قصيدة عن بغداد
لسائل الدمع عن بغداد أخبار لابن أبي اليسر
لسائل الدمع عن بغداد أخبار
- فما وقوفك والأحباب قد ساروا
يا زائرين إلى الزوراء لا تفدوا
- فما بذاك الحمى والدار ديار
تاج الخلافة والربع الذي شرفت به
- المعالم قد عفاه إقفار
أضحى لعطف البلى في ربعه أثر
- وللدموع على الآثار آثار
يا نار قلبي من نار لحرب وغى
- شبت عليه ووافي الربع إعصار
علا الصليب على أعلى منابرها
- وقام بالأمر من يحويه زنار
وكم حريم سبته الترك غاصبة
- وكان من دون ذاك الستر أستار
وكم بدور على البدرية انخسفت
- ولم يعد لبدور منه إبدار
وكم ذخائر أضحت وهي شائعة
- من النهاب وقد حازته كفار
وكم حدود أقيمت من سيوفهم
- على الرقاب وحطت فيه أوزار
ناديت والسبي مهتوك يجرهم
- إلى السفاح من الأعداء دعار
وهم يساقون للموت الذي شهدوا
- النار يا رب من هذا ولا العار
يا للرجال بأحداث تحدثنا
- بما غدا فيه إعذار وإنذار
من بعد أسر بني العباس كلهم
- فلا أنار لوجه الصبح إسفار
ما راق لي قط شيء بعد بينهم
- إلا أحاديث أرويها وآثار
لم يبق للدين والدنيا وقد ذهبوا
- سوق لمجد وقد بانوا وقد باروا
إن القيامة في بغداد قد وجدت
- وحدها حين للإقبال إدبار
آل النبي وأهل العلم قد سبيوا
- فمن ترى بعدهم تحويه أمصار
ما كنت آمل أن أبقى وقد ذهبوا
- لكن أبى دون ما أختار أقدار
إليكَ يا ربنا الشكوَى فأنتَ ترَى
- ما حل بالدينِ والباغونَ فُجارُ
سأرحل عن بغداد في طلب الغنى لابن عنين:
سَأَرحَلُ عَن بَغدادَ في طَلَبِ الغِنى
إِلى بَلدَةٍ فيها الكِلابُ بِحالِها
كِلابٌ وَما ردت
يا شذا المجد أين بغداد عنا لعبد الرحمن العشماوي
يا شذا المجد أينَ بغدادُ عنَّا
- ما لها استسلمتْ لطول الفراقِ
ما لها سافرتْ وراء سرابٍ
- ما سقاها إلا سمومَ النِّفاقِ
أين بغدادُناَ لماذا تلظَّى
- بين أحشائها لهيبُ الشِّقاقِ
ولماذا أضلَّها الوَهْمُ حتّى
- أسلمتْها يداه للإِخفاقِ
يا بقلبي تلكَ المَغاني أَراها
- تتلوَّى من قَسْوةِ الإحراقِ
يا بقلبي وجهَ المروءاتِ أمسى
- كالحاً من تسلُّطِ الفُسَّاقِ
يا بقلبي صوتَ الحقيقةِ لمَّا
- ضاع منَّا في ضَجَّة الأبواقِ
يا شذا المجد عين بغدادَ تبكي
- يا بقلبي مدامعَ الأحداقِ
آه يا دارة الرشيد رأينا
- كيف تسطو قبيحةُ الأشداق
ورأينا الصِّراعَ بين طُغاةٍ
- فيكِ لا يُؤمنون بالإشفاقِ
كَبُرَ الجرحُ يا حبيبةُ حتىَ
- أصبح الدمعُ حائراً في المآقي
ما استطعْنا سيراً لأنَّا حُفاَة
- ولأنَّ الرؤوسَ في إطراقِ
ولأنَّ الإعصارَ هَبَّ علينا
- وبقاياَ الخيام دُوْنَ رِواَقِ
ولأنَّا عن نَبْعِنا قد شُغِلنا
- بسراب المَجاهلِ الرَّقْراقِ
يا شذا المجدِ عينُ بغداد تبكي
- وتعاني من شدَّةِ الإرهاقِ
أين راياتُ خالدٍ والمثنَّى
- أينَ إشراقةُ الصَّباحِ العراقي
ما آل برمك في ذرى بغداد لابن النقيب
ما آل بَرْمَك في ذرى بغداد
- يومَ الفخار ولا بنو عَبّاد
يوماً بأوقع في النفوس مفاخراً
- مما لكم من سؤددٍ وسَداد
وحصافة قرنت بطيب مكاسرٍ
- وفصاحة وُصِلَت بطول نجاد
حليتمُ جيد الزمان بدوْلةٍ
- حلّتْ محلَ الروح في الأجساد
جلَّ المُهيْمنُ كم أتاخ لذا الورى
- منها جميل عوارف وأيادي
إِيهٍ بعيشك يا زمان فلاتِني
- أبَداً بنشْر محاسنِ الأمجاد
فبهم هم كَرَماً وحسن خلائق
- كالروض إِذ تلقاه غب عِهاد
منهم بُدُورٌ للعلا وأهلَّةٌ
- وشموسُ أفقِ هدايةٍ ورشاد
فتحوا بقندية معاقلَ أُرْتجبْ
- قُدْماً على الأمراء والأجناد
وافى لها الصدر الرفيع جنابه
- علم الغزاة ومحمد الحُسّاد
بمضارب كانت لدى افنائها
- غيل القَنا ومرابض الآساد
شهم له من عزمه وثباته
- أضعاف ما أُوتيهِ من إِمداد
وله بدين الحق صولةُ ناصح
- دَكَّ الغزاةُ بها ذَرَى الأطواد
تروي له الأيام طيبَ مفاخر
- ومآثر عزت على الأنداد
وفضائل ملء العيون محاسِناً
- قصرت على علياه باستبداد
أربى على عبد الحميد بلاغة
- وزرت بلاغته بقس إياد
أنتم بني العلياء قطب مدارها
- يوم الفخار وموئل القصاد
ما منكم إِلاّ حليف مكاره
- زاكي الخِلال يُعَدّ في الأفراد
أَشفعتم شرف الجهاد بمقْصِدٍ
- أسْنَى ومسعاة لخير مفاد
وحللتم مغنى دمشق فأصبحت
- أيامها تزهي على الأعياد
بلد بها للأنبياء مراقدٌ
- وبها حمى الأبْدَال والأوتْاد
زادت بكم شَرَفاً على شَرَفٍ فلا
- زلتم مدى الأيام في إِسعاد
وبقيتم ظِلَّ البلاد وأهلها
- ما لاحَ بَرْقٌ أَو ترنّم شاد
بغداد دار الملوك لدعبل الخزاعي
بَغدادُ دارَ المُلوكِ كانَت
- حَتّى دَهاها الَّذي دَهاها
ما غابَ عَنها سُرورُ مُلكٍ
- عادَ إِلى بَلدَةٍ سِواها
ما سُرَّ مَن را بِسُرَّ مَن را
- بَل هِيَ بُؤسى لِمَن يَراها
عَجَّلَ رَبّي لَها خَراباً
- بِرَغمِ أَنفِ الَّذي اِبتَناها
يا شمس بغداد إنني دنف للعباس بن الأحنف
يا شَمسَ بَغدادَ إِنَّني دَنِفُ
- إِذ ماتَ مِنكِ الوِدادُ وَاللَطَفُ
كَلِفتُ بِالشَمسِ مَن رَأى رَجُلاً
- بِالشَمسِ يا قَومُ قَلبُهُ كَلِفُ
قَد قُلتُ لَمّا فَقَدتُ كُتبَكُمُ
- كَعَهدِكُم وَالزَمانُ مُؤتَلِفُ
يا لَيتَ أَنَّ الرِياحَ جارِيَةٌ
- تَسعى بِحاجاتِنا وَتَختَلِفُ
لا كانَ قَلبي فَقَد شَقيتُ بِهِ
- يُخفي وَجيباً وَتارَةً يَجِفُ
يَهذي بِظَبيٍ مُنَعَّمٍ تَرِفٍ
- أَحوَ بِثَوبِ الجَمالِ مُلتَحِفُ
ظَبيٍ غَريرٍ يَزينُهُ شَنَفٌ
- لا بَل بِهِ قَد تَزَيَّنَ الشَنَفُ
أَطاعَهُ الحُسنُ وَالبَهاءُ فَقَد
- زَهاهُ عُجباً بِنَفسِهِ صَلَفُ
حالَت مَقاديرُ دونَ رُؤيَتِهِ
- لَيتَ المَقاديرَ غالَها تَلَفُ
يا قَمَراً عُطِّلَ الظَلامُ بِهِ
- يا دُرَّةً لَم يُكِنَّها الصَدَفُ
يا جَنَّةً لا يَموتُ ساكِنُها
- كُلُّ ضَميرٍ إِلَيكِ يَنصَرِفُ
ما أنصفت بغداد ناشئها الذي للحيص بيص
ما أنْصَفَتْ بغدادُ ناشئها الذي
- كَثُرَ الثَّناءُ به على بغْدادِ
سَلْ بي إذا مَدَّ الجِدالُ رواقَهُ
- بصَوارمٍ غيرِ السُّيوفِ حِدادِ
وجرتْ بأنواعِ العُلومِ مَقالَتي
- كالسَّيْلِ مَدَّ إلى قَرارِ الوادي
وذعرْتُ ألْبابَ الخصوم بخاطرٍ
- يقْظانَ في الإصْدارِ والإيرادِ
فتصدَّعوا مُتَفرِّقينَ كأنَّهُمْ
- مالٌ تُفَرِّقُهُ يَدُ ابن طِرادِ