أشعار حب جميلة للحبيب

أحبك أحبك والبقية تأتي

حديثك سجادةٌ فارسيه..

وعيناك عصفورتان دمشقيتان..

تطيران بين الجدار وبين الجدار..

وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك

ويأخذ قيلولةً تحت ظل السوار..

وإني أحبك..

لكن أخاف التورط فيك

أخاف التوحد فيك

أخاف التقمص فيك

فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساء

وموج البحار..

أنا لا أناقش حبك.. فهو نهاري

ولست أناقش شمس النهار

أنا لا أناقش حبك..

فهو يقرر في أي يوم سيأتي.. وفي أي يومٍ سيذهب..

وهو يحدد وقت الحوار وشكل الحوار..

دعيني أصب لك الشاي

أنت خرافية الحسن هذا الصباح

وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مراكشيه

وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا..

ويرتشف الماء من شفة المزهرية

دعيني أصب لك الشاي هل قلت إني أحبك؟

هل قلت إني سعيدٌ لأنك جئت..

وأن حضورك يسعد مثل حضور القصيدة

ومثل حضور المراكب والذكريات البعيدة..

دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك..

دعيني أعبر عما يدور ببال الفناجين

وهي تفكر في شفتيك..

وبال الملاعق والسكرية..

دعيني أضيفك حرفاً جديداً..

على أحرف الأبجديه..

دعيني أناقض نفسي قليلاً

وأجمع في الحب بين الحضارة والبربرية..

أأعجبك الشاي؟

هل ترغبين ببعض الحليب؟

وهل تكتفين ـ كما كنت دوماً- بقطعة سكر؟

وأما أنا فأفضل وجهك من غير سكر..

أكرر للمرة الألف أني أحبك..

كيف تريدينني أن أفسر ما لا يفسر؟

وكيف تريدينني أن أقيس مساحة حزني؟

وحزني كالطفل.. يزداد في كل يوم جمالاً ويكبر..

دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين والتي لا تعرفين..

أحبك أنت..

دعيني أفتش عن مفرداتٍ..

تكون بحجم حنيني إليك..

وعن كلماتٍ.. تغطي مساحة نهديك..

بالماء والعشب والياسمين

دعيني أفكر عنك..

وأشتاق عنك..

وأبكي وأضحك عنك..

وألغي المسافة بين الخيال وبين اليقين..

دعيني أنادي عليك بكل حروف النداء..

لعلي إذا ما تغرغرت باسمك من شفتي تولدين

دعيني أؤسس دولة عشقٍ..

تكونين أنت المليكة فيها..

وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين..

دعيني أقود انقلاباً..

يوطد سلطة عينيك بين الشعوب

دعيني.. أغير بالحب وجه الحضارة..

أنت الحضارة.. أنت التراث الذي يتشكل في باطن الأرض

منذ ألوف السنين..

أحبك..

كيف تريديني أن أبرهن أن حضورك في الكون

مثل حضور المياه

ومثل حضور الشجر

وأنك زهرة دوار شمسٍ..

وبستان نخلٍ..

وأغنيةٌ أبحرت من وتر..

دعيني أقولك بالصمت..

حين تضيق العبارة عما أعاني..

وحين يصير الكلام مؤامرةً أتورط فيها.

وتغدو القصيدة آنيةً من حجر..

دعيني..

أقولك ما بين نفسي وبيني..

وما بين أهداب عيني وعيني..

دعيني..

أقولك بالرمز إن كنت لا تثقين بضوء القمر..

دعيني أقولك بالبرق

أو برذاذ المطر..

دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك..

إن تقبلي دعوتي للسفر..

لماذا أحبك؟

إن السفينة في البحر لا تتذكر كيف أحاط بها الماء..

لا تتذكر كيف اعتراها الدوار..

لماذا أحبك؟

إن الرصاصة في اللحم لا تتساءل من أين جاءت..

وليست تقدم أي اعتذار..

لماذا أحبك.. لا تسأليني..

فليس لدي الخيار.. وليس لديك الخيار..

لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي

لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي

وَلِلحبِّ مالَم يَبق مِنّي وَما بَقي

وَما كُنت مِمَّن يَدخل العِشق قَلبهُ

وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونكِ يَعشَقِ

وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى

مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبهُ

وَفي الهجرِ فَهوَ الدَهر يُرجو وَيُتَقي

وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا

شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ

وَأَشنب مَعسولِ الثَنيّاتِ واضِحٍ

سَتَرت فَمي عَنه فَقَبَلَ مَفرِقي

وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني

فَلَم أَتَبَين عاطلاً مِن مُطَوَقِ

وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا

عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي

سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها

وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ

إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ

تَخَرَقتَ وَالملبوسُ لَم يَتخرَّقِ

وَلَم أَرَ كَالأَلحاظ يومَ رحيلِهِم

بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كلِ مُشفِقِ

أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها

مُرَكَّبةٌ أَحداقُها فَوق زِئبَقٍ

عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا

وَعَن لَذةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ

نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ

قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ

قَواض مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها

إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسج الخدرنَقِ

هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها

تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي

تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ

وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ

يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ

وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ

وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها

يُبَكّي دَماً مِن رحمة المُتَدَقِّقِ

فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ

شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ

ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ

لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ

كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً

كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ اِرفُقِ

لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ

وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ

رَأى مَلِكُ الرومِ اِرتِياحَكَ لِلنَدى

فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ

اسألوها

اسألوها أو فاسألوا مضناها

أيّ شيء قالت له عيناها ؟

فهو في نشوة و ما ذاق خمرا

نشوة الحبّ هذه إيّاها

ذاهل الطرف شارد الفكر

لا يلمح حسنا في الأرض إلاّ رآها

السواقي لكي تحدّث عنها

و الأقاحي لكي تذيع شذاها

و حفيف النسيم في مسمع

الأوراق نجوى تبثّها شفتاها

يحسب الفجر قبسه من سناها

و نجوم السماء بعض حلاها

وكذلك الهوى إذا حلّ في الأرواح

سارت في موكب من رؤاها

كان ينهى عن الهوى نفسه الظمأى

فأمسى يلوم من ينهاها

لمس الحبّ قلبه فهو نار

تتلظّى و يستلذّ لظاها !

كلّ نفس لم يشرق الحبّ فيها

هي نفس لم تدر ما معناها

المراجع

  1. نزار قباني، ” أحبك أحبك والبقية تأتي”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-7.
  2. المتنبي (1983)، ديوان المتنبي، بيروت: دار بيروت، صفحة 345-346.
  3. إيليا أبو ماضي، “اسألوها”، www.diwandb.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-7.