أشعار الحياة

قصيدة الحياة الغالية للشاعر سيد قطب

بالأمس كنت أعيش نضو ترقب

أزجي حياتي كالأجير المتعب

أرنو إلى الاصباح ثم تمجه

نفسي وأنظر كارهاً للمغربِ

وأحس بالقفر الجديب يلفني

ويجوس في نفس كقبر الغيهب

ولو انما اختصرت حياتي لم أبل

بل لم احس بنقصها أو أعتب

وإذا تشابهت الحياة وأقفرت

مجت برمتها ، ولم تتطلب

واليوم آسف للدقائق تنطوي

من عمري الغالي الثمين الطيب

واليوم أرقبها وأرقب خطوها

فأعيشها مثلين بعد ترقبي

وهي العميقة الخلود وإنما

تمضي حثيثا في خطا المتوثب

وأود لو هي أبطأت وتلبثت

في خطوها لبث الوئيد المكثب

تغلو الدقائق في حياة خصبة

وتهون أعوام بعمر مجدب

الحب فاض على الحياة بخصبه

وأجد عمرانا بكل مخرب

وأزاح أستار الدجى فتكشفت

ظلماته عن كل زاه معجب

وكذلك تحلو الحياة وتجتلي

وتعز ساعات الغرام المخصب

قصيدة يا ربيـع الحيـاة للشاعر محمد بن علي السنوسي

يا ربيع الحياة أين ربيعي

أين أحلامُ يقظتي وهجوعي

أين يا مرتعَ الشبيبة آمالُ

شبابي وأمنياتُ يفوعي

أين يا شاعرَ الطبيعة لحنٌ

صاغه القلب من هواهُ الرفيعِ

رددته مشاعري وأمانيّ

ورفّتْ به حنايا ضلوعي

يا ربيعَ الحياة ما لحياتي

لونها واحدٌ بلا تنويعِ

لا شتاءٌ ولا ربيعٌ سوى الصيفِ

في لظاه الفظيعِ

يا ربيع الحياة هل لك أن تحنو

على روضةٍ بلا ينبوعِ

أحرقتها أشعة الصيف حتى

جرّدتها من زهرها والفروعِ

ورمتها السموم من كل فجٍّ

بالأعاصير في الضحى والهزيعِ

وهي ترنو إلى الحياة بعين

تتحدى الأسى بغير دموعِ

أصلها ثابت ومن كرم الأصلِ

صراعُ الردى بغير خضوعِ

يا ربيع الحياة هل لك أن تحنو

على نغمةٍ بلا توقيعِ

حملتها إليكَ أجنحة الفنّ

وألقتْ بها لغير سميعِ

لم تجد مزهراً يوقع لحناً

من أغاريدها بصوت بديعِ

بخلَ الدهر بالأنامل والأوتار

والعود يا له من مَنوعِ

وهي لما تزلْ يرنّ صداها

ملء سمع الدنيا بلحن وديعِ

يا ربيع الحياة هل لك أن تحنو

على بلبل سريع الوقوعِ

حسِبَ (الحب) في الأحابيل (حبا)

فهوى نحوه بقلب الرضيعِ

فتردى ولم يزل يسكب اللحن

غزيراً يا للصفاء الطبيعي

فإذا ما سما جناحاه للجوّ

تهاوى في قيده كالصريعِ

وهو ما زال شادياً يعشق الحسن

ويشدو شدو الطليق الخليعِ

يا ربيع الحياة هل لك أن تحنو

على فكرة بلا تشريعِ

أهملتها الحياة واختلف الدهر

عليها في سيره والرجوعِ

جثمت في الدجى يغلفها الصمت

وشعت في قلبه كالشموعِ

لم تجد عالماً يفصل معناها

ويختارها لخير الجميعِ

وهي في صمتها تشير وترنو

بسناها للعبقري الضليعِ

قصيدة إنما يبقى الحياة المقصد للشاعر محمد إقبال

إنما يبقى الحياة المقصد

جرس في ركبها ما تقصد

سر عيش في طلاب مضمر

أصله في أمل مستتر

أحي في قلبك هذا الأملا

لا يحل طينك قبرا مهملا

يخفق القلب به بين الصدور

هو في صدرك مرآة تير

يهب الترب جناحا يصعد

ولموسى العقل خضرا يرشد

إنما يحيا الفؤاد الآمل

وإذا حي يموت الباطل

فإذا عي بتخليق المنى

هيض سقطاه وأودى وهنا

أمل الذات لهيب يستعر

أو هو الموج الذي لا يستقر

وهق المقصود حبل الأمل

إنه خيط كتاب العمل

وممات الحي فقدان الرجاء

يطفئ الشعلة فقدان الهواء

كيف فينا أعين قد ظهرت

لذة الرؤية فينا صورت

من منى التخطار رجل الحجل

من منى التغريد حلق البلبل

حي ناي قد نأى عن غابه

أطلق النغمة من أوصابه

ذلك العقل الذي الكون طوى

وترى الإعجاز فيه والقوى

إنما أصل الحياة الأمل

فكذاك العقل منه ينسل

ما نظام في شعوب وسنن

ما ترى التجديد في علم وفن

أمل من قوة فيه ظهر

برح القلب فغشته صور

كل ما نملك من هذي الحواس

كل عضو فيه للعيش التماس

كل فكر وخيال واعتبار

كل حس وشعور وادكار

هي آلات الحياة الجاهدة

حين تمضي في وغاها صامده

ليس قصد العلم والفن الفكر

ليس قصد المرج ألوان الزهر

إنما العلم وقاء للحياه

إنه للذات تقويم النجاه

للحياة العلم والفن خدم

للحياة العلم والفن حشم

جاهلا سر الحياة اجتهد

وامض نشوان بخمر المقصد

مقصد كالصبح في أنواره

محرق كل سوي في ناره

مقصد يجتاز آفاق السماء

يأخذ القلب بحسن وبهاء

ثورة فيه وفيه محشر

وعلى الباطل حربا يسعر

من قصيدة فلسفة الحياة للشاعر إيليا أبو ماضي

أيّهذا الشّاكي وما بك داء

كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟

انّ شرّ الجناة في الأرض نفس

تتوقّى، قبل الرّحيل ، الرّحيلا

وترى الشّوك في الورود ، وتعمى

أن ترى فوقها النّدى إكليلا

هو عبء على الحياة ثقيل

من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا

والذي نفسه بغير جمال

لا يرى في الوجود شيئا جميلا

ليس أشقى مّمن يرى العيش مرا

ويظنّ اللّذات فيه فضولا

أحكم النّاس في الحياة أناس

عللّوها فأحسنوا التّعليلا

فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه

لا تخف أن يزول حتى يزولا

وإذا ما أظلّ رأسك همّ

قصّر البحث فيه كيلا يطولا

أدركت كنهها طيور الرّوابي

فمن العار أن تظل جهولا

ما تراها_ والحقل ملك سواها

تخذت فيه مسرحا ومقيلا

تتغنّى، والصّقر قد ملك الجوّ

عليها ، والصائدون السّبيلا

تتغنّى، وقد رأت بعضها يؤخذ

حيّا والبعض يقضي قتيلا

تتغنّى ، وعمرها بعض عام

أفتبكي وقد تعيش طويلا؟

فهي فوق الغصون في الفجر تتلو

سور الوجد والهوى ترتيلا

وهي طورا على الثرى واقعات

تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا

كلّما أمسك الغصون سكون

صفّقت الغصون حتى تميلا

فاذا ذهّب الأصيل الرّوابي

وقفت فوقها تناجي الأصيلا

فأطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار

عند الهجير ظلاّ ظليلا

وتعلّم حبّ الطلّيعة منها

واترك القال للورى والقيلا

فالذي يتّقي العواذل يلقى

كلّ حين في كلّ شخص عذولا

أنت للأرض أولا وأخيرا

كنت ملكا أو كنت عبدا ذليلا

لا خلود تحت السّماء لحيّ

فلماذا تراود المستحيلا ؟..