أشعار الرافعي
قصيدة سحرُ عينيكِ سالَ في تشبيبي
سحرُ عينيكِ سالَ في تشبيبي
- فانتشى منهُ عِطْفُ كل أديبِ
وتمشى إلى القلوبِ كبشرى
- يوسفٍ إذ مشتْ إلى يعقوبِ
يستميلُ المشوقُ نحوكِ هزَ الخم
- رِ عطفَ الطروبِ نحو الطروبِ
فاعجبي كيفَ شاءَ حسنكِ ما
- التيهُ إذا شاءَهُ الهوى بعجيبِ
واخضبي بالقلوبِ لحظكِ إنا
- لا نحبُّ الحسامَ غير خضيبِ
وتجني كما بدا لكِ فينا
- وبدا للدلالِ في تعذيبي
واتركيني تراقبُ النجمَ عيني
- ودعيني وما يشاءُ رقيبي
كلُّ ما تكرهُ النفوسُ من الضرِّ
- حبيبٌ إن مسها من حبيبِ
يا دعاةَ السهادِ في كلِّ ليلٍ
- وعداةَ الكرى وأهلَ النحيبِ
وذوي المدنفاتِ والكبدُ الحرُّ
- أعليها من كلِّ صبٍ كئيبِ
أطلعوها على القلوبِ عساها
- تستحي من فعالها بالقلوبِ
لا تضّني يا ظبيةٌ إن تحيي
- عاشقاً هامَ في النقا والكثيبِ
من بعيدٍ إذا اغتدى من بعيدٍ
- وقريبٍ إذا اغتدى من قريبِ
أنا أيوبُ في هواكِ فأينَ الصب
- رُ يسرو الهمومَ عن أيوبِ
وفؤادي في راحتيكِ وخير
- أن يكونَ العليلُ عندَ الطبيبِ
قصيدة لكل فتى من الدنيا كمال
لكلِّ فتى من الدنيا كمالُ
- فما نقصَ الورى إلا الفعالُ
ومن لم يرشدوهُ في صباهُ
- تحكَمَ في شِيبتهِ الضَّلالُ
فما قلب الصغيرِ سوى كتابٍ
- تسطرُ في صحائفهِ الخِلالُ
ونفسُ المرء في جنبيهِ نصلٌ
- ولسنَ بغير حاملها النِصالُ
فكم رجلٍ ترى فيهِ صبياً
- وكم من صبْيةٍ وهمُ رجالُ
وإن هيَ لم تكنْ صُقلتْ طواها
- على صدأ فما يُجدي الصِّقالُ
ومن لم يغذُهُ أبواهُ طفلاً
- هوى العلياءِ أسقمهُ الهزالُ
قصيدة يا للغرامِ ويا لعزِّ بنانِهِ
يا للغرامِ ويا لعزِّ بنانِهِ
- لمَ لا يذلُّ فتى الهوى لفتاتهِ
خُلقتْ ذكاءُ منيرةً والبدرُ لو
- لاها لظلَّ الدهرَ في ظلماتهِ
وبنو الغرامِ اثنانِ تلكَ حياتُها
- ثمرٌ تعلقَ في الهوى بحياتهِ
كالزهرِ في أغصانهِ والنجمِ في
- آفاقهِ والدرُّ في صدفاتهِ
إن القلوبَ كأهلها ذكرٌ وأن
- ثى كلُّ قلبٍ فيهِ من شهواتهِ
وإذا تزاوجتِ القلوبُ رأيتها
- مثلَ الأنامِ تئنُّ من حسراتهِ
والقلبُ يحملُ في النساءِ وإنما
- ولدُ الفؤادِ يكونُ بعضَ صفاتهِ
ولذا تفاوتتِ الحسانُ فهذهِ
- أختُ الوفا والغدرُ شيمة هاتهِ
والحبُّ أشهى ما يكون إذا الحبي
- بُ أبي عليكَ القطفَ من ثمراتِهِ
إنَّ النفوسَ لما منعنَ شديدة
- ظمأً وينسى الماءُ عندَ فُراتهِ
يا مريَ زيديني هوىً فهواكِ نو
- رٌ لم أزل أسري على مشكاتهِ
وأرى الحياةَ عليَّ ليلاً دامساً
- ضلتْ نجومُ السعدِ في طرقاتهِ
واهاً لهذا الحبِّ لو عرفَ الولي
- دُ الحبَّ لاستعصى على داياتهِ
شيءٌ يحارُ المرءُ فيهِ لأنهُ
- من ذاتهِ جلبَ الشقاءَ لذاتهِ
ما كانَ أبعدني وقولي في الذي
- آتيهِ يوماً ليتني لم آتِهِ
لكنَّ حالاتِ القضاءِ على الورى
- شتَّى وهذي الحالُ من حالاتهِ
أترى المريضَ اشتاقَ وجهَ أساتهِ
- أم كانَ يشجي الموتَ صوتُ نعاتهِ
يا قومُ مالي حيلةٌ واليومَ قد
- دَنَفَ الهوى والطيرُ عندَ شتاتهِ
هيهاتَ أبصرها وأبقى بعدها
- فالنجمُ نورُ الشمسِ من آفاتهِ
ولأنْ ترى ذا الصبِّ في الأمواتِ خي
- رٌ أن يراها الصبُّ بينَ وُشاتهِ
قصيدة نفرةٌ ثمَّ تعطفُ الحسناءِ
نفرةٌ ثمَّ تعطفُ الحسناءِ
- وقصارى إبائهنَّ الرِّضاءُ
وذواتُ الهوى يصلنَ ولكنْ
- من حقوقِ الوصالِ هذا الجفاءُ
فتأبِّي وإنما لذّةُ الحبِّ
- إذا كانَ في الحبيبِ إباءُ
ما يشينُ الوصالَ أن التجافي
- في حواشيهِ نقطةٌ سوداءُ
وإذا الخالُ كانَ في الخدِّ حسناً
- فتمامُ الملاحةِ الخُيلاءُ
غضبٌ بعدهُ الرضا وكلما مرّ
- مذاقُ السقامِ يحلو الشفاءُ
إنَّ في الحسنِ للحسانِ لعذرا
- فاسلبوا المالَ يسمح البخلاءُ
أوَ لا يُعذر الجمالُ إذ ما
- نظرتْ في مرآتِها الحسناءُ
سائليها يا ربَّةَ الحلي عني
- ألداءِ الفؤادِ منها دواءُ
واذكري أننا على اليأسِ نرجو
- ومن اليأسِ قد يكونُ الرجاءُ
أو ليسَ السماءُ يأتي عليها
- كل يومٍ صبحٌ ويأتي مساءُ
وضياء النهار فيها ابتسامٌ
- وظلام المساء فيها بكاء
قصيدة ألا لا تلمهُ اليومَ أن يتألما
ألا لا تلمهُ اليومَ أن يتألما
- فإن عيونَ الحي قد ذرفتْ دما
رأى من صروفِ الدهرِ في الناسِ ما أرى
- وعلمه الدهر الأسى فتعلما
ولم يكُ ممن يملكُ الهمُ قلبَهُ
- ولكنْ أتاهُ الهم من جانبِ الحمى
هنالكَ حيٌّ كلما عنَّ ذكرهُمْ
- تقسمَ من أحشائهِ ما تقسما
يمثلهم في قلبهِ كلُّ لاعجٍ
- وترمي بهِ ذكراهم كل مرتمى
فمن مرسلٍ عينيهِ يبكي وقد جرتْ
- مدامعهُ بينَ الغضا لتضرما
ومن واجدٍ طاوٍ على حسراتهِ
- ولو أنها في شامخٍ لتهدما
ومن ذي غنىً يشكو إلى الله أمرهُ
- وقد باتَ محتاجاً إلى الناسِ معدما
ومن ذاتِ خدرٍ لم تجدْ غيرَ كفِها
- نقاباً ولم تترك لها النارُ محتمى
جرتْ في مآقيها الدموعُ غفيفةً
- وقد كشفتْ للناسِ كفاً ومعصماً
وباتتْ وباتَ القومُ عنها بمعزلٍ
- مناجيةً رباً أبرَّ وأرحما
وعذراء زفتها المنونُ فلم تجدْ
- سوى القبر من صهرٍ أعفَ وأكرما
فحطَّتْ أكفَّ الموتِ عنها لثامها
- وهيهاتَ بعدَ الموتِ أن تتلثما
ومن والدٍ برٍّ وأمٍّ رحيمةٍ
- تنوحُ على من غالهُ الموتُ منهما
فجيعانِ حتى لا عزاءَ سوى الرِّضا
- وكانَ قضاءُ اللهِ من قبلُ مبرما
فإن رأيا طفلاً تجشمتِ البكا
- على طفلها بعدَ الرضا وتجشما
وإن هجعا أرضاهما الوهمُ في الكرى
- وساءَهما بعد الكرى ما توهما
ووالدةٌ ثكلى وزوجٌ تأيمتْ
- ومرضعةٌ حسرى وطفلٌ تيتما
وقومٌ وراءَ الليلِ لا يطرقُ الكرى
- عيونهمُ إن باتتِ الناسُ نوّما
فمن مطرقٍ يروي الثرى بدموعهِ
- كأنَّ الثرى يشكو إليهِ من الظما
ومن طامحٍ للأفقِ حتى كأنهُ
- على العدمِ يستجدي من الأفقِ أنجما
حنانيكَ يا رباهُ كم باتَ سيدٌ
- يمدُّ يديهِ يسألُ الناسَ مطعما