أشعار وقصائد حزينة
هذا أنا
يقول نزار قباني:
- 1
أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطعنت آلافاً من المرات
حتى صار يوجعني ، بأن لا أطعنا
ولعنت في كل اللغات ..
وصار يقلقني بأن لا ألعنا …
ولقد شنقت على جدار قصائدي
ووصيتي كانت ..
بأن لا أدفنا .
وتشابهت كل البلاد ..
فلا أرى نفسي هناك
ولا أرى نفسي هنا …
وتشابهت كل النساء
فجسم مريم في الظلام .. كما منى ..
ما كان شعري لعبةً عبثيةً
أو نزهةً قمريةً
إني أقول الشعر ـ سيدتي ـ
لأعرف من أنا ….
- 2
يا سادتي:
إني أسافر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضنى ؟
إني أفكر باختراع الماء ..
إن الشعر يجعل كل حلمٍ ممكنا
وأنا أفكر باختراع النهد ..
حتى تطلع الصحراء ، بعدي ، سوسنا
وأنا أفكر باختراع الناي ..
حتى يأكل الفقراء ، بعدي ، (الميجنا ) .
إن صادروا وطن الطفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا ..
- 3
يا سادتي:
إن السماء رحيبةٌ جداً..
ولكن الصيارفة الذين تقاسموا ميراثنا ..
وتقاسموا أوطاننا ..
وتقاسموا أجسادنا ..
لم يتركوا شبراً لنا..
يا سادتي:
قاتلت عصراً لا مثيل لقبحه
وفتحت جرح قبيلتي المتعفنا ..
أنا لست مكترثاً
بكل الباعة المتجولين ..
وكل كتاب البلاط ..
وكل من جعلوا الكتابة حرفةً
مثل الزنى …
- 4
يا سادتي:
عفواً إذا أقلقتكم
أنا لست مضطراً لأعلن توبتي
هذا أنا …
هذا أنا …
هذا أنا …
أقول لهم وقد جد الفراق
يقول معروف الرُّصافي:
أقول لهم وقد جدّ الفراق
- رويدكم فقد ضاق الخناق
رحلتهم بالبدور ومارحمتم
- مشوقاً لا يبوخ له اشتياق
فقلبي فوق أرؤسكم مطار
- ودمعي تحت أرجلكم مراق
أقال اللّه من قودٍ لحاظاً
- دماء العاشقين بها تراق
وأبقي أعيناً للغيد سوداً
- ولو نسيت بها البيض الرقاق
متى يصحو الفؤاد وقد أديرت
- عليه من الهوى كأس دهاق
وليس الناس إلاّ من تصابي
- وإلاّ من يشوق ومن يشاق
مررنا بالمنازل موحشاتٍ
- لهوج الرامسات بها اختراق
كأن لم تُصبني فيها كعاب
- ولم يضرب بساحتها رواق
فعجت على الطلول بها مكبّا
- أسائلها وقد ذهب الرفاق
كأني بين أطلال المغاني
- أسير عضّ ساعده الوثاق
حديد بارد في اللوم قلبي
- فليس له إذا طرق انطراق
مواسم لا علاقة لها بالفصول
تقول أحلام مستغانمي:
هُنالك مواسم للبكاء الذي لا دموع له ..
هُنالك مواسم للكلام الذي لا صوت له ..
هُنالك مواسم للحزن الذي لا مبرر له ..
هُناك مواسم للمفكرات الفارغة ..
والأيام المتشابهة البيضاء ..
هُنالك أسابيع للترقب وليالٍ للأرق ..
وساعات طويلة للضجر ..
هُنالك مواسم للحماقات .. وأخرى للندم ..
ومواسم للعشق .. وأخرى للألم ..
هُنالك مواسم .. لاعلاقة لها بالفصول ..
هنالك مواسم للرسائل التي لن تُكتب ..
للهاتف الذي لا يدق ..
للاعترافات التي لن تقال ..
للعمر الذي لا بد أن ننفقه في لحظة رهان ..
هُنالك رهان نلعب فيه قلبنا على طاولة القمار ..
هُنالك لاعبون رائعون يمارسون الخسارة بتفوق ..
هُنالك بدايات السنة أشبه بالنهايات ..
هُنالك نهايات أسبوع أطول من كل الأسابيع ..
هُنالك صباحات رمادية لأيام لا علاقة لها بالخريف ..
هُنالك عواصف عشقيه لا تترك لنا من جوار
وذاكرة مفروشة لا تصلح للإيجار ..
هُنالك قطارات ستسافر من دوننا ..
وطائرات لن تأخذنا أبعد من أنفسنا ..
هُنالك في أعماقنا ركن لا يتوقف فيه المطر ..
هُنالك أمطار لا تسقي سوى الدفاتر..
هُنالك قصائد لن يوقعها الشعراء ..
هُنالك ملهمون يوقعون حياة شاعر ..
هُنالك كتابات أروع من كاتبها ..
هُنالك قصص حب أجمل من أصحابها ..
هُنالك عشاق أخطئوا طريقهم للحب ..
هُنالك حب أخطأ في اختيار عشاقه ..
هُنالك زمن لم يخلق للعشق ..
هُنالك عُشاق لم يخلقوا لهذا الزمن ..
هُنالك حُب خلق للبقاء ..
هُنالك حُب لا يبقي على شيء ..
هُنالك حُب في شراسة الكراهية ..
هُنالك كراهية لا يضاهيها حب ..
هُنالك نسيان أكثر حضوراً من الذاكرة ..
هُنالك كذب أصدق من الصدق ..
هُنالك أنا
هُنالك أنت
هُنالك مواعيد وهمية أكثر متعة من كل المواعيد..
هُنالك مشاريع حب أجمل من قصة حب ..
هُنالك فراق أشهى من ألف لقاء ..
هُنالك خلافات أجمل من أي صلح ..
هُنالك لحظات تمر عمراً ..
هُنالك عمر يحتضر في لحظة ..
هُنالك أنا .. وهنالك أنت ..
هُنالك دائماً مستحيل ما يولد مع كل حب
أبكي وأبكي بإسفار وإظلام
تقول الهيفاء بنت صبيح القضاعية:
أبكي وَأبكي بإسفارٍ وَإظلام
- عَلى فتىً تغلبيِّ الأصلِ ضرغامِ
لَهفي عَليه وَما لَهفي بنافعةٍ
- إلّا تكافحُ فرسانٍ وأقوامِ
قُل لِلحُجَيبِ لَحاك اللَّه مِن رَجُلٍ
- حُمّلتَ عارَ جميعِ الناس من سامِ
أَيقتل اِبنك بِعليّ يا اِبن فاطمةٍ
- وَيشربُ الماء ذا أَضغاث أحلامِ
وَاللَّه لا زلتُ أَبكيهِ وَأَندبه
- حتّى تَزورك أَخوالي وأعمامي
بِكلّ أَسمرَ لدن الكعب معتدلٍ
- وكلّ أَبيضَ صافي الحدّ قمقامِ
بكيت فما أجدى حزنت فما أغنى
يقول ابن سناء الملك:
بكيْتُ فما أَجْدى حَزِنْتُ فما أَغْنَى
- ولا بدَّ لي أَنْ أُجْهِدَ الدَّمع والحُزنَا
قَبِيحٌ قبِيحٌ أَنْ أَرَى الدَّمْع لاَ يَفي
- وأَقبحُ مِنْهُ أَنْ أَرَى القَلْبَ لاَ يَفْنىَ
مضى الجَوْهَرُ الأَعْلَى وأَيُّ مُروءَة
- إِذا ما ادَّخرْنا بعدَه العَرَضَ الأَدْنَى
ثكِلتْ خليلاً صِرْتُ من بَعْدِ ثُكْله
- فُرَادَى وجاءَ الهمُّ من بَعدِه مَثْنَى
وقد كَانَ مَثْوىَ القَلبِ مَغْنى سرورِه
- فقد خَرِبَ المثْوىَ وقد أَقْفَر المَغْنَى
صلاة أخيرة
يقول محمود درويش:
يُخَيّلُ لي أن عمري قصير
وأني على الأرض سائح
وأن صديقة قلبي الكسير
تخون إذا غبت عنها
وتشرب خمرا
لغيري،
لأني على الأرض سائح!
يخيل لي أن خنجر غدرِ
سيحفر ظهري
فتكتب إحدى الجرائد:
“كان يجاهد”
و يحزن أهلي و جيراننا
و يفرح أعداؤنا