أشعار عن رمضان المبارك
لقد ذكرتني ليلة القدر مجلساً
- يقول بشار بن برد:
لَقَدْ ذَكَّرَتْنِي لَيْلَة ُ الْقَدْرِ مَجْلِساً
- لثنتينِ من شعبٍ على غيرِ موعدِ
سرَى بِهِمَا شَوْقٌ إِلَيَّ فَجَاءَتَا
- على وجلٍ من أقربين وحسد
وكاتمتَا أخرى هواي وغرَّتا
- أمِيرَهُمَا مِنِّي بِنُسْكٍ وَمَسْجِدِ
كعابٌ وأخرى كالكعاب خريدة ٌ
- ثَقَالٌ وَلَمْ تَسْتَشْعِرَا عَيْشَ جُحَّد
فَنَبَّهِنِي زَيْدٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِمَا
- أجُرُّ أسَابِيَّ الْكَرَى غَيْرَ مُرْقَدِ
فلَمَّا الْتَقَيْنَا بِالْحَدِيثِ تَبَسَّمَتْ
- إلي وقالت :بيت أمن فأنشد
فَعَلَّلْتُهَا حَتَّى تَسَحَّرَ طَائِرٌ
- وكادت تقضى سورة ُ المتهجِّد
تَقُولُ لِيَ الصُّغْرَى الصَّلاَة َ وَقَدْ دَنَتْ
- شواكل توديعِ الإمام المؤيَّد
وَإِنْ مَرَّ مُجتازٌ عَلَيْنَا تَقَنَّعَتْ
- مخافة قول الفاحش المتزيِّد
فَقُلْتُ لَهَا: أُلْقِي الصَّلاَة َ وَأنْثَنِي
- شَفَاعَة َ مَنْ يَأوي لِحَرَّان مُقْصَدِ
تَبَدَّلَ مِنْ حُبِّ الصَّلاَة ِ حَدِيثُنَا
- وَكُنْتُ أراهُ غَايَة َ الْمُتَعَبِّدِ
فَيا مَجْلِساً لَمْ نَقْضِ فِيهِ لُبَانَة ً
- وَيَا لَيْلَة ً قَدْ كُنْتُ عَنْهَا بِمَقْعَدِ
إذا العاتق العسراءُ عتَّقت الهوى
- تيَّسر من أخرى لنا غير منكدِ
لعمرك ما تركُ الصلاة بمنكرٍ
- ولا الصَّوم إن زارتك “أمُّ محمَّدِ”
فَتَاة ٌ لَهَا عِنْدِي دَخِيلُ كَرَامَة ٍ
- وَسَاعِفُ حُبّ مِنْ طِرِيف وَمُتْلَدِ
أهيمُ بِكُمْ يَا «حَمْدَ» إِنْ كُنْتُ خَالِياً
- وَأنْت حَديثُ النَّفْسِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
وما كنت أخشى أن تكون منيَّتي
- مَوَدَّتُكُمْ يَوْماً وَكُنْتُ بِمَرْصَدِ
وللقلبُ وسواسٌ من الحبِّ يغتدي
- وَرَائحُ رَوْعَاتِ الْهَوَى الْمُتَرَدِّدِ
رمضان
- يقول محمد بن علي السنوسي:
رمضانُ يا شهر الضياءِ
- الحرِّ من أسر الظلامْ
أَطلقْ بأضواء الهدى
- أَسْرَ النفوس من الحطامْ
وأَنِرْ بقدسيِّ الصفاءِ
- رؤى الحياة من القتامْ
وانضحْ عواطفنا تقىً
- واغمُرْ نوازعنا وئامْ
رمضان يا أملَ النفوسِ
- الظامئاتِ إلى السلامْ
يا شهرُ بل يا نهرُ ينهلُ
- من عذوبتهِ الأنامْ
طافتْ بك الأرواحُ سابحةً
- كأسراب الحمامْ
بِيضٌ يجلّلها التقى
- نوراً ويصقلها الصيامْ
رفافةٌ كشذى الزهورِ
- نقيةٌ كندى الغمامْ
شفافةُ الإحساسِ قانتةٌ
- مهذبةُ الكلامْ
عزّتْ على الأهواء وارتفعت
- على دنيا الرغامْ
وسمتْ إلى النور الذي
- غمرَ الوجود به ابتسامْ
نورٌ من الفرقان يرفعها
- إلى أسمى مقامْ
آياته تُشفي السقام
- ولفظهُ يطفي الأُوَامْ
رمضانُ ! معذرة فإني
- لا وراء ولا أمامْ
نمنا وأسرى المدلجون
- وما عسى يجِدُ النيامْ
طال الطريق بنا وضلّ
- وهدّ منكبنا الزحامْ
ولوى الطموح عنانه
- وانقدّ من يدنا الزمامْ
سخِرتْ بنا الأهواء وانطلقت
- تقهقهُ في عرامْ
وتخاذلت همم النفوسِ
- فلا انطلاق ولا اقتحامْ
حالٌ يغصّ بها الكرام
- شجىً ويبتهج اللئامْ
رمضانُ رُبَّ فمٍ تمنَّعَ
- عن شراب أو طعامْ
ظنّ الصيامَ عن الغذاء
- هو الحقيقةُ في الصيامْ
وهوى على الأعراض ينهشها
- ويقطعُ كالحسامْ
يا ليتهُ إذا صامَ صامَ
- عن النمائم والحرامْ
واستاكَ إذ يستاكُ من
- كذبٍ وزورٍ واجْترامْ
وعن القيامِ لو أنه
- فيما يحاوله استقامْ
رمضانُ ! نجوى مخلصٍ
- للمسلمين وللسلامْ
تسمو بها الصلوات والدعوات
- تضطرم اضطرامْ
الله جل جلاله
- ذي البرّ والمننِ الجسامْ
أن يُلهم اللهُ الهداةَ
- الرشدَ في كل اعتزامْ
ما ليلة القدر إلا ذات رائيها
- يقول محيي الدين بن عربي:
ما ليلة القدرِ إلا ذاتُ رائيها
- وهي الدليلُ على الخيرِ الذي فيها
تحوي على كلِّ خير قيَّدته لنا
- بألفِ شهرٍ وذاك القدر يكفيها
ولم يقيدْ بشيءٍ ما يزيدُ على
- ما قيدته لنا حتى يوفيها
فليسَ يحصرُ غيرَ الذاتِ في عددٍ
- لأنه خير ربٍّ مودع فيها
وخيره سرمديّ لا انقضاء له
- فالله يحرسُها والله يكفيها
من كلِّ عينٍ تؤديها إلى عطبٍ
- ولوْ قدْ سعينا في تلافيها
هلال رمضان
- يقول أحمد سالم باعطب:
غداً يهِلُّ علينا البشْرُ والظَّفَرُ
- ويحتفي الحجْرُ بالصُّوَّام والحجَرُ
غداً يهلُّ هِلالُ الصَّوم مؤتلقاً
- في موكبٍ مشرقٍ والليلُ يعتكر
رَنَتْ إليه قلوبٌ في قرارتها
- لحبِّه سكَنٌ حلوُ الرُّؤى نَضِرُ
غداً تُؤَذِّن بالبُشرى منائرُنا
- تَسْري بأخباره الآياتُ والنذر
وقفتُ بين كرام الناس أنتظرُ
- ضيفاً عزيزاً بنور الله يأتزر
نغفو ونصحو على ذكرى شمائله
- نكادُ نشرق بالذكرى ونَنْفَطِرُ
رأيتُهُ قبلَ عامٍ في مساجدنا
- يضيء في راحَتيْهِ الشمسُ والقمرُ
يُهدي مكارمَه للناس تذْكرةً
- يُصغي لها السمعُ والإحساسُ والبصَرُ
وحين مَطَّ رحالَ البَيْنِ ودَّعني
- شجاعتي واعتراني الخوفُ والخَوَرُ
تلجلجتْ مهجتي بين الضلوع فما
- مثلي على صفعات الذنب يقتدر
ما جئتُ أسفَحُ يا رمضانُ أدعيَتي
- بل جئتُ مما جنَتْ كفَّاي أعتذرُ
صحائفي في سجلِّ الخيْرِ عاريةٌ
- من الجمالِ وثوبي مسَّهُ الكِبَرُ
رمضانُ إنا مددنا للوَنى يَدَنا
- وعَرْبدتْ بيننا الأحداثُ والغِيَرُ
تنكَّرتْ مُهَجٌ للحقِّ حين سَعى
- إلى ميادينها الطغيانُ والبَطرُ
فلامستْ كلماتي سمعَهُ وبَدَتْ
- تنسابُ من ثغرِهِ الآياتُ والسورُ
وما ثنى عطفَه بلْ قال محتسباً
- يا رب يا ربُّ رُحْمى إنهم بشَرُ
رَمَضانْ
- تقول فاطمة محمد القرني:
“النّصفُ” ضاعَ.. وفي الطريقِ “الباقي”
- في زحمةِ الأسواقِ.. والأطباقِ
وغُدُوّنا:”قُم للمعلِّمِ”.. واهِنٌ…
- هذا.. وتلك رهينةُ الإطراقِ
كُتَلاً تُجرجرنا الخطى.. ونَجرُّها…
- خابي النُّهى.. مُتوقِّدِي الأَحداقِ
وَروَاحنا.. كلّ يغمغمُ: (حَسْبُنا…
- سُقْمُ “الدَّوامِ” أَمَا لَهُ مِن راقي؟!)
فَوضى مطابِخِنا.. نشيج قُدورِنا
- طفرتْ مشارفُها بكلِّ مذاقِ
وَلُهاثنا عندَ الغروبِ كأنَّما…
- ضَلَّ السّبيلُ بنا.. وما مِن سَاقِي
و “قيامنا” بالليلِ.. من “ريتا” إلى…
- “مارسيل” لِـ”الزيدان”ِ.. أَيّ سِباقِ!!
يا مَوسمَ الخيرِ المبدَّدِ حَيِّنَا…
- زُمَراً جَنَاها حُرقةُ الإملاقِ
“زمنَ الغوايةِ” صَيَّرتْكَ “طقوسُنا”
- يا فُرصةَ الغُفرانِ والإعتاقِ
إذا مـضَـى من رمـضَـانَ النّصْـفُ
- يقول أبو نواس:
إذا مـضَـى من رمـضَـانَ النّصْـفُ
- تَشوَقَ القَصْفُ لنا والعَزْفُ
وأُصْلِحَ النايُ، ورُمّ الدّفّ
- واخْتَلَفَتْ بينَ الزُّنَاة ِ الصُّحْفُ
لـوَعْـدِ يـوْمٍ ليس فيـه خُـلْـقُ ،
- حتى إذا مـا اجْـتمـعـوا واصْـطفّــوا
تكـشّـفـوا ، واعتنـقـوا ، والْـتـفّـوا ،
- فـبـعْـضُـهُـمْ أرْضٌ وبعضٌ سـقْـفُ !
أرى ليلة َ القدرِ المعظمِ قدرها
- يقول محيي الدين بن عربي:
أرى ليلة َ القدرِ المعظمِ قدرها
- ترفعُ مني في الشهودِ ومنْ قدري
وذلك شطر الدهرِ عندي لأنها
- تكون بما فيها إلى مطلعِ الفجر
ترحلُ عني تبتغي عينَ موجدي
- وقد سترت أمري وقد شرحتْ صدري