أشعار أبي فراس الحمداني
أبت عبراته إلا انسكابا
أَبَت عَبَراتُهُ إِلّا اِنسِكابا
- وَنارُ غَرامِهِ إِلّا اِلتِهابا
وَمِن حَقِّ الطُلولِ عَلَيَّ أَلّا
- أُغِبَّ مِنَ الدُموعِ لَها سَحابا
وَما قَصَّرتُ في تَسآلِ رَبعٍ
- وَلَكِنّي سَأَلتُ فَما أَجابا
رَأَيتُ الشَيبَ لاحَ فَقُلتُ أَهلاً
- وَوَدَّعتُ الغَوايَةَ وَالشَبابا
وَما إِن شِبتُ مِن كِبَرٍ وَلَكِن
- رَأَيتُ مِنَ الأَحِبَّةِ ما أَشابا
بَعَثنَ مِنَ الهُمومِ إِلَيَّ رَكباً
- وَصَيَّرنَ الصُدودَ لَها رِكاباً
أَلَم تَرَنا أَعَزَّ الناسِ جاراً
- وَأَمرَعُهُم وَأَمنَعُهُم جَناباً
وعلة لم تدع قلبا بلا ألم
وَعِلَّةٍ لَم تَدَع قَلباً بِلا أَلَمٍ
- سَرَت إِلى طَلَبِ العَليا وَغارِبَها
هَل تُقبَلُ النَفسُ عَن نَفسٍ فَأَفدِيَهُ
- اللَهُ يَعلَمُ ماتَغلو عَلَيَّ بِها
لَئِن وَهَبتُكَ نَفساً لا نَظيرَ لَها
- فَما سَمَحتُ بِها إِلّا لِواهِبِها
يا عيد ما عدت بمحبوب
يا عيدُ ما عُدتَ بِمَحبوبٍ
- عَلى مُعَنّى القَلبِ مَكروبِ
ياعيدُ قَد عُدتَ عَلى ناظِرٍ
- عَن كُلِّ حُسنٍ فيكَ مَحجوبِ
ياوَحشَةَ الدارِ الَّتي رَبُّها
- أَصبَحَ في أَثوابِ مَربوبِ
قَد طَلَعَ كلمات حلوة عن العيدُ عَلى أَهلِهِ
- بِوَجهِ لا حُسنٍ وَلا طيبِ
مالي وَلِلدَهرِ وَأَحداثِهِ
- لَقَد رَماني بِالأَعاجيبِ
رأيتك لا تختار إلا تباعدي
رَأيتُك لا تَختارُ إلا تَباعُدِي
- فَباعَدتُ نَفسِي لاتِباعِ هَوَاكَا
فَبُعدُك يُؤذيني و قُربِي لَكُم أَذى
- فَكَيفَ احتِيالِي يا جُعلتُ فِداكَا
لبسنا رداء الليل والليل راضع
لَبِسنا رِداءَ اللَيلِ وَاللَيلُ راضِعٌ
- إِلى أَن تَرَدّى رَأسُهُ بِمَشيبِ
وَبِتنا كَغُصنَي بانَةٍ عابَثَتهُما
- إِلى الصُبحِ ريحاً شَمأَلٍ وَجَنوبِ
بِحالٍ تُرَدُّ الحاسِدينَ بِغَيظِهِم
- وَتَطرِفُ عَنّا عَينَ كُلِّ رَقيبِ
إِلى أَن بَدا ضَوءُ الصَباحِ كَأَنَّهُ
- مَبادي نُصولٍ في عِذارِ خَضيبِ
فَيا لَيلُ قَد فارَقتَ غَيرَ مُذَمِّمٍ
- وَيا صُبحُ قَد أَقبَلتَ غَيرَ حَبيبِ
وقفتني على الأسى والنحيب
وَقَفَتني عَلى الأَسى وَالنَحيبِ
- مُقلَتا ذَلِكَ الغَزالِ الرَبيبِ
كُلَّما عادَني السُلُوُّ رَماني
- غَنجُ أَلحاظِهِ بِسَهمٍ مُصيبِ
فاتِراتٍ قَواتِلٍ فاتِناتٍ
- فاتِكاتٍ سِهامُها في القُلوبِ
هَل لِصَبٍّ مُتَيَّمٍ مِن مُعينٍ
- وَلِداءٍ مُخامِرٍ مِن طَبيبِ
أَيُّها المُذنِبُ المُعاتِبُ حَتّى
- خِلتُ أَنَّ الذُنوبَ كانَت ذُنوبي
كُن كَما شِئتَ مِن وِصالٍ وَهَجرٍ
- غَيرَ قَلبي عَلَيكَ غَيرُ كَئيبِ
لَكَ جِسمُ الهَوى وَثَغرُ الأَقاحي
- وَنَسيمُ الصِبا وَقَدُّ القَضيبِ
تبسم إذ تبسم عن أقاح
- تَبَسَّمَ إِذ تَبَسَّمَ عَن أَقاحِ
- وَأَسفَرَ حينَ أَسفَرَ عَن صَباحِ
وَأَتحَفَني بِكَأسٍ مِن رُضابٍ
- وَكَأسٍ مِن جَنى خَدٍّ وَراحِ
فَمِن لَألاءِ غُرَّتِهِ صَباحي
- وَمِن صَهباءِ ريقَتِهِ اِصطِباحي
فَلا تَعجَل إِلى تَسريحِ روحي
- فَمَوتي فيكَ أَيسَرُ مِن سَراحي
إني منعت من المسير إليكم
- إِنّي مُنِعتُ مِنَ المَسيرِ إِلَيكُمُ
- وَلَوِ اِستَطَعتُ لَكُنتُ أَوَّلَ وارِدِ
أَخكو وَهَل أَخكو جِنايَةَ مُنعِمٍ
- غَيظُ العَدُوِّ بِهِ وَكَبتُ الحاسِدِ
قَد كُنتَ عُدَّتي الَّتي أَسطو بِها
- وَيَدي إِذا اِشتَدَّ الزَمانُ وَساعِدي
فَرُميتُ مِنكَ بِغَيرِ ما أَمَّلتُهُ
- وَالمَرءُ يَشرَقُ بِالزُلالِ البارِدِ
لَكِنأَتَت دونَ السُرورِ مَساءَةً
- وَصَلَت لَها كَفُّ القَبولِ بِساعِدِ
فَصَبَرتُ كَالوَلَدِ التَقِيِّ لِبَرِّهِ
- أَغضى عَلى أَلَمٍ لِضَربِ الوالِدِ
وَنَقَضتُ عَهداً كَيفَ لي بِوَفائِهِ
- وَسُقيتُ دونَكَ كَأسَ هَمٍّ صارِدِ
يامعشرالناس هل لي
- يامَعشَرَ الناسِ هَل لي
- مِمّا لَقيتُ مُجيرُ
أَصابَ غِرَّةَ قَلبي
- هَذا الغَزالُ الغَريرُ
فَعُمرُ لَيلي طَويلٌ
- وَعُمرُ نَومي قَصيرُ
أَسَرتَ مِنّي فُؤادي
- يَفديكَ ذاكَ الأَسيرُ
ياليلة لست أنسى طيبها أبدا
يا لَيلَةً لَستُ أَنسى طيبَها أَبَداً
- كَأَنَّ كُلَّ سُرورٍ حاضِرٌ فيها
باتَت وَبِتُّ وَباتَ الزِقُّ ثالِثَنا
- أَهدَت سُلافَتَها صِرفاً إِلى فيها
كَأَنَّ سودَ عَناقيدٍ بِلِمَّتِها
- أَهدَت سُلافَتَها صِرفاً إِلى فيها
أما يردع الموت أهل النهى
أَما يَردَعُ المَوتُ أَهلَ النُهى
- وَيَمنَعُ عَن غِيِّهِ مَن غَوى
أَما عالِمٌ عارِفٌ بِالزَمانِ
::::: يَروحُ وَيَغدو قَصيرَ الخُطا
فَيا لاهِياً آمِناً وَالحِمامُ
- إِلَيهِ سَريعٌ قَريبُ المَدى
يُسَرُّ بِشَيءٍ كَأَن قَد مَضى
- وَيَأمَنُ شَيئاً كَأَن قَد أَتى
إِذا مامَرَرتَ بِأَهلِ القُبورِ
- تَيَقَّنتَ أَنَّكَ مِنهُم غَدا
وَأَنَّ العَزيزَ بَها وَالذَليلَ
- سَواءٌ إِذا أُسلِما لِلبِلى
غَريبَينِ مالَهُما مُؤنِسٌ
- وَحيدَينِ تَحتَ طِباقِ الثَرى
فَلا أَمَلٌ غَيرَ عَفوِ الإِلَهِ
- وَلا عَمَلٌ غَيرُ ما قَد مَضى
فَإِن كانَ خَيراً فَخَيراً تَنالُ
- وَإِن كانَ شَرّاً فَشَرّاً تَرى
من الجدود الأكرمون
لِمَنِ الجُدودُ الأَكرَمو
- نَ مِنَ الوَرى إِلّا لِيَه
مَن ذا يَعُدُّ كَما أَعُدُّ
- مِنَ الجُدودِ العالِيَة
مَن ذا يَقومُ لِقَومِهِ
- بَينَ الصُفوفِ مَقامِيَه
مَن ذا يَرُدُّ صُدورَهُن
- نَ إِذا أَغَرنَ عَلانِيَة
أَحمي حَريمي أَن يُبا
- حَ وَلَستُ أَحمي مالِيَه
وَتَخافُني كومُ اللِقا
- حِ وَقَد أَمِنَّ عِداتِيَه
يُمسي إِذا طَرَقَ الضِو
- فُ فِناؤُها بِفِنائِيَه
ناري عَلى شَرَفٍ تَأَجَّ
- جَ لِلضُيوفِ السارِيَة
يا نارُ إِن لَم تَجلِبي
- ضَيفاً فَلَستِ بِنارِيَه
وَالعِزُّ مَضروبُ السُرا
- دِقِ وَالقِبابِ لِجارِيَة
يَجني وَلا يُجنى عَلَي
- هِ وَيَتَّقي الجُلّى بِيَه
أسيف الهدى وقريع العرب
- أَسَيفَ الهُدى وَقَريعَ العَرَب
- عَلامَ الجَفاءُ وَفيمَ الغَضَب
وَما بالُ كُتبِكَ قَد أَصبَحَت
- تَنَكَّبُني مَعَ هَذا النَكَب
وَأَنتَ الكَريمُ وَأَنتَ الحَليمُ
- وَأَنتَ العَطوفُ وَأَنتَ الحَدِب
وَما زِلتَ تَسبِقُني بِالجَميلِ
- وَتُنزِلُني بِالجَنابِ الخَصِب
وَتَدفَعُ عَن حَوزَتَيَّ الخُطوبَ
- وَتَكشِفُ عَن ناظِرَيَّ الكُرَب
وَإِنَّكَ لَلجَبَلُ المُشمَخِر
- رُ لي بَل لِقَومِكَ بَل لِلعَرَب
عُلىً تُستَفادُ وَمالٌ يُفادُ
- وَعِزٌّ يُشادُ وَنُعمى تُرَب
وَما غَضَّ مِنِّيَ هَذا الإِسارُ
- وَلكِن خَلَصتُ خُلوصَ الذَهَب
فَفيمَ يُقَرِّعُني بِالخُمو
- لِ مَولىً بِهِ نِلتُ أَعلى الرُتَب
وَكانَ عَتيداً لَدَيَّ الجَوابُ
- وَلَكِن لِهَيبَتِهِ لَم أُجَب
قمر دون حسنه الأقمار
- قَمَرٌ دونَ حُسنِهِ الأَقمارُ
- وَكَثيبٌ مِنَ النَقا مُستَعارُ
وَغَزالٌ فيهِ نِفارٌ وَلا بِد
- عَ فَمِن شيمَةِ الظِباءِ النَفارُ
لا أُعاصيهِ في اِجتِراحِ المَعاصي
- في هَوى مِثلِهِ تَطيبُ النارُ
قَد حَذِرتُ المِلاحَ دَهراً وَلَكِن
- ساقَني نَحوَ حُبِّهِ المِقدارُ
كَم أَرَدتُ السُلُوَّ فَاِستَعطَفَتني
- رُقيَةٌ مِن رُقاكَ يا عَيّارُ