أشعار عن الوطن للشاعر أحمد شوقي

الوطن

هو المكان الذي تشعر فيه بالراحة وتجد فيه ما تتمنى من خيرات وخدمات مختلفة ولا تشعر بتهميش أو جور على حقوقك وهو ما يولد في داخلك الشعور بالانتماء ولديك قناعة كاملة في ذلك وفي رغبتك في الدفاع عنه في أي وقت يتعرض فيه لمشكلات، ويضمن لك التمتع بمقومات الحياة ما بين وسائل الرفاهية المختلفة وتطبيق العدل والمساواة وحق الحرية في التعبير وإبداء الرأي حيث يحترم الوطن المواطنين، وفي هذا المقال سنعرض لكم بعض القصائد عن الوطن للشاعر أحمد شوقي.

ألا بديارهم جن الكرام

أحمد شوقي شاعر وأديب مصري ولد في السادس عشر من تشرين الأول سنة 1868م في مدينة القاهرة القديمة ودرس الترجمة وتخرج سنة 1887م ومن أشعاره عن الوطن:[١]

ألا بديارهم جن الكرام

وشفهم بليلاها الغرام

بلاد أسفر الميلاد عنها

وصرحت الرضاعة والفطام

وخالط تربها وارفضّ فيه

رفات من حبيب أو عظام

بناء من أبوتنا الأوالي

يتمم بالبنين ويستدام

توالى المحسنون فشيدوه

وأيدى المحسنون هي الدعام

وأبلج في عنان الجود فرد

كمنزلة السموال لا يرام

يبيت النجم يقبس من ضياه

ويلمسها فيرتجل الجهام

له في الأعصر الأولى سمىٌّ

إذا ذكر اسمه ابتسم الذمام

كلا الجبلين حر عبقري

لدى محرابه ملك همام

أُزيلوا عن معاقلهم فأمسي

لهم في معقل الصخر اعتصام

يا ساكني مصر إنا لا نزال على

درس أحمد شوقي الحقوق في فرنسا وجمع شعره في ديوانه الشوقيات الذي صدر في أربعة أجزاء وتوفي في الرابع عشر من تشرين الأول سنة 1932م ومن أشعاره عن الوطن القصيدة الآتية:[٢]

يا ساكني مِصرَ إنّا لا نَزالُ على

عَهْدِ الوَفاءِ وإنْ غِبْنا مُقِيمِينَا

هَلاَّ بَعَثتُمْ لنا من ماءِ نَهرِكُمُ

شيئاً نَبُلُّ به أَحْشاءَ صادِينَا

كلُّ المَناهِلِ بَعدَ النِّيلِ آسِنَة ٌ

ما أَبْعَدَ النِّيلَ إلاّ عَنْ أَمانِينَا

يقولون عن مصر بلاد عجائب

أحمد شوقي كتب العديد من المسرحيات الشعرية ومنها علي بك الكبير، ومجنون ليلى، ومصرع كليوباترا، وقمبيز، وعنترة، وأميرة الأندلس، ومن قصائده عن الوطن:[٣]

يقولون عن مصر بلاد عجائب

نعم ظهرت في أرض مصر العجائب

تقدّم فيها القائلون لشبهة

ونيلت بسجن الأبرياء المناصب

وأخر فيها كل أهل لرفعة

وقدم فهمي وحده والأقارب

فيالورد هذا الحكم والله مطلق ومن مطلق

الأحكام تأتي المصائب

ولم يبق إلا أنت فينا وقيصر

وقيصر مغلوب وإن قيل غالب

اليوم نَسود بوادينا

أحمد شوقي طوال إقامته بأوروبا كان فيها بجسده بينما ظل قلبه معلقًا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار وعلى رأسهم المتنبي لكن تأثره بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا وتأثر بالشعراء الفرنسيين وبالأخص راسين وموليير، ومن أروع أشعاره عن وطنه مصر:[٤]

اليوم نَسود بوادينا

ونُعيدُ محاسنَ ماضينا

وَيُشيدُ العِزُّ بَأَيدينا

وطنٌ نَفديه ويَفدينا

وطنٌ بالحق نؤيِّدُه

وَبِعَينِ اللَهِ نُشَيِّدُهُ

ونحسِّنُه ونزيِّنُه

بمآثرنا ومساعينا

سرُّ التاريخ وعُنصرُه

وسريرُ الدهرِ وِمنبرُه

وجِنانُ الخلد وكوثرُهُ

وكفى الآباءُ رياحينا

نتخذُ الشمسَ له تاجا

وَضُحاها عَرشًا وَهّاجا

وسماءَ السُّودَدِ أبراجا

وكذلك كان أوالينا

العصرُ يراكُمْ والأممُ

وَالكَرنَكُ يَلحَظُ وَالهَرَمُ

أبني الأوطان ألا هِمَمُ

كبناءِ الأوّلِ يبنينا

سعياً أَبداً سعياً سعياً

لِأَثيلِ المَجدِ وَلِلعَليا

وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا

وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا

يا مصر سماؤك جوهرة

في عام 1927م بايع شعراء العرب كافة أحمد شوقي أميراً للشعر وبعد تلك الفترة تفرغ شوقي للمسرح الشعري حيث يُعدّ الرائد الأول في هذا المجال عربياً ومن أرقى أشعاره عن الوطن:[٥]

يا مصر سماؤك جوهرة

وثراك بحار عسجده

والنيل حياة دافقة

ونعيم عذب مورِده

والملك سعيد حاضره

لك في الدنيا حر غده

والعصر إليك تقرّبه

وإلى حاميك تودّده

والشرق رقيك مظهره

وحضارة جيلك سؤدده

لسريرك بين أسرّته

أعلى التاريخ وأمجده

بعلو الهمة نرجعه

وبنشر العلم نجدّده

تاج البلاد تحية وسلام

من قصائد أحمد شوقي عن الوطن التي صنفها القارئ على أنّها قصيدة وطنية ونوعها عمودية من بحر الكامل:[٦]

تاجَ البلادِ تحية ٌ وسلامُ

رَدّتك مصرُ وصحَّت الأَحلامُ

العلمُ والملك الرفيعُ كلاهما

لك يافؤادُ جلالة ٌ ومقام

فكأَنك المأْمونُ في سُلطانه

في ظلِّك الأَعلامُ والأَقلامُ

أَهدَى إليك الغربُ من أَلقابه

في العلمِ ما تسمو له الأَعلام

من كلِّ مملكة ٍ وكلِّ جماعة ٍ

يسعى لك التقديرُ والإعظام

ما هذه الغرفُ الزواهرُ كالضحى

الشامخاتُ كأَنها الأَعلامُ

من كلِّ مرفوعِ العمودِ منَوِّرٍ

كالصبحِ مُنْصَدِعٌ به الإظلام

تتحطَّم الأُمِّيَّة ُ الكبرى على

عَرَصاتِه وتمزَّقُ الأَوهام

هذا البناءُ الفاطِميُّ مَنارة ٌ

وقواعدٌ لحضارة ٍ ودعام

مهدٌ تهيَّأَ للوليدِ وأيكة ٌ

سيرنُّ فيها بلبلٌ وحمام

شرفاته نورُ السبيلِ وركنه

للعبقرية ِ منزلٌّ ومقام

وملاعبٌ تجري الحظوظ مع

الصِّبا في ظلهنَّ وتوهبُ الأقسام

يمشي بها الفتيانُ هذا ما له

نفس تسوِّدهُ وذاك عصامُ

ألقى أواسيهُ وطال بركنهِ

نَفْسٌ من الصِّيدِ الملوكِ كُرام

من آلِ إسماعيلَ ولا العمَّاتُ قد

قصَّرن عن كرم ولا الأعمام

لم يُعْطَ هِمَّتَهم ولا إحسانَهم

بان على وادي الملوك هُمام

وبنى فؤادٌ حائطَيْه يُعِينُه

شعبٌ عن الغاياتِ ليس يَنام

أنظر أبا الفاروقِ غرسكَ هل دنتْ

ثمراتهُ وبدت له أعلامُ

وهلى انثنى الوادي وفي فمه الجَنَى

وأتى العراقُ مشاطراً والشام

في كلِّ عاصمة ٍ وكلِّ مدينة ٍ

شبانُ مصرَ على المناهل حاموا

كم نستعيرُ الآخرِين وَنَجْتَدِي

هيهات ما للعارِيات دَوام

اليومَ يَرْعَى في خمائلِ أَرضِهم

نشأٌ إلى داعي الرحيلِ قيام

حبٌّ غرستَ براحتيكَ ولم يزلْ

يَسقيه من كِلتا يديك غَمام

حتى أنافَ على قوائمِ سوقهِ

ثمراً تنوءُ وراءه الأكمام

فقريبه للحاضرين وليمة ٌ

وبعيده للغابرين طعام

عِظة ٌ لفاروقٍ وصالحِ جِيلهِ

فيما ينيلُ الصبرُ والإقدام

ونموذجٌ تحذو عليه ولم يزلْ

بسراتهمْ يتشبَّهُ الأقوام

شيَّدت صرحاً للذخائرِ عالياً

يأوي الجمالُ إليه والإلهام

رَفٌّ عُيونُ الكُتْبِ فيه طوائفٌ

وجلائلُ الأسفارِ فيه ركام

إسكندرية ٌ عاد كنزكِ سالماً

حتى كأنْ لم يلتهمه ضرامُ

لمَّتهُ من لهبِ الحريق أنامٌ

بَرْدٌ على ما لامَسَتْ وسَلام

وأَسَتْ جِراحَتَك القديمة راحة ٌ

جُرْحُ الزمانِ بعُرْفِها يَلتام

تَهَبُ الطريفَ من الفَخارِ وربّما

بَعَثَتْ تَليدَ المجدِ وهْوَ رِمام

أرأيتَ ركنَ العلم كيف يقامُ

أرأيتَ الاستقلالَ كيف يرام

العلمُ في سبلِ الحضارة ِ والعلا

حادٍ لكلِّ جماعة ٍ وزمام

باني الممالكِ حينَ تنشدُ بانياً

ومثابة ُ الأوطانِ حينَ تضام

قامت رُبوعُ العلم في الوادي فهل

للعبقرية ِ والنبوغِ قيام

فهما الحياة ُ وكلُّ دورِ ثقافة ٍ

أَو دُورِ تعليمٍ هي الأَجسام

ما العلمُ ما لم يَصْنعاه حقيقة ٌ

للطالبين ولا البيانُ كلام

يا مهرجانَ العلمِ حولك فرحة ٌ

وعليك من آمالِ مصرَ زحام

ما أَشبهتْكَ مواسمُ الوادي ولا

أعياده في الدهر وهي عظام

إلا نهاراً في بشاشة صُبحِه

قعد البناة وقامت الأهرام

وأَطال خوفو من مواكبِ عِزِّه

فاهتزَّت الرَّبَواتُ والآكام

يومي بتاجٍ في الحضارة معرقٍ

تعْنُو الجِباهُ لعِزِّه والهام

تاجٌ تنقَّلَ في العصورِ معظَّماً

وتأَلفتْ دُوَلٌ عليه جِسام

لما اضطلعتَ به مَشَى فيه الهدى

ومراشدُ الدستورِ والإسلام

سبقتْ مواكبك الربيعَ وحسنه

فالنيلُ زهوٌ والضفافُ وسام

الجيزة ُ الفيحاءُ هزَّت منكباً

سبغ النوالُ عليه والإنعام

لبست زخارفها ومسَّتْ طيبها

وتردّدتْ في أَيْكها الأَنغامُ

قد زدتها هرماً يحجُّ فناؤه

ويُشدُّ للدنيا إليه حِزام

تقفُ القرونُ غداً على درجاتِه

تُمْلِي الثناءَ وتكتبُ الأَيام

أَعوامُ جهدٍ في الشبابِ وراءَها

من جهد خيرِ كهولة ٍ أعوام

بلغَ البناءُ على يديك تمامهُ

ولكل ما تبني يداك تمام

المراجع

  1. احمد شوقي، “ألا بديارهم جن الكرام”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-25.
  2. احمد شوقي، “يا ساكني مصر إنا لا نزال على”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-25.
  3. احمد شوقي، ” يقولون عن مصر بلاد عجائب”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-25.
  4. احمد شوقي، “اليوم نسود بوادينا”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-25.
  5. احمد شوقي، “يا مصر سماؤك جوهرة”، poetsgate.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-25.
  6. احمد شوقي، “تاج البلاد تحية وسلام”، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-25.