أشعار عن الدنيا وهمومها
قصيدة خالطَ القلبَ همومٌ وحزنٌ
- يقول الشاعر الأعشى:
خالطَ القلبَ همومٌ وحزنٌ
- وَادّكَارٌ، بَعْدَمَا كَانَ اطْمَأنّ
فَهْوَ مَشْغُوفٌ بِهِنْدٍ هَائِمٌ
- يرعوي حيناً، وأحياناً يحنّ
بلعوبٍ طيبٍ أردانها،
- رَخْصَة ِ الأطْرَافِ، كَالرّئمِ الأغنّ
وهيَ إنْ تقعدْ نقاً منْ عالجٍ
- ثُمّ أنّشَأتُ أُفَدّي، وَأُهَنّ
ينتهي منها الوشاحانِ إلى
- حبلة ٍ، وهي بمتنٍ كالرّسنْ
خلقتْ هندٌ لقلبي فتنة ً
- هَكَذا تَعْرِضُ للنَّاسِ الفِتَنْ
لاأرها في خلاءٍ مرّة ً
- وهي في ذاكَ حياءً لمْ تزنْ
ثمّ أرسلتُ إليها أنّني
- مُعْذِرٌ عُذْرِي فَرُدّيهِ بِأنْ
وأرجّيها وأخشى ذعرها
- مِثْلَ مَا يُفْعَلُ بِالقَوْدِ السَّنَنْ
رُبّ يَوْمٍ قَدْ تَجُودِينَ لَنَا
- بعطايا، لمْ تكدّرها المننْ
أنْتِ سَلْمَى هَمُّ نَفْسِي، فاذكرِي
- سَلْمُ، لا يُوجَدُ للنّفْسِ ثَمَنْ
وَعَلالٍ وَظِلالٍ بَارِدٍ
- وفليجِ المسكِ والشّاهسفرنْ
وَطِلاءٍ خُسْرُوَانيٍّ، إذَا
- ذَاقَهُ الشّيْخُ تَغَنّى وَارْجَحَنْ
وطنابيرَ حسانٍ صوتها،
- عندَ صنجٍ، كلّما مسّ أرنْ
وإذا المسمعُ أفنى صوتهُ،
- عَزَفَ الصّنْجُ فَنَادى صَوْتَ وَنّ
وإذا ما غضّ منْ صوتيهما
- وَأطَاعَ اللّحْنُ غَنّانَا مُغَنّ
وإذا الدّنّث شربنا صفوهُ
- أمَرُوا عَمْراً، فَنَاجَوْهُ بِدَنّ
بمتاليفَ أهانوا مالهمْ
- لِغِنَاءٍ، وَلِلِعْبٍ، وَأذَنْ
فترى إبريقهمْ مسترعفاً
- بشمولٍ صفقتْ منْ ماءِ شنْ
غُدْوَة ً حَتّى يَمِيلُوا أُصُلاً
- مِثْلَ مَا مِيلَ بِأصْحابِ الوَسَنْ
ثُمّ رَاحُوا مَغْرِبَ الشّمْسِ إلى
- قطفِ المشيِ، قليلاتِ الحزنْ
عَدِّ هَذا في قَرِيضٍ غَيْرِهِ
- واذكرنْ في الشعرِ دهقانَ اليمنْ
بأبي الأشعثِ قيسٍ، إنّهُ
- يشتري الحمدَ بمنفوسِ الثّمنْ
جئتهُ يوماً، فأدنى مجلسي
- وَحَبَاني بِلَجُوجٍ في السُّنَنْ
وثمانينَ عشارٌ، كلُّها
- وذلولٍ جسرة ٍ مثلِ الفدنْ
وذلولٍ جسرة ٍ مثلِ الفدنْ
- آرِكَاتٌ في بَرِيمٍ وَحَضَنْ
وَغُلامٍ قَائمٍ ذِي عَدْوَة ٍ
- وذلولٍ جسرة ٍ مثلِ الفدنْ
قصيدة خففي يا هموم عن كبدي
- يقول الشاعر فوزي معلوف:
خففي يا هموم عن كبدي
- فكفاني ما فت من جلدي
يا لأمسي كم فيه من غصص
- وليومي مما يكن غدي
ما أمر الذكرى وأعذبها
- فهي بنت الصفاء والنكد
وهي كالخمر كلما عتقت
- طفحت باللذائذ الجدد
يا ليومٍ على المنارة لم
- ينسنيه تباعد الأمد
إذا وقفنا أنا وفاتنتي
- في أصيلٍ بالبحر مبترد
حضنته شمسٌ مفارقةٌ
- رمقتنا بنظرة الحسد
تنفض النور من ذوائبها
- ذهباً فوق فضة الزبد
ثم تهوي في اليم مبقيةً
- خلفها صفرةً من الكمد
صفرةٌ لم يطل تألقها
- فتلاشت في زرقة الجلد
شعلةٌ في المياه طافيةٌ
- أتراها موصولة الوقد
وهنا الموج ثار ثائره
- يا لموجٍ كالجيش محتسد
زجر الصخر جزره فمشى
- مده ناشطاً إلى المدد
واثباص وثبةً كأن بها
- أسداً هاوياً على أسد
فإذا بالهدير يحبكه
- ما على الماء ماج من زرد
ها جناح المساء يحضننا
- فاصمتي يا مياه واتئدي
هو رب السكون فاحترمي
- صمته إن صمته أبدي
أفلم تشعري بنسمته
- صعدت زفرةً ولم تزد
أو لم تبصري جوانحنا
- لبست منه أروع البرد
كتمت ما نكن من ولهٍ
- فوق فحم العيون متقد
فحسبناه في أضالعنا
- ووجمنا لم نبد أو نعد
بشفاهٍ عليه منطبقةٍ
- ولسانٍ لديه منعقد
فإذا ما طلبت أو طلبت
- جملةً لم أجد ولم تجد
نطق القلب بالهوى فلم
- وضعته الشفاه في رصد
يا لها فرصةً مضيعة
- سنحت مرةً ولم تعد
كنت فيها قرب السعادة لو
- شئت طوقت جيدها بيدي
كنت كالطير عند ساقيةٍ
- أمها ظامئاً ولم يرد
قصيدة أزِلْ همومَ الفُؤادِ واصبِرْ
- يقول الشاعر أبو العلاء المعري:
أزِلْ همومَ الفُؤادِ واصبِرْ،
- فإنّما قصُركَ الإزالَهْ
وليسَ فيمنْ تَراهُ خَيرٌ،
- فعَدّهِ، واطلُبِ اعتِزالَهْ
والغَزْلُ والرَّدْنُ للغَواني،
- شَيئانِ عُدّا من الجزالَهْ
والشّمسُ غَزّالَةٌ، ولكن
- خُفّفَتِ الزّايُ في الغَزَالَه
قصيدة تلومني الدنيا
- يقول الشاعر نزار قباني:
تلومني الدنيا إذا أحببتهُ
كأنني.. أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمتهُ
كأنني أنا التي..
للطيرِ في السماءِ قد علّمتهُ
وفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُ
وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُ..
كأنني.. أنا التي
كالقمرِ الجميلِ في السماءِ..
قد علّقتُه..
تلومُني الدنيا إذا..
سمّيتُ منْ أحبُّ.. أو ذكرتُهُ..
كأنني أنا الهوى..
وأمُّهُ.. وأختُهُ..
هذا الهوى الذي أتى..
من حيثُ ما انتظرتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ
وكلِّ ما سمعتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
نوعٌ منَ الإدمانِ.. ما أدمنتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
بابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
عودٌ من الكبريتِ.. ما أشعلتهُ
هذا الهوى.. أعنفُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني فاتحاً
يديهِ لي.. رددْتُهُ
وليتني من قبلِ أن يقتلَني.. قتلتُهُ..
هذا الهوى الذي أراهُ في الليلِ..
على ستائري..
أراهُ.. في ثوبي..
وفي عطري.. وفي أساوري
أراهُ.. مرسوماً على وجهِ يدي..
أراهُ منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنهُ
طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ ما أدخلتهُ
وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي لما تركتهُ
لو أخبروني أنهُ..
سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ
ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ
ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردتهُ..
يا أيّها الغالي الذي..
أرضيتُ عني الله.. إذْ أحببتهُ
هذا الهوى أجملُ حبٍّ عشتُهُ
أروعُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني زائراً
بالوردِ قد طوّقتهُ..
وليتني حينَ أتاني باكياً
فتحتُ أبوابي لهُ.. وبستهُ
قصيدة ليتَ لي أن أعيشَ هذهِ الدنيّا
يقول الشاعر أبو القاسم الشابي:
ليتَ لي أن أعيشَ في هذهِ الدنيّا
- سَعيداً بِوَحْدتي وانفرادي
أَصرِفُ العْمْرَ في الجبالِ، وفي الغاباتِ
- بينَ الصنوبّر الميّادِ
ليس لي من شواغل العيش ما يصرفُ
- نفسي عن استماعِ فؤادي
أرقبُ الموتَ، والحياة َ وأصغي
- لحديثِ الآزال والآبادِ
وأغنيّ مع البلابل في الغابِ،
- وأصغيِ إلى خرير الوادي
وَأُناجي النُّجومَ والفجرَ، والأَطيارَ
- والنّهرَ، والضّياءَ الهادي
عيشة ً للجمالِ، والفنِ، أبغيها
- بعيداً عَنْ أمتَّي وبلادي
لا أعنِّي نفسي بأحزانِ شعبي
- فهو حيٌّ يعيشُ عيشَ الجمادِ
وبحسبي مِنَ الأسى ما بنفسي
- من طريفٍ مُسْتَحْدَثٍ وتِلادِ
وبعيداً عن المدينة، والنّاس
- بعيداً عن لَغْوِ تلك النّوادي
فهو من معدنِ السّخافة والإفك
- ومن ذلك الهُراء العادي
أين هوَ من خريرِ ساقية الوادي
- وخفقِ الصدى، وشدوِ الشادي
وَحَفيفِ الغصونِ، نمَّقها الطَّلُّ
- وَهَمْسِ النّسيمِ للأوْراد
هذهِ عِيشة ٌ تقدِّسُها نفسي
- وأدعُو لمجدها وأنادي