أشعار عن فضل العلم

قصيدة يوم العلم

  • يقول الشاعر عبدالله البردوني:

و أطلّ ” يوم العلم ” يرفل في السنى

و كأنّه بفم الحياة … ترنّم

يوم تلقّنه المدارس نشأها

درساً يعلّمه الحياة ويلهم

و يردّد التاريخ ذكراه وفي:

شفتيه منه تساؤل وتبسّم

يوم أغنّيه ويسكر جوّه

نغمي فيسكر من حلاوته الفم

وقف الشباب إلى الشباب وكلّهم

ثقة وفخر بالبطولة مفعم

في مهرجان العلم رفّ شبابه

كالزهر يهمس بالشذى ويتمتم

و تألّق المتعلّمون … كأنّهم

فيه الأشعّة و السما والأنجم

يا فتية اليمن الأشمّ وحلمه

ثمر النبوغ أمامكم فتقدّموا

و تقحّموا خطر الطريق إلى العلا

فخطورة الشبّان أن يتقحّموا

وابنوا بكفّ العلم علياكم فما

تبنيه كفّ العلم لا يتهدّم

و تساءلوا من نحن؟ ما تاريخنا؟

و تعلّموا منه الطموح وعلّموا

هذي البلاد وأنتم من قلبها

فلذ وأنتم ساعداها أنتم

فثبوا كما تثب الحياة قويّة

إنّ الشباب توثّب وتقدّم

لا يهتدي بالعلم إلاّ نيّر

بهج البصيرة بالعلوم متيّم

و فتى يحسّ الشعب فيه لأنّه

من جسمه في كلّ جارحة دم

يشقى ليسعد أمّه أو عالماً

عطر الرسالة حرقة وتألّم

فتفهّموا ما خلف كلّ تستّر

إنّ الحقيقة دربه وتفهّم

قد يلبس اللّصّ العفاف ويكتسي

ثوب النبيّ منافق أو مجرم

ميت يكفّن بالطلاء ضميره

و يفوح رغم طلائه ما يكتم

ما أعجب الإنسان هذا ملؤه

خير و هذا الشرّ فيه مجسّم

لا يستوي الإنسان هذا قلبه

حجر وهذا شمعه تتضرّم

هذا فلان في حشاه بلبل

يشدو وهذا فيه يزأر ضيغم

ما أغرب الدنيا على أحضانها

عرس يغنّيها و يبكي مأتم

بيت يموت الفأر خلف جداره

جوعاً وبيت بالموائد متخم

ويد منعّمة تنوء … بمالها

و يظلّ يلثمها ويعطي المعدم

فمتى يرى الإنسان دنيا غضّة

سمحاً فلا ظلم ولا متظلّم ؟

يا إخوتي نشء المدارس يومكم

بكر البلاد فكرّموه تكرّموا

و تفهّموا سفر الحياة فكلّها

سفر ودرس والزمان معلذم

ماذا أقول لكم وتحت عيونكم

ما يعقل الوعي الكريم ويفهم؟

قصيدة اصبر على مر الجفا من معلم

اِصبِر عَلى مُرِّ الجَفا مِن مُعَلِّمٍ

فَإِنَّ رُسوبَ العِلمِ في نَفَراتِهِ

وَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَةً

تَذَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِهِ

وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ

فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعاً لِوَفاتِهِ

وَذاتُ الفَتى وَاللَهِ بِالعِلمِ وَالتُقى

إِذا لَم يَكونا لا اِعتِبارَ لِذاتِهِ

قصيدة العلم والبر هذا مهرجانهما

العلم والبر هذا مهرجانهما

في ظل دار تناغى النجم أركانا

فقم إلى منبر التاريخ محتفلاً

فقد تضوّع كالعودين ريحاناً

واجز الجزيل من المجهود تكرمة

واجز الجزيل من الموهوب شكراناً

في محفل نظمت دار الجلال به

نظم الفرائد أفراداً وأعياناً

لما تألف عقداً قال قائله

يصوغ للمحسنين الحمد تيجاناً

أثاره الحق حتى قام ممتدحاً

كما أثار رسول الله حساناً

عز الشعوب بعلم تستقل به

يا ذل شعب عليه العلم قد هانا

فعلموا الناس إن رمتم فلاحهم

إن الفلاح قرين العلم مذ كانا

لا تُطر حياً ولا ميتاً وإن كرما

حتى ترى لهما بالخلق إحساناً

ليس الغِنى لفتى الأقوام منبهة

إذا المكارم لم ترفع له شانا

وإن أبرك مال أنت تاركه

مال تُورِّثه قوماً وأوطاناً

سل الأُلى ضيع الضيعات وأرثهم

هل يملكون ببطن الأرض فدانا

قل للسراة المنوفيين لا برحوا

للفضل أهلاً وللخيرات عنواناً

يا أفضل الناس في الإيثار سابقة

وأحسن الناس في الإحسان بنياناً

وهبتمو هِبة للعلم ما تركت

بالبائسين ولا الأيتام حرماناً

قلدتمو المعهد المشكور عارفة

لم يألها لكم التعليم عرفاناً

يد على العلم يمضى في إذاعتها

حتى تسير بها الأجيال ركباناً

بيضاء في يومه خضراء في غده

إذا هي انبسطت في الأرض أفنانا

قصيدة حياكم الله أحيوا العلم والأدبا

حَيّاكُمُ اللَهُ أَحيوا العِلمَ وَالأَدَبا

إِن تَنشُروا العِلمَ يَنشُر فيكُمُ العَرَبا

وَلا حَياةَ لَكُم إِلّا بِجامِعَةٍ

تَكونُ أُمّاً لِطُلّابِ العُلا وَأَبا

تَبني الرِجالَ وَتَبني كُلَّ شاهِقَةٍ

مِنَ المَعالي وَتَبني العِزَّ وَالغَلَبا

ضَعوا القُلوبَ أَساساً لا أَقولُ لَكُم

ضَعوا النُضارَ فَإِنّي أُصغِرُ الذَهَبا

وَاِبنوا بِأَكبادِكُم سوراً لَها وَدَعوا

قيلَ العَدُوِّ فَإِنّي أَعرِفُ السَبَبا

لا تَقنَطوا إِن قَرَأتُم ما يُزَوِّقُهُ

ذاكَ العَميدُ وَيَرميكُم بِهِ غَضَبا

وَراقِبوا يَومَ لا تُغني حَصائِدُهُ

فَكُلُّ حَيٍّ سَيُجزى بِالَّذي اِكتَسَبا

بَنى عَلى الإِفكِ أَبراجاً مُشَيَّدَةً

فَاِبنوا عَلى الحَقِّ بُرجاً يَنطَحُ الشُهُبا

وَجاوِبوهُ بِفِعلٍ لا يُقَوِّضُهُ

قَولُ المُفَنِّدِ أَنّى قالَ أَو خَطَبا

لا تَهجَعوا إِنَّهُم لَن يَهجَعوا أَبَداً

وَطالِبوهُم وَلَكِن أَجمِلوا الطَلَبا

هَل جاءَكُم نَبَأُ القَومِ الأُلى دَرَجوا

وَخَلَّفوا لِلوَرى مِن ذِكرِهِم عَجَبا

عَزَّت بِقُرطاجَةَ الأَمراسُ فَاِرتُهِنَت

فيها السَفينُ وَأَمسى حَبلُها اِضطِرَبا

وَالحَربُ في لَهَبٍ وَالقَومُ في حَرَبٍ

قَد مَدَّ نَقعُ المَنايا فَوقَهُم طُنُبا

وَدّوا بِها وَجَواريهِم مُعَطَّلَةٌ

لَو أَنَّ أَهدابَهُم كانَت لَها سَبَبا

هُنالِكَ الغيدُ جادَت بِالَّذي بَخِلَت

بِهِ دَلالاً فَقامَت بِالَّذي وَجَبا

جَزَّت غَدائِرَ شِعرٍ سَرَّحَت سُفُناً

وَاِستَنقَذَت وَطَناً وَاِستَرجَعَت نَشَبا

رَأَت حُلاها عَلى الأَوطانِ فَاِبتَهَجَت

وَلَم تَحَسَّر عَلى الحَليِ الَّذي ذَهَبا

وَزادَها ذاكَ حُسناً وَهيَ عاطِلَةٌ

تُزهى عَلى مَن مَشى لِلحَربِ أَو رَكِبا

وَبَرثَرانِ الَّذي حاكَ الإِباءُ لَهُ

ثَوباً مِنَ الفَخرِ أَبلى الدَهرَ وَالحِقَبا

أَقامَ في الأَسرِ حيناً ثُمَّ قيلَ لَهُ

أَلَم يَئِن أَن تُفَدّي المَجدَ وَالحَسَبا

قُل وَاِحتَكُم أَنتَ مُختارٌ فَقالَ لَهُم

إِنّا رِجالٌ نُهينُ المالَ وَالنَشَبا

خُذوا القَناطيرَ مِن تِبرٍ مُقَنطَرَةً

يَخورُ خازِنُكُم في عَدِّها تَعَبا

قالوا حَكَمتَ بِما لا تَستَطيعُ لَهُ

حَملاً نَكادُ نَرى ما قُلتَهُ لَعِبا

فَقالَ وَاللَهِ ما في الحَيِّ غازِلَةٌ

مِنَ الحِسانِ تَرى في فِديَتي نَصَبا

لَو أَنَّهُم كَلَّفوها بَيعَ مِغزَلِها

لَآثَرَتني وَصَحَّت قوتَها رَغَبا

هَذا هُوَ الأَثَرُ الباقي فَلا تَقِفوا

عِندَ الكَلامِ إِذا حاوَلتُمُ أَرَبا

وَدونَكُم مَثَلاً أَوشَكتُ أَضرِبُهُ

فيكُم وَفي مِصرَ إِن صِدقاً وَإِن كَذِبا

سَمِعتُ أَنَّ اِمرِأً قَد كانَ يَألَفُهُ

كَلبٌ فَعاشا عَلى الإِخلاصِ وَاِصطَحَبا

فَمَرَّ يَوماً بِهِ وَالجوعُ يَنهَبُهُ

نَهباً فَلَم يُبقِ إِلّا الجِلدَ وَالعَصَبا

فَظَلَّ يَبكي عَلَيهِ حينَ أَبصَرَهُ

يَزولُ ضَعفاً وَيَقضي نَحبَهُ سَغَبا

يَبكي عَلَيهِ وَفي يُمناهُ أَرغِفَةٌ

لَو شامَها جائِعٌ مِن فَرسَخٍ وَثَبا

فَقالَ قَومٌ وَقَد رَقّوا لِذي أَلَمٍ

يَبكي وَذي أَلَمٍ يَستَقبِلُ العَطَبا

ما خَطبُ ذا الكَلبِ قالَ الجوعُ يَخطِفُهُ

مِنّي وَيُنشِبُ فيهِ النابَ مُغتَصِبا

قالوا وَقَد أَبصَروا الرُغفانَ زاهِيَةً

هَذا الدَواءُ فَهَل عالَجتَهُ فَأَبى

أَجابَهُم وَدَواعي الشُحِّ قَد ضَرَبَت

بَينَ الصَديقَينِ مِن فَرطِ القِلى حُجُبا

لِذَلِكَ الحَدِّ لَم تَبلُغ مَوَدَّتُنا

أَما كَفى أَن يَراني اليَومَ مُنتَحِبا

هَذي دُموعي عَلى الخَدَّينِ جارِيَةٍ

حُزناً وَهَذا فُؤادي يَرتَعي لَهَبا

أَقسَمتُ بِاللَهِ إِن كانَت مَوَدَّتُنا

كَصاحِبِ الكَلبِ ساءَ الأَمرُ مُنقَلَبا

أُعيذُكُم أَن تَكونوا مِثلَهُ فَنَرى

مِنكُم بُكاءً وَلا نُلفي لَكُم دَأَبا

إِن تُقرِضوا اللَهَ في أَوطانِكُم فَلَكُم

أَجرُ المُجاهِدِ طوبى لِلَّذي اِكتَتَبا