أشعار حب وعتاب

الحب والعتاب

الحب والعتاب مشاعر متشابهة لا تُعطى إلّا لمن يستحقها، لطالما كانا متصلين معاً عندما نحب أشخاصاً نعاتبهم لأننا نريد أن نحتفظ بهم وبمحبتهم في قلوبنا، والشخص الذي يعاتب يحمل لنا في قلبه مشاعر حب، وقد قام العديد من الشعراء بعتاب المحبوبة في قصائدهم وهنا نعرض بعض قصائد الحب والعتاب.

لا تحبيني

نزار قباني شاعر كتب في بدايات شعره الشعر الرومنسي، ثمّ اتجه في ما بعد إلى الشعر السياسي، انتقل نزار قباني إلى مدريد الإسبانية ليعين فيها سفيراً عام 1962م، وبعد مكوثه في مدريد لمدّة أربعة سنين رجع إلى لبنان واستقر فيها، نشر نزار قباني الكثير من دواوينه ومنها “أنت لي” المنشور عام 1950م، توفي نزار قباني إثر سكتة قلبية حادة عن عمر يناهز 75 عام، وهنا يعاتب نزار محبوبته.[١]

هذا الهوى

ما عاد يغريني

فلتستريحي ولتريحيني

إن كان حبك في تقلبه

ما قد رأيت

فلا تحبيني

حبي

هو الدنيا بأجمعها

أما هواك فليس يعنيني

أحزاني الصغرى تعانقني

وتزورني

إن لم تزوريني

ما همني

ما تشعرين به

إن إفتكاري فيك يكفيني

فالحب

وهمٌ في خواطرنا

كالعطر في بال البساتين

عيناك

من حزني خلقتهما

ما أنت

ما عيناك من دوني

فمك الصغير

أدرته بيدي

وزرعته أزهار ليمون

حتى جمالك

ليس يذهلني

إن غاب من حينٍ إلى حين

فالشوق يفتح ألف نافذةٍ

خضراء

عن عينيك تغنيني

لا فرق عندي يا معذبتي

أحببتني

أم لم تحبيني

أنت استريحي من هواي أنا

لكن سألتك

لا تريحيني

لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي

أبو الطيب المتنبي هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي شاعر ولد في الكوفة عام 915م وتوفي عام 965م، وكان المتنبي صاحب كبرياء وشجاعة وطموح وأفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، ومن قصائده في الحب قال:[٢]

لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي

وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي

وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه

وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ

وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى

مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ

وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي

وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى

شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ

وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ

سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي

وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني

فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ

وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا

عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي

سَقَى الله أيّامَ الصّبَى ما يَسُرّهَا

وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ

إذا ما لَبِسْتَ الدّهْرَ مُستَمتِعاً بِهِ

تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ

وَلم أرَ كالألحَاظِ يَوْمَ رَحِيلِهِمْ

بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ

أدَرْنَ عُيُوناً حائِراتٍ كأنّهَا

مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ

عَشِيّةَ يَعْدُونَا عَنِ النّظَرِ البُكَا

وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ

نُوَدّعُهُمْ وَالبَيْنُ فينَا كأنّهُ

قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ

قَوَاضٍ مَوَاضٍ نَسجُ داوُدَ عندَها

إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ

هَوَادٍ لأمْلاكِ الجُيُوشِ كأنّهَا

تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي

تَقُدّ عَلَيْهِمْ كلَّ دِرْعٍ وَجَوْشنٍ

وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ

يُغِيرُ بهَا بَينَ اللُّقَانِ وَوَاسِطٍ

وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ

وَيَرْجِعُهَا حُمْراً كأنّ صَحيحَهَا

يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ

فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ

شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ

ضَرُوبٌ بأطرافِ السّيُوفِ بَنانُهُ

لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ

كسَائِلِهِ مَنْ يَسألُ الغَيثَ قَطرَةً

كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ

لقد جُدْتَ حتى جُدْتَ في كلّ مِلّةٍ

وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ

رَأى مَلِكُ الرّومِ ارْتياحَكَ للنّدَى

فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ

وخَلّى الرّماحَ السّمْهَرِيّةَ صاغِراً

لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ

وكاتَبَ مِن أرْضٍ بَعيدٍ مَرامُهَا

قَريبٍ على خَيْلٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ

وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسُولُهُ

فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ

فَلَمّا دَنَا أخْفَى عَلَيْهِ مَكانَهُ

شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ

وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى

إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي

ولَمْ يَثْنِكَ الأعْداءُ عَنْ مُهَجاتِهمْ

بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ

وَكُنْتَ إذا كاتَبْتَهُ قَبْلَ هذِهِ

كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ

فإنْ تُعْطِهِ مِنْكَ الأمانَ فَسائِلٌ

وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ

وَهَلْ تَرَكَ البِيضُ الصّوارِمُ منهُمُ

حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ

لَقَد وَرَدوا وِرْدَ القَطَا شَفَرَاتِهَا

وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ

بَلَغْتُ بسَيْفِ الدّوْلَةِ النّورِ رُتْبَةً

أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ

إذا شاءَ أنْ يَلْهُو بلِحيَةِ أحْمَقٍ

أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ

وَما كمَدُ الحُسّادِ شيءٌ قَصَدْتُهُ

وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ

وَيَمْتَحِنُ النّاسَ الأميرُ برَأيِهِ

وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ

وَإطراقُ طَرْفِ العَينِ لَيسَ بنافعٍ

إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ

فيا أيّها المَطلوبُ جاوِرْهُ تَمْتَنِعْ

وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ

وَيا أجبنَ الفُرْسانِ صاحِبْهُ تجترىءْ

ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ

إذا سَعَتِ الأعْداءُ في كَيْدِ مجْدِهِ

سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ

وَما ينصُرُ الفضْلُ المُبينُ على العدَى

إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّقِ

يا واعظ الناس عما أنت فاعله

الشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ هو ثالث الأئمة الأربعة وصاحب المذهب الشافعي، ولد في غزة وتوفي في مصر وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء، وله العديد من قصائد العتاب ومنها القصيدة الآتية:[٣]

يا واعظَ الناس عمَّا أنتَ فاعلهُ

يَا مَنْ يُعَدُّ عَلَيْهِ العُمْرُ بِالنَّفَسِ

احفظ لشبيكَ من عيبٍ يدنسهُ

إنَّ البياض قليلُ الحملِ للدنسِ

كحاملٍ لثياب النَّاسِ يغسلها

وثوبهُ غارقٌ في الرَّجسِ والنَّجسِ

تَبْغي النَّجَاة َ وَلَمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَا

إنَّ السَّفِينَةَ لاَ تَجْرِي عَلَى اليَبَسِ

ركوبكَ النَّعشَ ينسيك الرُّكوب على

مَا كُنْتَ تَرْكَبُ مِنْ بَغْلٍ وَمِنْ فَرَسِ

يومَ القيامة لا مالٌ ولا ولدٌ

وضمَّةُ القبرِ تنسي ليلة العُرسِ

كلمات قطف سيفك بهجتها

أحلام مستغانمي، كاتبة وروائية جزائرية من مواليد تونس، حصلت أحلام على شهادة الدكتوراه من جامعة سوربون ولدت في 13 أبريل 1953م في بداية مشوارها، عملت لدى الإذاعة الوطنية في الجزائر، وحصلت أحلام على جائزة نجيب محفوظ لعام 1998م، ومن رواياتها الأسود يليق بك.[٤]

رجل لم يدرِ كيف يردُّ

على قُبلة

تركها أحمر شفاهي

على مرآته

فكتب بشفرة الحلاقة

على قلبي

أُحبُّـــك

حتماً رحيلك مراوغة

على طاولات الكسل الصيفية

أنتظرك بفرحتي

كباقة لعبّاد الشمس

في مزهرية

لكن فراشة الوقت

على وشك أن تطير

لا تكن آخر الواصلين

أحدهم سيجيء

سيجيء ويذهب بي

بعد أن يخلع باب

انتظاري لك

خطاي لا بوصلة لها سواك

تُكرِّر الحماقات إيّـاها

تنحرف بين صوبك

عائدة إلى جادة الخطأ

ما من عاشق تعلّم من أخطائه

كلمات مُدماة

قطف سيفك بهجتها

لن ترى حبرها الْمُراق

غافلة عن خنجرك

ينبهني الحبر حيناً

إلى طعنتك

سأضع شفاه رجل غيرك

ورقاً نشّافاً

يمتص نزيفي بعدك

كما نحن

تشظّى عشقنا الآسر

وانكسر إبريق

كنا تدفّقنا فيه

منسكبين أحدنا في الآخر

لا تدع جثمانك بيني وبينهم

كلُّ مَن صادفني

وقف يُصلِّي عليك صلاة الغائب

ما ظننتني

سأنفضح بموتك إلى هذا الحد

يعلمني الحب ألا أحب

محمود درويش عمل شاعرنا محمود درويش في بيروت رئيساً لتحرير مجلة الشؤون الفلسطينية وهو أحد أهم الشعراء الفلسطينيين ولد عام 1941م، وبعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية دخل في غيبوبة أدت إلى وفاته في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008م، وله العديد من الدواوين والأشعار في الحب، ومنها:[٥]

يُعلِّمُني الحُبُّ ألاَّ أحِبَّ وَأَنْ أفْتَحَ النَّافِذَهْ

عَلَى ضِفَّة الدَّرْبِ هَل تَسْتَطيعين أنْ تَخْرُجي مِنْ نداءِ الحَبَقْ

وَأَنْ تقسمِيني إلى اثْنَيْن أَنْتِ وَمَا يَتَبِقَّى مِنَ الأُغْنِيَهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ فِي كُلِّ حُبِّ أرى الحُبَّ مَوْتاً لِمَوْتٍ سَبَقْ

وَريحاً تُعَاوِدُ دَفْعَ الخُيُول إلَى أمِّهَا الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابَة والأوْدِيَهْ

أًلا تَسْتَطِيعينَ أَنْ تَخْرُجِي مِنْ طَنينِ دَمي كَيْ أْهَدْهِدَ هَذَا الشَّبقْ

وكَيْ أُسْحَبَ النَّحْلَ مِنْ وَرَق الوَرْدَةِ المُعْدِيهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ يَسْأًلُنِي كَيْفَ عَادَ النَّبِيذُ إلَى أْمِّه واحْتَرقْ

وَمَا أًعْذَبَ الحُبَّ حِينَ يُعذب حِينَ يُخرِّب نَرْجسَةَ الأْغْنيهْ

يُعَلِّمُني الحُبِّ أن لاَ أُحِبَّ وَيَتْرُكُني في مَهَبِّ الوَرَقْ

ليس الحب بدعة

جميل بن معمر هو جميل بن عبد الله بن العذري شاعر أموي كان فصيحًا مقدمًا جامعًا للشعر والرواية، ولد في السعودية وتوفي في مصر، أكثر شعره كان في الغزل والفخر وأقله في المديح، فكتب في بثينة العديد من الأشعار ومن قصائده بالعتاب لها القصيدة الآتية:[٦]

سَقى مَنزِلَينا يا بُثَينَ بِحاجِرِ

عَلى الهَجرِ مِنّا صَيِّفٌ وَرَبيعُ

وَدَورَكِ يا لَيلى وَإِن كُنَّ بَعدَنا

بَلينَ بِلىً لَم تَبلَهُنَّ رُبوعُ

وَخَيماتِكِ اللاتي بِمُنعَرَجِ اللَوى

لَقُمرِيِّها بِالمُشرِقينَ سَجيعُ

يُزَعزِعُ فيها الريحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ

هَزيمٌ بِسُلّافِ الرِياحِ رَجيعُ

وَإِنِّيَ أَن يَعلى بِكِ اللَومُ أَو تُرَي

بِدارِ أَذىً مِن شامِتٍ لَجُزوعُ

وَإِنّي عَلى الشَيءِ الَّذي يُلتَوى بِهِ

وَإِن زَجَرَتني زَجرَةً لَوَريعُ

فَقَدتُكِ مِن نَفسٍ شَعاعٍ فَإِنَّني

نَهَيتُكِ عَن هَذا وَأَنتِ جَميعُ

فَقَرَّبتِ لي غَيرَ القَريبِ وَأَشرَفَت

هُناكَ ثَنايا ما لَهُنَّ طُلوعُ

يَقولونَ صَبٌّ بِالغَواني مُوَكَّلٌ

وَهَل ذاكَ مِن فِعلِ الرِجالِ بَديعُ

وَقالوا رَعَيتَ اللَهوَ وَالمالُ ضائِعٌ

فَكَالناسِ فيهُم صالِحٌ وَمُضيعُ

المراجع

  1. نزار قباني ، “لا تحبيني”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-21.
  2. المتنبي، “لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-21.
  3. الشافعي، “يا واعظ الناس عما أنت فاعله”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-21.
  4. أحلام مستغانمي، “كلمات قطف سيفك بهجتها”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-30.
  5. محمود درويش (2005)، الاعمال الاولى (الطبعة الاولى)، لبنان-بيروت: رياض الريس للكتب والنشر، صفحة 166، جزء الثالث.
  6. جميل بن معمر، ديوان جميل بثينة، بيروت: دار صادر، صفحة 76.