شعر الزير سالم عن الحب

الزير سالم

الزير سالم هو تلك الشخصية التي كلما نسيناها ذكرتنا بها شعرها، الشعر الذي يوقظ الأحاسيس من غفلتها يمهدنا لشعور مختلف يعلمنا كيف يجب أن نشعر أن تحتوينا الكلمات ونعانقها برفق، مجد قد غاب، عفوية الإلقاء وجأش الكلمات الذي ينادينا له، فإنّ هكذا شعر يستدعينا لمجزرة مع الذات أن نمسك أنفسنا ونلقنها كيف يجب أن يكون الشعور، كما نذكر أنّ الزير هو عدي بن ربيعة الذي تدور قصته عن فارس وشاعر ينتمي إلى حقبة الجاهلية قبل الإسلام.

قصيدة في حبه لكليب

أهاج قذاء عينيَ الإدكار

هُدوءاً فالدموعُ لها انهمارُ

وصار الليل مشتملاً علينا

كأن الليلَ ليس له نهارُ

وبتُّ أراقبُ الجوزاء حتى

تقارب من أوائلها انحدارُ

أصرفُ مقلتي في إثرِ قومٍ

تباينت البلادُ بهم فغاروا

وأبكي والنجومُ مُطَلعات

كأن لم تحوها عني البحارُ

على من لو نُعيت وكان حياً

لقاد الخيلَ يحجبُها الغبارُ

دعوتكَ يا كليبُ فلم تجبني

وكيف يجيبني البلدُ القَفارُ

أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ

ضنيناتُ النفوس لها مَزارُ

أجبني يا كُليبُ خلاك ذمٌ

لقد فُجِعتْ بفارسها نِزارُ

سقاك الغيثُ إنك كنت غيثاً

ويُسراً حين يُلتمسُ اليسارُ

أبت عيناي بعدك أن تَكُفا

كأن غضا القتادِ لها شِفارُ

وإنك كنت تحلمُ عن رجالٍ

وتعفو عنهُمُ ولك اقتدارُ

وتمنعُ أن يَمَسّهُمُ لسانٌ

مخافةَ من يجيرُ ولا يجارُ

وكنتُ أعُدُ قربي منك ربحاً

إذا ماعدتْ الربْحَ التِّجار

فلا تبعُد فكلٌ سوف يلقى

شعوباً يستدير بها المدارُ

يعيشُ المرءُ عند بني أبيه

ويوشك أن يصير بحيث صاروا

أرى طول الحياة وقد تولى

كما قد يُسْلب الشيء المعارُ

كأني إذ نعى الناعي كليباً

تطاير بين جنبي الشرار

فَدُرتُ وقد غشى بصري عليه

كما دارت بشاربها العُقار

سألتُ الحي أين دفنتموهُ

فقالوا لي بأقصى الحي دارُ

فسرتُ إليه من بلدي حثيثاً

وطار النومُ وامتنع القرارُ

وحادت ناقتي عن ظلِ قبرٍ

ثوى فيه المكارمُ والفَخارُ

لدى أوطان أروع لم يَشِنهُ

ولم يحدث له في الناس عارُ

أتغدو يا كليبُ معي إذا ما

جبان القوم أنجاه الفِرارُ

أتغدو يا كليبُ معي إذا ما

حُلُوق القوم يشحذُها الشَّفارُ

أقولُ لتغلبٍ والعزُ فيها

أثيرُها لذلكم انتصارُ

تتابع أخوتي ومضَوا لأمرٍ

عليه تتابع القوم الحِسارُ

خُذِ العهد الأكيد عليَّ عُمري

بتركي كل ما حوت الديارُ

ولستُ بخالعٍ درعي وسيفي

إلى أن يخلع الليل النهارُ

أشعار الزير سالم

وقلب الزير قاسي لا يلينا

وإن لان الحديد ما لان قلب

وقلبي من حديد القاسيينا

تريد أميه أن أصال

وما تدري بما فعلوه فينا

فسبع سنين قد مرّت عليّ

أبيت الليل مغموماً حزيناً

أبيت الليل أنعى كليب

أقول لعلّه يأتي إلينا

أتتني بناته تبكي وتنعي

تقول اليوم صرنا حائرينا

فقد غابت عيون أخيك عنّا

وخلانا يتامى قاصرينا

وأنت اليوم يا عمّي مكان

وليس لنا بغيرك من معينا

سللت السيف في وجه اليمامة

وقلت لها أمام الحاضرين

وقلت لها ما تقولي

أنا عمّك حماة الخائفينا

كمثل السبع في صدمات قوم

أقلبهم شمالاً مع يمينا

فدوسي يا يمامة فوق رأسي

على شاشي إذا كنّا نسينا

فإن دارت رحانا مع رحاهم

طحنّاهم وكنا الطاحنينا

أقاتلهم على ظهر أمه

أبو حجلان مطلق اليدينا
فشدّي يا يمامة المهر شدي

من أجمل أشعار الزير

هَلْ عَرَفْتَ الْغَدَاة مِنْ أَطْلاَلِ

رَهْنِ رِيحٍ وَدِيَمَة مِهْطَالِ

يَسْتَبِينُ الْحَلِيمُ فِيهَا رُسُوماً

دَارِسَاتٍ كَصَنْعَة الْعُمَّالِ

قَدْ رَآهَا وَأَهْلُهَا أَهْلُ صِدْقٍ

لاَ يُرِيدُونَ نِيَّة الارْتِحَالِ

يَا لَقَوْمِي لِلَوْعَة الْبَلْبَالِ

وَ لقتلِ الكماة وَالأبطالِ

وَلِعَيْنٍ تَبَادَرَ الدَّمْعُ مِنْها

لِكُلَيْبٍ إذْ فَاقَهَا بِانْهِمَالِ

إنني زائرٌ جموعاً لبكرٍ

بَيْنَهُمْ حَارِثٌ يُرِيدُ نِضَالِي

قَدْ شَفَيْتُ الْغَلِيلَ مِنْ آلِ بَكْرٍ

آلِ شيبانَ بينَ عمًّ وَخالِ

كَيْفَ صَبْرِي وَقَدْ قَتَلْتُمْ كُلَيْباً

وَشقيتمْ بقتلهِ في الخوالي

فَلَعَمْرِي لأَقْتُلَنَ بِكُلَيْبٍ

كلَّ قيلٍ يسمى منَ الأقيالِ

لمْ أدعْ غيرَ أكلب وَنساءٍ

وَإماءٍ حواطبٍ وَعيالِ

فاشربوا ما وردتمُ الآنَ منا

وَاصدروا خاسرينَ عنْ شرَّ حالِ

زَعَم الْقَوْمُ أَنَّنَا جَارُ سُوءٍ

كَذَبَ الْقَوْمُ عِنْدَنَا فِي الْمَقَالِ

لمْ يرَ الناسُ مثلنا يومَ سرنا

نسلبُ الملكَ بالرماحِ الطوالِ

يومَ سرنا إلى قبائلَ عوفٍ

بجموعٍ زهاؤها كالجبالِ

بَيْنَهُمْ مَالِكٌ وَعَمْرْوٌ وَعَوْفٌ

وَعقيلٌ وَصالحُ بنُ هلالِ

لمْ يقمْ سيفُ حارثٍ بقتالٍ

أسلمَ الوالداتِ في الأثقالِ

صدقَ الجارُ إننا قدْ قتلنا

بِقِبَالِ النِّعَالِ رَهْطَ الرِّجَالِ

لاَ تَمَلَّ الْقِتَالَ يا ابْنَ عُبَادٍ

صبرِ النفسَ إنني غيرُ سالِ

يَا خَلِيلِي قَرِّبَا الْيَوْمَ مِنِّي

كلَّ وردٍ وَأدهمٍ صهالِ

قربا مربطَ المشهرِ مني

لِكُلَيْب الَّذِي أَشَابَ قَذَالِي

قربا مربطَ المشههرِ مني

وَاسْأَلاَنِي وَلاَ تُطِيلاَ سُؤَالِي

قربا مربطَ المشهرِ مني

سَوْفَ تَبْدُو لَنَا ذَوَاتُ الْحِجَالِ

قربا مربطَ المشهرِ مني

إنَّ قولي مطابقٌ لفعالي

قربا مربطَ المشهرِ مني

لِكُلَيْبٍ فَدَاهُ عَمِّي وَخَالِي

قربا مربطَ المشهرِ مني

لاعْتِنَاقِ الكُمَاة وَالأَبْطَالِ

قربا مربطَ المشهرِ مني

سَوْفَ أُصْلِي نِيرَانَ آلِ بِلاَلِ

قربا مربطَ المشهرِ مني

إنْ تَلاَقَتْ رِجَالُهُمْ وَرِجَالِي

قربا مربطَ المشهرِ مني

طَالَ لَيْلِي وَأَقْصَرَتْ عُذَّالِي

قربا مربطَ المهرِ مني

يَا لَبَكْرٍ وَأَيْنَ مِنْكُمْ وِصَالِي

قربا مربطَ المشهرِ مني

لِنِضَالٍ إِذَا أَرَادُوا نِضَالِي

قربا مربطَ المشهرِ مني

لقتيلٍ سفتهُ ريحُ الشمالِ

قربا مربطَ المشهرِ مني

معَ رمحٍ مثقفٍ عسالِ

قربا مربطَ المهرِ مني

قرباهُ وقربا سربالي

ثُمَّ قُولاً لِكُلِّ كَهْلٍ وَنَاشٍ

مِنْ بَنِي بَكْرَ جَرِّدُوا لِلْقِتَالِ

قدْ ملكناكمُ فكونوا عبيداً

مَالَكُمْ عَنْ مِلاَكِنَا مِنْ مَجَالِ

وَخُذُوا حِذْرَكُمْ وَشُدُّوا وَجِدُّوا

واصبروا للنزالِ بعدَ النزالِ

فلقدْ أصبحتْ جمائعُ بكرٍ

مِثْلَ عَادٍ إِذْ مُزِّقَتْ فِي الرِّمَالِ

يا كليباً أجبْ لدعوة ِ داع

مُوْجَعِ الْقَلْبِ دَائِمِ الْبَلْبَالِ

وَكررنا عليهمِ وَانثنينا

بسيوفٍ تقدُّ في الأوصالِ

أسلموا كلَّ ذاتِ بعلٍ وَأخرى

ذَاتَ خِدْرٍ غَرَّاءَ مِثْلَ الْهِلاَلِ

يَا لَبَكْرٍ فَأَوْعِدُوا مَا أَرَدْتُمْ

وَاستطعتمْ فما لذا من زوالِ

كنا نغار على العواتق أن ترى

كنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تُرَى

بالأمسِ خارجة ً عنِ الأوطانِ

فَخَرَجْنَ حِينَ ثَوَى كُلَيْبٌ حُسَّراً

مستيقناتٍ بعدهُ بهوانِ

فَتَرَى الْكَوَاعِبَ كَالظِّبَاءِ عَوَاطِلاً

إذْ حانَ مصرعهُ منَ الأكفانِ

يَخْمِشْنَ مِنْ أدَمِ الْوُجُوهِ حَوَاسِراً

مِنْ بَعْدِهِ وَيَعِدْنَ بِالأَزْمَانِ

مُتَسَلِّبَاتٍ نُكْدَهُنَّ وَقَدْ وَرَى

أجوافهنَّ بحرقة وَ رواني

وَيقلنَ منْ للمستضيقِ إذا دعا

أمْ منْ لخضبِ عوالي المرانِ

أمْ لا تسارٍ بالجزورِ إذا غدا

ريحٌ يقطعُ معقدَ الأشطانِ

أمْ منْ لاسباقِ الدياتِ وَ جمعها

وَلِفَادِحَاتِ نَوَائِبِ الْحِدْثَانِ

كَانَ الذَّخِيرَة َ لِلزَّمَانِ فَقَد أَتَى

فقدانهُ وَ أخلَّ ركنَ مكاني