أشعار حب حلوة

الحب

الحب هو تبادل المشاعر والعلاقات اللطيفة والاهتمام بالمحبوب وتعويضه بالحنان والمشاعر القوية لإشباع غريزة الحب الفطرية بقلبه، وهي علاقة شراكة لجسدين بقلب واحد ومشاعر جذابة واحدة، وهناك العديد من الشعراء بالعصر القديم والحديث كتبوا قصائد عن الحب وتأثيره على عقل وجسد الإنسان وقدرته على تغيير صفات الإنسان من شخص حزين وانطوائي إلى شخص سعيد واجتماعي، وفي هذا المقال سنعرض لكم أجمل القصائد التي قيلت بالحب.

كم للمنازل من عام ومن زمن

زهير بن أبي سلمى هو ربيعة بن رباح المزني شاعر ولد في غطفان نواحي المدينة المنورة، وتزوج في حياته مرتين الأولى كانت من أم أوفى التي لم يتوفق معها بسبب موت أولاده منها طلقها ثمّ تزوج بأخرى وهي كبشة بنت عمار وأنجب شاعرين وتوفي عام 607 ومن أشعاره بالحب القصيدة الآتية:[١]

كَم لِلمَنازِلِ مِن عامٍ وَمِن زَمَنٍ

لِآلِ أَسماءَ بِالقُفَّينِ فَالرُكُنِ

لِآلِ أَسماءَ إِذ هامَ الفُؤادُ بِها

حيناً وَإِذ هِيَ لَم تَظعَن وَلَم تَبِنِ

وَإِذ كِلانا إِذا حانَت مُفارَقَةٌ

مِنَ الدِيارِ طَوى كَشحاً عَلى حَزَنِ

فَقُلتُ وَالدِيارُ أَحياناً يَشُطُّ بِها

صَرفُ الأَميرِ عَلى مَن كانَ ذا شَجَنِ

لِصاحِبَيَّ وَقَد زالَ النَهارُ بِنا

هَل تُؤنِسانِ بِبَطنِ الجَوِّ مِن ظُعُنِ

قَد نَكَّبَت ماءَ شَرجٍ عَن شَمائِلِها

وَجَوُّ سَلمى عَلى أَركانِها اليُمُنِ

يَقطَعنَ أَميالَ أَجوازِ الفَلاةِ كَما

يَغشى النَواتي غِمارَ اللُجِّ بِالسُفُنِ

يَخفِضُها الآلُ طَوراً ثُمَّ يَرفَعُها

كَالدَومِ يَعمِدنَ لِلأَشرافِ أَو قَطَنِ

أَلَم تَرَ اِبنَ سِنانٍ كَيفَ فَضَّلَهُ

ما يَشتَري فيهِ حَمدَ الناسِ بِالثَمَنِ

وَحَبسُهُ نَفسَهُ في كُلِّ مَنزِلَةٍ

يَكرَهُها الجُبَناءُ الضاقَةُ العَطَنِ

حَيثُ تُرى الخَيلُ بِالأَبطالِ عابِسَةً

يَنهَضنَ بِالهُندُوانِيّاتِ وَالجُنَنِ

حَتّى إِذا ما اِلتَقى الجَمعانِ وَاِختَلَفوا

ضَرباً كَنَحتِ جُذوعِ النَخلِ بِالسَفَنِ

يُغادِرُ القِرنَ مُصفَرّاً أَنامِلُهُ

يَميلُ في الرُمحِ مَيلَ المائِحِ الأَسِنِ

تَاللَهِ قَد عَلِمَت قَيسٌ إِذا قَذَفَت

ريحُ الشِتاءِ بُيوتَ الحَيِّ بِالعُنَنِ

أَن نِعمَ مُعتَرَكُ الحَيِّ الجِياعِ إِذا

خَبَّ السَفيرُ وَمَأوى البائِسِ البَطِنِ

مَن لا يُذابُ لَهُ شَحمُ النَصيبِ إِذا

زارَ الشِتاءُ وَعَزَّت أَثمُنُ البُدُنِ

يَطلُبُ بِالوِترِ أَقواماً فَيُدرِكُهُم

حيناً وَلا يُدرِكُ الأَعداءُ بِالدِمَنِ

وَمَن يُحارِب يَجِدهُ غَيرَ مُضطَهَدٍ

يُربي عَلى بِغضَةِ الأَعداءِ بِالطَبَنِ

هَنّاكَ رَبُّكَ ما أَعطاكَ مِن حَسَنٍ

وَحَيثُما يَكُ أَمرٌ صالِحٌ فَكُنِ

إِن تُؤتِهِ النُصحَ يوجَد لا يُضَيِّعُهُ

وَبِالأَمانَةِ لَم يَغدُر وَلَم يَخُنِ

يعلمني الحب ألا أحب

من الجوائز التي حصل عليها الشاعر محمود درويش جائزة لوتس اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا في الهند عام 1969م ودرع الثورة الفلسطينية من منظمة التحرير الفلسطينية عام 1981م، وهو أحد الشعراء العرب الذين ساهموا بتطوير وتجديد الشعر العربي، ولد عام 1941م في قرية البروة، وله العديد من القصائد في الحب منها القصيدة الآتية:[٢]

يُعلِّمُني الحُبُّ ألاَّ أحِبَّ وَأَنْ أفْتَحَ النَّافِذَهْ

عَلَى ضِفَّة الدَّرْبِ هَل تَسْتَطيعين أنْ تَخْرُجي مِنْ نداءِ الحَبَقْ

وَأَنْ تقسمِيني إلى اثْنَيْن أَنْتِ وَمَا يَتَبِقَّى مِنَ الأُغْنِيَهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ فِي كُلِّ حُبِّ أرى الحُبَّ مَوْتاً لِمَوْتٍ سَبَقْ

وَريحاً تُعَاوِدُ دَفْعَ الخُيُول إلَى أمِّهَا الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابَة والأوْدِيَهْ

أًلا تَسْتَطِيعينَ أَنْ تَخْرُجِي مِنْ طَنينِ دَمي كَيْ أْهَدْهِدَ هَذَا الشَّبقْ

وكَيْ أُسْحَبَ النَّحْلَ مِنْ وَرَق الوَرْدَةِ المُعْدِيهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ يَسْأًلُنِي كَيْفَ عَادَ النَّبِيذُ إلَى أْمِّه واحْتَرقْ

وَمَا أًعْذَبَ الحُبَّ حِينَ يُعذب حِينَ يُخرِّب نَرْجسَةَ الأْغْنيهْ

يُعَلِّمُني الحُبِّ أن لاَ أُحِبَّ وَيَتْرُكُني في مَهَبِّ الوَرَقْ

هل كان حبا

بدر شاكر السياب شاعر عراقي ولد عام 1926 ميلادي تخصص في دراسته باللغة العربية ثمّ الإنجليزية وتخرج عام 1948م وتوفي عام 1964م عن عمر يناهز 37 سنة، ومن أشعاره في الحب القصيدة الآتية:[٣]

هل تُسمّينَ الذي ألقى هياما

أَمْ جنوناً بالأماني أم غراما

ما يكون الحبُّ نَوْحاً وابتساما

أم خُفوقَ الأضلعِ الحَرّى إذا حانَ التلاقي

بين عينينا فأطرقتُ فراراً باشتياقي

عن سماءٍ ليس تسقيني إذا ما

جئتُها مستسقياً إلاّ أواما

العيون الحور لو أصبحنَ ظلاً في شرابي

جفّتِ الأقداحُ في أيدي صحابي

دون أن يَحْضَينَ حتى بالحبابِ

هيئي يا كأسُ من حافاتك السكرى مكانا

تتلاقى فيه يوماً شفتانا

في خفوقٍ والتهابِ

وابتعادٍ شاعَ في آفاقهِ ظلُّ اقترابِ

كم تَمَنَّى قلبيَ المكلومُ لو لم تستجيبي

من بعيدٍ للهوى أو من قريبِ

آهِ لو لم تعرفي قبل التلاقي من حبيبِ

أيُّ ثغرٍ مَسَّ هاتيك الشفاها

ساكباً شكواهُ آهاً ثم آها

غير أنّي جاهلٌ معنى سؤالي عن هواها

أهو شيءٌ من هواها يا هواها

أَحْسدُ الضوءَ الطروبا

مُوشكاً مما يلاقي أن يذوبا

في رباطٍ أوسع الشَّعرَ التثاما

السماء البكرُ من ألوانه آناً وآنا

لا يُنيلُ الطرفَ إلاّ أرجوانا

ليتَ قلبي لمحةٌ من ذلك الضوء السجينِ

أهو حبٌّ كلُّ هذا خبّريني

هل تذكرين وأنت من غزلانه

مصطفى التل هو مصطفى وهبي صالح التل شاعر أردني ولد عام 1899 ميلادي، وكان يتقن عدّة لغات غير العربية وهي التركية والفارسية وله العديد من الدواوين والكتب، منها: عشيّات وادي اليابس الذي صدر عام 1982م وتوفي عام 1949م ودفن في إربد، ومن أروع قصائده في الحب القصيدة الآتية:[٤]

هل تذكرين وأنت من غزلانه

وادي الشتا والعمر في ريعانه

والقلب مخضل الجوانب نشوة

رعناء قد أودت بثبت جنانه

فهنا هوى وهوى هناك وثالث

وقف عليك وأنت من أعيانه

يا مي ما للقلب حال وجيبه

صمتاً كصمت الميت في أكفانه

وعلام أحلامي أسف خيالها

وتبرمي يشتط في إمعانه

وعلام آمالي يروعها الأسى

واليأس يجذبها إلى أحضانه

وعلام شيطاني إذا استلهمته

شعراً يزيد الوقر في آذانه

هاتي الجبين أعل من نعمائه

عذباً نهلت الصبا من حرمانه

فلعل إلهامي القديم يعودني

ويحفني في وحشتي بحنانه

يا مي ما ذنبي إذا فر الصبا

ومضى ولم أجن الشباب لشأنه

وسواد شعرك حد من غلوائه

ومشى المشيب إلي قبل أوانه

يا مي ما ذنبي إذا دهري عتا

وسواد حظي لج في طغيانه

فالمرء يدرك ما يشاء من المنى

بالسعي والتأييد من إخوانه

وأنا الذي جحد الأحبة فضله

وأعان أصدقهم على خذلانه

هاتي الجبين فما تزال سعادتي

إن يدن من شفتي طوع بنانه

وتوسدي صدري وحسبي نعمة

هذا الذي توحين من خفقانه

مالي ودنياهم فحبك عالم

أسمى ولن يصل الأذى لكيانه

يا مي جلعاد الأشم كعهده

ما زال يريض جاثماً بمكانه

والغور ما انفكت غدائر نبته

وزهوره تحنو على غدرانه

وسماء إربد ما يزال سحابها

يسقي سهول الحصن من هتانه

يا مي ما برحت حمائم سدرنا

تشدو مصفقة على أغصانه

فتعهدي قلبي بحبك واسمعي

ما شئت من شدوي ومن ألحانه

كوخ الندامى قد تقلص ظله

وعراصه أقوين من ندمانه

ومضت برب الكوخ نحو حجالها

خرقاء في يدها زمام عنانه

فتنته لعنة خدرها عن رهطه

واستبدلته مخاوفاً بأمانه

وأساء محسن للقرين وعرسه

ولنا عشية صاغ عقد قرانه

فوددت لو أني استطعت حمية

للكوخ قبل العقد سل لسانه

وارحمتا للكوخ كيف تبرمت

ضجراً صوى اللذات في عنوانه

تدعو السقاة كؤوسها فيجيبها

رجع الصدى يرتد عن جدرانه

والزق يسأل عن سباة حريمه

والدف يسأل عن مصير قيانه

وارحمتا للكوخ إن حضيضه

قد ضم إشفاقاً ذرى بنيانه

والعود ألوى كاليتيم برأسه

وبكى لها فبكت غضاضة شأنه

هذا الكمان فأين عازفه الذي

يبكي حطام الكوخ شجو كمانه

وارحمتا للكوخ كيف تجهمت

من بعد إشراق وجوه زمانه

حتى أنا وأنا الوفي لعهده

أَصبحت لا أرتاد نجعة حانه

فكأنني عبود في إِسلامه

أو حمزة العربي في إِيمانه

وأخاف إن طالت جذور تقشفي

أن يدعيني القصر من شيخانه

عجباً حبائي من طلال عمامة

قوراء مثل البدر في إبانه

ونوال نايف سبحة حباتها

غاصت إلى الآذان في سبحانه

وعطاء سيدنا مقال ممتع

في الزهد يسكرني بسحر بيانه

وقصيدة عصماء من أبياتها

عاينت سر الحق في غفرانه

ورأيت أن اللّه أوسع رحمة

مما يظن البعض من عبدانه

وشهدت كيف العفو يسبل ستره

حتى على فرعون في عصيانه

لا تعجلو يا قوم إن تصوفي

ما زال مفتقراً إلى برهانه

يا مي قد عاد الربيع وعاودت

نفسي وساوس قصفه ودنانه

ورؤى خمار كنت معه أظنني

كسرى أنو شروان في إيوانه

حولي دهاقيني تحف بسدتي

شأن المتوج في ذوي سلطانه

حتى إذا روحي ترنح عطفها

من لحظك المخمور في أجفانه

واكتظ رأسي من جمالك نشوة

ضن الشراب بها على سكرانه

حطمت كأسي واعتصمت بتوبة

قد ألهبت صفعاً قفا شيطانه

وأنبت عن شرب العقار وبذله

وتنزهت شفتاي عن أدرانه

يا مي قد صرت جنادب حقلنا

وفراشه يختال في طيرانه

للّه أجنحة الضعيف فإنها

تسمو به ويقيم دون عنانه

فادني شفاهك من فمي وتوسدي

صدري يكف الدهر عن عدوانه

يا ويح حملان الخيال فإنهم

قربان واديهم إلى سرحانه

هاتي جبينك فالتلاع تبسمت

للمكفهر الفظ في لمعانه

وشعاب وادي السير سال لجينها

للبرق لما افتر عن أسنانه

هاتي جبينك فالحياة جوادها

شرس وليس فتاك من فرسانه

من لم يكن ذئباً فإن زمانه

يغري به العشرات من ذؤبانه

يا ويح أجنحة الخيال فإنها

تغتال طائرها بريش سنانه

وادي الشتا هذا وتلك ملاعبي

أيام كنت وكنت من جيرانه

فادني شفاهك من فمي إن لم يكن

يا مي قلبك قد من صوانه

وتوسدي صدري وحسبك نعمة

هذا الذي توحين من خفقانه

مالي ودنياهم فحبك عالم

سر الهوى وقف على سكانه

المراجع

  1. زهير بن ابي سلمى، “كم للمنازل من عام ومن زمن”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-30.
  2. محمود درويش (2005)، الاعمال الاولى (الطبعة الاولى)، بيروت لبنان: رياض الريس للكتب والنشر، صفحة 166، جزء الثالث.
  3. بدر شاكر السياب، “هل كان حبا”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-30.
  4. مصطفى التل، “هل تذكرين وأنت من غزلانه”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-30.