أشعار أبي فراس الحمداني في الحب
قصيدة أبى غرب هذا الدمع إلا تسرعا
أبَى غَرْبُ هَذا الدّمْعِ إلاّ تَسَرُّعَا
- وَمَكْنُونُ هَذا الحُبّ إلاّ تَضَوُّعَا
وكُنْتُ أرَى أني مَعَ الحَزْمِ وَاحِدٌ،
- إذا شئتُ لي مَمضًى وَإن شِئتُ مَرْجِعَا
فَلَمّا استَمَرّ الحُبّ في غُلَوَائِهِ،
- رَعَيتُ مَعَ المِضْيَاعَة ِ الحُبَّ ما رَعى
فَحُزْنيَ حُزْنُ الهَائِمِينَ مُبَرِّحاً،
- و سريَ سرُّ العاشقينَ مضيعا
خَلِيلَيّ، لِمْ لا تَبكِياني صَبَابَة ً،
- أأبْدَلْتُمَا بالأجرَعِ الفَرْدِ أجرَعَا؟
عليَّ ، لمنْ ضنتْ عليَّ جفونهُ
- غَوَارِبُ دَمْعٍ يَشمَلُ الحيَ أجمَعَا
وَهَبْتُ شَبَابي، وَالشّبَابُ مَضَنَّة ٌ،
- لأبلجَ منْ أبناءِ عمي ، أروعا!
أبيتُ ، معنى ، منْ مخافة ِ عتبهِ ،
- و أصبحُ ، محزوناً ، وأمسي ، مروعا!
فَلَمّا مَضَى عَصْرُ الشّبِيبَة ِ كُلّهُ،
- وَفَارَقَني شَرْخُ الشّبَابِ، مُوَدِّعَا
تَطَلّبْتُ بَينَ الهَجرِ وَالعَتْبِ فُرْجَة ً،
- فحاولتُ أمراً ، لا يرامُ ، ممنعا
وَصِرْتُ إذا مَا رُمْتُ في الخَيرِ لَذّة ً
- تَتَبّعتُهَا بَينَ الهُمُومِ، تَتَبُّعَا
وَهَا أنَا قد حَلَّى الزّمَانُ مَفَارِقي،
- و توجني بالشيبِ تاجاً مرصعا
فلوْ أنني مكنتُ مما أريدهُ
- منَ العيشِ ، يوماً ، لمْ يجدْ فيَّ موضعا !
أما ليلة ٌ تمضي ولا بعضُ ليلة ٍ !
- أسُرّ بهَا هذا الفُؤادَ المُفَجَّعَا؟
أمَا صَاحِبٌ فَرْدٌ يَدُومُ وَفَاؤهُ!
- فيُصْفي لمن أصْفى وَيَرْعى لمنْ رَعى ؟
أفي كُلّ دارٍ لي صَدِيقٌ أوَدُّهُ،
- إذَا مَا تَفَرّقْنَا حِفِظْتُ وَضَيّعَا؟
أقمتُ بأرضٍِ الرومِ ، عامينِ ، لا أرى
- منَ الناسِ محزوناً ولا متصنعا
إذا خِفتُ مِنْ أخوَاليَ الرّومِ خُطّة ً
- تخوفتُ منْ أعمامي العربِ أربعا
و إن أوجعتني منْ أعاديَّ شيمة ٌ
- لَقِيتُ مِنَ الأحبَابِ أدْهَى وَأوْجعَا
ولوْ قدْ رجوتُ اللهَ لا شيءَ غيرهُ
- رَجَعْتُ إلى أعْلى وَأمّلْتُ أوْسَعَا
لَقد قَنِعُوا بَعدي من القَطرِ بالنّدى ،
- و منْ لمْ يجدْ إلاَّ القنوعَ تقنعا
و ما مرَّ إنسانٌ فأخلفَ مثلهُ ؛
- ولكنْ يزجي الناسُ أمراً موقعا
تنكرَّ “سيف الدين” لما عتبتهُ ،
- وَعَرّضَ بي، تحتَ الكلامِ، وَقَرّعَا
فَقُولا لَهُ: مِنْ أصْدَقِ الوُدّ أنّني
- جعلتكَ مما رابني ، الدهرَ مفزعا
و لوْ أنني أكننتهُ في جوانحي
- لأوْرَقَ مَا بَينَ الضّلُوعِ وَفَرّعَا
فلاَ تغترر بالناسِ، ما كلُّ منْ ترى
- أخُوكَ إذا أوْضَعتَ في الأمرِ أوْضَعَا
وَلا تَتَقَلّدْ مَا يَرُوعُكَ حَلْيُهُ
- تقلدْ ، إذا حاربتَ ، ما كانَ أقطعا!
وَلا تَقْبَلَنّ القَوْلَ من كلّ قائِلٍ!
- سأرضيكَ مرأى لستُ أرضيكَ مسمعا
قصيدة أبيت كأني للصبابة صاحب
أبِيتُ كَأني لِلصَّبَابَةِ صَاحِبُ
- وللنومِ مذْ بانَ الخليطُ ، مجانبُ
وَمَا أدّعِي أنّ الخُطُوبَ تُخِيفُني
- لَقَدْ خَبّرَتْني بِالفِرَاقِ النّوَائبُ
ولكنني ما زلتُ أرجو وأتقي
- وَجَدَّ وَشِيكُ البَيْنِ وَالقَلْبُ لاعِبُ
وما هذهِ في الحبِّ أولَ مرة ٍ
- أسَاءَتْ إلى قَلبي الظّنُونُ الكَوَاذِبُ
عليَّ لربعِ ” العامرية ” وقفة ٌ
- تُمِلّ عَليّ الشّوْقَ وَالدّمعُ كاتِبُ
فلا، وأبي العشاقِ، ما أنا عاشقٌ
- إذا هيَ لَمْ تَلْعَبْ بِصَبرِي المَلاعِبُ
و منْ مذهبي حبُّ الديارِ لأهلها
- وَللنّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ
عتادي لدفعِ الهمِّ نفسٌ أبية ٌ
- وَقَلبٌ على مَا شِئتُ مِنْهُ مُصَاحِبُ
حَسُودٌ عَلى الأمرِ الذي هُوَ عَائِبُ
- وَخُوصٌ كأمْثَالِ القِسِيّ نَجَائِبُ
تكاثرَ لوامي على ما أصابني
- كأنْ لم تنبْ إلا بأسري النوائبُ
يقولونَ : ” لمْ ينظرْ عواقبَ أمرهِ
- و مثلي منْ تجري عليهٍِ العواقبُ
ألألمْ يعلمِ الذلانُ أنَّ بني الوغى
- كَذاكَ، سَليبٌ بِالرّمَاحِ وَسَالِبُ
أرى ملءَ عيني الردى فأخوضهُ
- إذِ المَوْتُ قُدّامي وَخَلْفي المَعَايِبُ
وَإنّ وَرَاءَ الحَزْمِ فِيهَا وَدُونَهُ
- مَوَاقِفَ تُنْسَى دُونَهُنّ التّجَارِبُ
و أعلمُ قوماً لو تتعتعتُ دونها
- لأجهَضَني بالذّمّ مِنهُمْ عَصَائِبُ
و مضطغنٍ لمْ يحملِ السرَّ قلبهُ
- تَلَفّتَ ثمّ اغْتَابَني، وَهوَ هَائِبُ
تردى رداءَ الذلِّ لمَّـا لقيتهُ
- كما تتردى بالغبارِ العناكبُ
ومنْ شرفي أنْ لا يزالَ يعيبني
- حسودٌ على الأمرِ الذي هوَ عاتبُ
رَمَتْني عُيُونُ النّاسِ حَتّى أظُنّهَا
- ستحسدني ، في الحاسدينًَ ، الكواكبُ
فَلَسْتُ أرَى إلاّ عَدُوّاً مُحارباً،
- و آخرَ خيرُ منهُ عندي المحاربُ
وَيَرْجُونَ إدْرَاكَ العُلا بِنُفُوسِهِمْ
- وَلَمْ يَعْلَمُوا أنّ المَعَالي مَوَاهِبُ
فكمْ يطفئونَ المجدَ واللهُ موقدٌ
- وَكَمْ يَنْقُصُونَ الفَضْلَ وَاللَّهُ وَاهبُ
وهلْ يرتجي للأمرِ إلا َّرجالهُ
- وَيأتي بصَوْبِ المُزْنِ إلاّ السّحائِبُ!؟
و عنديَ صدقُ الضربِ في كلِّ معركٍ
- و ليسَ عليَّ إنْ نبونَ المضاربِ
إذا كانَ “سيفُ الدولة ِ” الملكُ كافلي
- فلا الحَزْمُ مَغلوبٌ ولا الخصْمُ غالِبُ
إذا اللَّهُ لَمْ يَحْرُزْكَ مِمّا تَخَافُهُ،
- عَليّ لِسَيْفِ الدّولَة ِ القَرْمِ أنْعُمٌ
وَلا سَابِقٌ مِمَّا تَخَيّلْتَ سَابِقٌ،
- ولاَ صاحبٌ مما تخيرتَ صاحبُ
أأجْحَدُهُ إحْسَانَهُ فيّ، إنّني
- لكافرُ نعمى ، إنْ فعلتُ ، مواربُ
لَعَلّ القَوَافي عُقْنَ عَمّا أرَدْتُهُ،
- فلا القولُ مردودٌ ولا العذرُ ناضبُ
و لا شكَّ قلبي ساعة ً في اعتقادهِ
- وَلا شَابَ ظَني قَطّ فِيهِ الشّوَائِبُ
تُؤرّقُني ذِكْرَى لَهُ وَصَبَابَة ٌ،
- وَتَجْذُبُني شَوْقاً إلَيْهِ الجَوَاذِبُ
وَلي أدْمُعٌ طَوْعَى إذا مَا أمَرْتُها،
- وَهُنّ عَوَاصٍ في هَوَاهُ، غَوَالِبُ
قصيدة تقر دموعي بشوقي إليك
تُقِرّ دُمُوعي بِشَوْقي إلَيْكَ
- و يشهدُ قلبي بطولِ الكربْ
وإني لَمُجْتَهِدٌ في الجُحُودِ،
- وَلَكِنّ نَفْسِيَ تَأبَى الكَذِبْ
وَإني عَلَيْكَ لجَارِي الدّمُوعِ،
- وَإني عَلَيْكَ لَصَبٌّ وَصِبْ
و ما كنتُ أبقي على مهجتي
- لَوَ أني انْتَهَيْتُ إلى مَا يَجِبْ
و لكنْ سمحتُ لها بالبقاءِ
- رَجَاءَ اللّقَاءِ عَلى مَا تُحِبْ
و يبقي اللبيبُ لهُ عدة ً
- لوقتِ الرضا في أوانِ الغضبْ
قصيدة قلبي يحن إليه
قَلبي يَحِنُّ إِلَيهِ
- نَعَم وَيَحنو عَلَيهِ
وَما جَنى أَو تَجَنّى
- إِلّا اِعتَذَرتُ إِلَيهِ
فَكَيفَ أَملِكُ قَلبي
- وَالقَلبُ رَهنٌ لَدَيهِ
وَكَيفَ أَدعوهُ عَبدي
- وَعُهدَتي في يَدَيهِ
من لي بكتمانِ هوى شادنٍ
من لي بكتمانِ هوى شادنٍ
- عيني لهُ عونٌ على قلبي؟
عرَّضتُ صبري وسلوى لهُ
- فاستشهدا في طاعة ِ الحبِّ