أشعار جاهلية عن الحب
قصيدة سلا القلب عما كان يهوى
- يقول عنترة بن شداد:
سَلا القَلبُ عَمّا كانَ يَهوى وَيَطلُبُ
- وَأَصبَحَ لا يَشكو وَلا يَتَعَتَّبُ
صَحا بَعدَ سُكرٍ وَاِنتَخى بَعدَ ذِلَّةٍ
- وَقَلبُ الَّذي يَهوى العُلا يَتَقَلَّبُ
إِلى كَم أُداري مَن تُريدُ مَذَلَّتي
- وَأَبذُلُ جُهدي في رِضاها وَتَغضَبُ
عُبَيلَةُ أَيّامُ الجَمالِ قَليلَةٌ
- لَها دَولَةٌ مَعلَومَةٌ ثُمَّ تَذهَبُ
فَلا تَحسَبي أَنّي عَلى البُعدِ نادِمٌ
- وَلا القَلبُ في نارِ الغَرامِ مُعَذَّبُ
وَقَد قُلتُ إِنّي قَد سَلَوتُ عَنِ الهَوى
- وَمَن كانَ مِثلي لا يَقولُ وَيَكذِبُ
هَجَرتُكِ فَاِمضي حَيثُ شِئتِ وَجَرِّبي
- مِنَ الناسِ غَيري فَاللَبيبُ يُجَرِّبُ
لَقَد ذَلَّ مَن أَمسى عَلى رَبعِ مَنزِلٍ
- يَنوحُ عَلى رَسمِ الدِيارِ وَيَندُبُ
وَقَد فازَ مَن في الحَربِ أَصبَحَ جائِل
- يُطاعِنُ قِرناً وَالغُبارُ مُطَنِّبُ
نَديمي رَعاكَ اللَهُ قُم غَنِّ لي عَلى
- كُؤوسِ المَنايا مِن دَمٍ حينَ أَشرَبُ
وَلا تَسقِني كَأسَ المُدامِ فَإِنَّه
- يَضِلُّ بِها عَقلُ الشُجاعِ وَيَذهَبُ
قصيدة صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو
- يقول زهير بن أبي سلمى:
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو
- وَأَقفَرَ مِن سَلمى التَعانيقُ فَالثِقلُ
وَقَد كُنتُ مِن سَلمى سِنينَ ثَمانِياً
- عَلى صيرِ أَمرٍ ما يَمُرُّ وَما يَحلو
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ يَوماً لِحاجَةٍ
- مَضَت وَأَجَمَّت حاجَةُ الغَدِ ما تَخلو
وَكُلُّ مُحِبٍّ أَحدَثَ النَأيُ عِندَهُ
- سَلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبِّكِ ما يَسلو
تَأَوَّبَني ذِكرُ الأَحِبَّةِ بَعدَما
- هَجَعتُ وَدوني قُلَّةُ الحَزنِ فَالرَملُ
فَأَقسَمتُ جَهداً بِالمَنازِلِ مِن مِنىً
- وَما سُحِقَت فيهِ المَقادِمُ وَالقَملُ
لَأَرتَحِلَن بِالفَجرِ ثُمَّ لَأَدأَبَن
- إِلى اللَيلِ إِلّا أَن يُعَرِّجَني طِفلُ
إِلى مَعشَرٍ لَم يورِثِ اللُؤمَ جَدُّهُم
- أَصاغِرَهُم وَكُلُّ فَحلٍ لَهُ نَجلُ
تَرَبَّص فَإِن تُقوِ المَرَوراةُ مِنهُمُ
- وَداراتُها لا تُقوِ مِنهُم إِذاً نَخلُ
فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّ مُحَجِّراً
- وَجِزعَ الحِسا مِنهُم إِذاً قَلَّما يَخلو
بِلادٌ بِها نادَمتُهُم وَأَلِفتُهُم
- فَإِن تُقوِيا مِنهُم فَإِنَّهُما بَسلُ
إِذا فَزِعوا طاروا إِلى مُستَغيثِهِم
- طِوالَ الرِماحِ لا ضِعافٌ وَلا عُزلُ
بِخَيلٍ عَلَيها جِنَّةٌ عَبقَرِيَّةٌ
جَديرونَ يَوماً أَن يَنالوا فَيَستَعلوا
- وَإِن يُقتَلوا فَيُشتَفى بِدِمائِهِم
وَكانوا قَديماً مِن مَناياهُمُ القَتلُ
- عَلَيها أُسودٌ ضارِياتٌ لَبوسُهُم
سَوابِغُ بيضٌ لا تُخَرِّقُها النَبلُ
- إِذا لَقِحَت حَربٌ عَوانٌ مُضِرَّةٌ
ضَروسٌ تُهِرُّ الناسَ أَنيابُها عُصلُ
- قُضاعِيَّةٌ أَو أُختُها مُضَرِيَّةٌ
يُحَرَّقُ في حافاتِها الحَطَبُ الجَزلُ
- تَجِدهُم عَلى ما خَيَّلَت هُم إِزائَها
وَإِن أَفسَدَ المالَ الجَماعاتُ وَالأَزلُ
- يَحُشّونَها بِالمَشرَفِيَّةِ وَالقَنا
وَفِتيانِ صِدقٍ لا ضِعافٌ وَلا نُكلُ
- تَهامونَ نَجدِيّونَ كَيداً وَنُجعَةً
لِكُلِّ أُناسٍ مِن وَقائِعِهِم سَجلُ
- هُمُ ضَرَبوا عَن فَرجِها بِكَتيبَةٍ
كَبَيضاءِ حَرسٍ في طَوائِفِها الرَجلُ
- مَتى يَشتَجِر قَومٌ تَقُل سَرَواتُهُم
هُمُ بَينَنا فَهُم رِضاً وَهُمُ عَدلُ
- هُمُ جَدَّدوا أَحكامَ كُلِّ مُضِلَّةٍ
مِنَ العُقمِ لا يُلفى لِأَمثالِها فَصلُ
- بِعَزمَةِ مَأمورٍ مُطيعٍ وَآمِرٍ
مُطاعٍ فَلا يُلفى لِحَزمِهِمُ مِثلُ
- وَلَستُ بِلاقٍ بِالحِجازِ مُجاوِراً
وَلا سَفَراً إِلّا لَهُ مِنهُمُ حَبلُ
- بِلادٌ بِها عَزّوا مَعَدّاً وَغَيرَها
مَشارِبُها عَذبٌ وَأَعلامُها ثَملُ
- هُمُ خَيرُ حَيٍّ مِن مَعَدٍّ عَلِمتُهُم
لَهُم نائِلٌ في قَومِهِم وَلَهُم فَضلُ
- فَرِحتُ بِما خُبِّرتُ عَن سَيِّدَيكُمُ
وَكانا اِمرَأَينِ كُلُّ أَمرِهِما يَعلو
- رَأى اللَهُ بِالإِحسانِ ما فَعَلا بِكُم
فَأَبلاهُما خَيرَ البَلاءِ الَّذي يَبلو
- تَدارَكتُما الأَحلافَ قَد ثُلَّ عَرشُها
وَذُبيانَ قَد زَلَّت بِأَقدامِها النَعلُ
- فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ
سَبيلُكُما فيهِ وَإِن أَحزَنوا سَهلُ
- إِذا السَنَةُ الشَهباءُ بِالناسِ أَجحَفَت
وَنالَ كِرامَ المالِ في الجَحرَةِ الأَكلُ
- رَأَيتُ ذَوي الحاجاتِ حَولَ بُيوتِهِم
قَطيناً بِها حَتّى إِذا نَبَتَ البَقلُ
- هُنالِكَ إِن يُستَخبَلوا المالَ يُخبِلوا
وَإِن يُسأَلوا يُعطوا وَإِن يَيسِروا يُغلوا
- وَفيهِم مَقاماتٌ حِسانٌ وُجوهُهُم
وَأَندِيَةٌ يَنتابُها القَولُ وَالفِعلُ
- عَلى مُكثِريهِم رِزقُ مَن يَعتَريهِمُ
وَعِندَ المُقِلّينَ السَماحَةُ وَالبَذلُ
- وَإِن جِئتَهُم أَلفَيتَ حَولَ بُيوتِهِم
مَجالِسَ قَد يُشفى بِأَحلامِها الجَهلُ
- وَإِن قامَ فيهِم حامِلٌ قالَ قاعِدٌ
رَشَدتَ فَلا غُرمٌ عَلَيكَ وَلا خَذلُ
- سَعى بَعدَهُم قَومٌ لِكَي يُدرِكوهُمُ
فَلَم يَفعَلوا وَلَم يُليموا وَلَم يَألوا
- فَما يَكُ مِن خَيرٍ أَتَوهُ فَإِنَّما
تَوارَثَهُ آباءُ آبائِهِم قَبلُ
- وَهَل يُنبِتُ الخَطِّيَّ إِلّا وَشيجُهُ
وَتُغرَسُ إِلّا في مَنابِتِها النَخلُ
من قصيدة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل
- يقول امرؤ القيس:
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ
- بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه
- لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ
تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه
- وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ
كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو
- لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم
- يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَمَّلِ
وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ
- فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ
من قصيدة عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار
- يقول النابغة الذبياني:
نُبِّئتُ نُعماً عَلى الهِجرانِ عاتِبَةً
- سَقياً وَرَعياً لِذاكَ العاتِبِ الزاري
رَأَيتُ نُعماً وَأَصحابي عَلى عَجَلٍ
- وَالعيسُ لِلبَينِ قَد شُدَّت بِأَكوارِ
فَريعَ قَلبي وَكانَت نَظرَةٌ عَرَضَت
- حَيناً وَتَوفيقَ أَقدارٍ لِأَقدارِ
بَيضاءُ كَالشَمسِ وافَت يَومَ أَسعَدِها
- لَم تُؤذِ أَهلاً وَلَم تُفحِش عَلى جارِ
تَلوثُ بَعدَ اِفتِضالِ البُردِ مِئزَرَها
- لَوثاً عَلى مِثلِ دِعصِ الرَملَةِ الهاري
وَالطيبُ يَزدادُ طيباً أَن يَكونَ بِها
- في جيدِ واضِحَةِ الخَدَّينِ مِعطارِ
تَسقي الضَجيعَ إِذا اِستَسقى بِذي أَشَرٍ
- عَذبِ المَذاقَةِ بَعدَ النَومِ مِخمارِ
كَأَنَّ مَشمولَةً صِرفاً بِريقَتِها
- مِن بَعدِ رَقدَتِها أَو شَهدَ مُشتارِ
أَقولُ وَالنَجمُ قَد مالَت أَواخِرُهُ
- إِلى المَغيبِ تَثَبَّت نَظرَةً حارِ
أَلَمحَةٌ مِن سَنا بَرقٍ رَأى بَصَري
- أَم وَجهُ نُعمٍ بَدا لي أَم سَنا نارِ
بَل وَجهُ نُعمٍ بَدا وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ
- فَلاحَ مِن بَينِ أَثوابٍ وَأَستارِ