِنظُر إِلى الأَشجارِ تَخلَعُ أَخضَراً

عَنها وَتَلبِسُ أَحمَراً أَو أَصفَرا

تَعرى وَتُكسى في أَوانٍ واحِدٍ

وَالفَنُّ فيما تَرتَديه وَفي العُرا