أشعار الوطن

الوطن

هو المكان الذي يقيم به الأشخاص ويشعرون بارتباطهم وانتمائهم له، وهو الذي يضمن لكم التمتع بمقومات الحياة ما بين وسائل الرفاهية المختلفة، وتطبيق العدل والمساواة، وحق الحرية في التعبير وإبداء الرأي، حيث يحترم الوطن المواطنين، ويوجد العديد من الشعراء الذين عبروا عن حبهم لوطنهم عن طريق أشعارهم وقصائدهم منهم أحمد شوقي ونزار قباني ومحمود درويش، وفي هذا المقال سنعرض لكم بعض القصائد عن الوطن.

كتابة بالفحم المحترق

محمود درويش هو أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب، ولد عام 1941م في قرية البروة بفلسطين، ثمّ انتقل إلى لبنان ليشغل منصب رئيس مركز الأبحاث الفلسطينية، وتوفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 آب عام 2008م:[١]

مدينتنا حوصرت في الظهيرة

مدينتنا اكتشفت وجهها في الحصار

لقد كذب اللون

لا شأن لي يا أسيره

بشمس تلمّع أوسمة الفاتحين

و أحذية الراقصين

و لا شأن لي يا شوارع إلا

بأرقام موتاك

فاحترقي كالظهيرة

كأنك طالعة من كتاب المراثي

ثقوب من الضوء في وجهك الساحليّ

تعيد جبيني إليّ

و تملأني بالحماس القديم إلى أبويّ

و ما كنت أؤمن إلاّ

بما يجعل القلب مقهى و سوق

و لكنني خارج من مسامير هذا الصليب

لأبحث عن مصدر آخر للبروق

وشكل جديد لوجه الحبيب

رأيت الشوارع تقتل أسماءها

و ترتيبها

و أنت تظلين في الشرفة النازلة

إلى القاع

عينين من دون وجه

و لكن صوتك يخترق اللوحة الذابلة

مدينتنا حوصرت في الظهيرة

مدينتنا اكتشفت وجهها في الحصار

اليوم نسود بوادينا

أحمد شوقي طوال إقامته بأوروبا كان فيها بجسده بينما ظل قلبه معلقًا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار وعلى رأسهم المتنبي لكنّ تأثره بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا وتأثر بالشعراء الفرنسيين وبالأخص راسين وموليير، ومن أروع أشعاره عن وطنه مصر القصيدة الآتية:[٢]

اليوم نَسود بوادينا

ونُعيدُ محاسنَ ماضينا

وَيُشيدُ العِزُّ بَأَيدينا

وطنٌ نَفديه ويَفدينا

وطنٌ بالحق نؤيِّدُه

وَبِعَينِ اللَهِ نُشَيِّدُهُ

ونحسِّنُه ونزيِّنُه

بمآثرنا ومساعينا

سرُّ التاريخ وعُنصرُه

وسريرُ الدهرِ وِمنبرُه

وجِنانُ الخلد وكوثرُهُ

وكفى الآباءُ رياحينا

نتخذُ الشمسَ له تاجا

وَضُحاها عَرشًا وَهّاجا

وسماءَ السُّودَدِ أبراجا

وكذلك كان أوالينا

العصرُ يراكُمْ والأممُ

وَالكَرنَكُ يَلحَظُ وَالهَرَمُ

أبني الأوطان ألا هِمَمُ

كبناءِ الأوّلِ يبنينا

سعياً أَبداً سعياً سعياً

لِأَثيلِ المَجدِ وَلِلعَليا

وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا

وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا

القصيدة الدمشقية

نزار قباني دبلوماسي وشاعر سوري معاصر ولد في دمشق 21 مارس عام 1923م تخرج عام 1945م من كلية الحقوق بجامعة دمشق والتحق بوزارة الخارجية السورية وتوفي في 30 نيسان عام 1998م عن عمر يناهز 75 عام في لندن:[٣]

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ

إنّي أحبُّ وبعضُ الحبِّ ذبّاحُ

أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي

لسالَ منهُ عناقيدٌ وتفّاحُ

و لو فتحتُم شراييني بمديتكم

سمعتمُ في دمي أصواتَ منراحوا

زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا

وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ

الا تزال بخير دار فاطمة

فالنهد مستنفر و الكحل صبّاح

ان النبيذ هنا نار معطرة

فهل عيون نساء الشام أقداح

مآذنُ الشّامِ تبكي إذ تعانقني

و للمآذنِ كالأشجارِأرواحُ

للياسمينِ حقوقٌ في منازلنا

وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ

طاحونةُ البنِّ جزءٌ منطفولتنا

فكيفَ أنسى وعطرُ الهيلِ فوّاحُ

هذا مكانُ أبي المعتزِّ منتظرٌ

ووجهُ فائزةٍ حلوٌ و لماحُ

هنا جذوري هنا قلبي هنالغتي

فكيفَ أوضحُ هل في العشقِ إيضاحُ

كم من دمشقيةٍ باعتأساورَها

حتّى أغازلها والشعرُمفتاحُ

أتيتُ يا شجرَ الصفصافِ معتذراً

فهل تسامحُ هيفاءٌ ووضّاحُ

خمسونَ عاماً وأجزائيمبعثرةٌ

فوقَ المحيطِ وما في الأفقِمصباحُ

تقاذفتني بحارٌ لا ضفافَلها

وطاردتني شياطينٌ وأشباحُ

أقاتلُ القبحَ في شعري وفيأدبي

حتى يفتّحَ نوّارٌوقدّاحُ

ما للعروبةِ تبدو مثلَ أرملةٍ

أليسَ في كتبِ التاريخِ أفراحُ

والشعرُ ماذا سيبقى منأصالتهِ

إذا تولاهُ نصَّابٌ ومدّاحُ

وكيفَ نكتبُ والأقفالُ فيفمنا

وكلُّ ثانيةٍ يأتيك سفّاحُ

حملت شعري على ظهري فأتعبني

ماذا من الشعرِ يبقى حينَ يرتاحُ

هوامش على دفتر الهزيمة 1991

نزار قباني أصدر أول دواوينه بعنوان قالت لي السمراء عام 1944م وقد قام بتأسيس دار خاصة به للنشر في بيروت باسم منشورات نزار قباني، ومن أجمل أشعاره عن الوطن:[٤]

لا حربنَا حربٌ ولا سلامُنَا سلامْ

جميعُ ما يَمُرُ في حياتنا

ليس سوى أفْلامْ

زواجُنا مُرتجلٌ

وحُبُّنا مُرتَجَلٌ

كما يكونُ الحبُّ في بداية الأَفلامْ

وموتُنا مُقرَرٌ

كما يكونُ الموتُ في نهاية الأفلامْ

لم ننتصِرْ يوماً على ذُبابةٍ

لكنها تجارةُ الأوْهامْ

فخالدٌ وطارقٌ وحمزةٌ

وعُقبَةُ بن نافعٍ

والزيرُ والقَعقَاعُ والصَمْصَامْ

مُكَدَّسونَ كُلُّهم

في عُلبِ الأفلامْ

وراءها هزيمةٌ

وراءها هزيمةٌ

كيف لنا أن نربحَ الحربَ

إذا كان الذينَ مَثَّلُوا

وصوَّرُوا

وأخرجوا

تعلَّموا القتالَ في وزارة الإعلامْ

في كلِّ عشرينَ سَنَهْ

ليذبحَ الوَحْدَةَ في سريرها

ويُجهضَ الأحلامْ

في كلِّ عشرينَ سنهْ

يأتي إلينا حَاكمٌ بأمرِهِ

ويأخذَ الشمسَ إلى مِنصَّة الإعدامْ

في كلِّ عشرين سنَهْ

يأتي إلينا نَرْجسيٌّ عاشقٌ لذاتِهِ

ليدَّعي بأنه المَهْديُّ والمنْقِذُ

والواحدُ والخالدُ

والحكيمُ والعليمُ والقِدِّيسُ

والإمامْ

في كلِّ عشرين سَنَهْ

يأتي إلينا رجُلٌ مُقامِرٌ

ليرهُنَ البلادَ والعبادَ والتراثَ

والشُروقَ والغروبَ

والذُكورَ والإناثَ

والأمواجَ والبحرَ

على طاولةِ القِمَارْ

في كلِّ عشرين سَنَهْ

يأتي إلينا رجُلٌ مُعَقَّدٌ

يحمل في جيوبهِ أصابعَ الألغامْ

ليس جديداً خوفُنا

من يوم كُنّا نُطفةً

في داخل الأرْحَامْ

هل النظامُ في الأساس قاتلٌ

عن صناعة النظامْ

إنْ رضي الكاتبُ أن يكون مرةً

دَجَاجَةً

تُعاشِرُ الدُيُوكَ أو تبيضُ أو تنامْ

للأُدباء عندنا نقابةٌ رسْميَّةٌ

تُشْبهُ في تشكيلها

نقابةَ الأغْنامْ

ثم مُلُوكٌ أكلوا نساءَهُمْ

في سالف الأيامْ

لكنَّما الملوكُ في بلادنا

تعوّدوا أن يأكلوا الأقلامْ

وأصبحَ التاريخُ في أعماقنا

إشارةَ استِفْهَامْ

هُمْ يقطعونَ النَخْلَ في بلادنا

للسيّد الرئيسِ غاباتٍ من الأصنامْ

لم يطْلُبِ الخالقُ من عبادهِ

أن ينحتوا يوماً لهُ

مليونَ تمثالٍ من الرَّخامْ

تَقَاطعتْ في لحمنا خناجرُ العُرُوبَهْ

واشْتَبَكَ الإسلامُ بالإِسلامْ

بعد أسابيع من الإبحار في مراكب الكلامْ

إلا الجلدُ والعِظام

طائرةُ الفَانْتُومِ

تنقَضُّ على رؤوسِنَا

الحَربُ

لا تربحُها وظائفُ الإنشاءْ

ولا التشابيهُ ولا النُعُوتُ والأسمَاءْ

فكم دَفَعْنَا غالياً ضريبةَ الكلامْ

من الذي يُنقذُنا من حالة الفِصَامْ

ونحن كلَّ ليلةٍ

نرى على الشاشاتِ جيشاً جائعاً وعارياً

يشحذُ من خنادق الأعداء سانْدَوِيشَةً

وينحني كي يلثُمَ الأقدامْ

قد دخلَ القائدُ بعد نَصْرِهِ

لغرفة الحمامْ

ونحن قد دخلنا

لملجأ الأيتامْ

نموتُ مجَّاناً كما الذُّبابُ في إفْريقيا

نموتُ كالذُبَابْ

ويدخلُ الموتُ علينا ضاحكاً

ويُقفِلُ الأبوابْ

نموتُ بالجُمْلة في فراشنا

ويرفضُ المسؤولُ عن ثلاجة الموتى

نموتُ في حرب الإشاعاتِ

وفي حرب الإذاعاتِ

وفي حرب التشابيهِ

وفي حرب الكِنَاياتِ

وفي خديعة السَّرابْ

نموتُ مَقْهورينَ مَنْبُوذينَ ملْعُونينَ

مَنْسيِّينَ كالكلابْ

يُفَلْسِفُ الخَرَابْ

مُضحكةٌ مُبكِيةٌ

معركة الخليجْ

فلا النِّصَالُ انكسَرَتْ فيها على النِّصَالْ

ولا رأينا مرَّةً

آشورَ بانيبال

فكُلُّ ما تبقّى لمُتْحَفِ التاريخِ

أهْرامٌ من النعالْ

في كُلِّ عشرين سَنَهْ

يجيئُنا مِهْيَارْ

يحملُ في يمينه الشَمْسَ

وفي شماله النَّهارْ

ويرسمُ الجنَّاتِ في خيالنا

ويُنْزِل الأمطارْ

وفجأةً

يحتلُّ جيشُ الرُوم كبرياءَنا

وتسقُطُ الأسوارْ

في كلِّ عِشْرِينَ سَنَهْ

يأتي امرؤُ القَيْس على حصانهِ

أصواتنا مكتومةٌ

شفاهنا مختومةٌ

شعوبنا ليست سوى أصفارْ

إنَّ الجُنُونَ وحدَهُ

يصنعُ في بلادنا القَرارْ

نكذِبُ في قراءة التاريخْ

نكذبُ في قراءة الأخبارْ

إلى انتصارْ

يا وطني الغارقَ في دمائهِ

يا أيها المَطْعُونُ في إبائهِ

مدينةً مدينةً

نافذةً نافذةً

غمامةً غمامةً

حمامةً حمامةً

مئذنةً مئذنةً

أخافُ أن أُقرِئَكَ السلامْ

يُسافر الخنجرُ في عروبتي

يسافر الخِنجرُ في رُجولتي

هل هذه هزيمةٌ قُطْريَّةٌ

أم هذه هزيمةٌ قوميّةٌ

أصواتنا مكتومةٌ

شفاهنا مختومةٌ

شعوبنا ليست سوى أصفارْ

إنَّ الجُنُونَ وحدَهُ

يصنعُ في بلادنا القَرارْ

نكذِبُ في قراءة التاريخْ

نكذبُ في قراءة الأخبارْ

ونقلبُ الهزيمةَ الكُبْرى

إلى انتصارْ

يا وطني الغارقَ في دمائهِ

يا أيها المَطْعُونُ في إبائهِ

مدينةً مدينةً

نافذةً نافذةً

غمامةً غمامةً

حمامةً حمامةً

مئذنةً مئذنةً

أخافُ أن أُقرِئَكَ السلامْ

يُسافر الخنجرُ في عروبتي

يسافر الخِنجرُ في رُجولتي

هل هذه هزيمةٌ قُطْريَّةٌ

أم هذه هزيمةٌ قوميّةٌ

أم هذه هزيمتي

المراجع

  1. محمود درويش، “كتابة بالفحم المحترق”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-26.
  2. احمد شوقي، “اليوم نسود بوادينا”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-26.
  3. نزار قباني، “القصيدة الدمشقية”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-26.
  4. نزار قباني، “هوامش على دفتر الهزيمة 1991”، www.poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-26.