قصائد محمود درويش عن الحب

الحب

الحب الحقيقي هو ذلك الحب الذي يخشى الإنسان المحب أن يخسره، الحب الحقيقي موجود مثل الماء في باطن الأرض يكفي أن تدق عليه فينفجر في ينبوع لا ينضب، الحب إحساس جاهز فطري في داخلنا ينمو إذا لم تفرقه الظروف، الحب يكون خالٍ من الغرض أن تحب يعني أن تناضل لمجرد أن تبقى ذاك ما يُسمّى بالحب.

قصائد عن حب قديم

محمود درويش ذاك الشاعر الفلسطيني الذي ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية والثورة الوطنية، عاش طفولته محباً للشعر ولوطنه فكان يكتب أشعاره منسوجاً بخيوط المحبة لمسقط رأسه والحنين له، تأثر شاعرنا بفريدريكو لوركا وهو شارع إسباني وكاتب مسرحي ورسام وعازف مسرحي، ومن قصائد محمود درويش في الحب والرومانسية القصيدة الآتية:[١]

على الأنقاض وردتُنا

ووجهانا على الرملِ

إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ

أشرعنا المناديلا

على مهل على مهلِ

وغبنا طيَّ أغنيتين كالأسرى

نراوغ قطرة الطّل

تعالي مرة في البال

يا أُختاه

إن أواخر الليلِ

تعرّيني من الألوان والظلّ

وتحميني من الذل

وفي عينيك يا قمري القديم

يشدُّني أصلي

إلى إغفاءةٍ زرقاء

تحت الشمس والنخلِ

بعيداً عن دجى المنفى

قريبا من حمى أهلي

تشهّيتُ الطفوله فيكِ

مذ طارت عصافيرُ الربيعِ

تجرّدَ الشجرُ

وصوتك كان يا ماكان

يأتيني

من الآبار أحياناً

وأحياناً ينقِّطه لي المطُر

نقيا هكذا كالنارِ

كالأشجار كالأشعار ينهمرُ

تعالي

كان في عينيك شيء أشتهيهِ

وكنتُ أنتظرُ

وشدّيني إلى زنديكِ

شديني أسيراً

منك يغتفُر

تشهّيت الطفولة فيك

مذ طارت

عصافير الربيع

تجرّد الشجرُّ

ونعبر في الطريق

مكبَّلين

كأننا أسرى

يدي لم أدر أم يدُكِ

احتست وجعاً

من الأخرى

ولم تطلق كعادتها

بصدري أو بصدرك

سروة الذكرى

كأنّا عابرا دربٍ

ككلّ الناس

إن نظرا

فلا شوقاً

ولا ندماً

ولا شزرا

ونغطس في الزحام

لنشتري أشياءنا الصغرى

ولم نترك لليلتنا

رماداً يذكر الجمرا

وشيء في شراييني

يناديني

لأشرب من يدك

ترمّد الذكرى

ترجّلَ مرةً كوكب

وسار على أناملنا

ولم يتعبْ

وحين رشفتُ عن شفتيك

ماء التوت

أقبل عندها يشربْ

وحين كتبتُ عن عينيك

نقّط كل ما أكتب

وشاركنا وسادتنا

وقهوتنا

وحين ذهبتِ

لم يذهب

لعلي صرت منسياً

لديك

كغيمة في الريح

نازلة إلى المغربْ

ولكني إذا حاولتُ

أن أنساك

حطّ على يدي كوكبْ

لك المجدُ

تجنّحَ في خيالي

من صداك

السجنُ و القيدُ

أراك استندتُ

إلى وسادٍ

مهرةً تعدو

أحسكِ في ليالي البرد

شمساً

في دمي تشدو

أسميك الطفوله

يشرئبّ أمامي النهدُ

أسميكِ الربيع

فتشمخ الأعشاب و الوردُ

أسميك السماء

فتشمت الأمطار و الرعدُ

لك المجدُ

فليس لفرحتي بتحيُّري

حدُّ

وليس لموعدي وعدُ

لك المجدُ

وأدركَنا المساءُ

وكانت الشمسُ

تسرّح شعرها في البحرْ

وآخر قبلة ترسو

على عينيّ مثل الجمرْ

خذي مني الرياح

وقّبليني

لآخر مرة في العمر

وأدركها الصباحُ

وكانت الشمسُ

تمشط شعرها في الشرقْ

لها الحنّاء والعرسُ

وتذكرة لقصر الرق

خذي مني الأغاني

واذكريني

كلمحْ البرقْ

وأدركني المساء

وكانت الأجراسْ

تدق لموكب المسبية الحسناءْ

وقلبي بارد كالماسْ

وأحلامي صناديقٌ على الميناء

خذي مني الربيع

وودّعيني

ريتا والبندقية

أتمّ شاعرنا محمود درويش تعليمه الابتدائي في قرية دير الأسد بالجليل انتقلت عائلة الشاعر محمود درويش إلى قرية أخرى اسمها “الجديدة” لكن محمود عاش في حيفا لمدّة عشر سنوات وأنهى فيها دراسته الثانوية، ويعتبر شاعرنا محمود درويش من ساهم بتطوير الشعر العربي، وقد قام محمود درويش في كتابة هذه القصيدة لمحبوبته ريتا اليهودية.[٢]

بين ريتا وعيوني بندقيَّة

والذي يعرف ريتا ينحني

ويصلي

لإلهٍ في العيون العسليَّة

وأنا قبَّلت ريتا

عندما كانت صغيره

عندما كانت صغيره

وأنا أذكر كيف التصقتْ

بي وغَطَّتْ ساعدي أحلي ضفيرة

وأنا أذكر ريتا

مثلما يذكر عصفورٌ غديرَهْ

آه ريتا

بيننا مليون عصفور وصوره

ومواعيدُ كثيرة

أطلقتْ ناراً عليها بندقيَّة

اسم ريتا كان عيداً في فمي

جسم ريتا كان عرساً في دمي

وأنا ضعت بريتا سنتَينِ

وتعاهدنا على أجمل كأس واحترقنا

في نبيذ الشفتين

وولدنا مرتين

آه ريتا

أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ

سوى إغفاءتين

وغيوم عسليّة

قبل هذي البندقيَّة

كان يا ما كان

يا صمت العشيّة

قمري هاجَر في الصبح بعيداً

في العيون العسلَيّة

والمدينة

كنست كل المغنين وريتا

بين ريتا وعيوني بندقيّة

يعلمني الحب ألا أحب

كانت إقامة شاعرنا محمود درويش في حيفا إقامة جبرية بعد استرجاع هويته كان ممنوع على محمود درويش مغادرة منطقة حيفا طوال عشر سنوات إلّا بعد حصوله على الهوية، ومن الجوائز التي حصل عليها الشاعر محمود درويش جائزة لوتس اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا في الهند عام 1969م ودرع الثورة الفلسطينية من منظمة التحرير الفلسطينية عام 1981م، ومن قصائده في الحب:[٣]

يُعلِّمُني الحُبُّ ألاَّ أحِبَّ وَأَنْ أفْتَحَ النَّافِذَهْ

عَلَى ضِفَّة الدَّرْبِ هَل تَسْتَطيعين أنْ تَخْرُجي مِنْ نداءِ الحَبَقْ

وَأَنْ تقسمِيني إلى اثْنَيْن أَنْتِ وَمَا يَتَبِقَّى مِنَ الأُغْنِيَهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ فِي كُلِّ حُبِّ أرى الحُبَّ مَوْتاً لِمَوْتٍ سَبَقْ

وَريحاً تُعَاوِدُ دَفْعَ الخُيُول إلَى أمِّهَا الرِّيحِ بَيْنَ السَّحَابَة والأوْدِيَهْ

أًلا تَسْتَطِيعينَ أَنْ تَخْرُجِي مِنْ طَنينِ دَمي كَيْ أْهَدْهِدَ هَذَا الشَّبقْ

وكَيْ أُسْحَبَ النَّحْلَ مِنْ وَرَق الوَرْدَةِ المُعْدِيهْ

وَحُبٌ هو الحُبُّ يَسْأًلُنِي كَيْفَ عَادَ النَّبِيذُ إلَى أْمِّه واحْتَرقْ

وَمَا أًعْذَبَ الحُبَّ حِينَ يُعذب حِينَ يُخرِّب نَرْجسَةَ الأْغْنيهْ

يُعَلِّمُني الحُبِّ أن لاَ أُحِبَّ وَيَتْرُكُني في مَهَبِّ الوَرَقْ

كمقهى صغير هو الحب

اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني الشاعر محمود درويش بتهمة القيام بنشاط معادٍ لدولة إسرائيل لآرائه السياسية والمعادية فتم اعتقاله خمس مرات كما فرضت عليه الإقامة الجبرية حتّى عام 1970م وهنا قال محمود درويش في الحب للمحبوبة:[٤]

كمقهي صغير على شارع الغرباء

هو الحبّ يفتح أَبوابه للجميع

كمقهي يزيد وينقص وَفْق المناخ

إذا هَطَلَ المطر ازداد روَّاده

وإذا اعتدل الجوّ قَلّوا ومَلّوا

أَنا ها هنا يا غريبة في الركن أجلس

ما لون عينيكِ ما اَسمك كيف

أناديك حين تمرِّين بي وأَنا جالس

في انتظاركِ

مقهى صغيرٌ هو الحبّ أَطلب كأسيْ

نبيذ وأَشرب نخبي ونخبك أَحمل

قبَّعتين وشمسيَّة إنها تمطر الآن

تمطر أكثر من أيِّ يوم ولا تدخلينَ

أَقول لنفسي أَخيرا لعلَّ التي كنت

أنتظر انتظَرتْني أَو انتظرتْ رجلا

آخرَ انتظرتنا ولم تتعرف عليه عليَّ

وكانت تقول أَنا هاهنا في انتظاركَ

ما لون عينيكَ أَيَّ نبيذٍ تحبّ

وما اَسمكَ كيف أناديكَ حين

تمرّ أَمامي

كمقهي صغير هو الحب

يطير الحمام

تزوج محمود درويش من الكاتبة رنا قباني لاحقاً في منتصف الثمانينيات تزوج محمود درويش من “حياة الهيني” وهي مترجمة مصرية ولم يرزق بأي أطفال من كلا الزوجتين، كان يعاني من أمراض في القلب وخضع لعمليتين جراحيتين في القلب وحصل على جائزة “لينين السلام “من الاتحاد الروسي عام “1983”ومن روائع محمود درويش في حبه للمحبوبة القصيدة الآتية:[٥]

يطير الحمام

يحطّ الحمام

أعدّي لي الأرض كي أستريح

فإني أحبّك حتى التعب

صباحك فاكهةٌ للأغاني

وهذا المساء ذهب

ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام

وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي

على عنقٍ لا تعانق غير الغمام

وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب

وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ

حين اغترب

وإني أحبّك أنت بداية روحي وأنت الختام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحده

أنا لحبيبي أنا وحبيبي لنجمته الشارده

وندخل في الحلم لكنّه يتباطأ كي لا نراه

وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه

وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي

وأختار أيّامنا بيديّ

كما اختار لي وردة المائده

فنم يا حبيبي

ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ

ونم يا حبيبي

لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده

ونم يا حبيبي

عليك ضفائر شعري عليك السلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

رأيت على البحر إبريل

قلت نسيت انتباه يديك

نسيت التراتيل فوق جروحي

فكم مرّةً تستطيعين أن تولدي في منامي

وكم مرّةً تستطيعين أن تقتليني لأصرخ إني أحبّك

كي تستريحي

أناديك قبل الكلام

أطير بخصرك قبل وصولي إليك

فكم مرّةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام

عناوين روحي

وأن تختفي كالمدى في السفوح

لأدرك أنّك بابل مصر وشام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ

ومن شجري من سريري الصغير ومن ضجري

من مراياي من قمري من خزانة عمري ومن سهري

من ثيابي ومن خفري

إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

تشعل في أذنيّ البراري تحمّلني موجتين

وتكسر ضلعين تشربني ثم توقدني ثم

تتركني في طريق الهواء إليك

حرامٌ حرام

يطير الحمام

يحطّ الحمام

المراجع

  1. محمود درويش، “قصائد عن حب قديم”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-19.
  2. محمود درويش، “ريتا والبندقية”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-19.
  3. محمود درويش (2005)، الديوان الاعمال الاولى3 (الطبعة الاولى)، بيروت لبنان: رياض الريس للكتب والنشر، صفحة 166، جزء الثالث.
  4. محمود درويش، “كمقهى صغير هو الحب”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-19.
  5. محمود درويش، “يطير الحمام”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-19.